أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جهاد علاونه - رسالة المعلم















المزيد.....

رسالة المعلم


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2969 - 2010 / 4 / 8 - 22:50
المحور: سيرة ذاتية
    



سألتني اليوم أحدى الصحف هل تنوي أن تصبح مسيحياً ؟ فقلت كان أليسوع معلماً ولم يكن رجل عصابة , وكان الذين من حوله تلامذة ليس فيهم جنرال حرب واحد أو جنرال برتبة عميد أو لواء , كانوا على قلتهم متنورون وليسوا حربجيين أو أصحاب سكاكين , لذلك كل مثقف اليوم يجب أن يقرأ رسالة المعلم الأولى التي كتبها بخط يده لقد كان المعلم مثقفاً وكان مهندساً للكبار وللصغار ولم يعش على أكتاف تلاميذه , كانت رسالة المعلم واضحة لا يحملها إلا المتعلمون والمتنورون , لقد كان أليسوع معلماً ولم يكن محارباً , ونحن مثقفون نبحثُ عن المُعلم وهذا أوانه قد ظهر , ولم يمت المعلم المسيح في حادث سير مروع على طريق البصرة أو دمشق أو في طريق عودته من الناصرة إلى بيت لحم ولم يمت المعلم بنيران صديقة من أصدقائه ولا بنيران معادية من أعداءه ,كانت رسالته مقروءة ومفهومة ولم يمت المسيح وهو يضع رأسه في أحضان امرأة لعوب أو شغوف أو هنوف كانت بجد رسالته واضحة للعيان , ولم يمت المسيح وهو ذاهبٌ إلى ملهى ليلي أو وهو ذاهب لشراء حاجة من الحانة التي خلف بيته كانت رسالته شفّافة .

لم تكن رسالة المعلم معنية بالاتفاقيات الدولية لعقد صفقة تجارية تكون فيها المسيحية أو دفع الجزية , ولم تكن ذات برامج في علم الفلك أو في الشمس وهي تدور حول محورها , لقد كانت رسالة المعلم إنسانية محضة , ولم يمت المسيح أثناء سقوط طائرة البيونغ فوق المحيط الأطلسي , ولم يمت المسيح وهو يحمل سيفه دفاعاً عن نشر دينه وتبليغ رسالته بالقوة لقد كانت رسالة المعلم ذات أهداف إنسانية نبيلة, ولم يكن بارعاً في حمل السلاح ولا حتى العصا , ولم يمت في معركة دموية ضد أقرباءه أو ضد الفريسيين أو الصدوقيين ولم يعش لينتقم من أعداءه, ولم يره أحد وهو يحمل بيده سيفاً أو رمحاً طويلاً ولم يكن مهتماً بالحرب والقتال ولم يكن تلامذته من المحاربين الأشداء الأشاوس بل كانوا بريئين مثل الأطفال أمام معلمهم , ولم يبعثوا برسائل تهديد إلى ملوك العالم , وآمنت روما برسالة المعلم من غير أن يدخلها سيفٌ من سيوف المعلم أو رمح ٌ أو فارس ٌ على ظهر جواده آمنوا بتضحية المعلم التي كانت رسالته رسالة تضحية,ولم يشاهده أحدٌ وهو يضحك وشاهده الكثيرون يبكي كما جاء في الإنجيل , لقد بكى على ما سيحلُ بنا إن ظهر الدجال في كل عصر وكل شارع وكل مدينة وقرية , ولم يمت حبيبي المسيح وهو متكئ على جنبه اليمين وبجانبه الغلمان والطليان والبخور والند والروائح الكريهة للدماء وهي تسيل في بلاطه, ولم يمت حبيبي أليسوع وهو في بركة للسباحة مع أشهر عارضات الأزياء في العالم , ولم يكن سائحاً يجوب العالم ولا رحالة,كانت رسالة حبيبي قصيرة جداً قرأتها ذات ليلة من ليالي الشتاء الباردة فشعرتُ خلالها بالدفء التام .

ولم يكن يعملُ شاعراً مادحاً ولا جلاداً ولا جابياً للضرائب , ولم يكن يكتبُ رسائل عشق ولا رسائل غرام بل كانت رسالته رسالة فداء ألهمت الفنانين الكاثوليك في عصر النهضة, ولم أسمع عن حبيبي أليسوع وهو يهدم هيكلاً دينياً ليقيم عليه كنيسة الرب , ولم يكن المسيح دجالاً ولا مغنياً ولا مطرباً ولم يكن يعملُ في سوق النخاسة نخاساً ولا في سوق الجواري قواداً ولم يرقص لا مع الذئاب ولا الكلاب ولا مع العاهرات , ولم يكن يفسدُ ما أصلحه الدهر ولم يفرّق يوماً ما جمعه الرب , ولم يكن صاحب دعوة سياسية أو عنصرية أو إقليمية ولم يكن مزيناً ولا حشاشاً ولا قاطع طريق ,ولم يكن صاحب كتاب بل صاحب رسالة, لقد كانت رسالة المعلم ذات معاني كثيرة وسامية , ولم يكن ممثلاً ولا مهرجاً ولا ماسح أحذية في بلاط الرومان , ولم يكن يشكي من ألم في معدته ولا في رأسه ولم يكن قلبه مريضاً ولم يمت وهو يحتسي الشاي أو القهوة أو وهو ينتقلُ من بيت صاحبةً إلى أخرى , ولم يكن ساحراً يصنع التعويذات من السحر , ولم يدعي شيئاً ليس به , ولم يتاجر بأحلام الغلابة والمساكين ولم يطرد موظفاً من محل عمله ولم يأمر تلامذته بشن حرب شعواء على أهل المدن المجاورة ,ولم يقاسم التجار تجارتهم, ولم يعط فرصة للتجار بأن يخلفوه من بعده , ولم يمنح أحداً وساماً من الدرجة الأولى أو رتبة في الجنة على قتله للناس وللأبرياء , ولم يجلس في مجلسه القتلة المأجورون ولا أصحاب الدكاكين الكبيرة والصغيرة , ولم يكن مهتماً بالإعلام ولم يكن يقيم وزناً للشكليات , كانت رسالة المعلم في جوهرها عميقة, وكان في حبه شريفاً وكان في عطاءه سخياً وكان طوال حياته في كل يوم يبدو كيوم ولدته أمه .

ولم يكتب في رسالته التي قرأتها أنه مثلاً سيفتح جنة عرضها السماوات والأرض للذين يقتلون الأبرياء والمساكين, كان محباً للناس ويباركهم في الطرقات , وكان يرى الله أباً وهو ابن ٌ له ولم يكن يراه منتقماً وهو لم يكن ليحب أن يرَ نفسه عبداً لله بل ابناً يرعاه أبوه الذي في السموات.وكان رحيماً بهم ولم يبشر بدجالٍ يأت من بعده ولم يكن يوماً مداهناً للشيطان ولم يدعي أنه قتله في معركة اشتركت فيها معه الملائكة ,ولكن كل ما علمناه عنه أنه لم يسمح للشيطان بأن يعشش في رأسه فلم يجرب الله في الوادي ولم يبيع دنياه بوادٍ من الذهب , ولم ينظر للقذى في عين أخيه وكان لا يحبُ أن ينظر الناس للقذى بعيون إخوانهم وعيونهم ممتلئة بالأخشاب , ولم يكن بهلوانياً في اللغة فلم يهتم بصنعة الإنجيل البلاغية ولم يدع أن إنجيله معجزة لغوية لذلك ضاعت لغتنا لغة السريان الأوائل لأنه اهتم بتقديس الإنسان قبل تقديس اللغة, ولم يكن شخصية خرافية ولا أسطورية , كان عادياً جداً , ولم يكن أصفر اللون ولا رمادياً ولم يكن وجهه مستطيلاً ولا مربعاً على عادة أصحاب الوجوه الإجرامية , ولم يكن وجهه عبوساً ,ولم يكن وجهه من الوجوه التي تصلح لأفلام الرعب والإثارة الجنسية,ولم يكن ظهره محنياً ولم يكن مارقاً على القانون ولم يكن هارباً من سجن القلعة, ولم يكن داهية من دهاة المال والصيارفة أو الدعاية الهدامة والبهرجة ولم يقل للناس أنتم كفار , ولم يكن مختار عشيرة ولا ملكاً ولا إنبراطوراً ولا جباراً في الأرض, ولم يعتقل سياسياً ولم يكن متخذا من اليهوديات ولا السريانيات ولا الكنعانيات أزواجاً متعددة , ولم يكن صاحب مصالح تجارية , , ولم يقبض عليه وفي خزانته ملايين الدراخمات ولم يسمعه أحد وهو يقول هذا رزق ساقه الله إليّ, ولم يكن عبداً لأحد ولم يكن لديه عبيد ولا جواري ولا قيان , ولم يشاهده أحد وهو ينفذ جرائم حرب بحق أقرباءه ولم يسمح لأي زاني بأن يرجم امرأة زانية , ولم يسمح للصوص بأن يعاقبوا الناس على جرائم الرشاوى والسرقات , ولم يحمل على ظهره إلا النير , ولم يكفر أحداً بل كفر بدمه القاني عن كل أعمالنا , ولم يأمر المرأة بأن تركع لزوجها ولم يأمر زوجها بأن يركع لها بل صلى من أجلنا جميعاً وهكذا أمرنا بالصلاة.
ولم يدع أنه سيفتح مشروع باب الجنة بالجملة بيديه ولم يقل أن مفتاح القفل معه ولم يبن للمجرمين في ملكوت الرب فنادق 5من خمسة نجوم أو قصور عالية.

ولم تسجد أوراق الشجر للمعلم وهو يمشي في الأسواق , ولم يأمر الناس أن يذكروه عدد أوراق الشجر وزبد البحر , ولم يكن له صولجان مثل صولجان الأباطرة , ولكن كل الأباطرة والقياصرة من بعده حكموا العالم لأنهم حملوا رسالته وليس سيفه.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفسير سورة لإيلاف قريشٍ إيلافهم
- هل من حقي أن أختار ديانتي؟
- الثقافات المتعددة
- سيكولوجيا العنف ضد المرأة في المجتمعات الاسلامية
- فتنة المسلمين
- الحكومات العربية ضد الشعوب العربية
- الاسلام من وجهة نظرأنثربولوجية
- امرأة من أهل النار
- -كلب العَربْ بسكُت من حاله-
- هل أنا كاتبٌ مأجور؟
- الاسلام هو الاعلام الأقوى في العالم
- الحاكم العادل
- الحاكم الفردي القمعي الجلاد المستبد العادل
- لو أن بني أمية انتصروا على الهاشميين
- ملح وسُكر
- إلى كل أم في عيد الأم1
- رجل من أهل النار
- المجتمع المدني الاسلامي
- بيته مقابل مسجد الأبرار
- الجيوش العربية1


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جهاد علاونه - رسالة المعلم