|
بعد ترسيخ المواطنة تتفاعل العقلية المدنية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2969 - 2010 / 4 / 8 - 22:39
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في تعليق موضوعي قيٌم من قبل السيد سعيد من هولندا على مقال سابق لي حول مخاض الديموقراطية و متطلبات الوصول الى الارضية المناسبة لتطبيقها، و هو يقترح مشكورا البحث في المواطنة و التربية و التثقيف قبل الخوض في العملية الديموقراطية في ظرف كما يمر به العراق، و يمكن ان نبدا بمشروع يشترك فيه الكتاب و الباحثين الكرماء و لكن هذا ما يحتاج الى جهد و تعاون الجميع ، و خصوصا المواطنة كاهم مفهوم الذي من الواجب توفرها لتطبيق الديموقراطية بشكل جدي و حقيقي، و عجبتني الفكرة من الاساس و وافقته جملة و تفصيلا ، و التي من الممكن ان نساهم بمقدار ما نقدر عليه في تنوير الطريق التي يمكن لاي مواطن عراقي سلكها لتقدم بلداننا، و بالاخص العراق الذي يحتاج الى ما يتمكن عليه اي فرد مهما كان مقدار و نوع مشاركته و باي اختصاص كان، و في مقدمته طرح الافكار الواقعية و البحوث و الدراسات التي تمهد في تخصيب الارضية لنجاح تطبيق الافكار المتنورة و منها الحداثة و التجديد في هذه المنطقة بشكل عام و العراق بشكل خاص . عندما نريد الغوص في جوهر مصطلح المواطنة لابد ان نكون على علم مسبق بما يتصل بها من المفاهيم و العوامل التي يجب توفرها قبل الخوض في الديموقراطية والمواطنة بحد ذاتهما، و هي ملازمة لنظرية تجسيد المواطنة و منها معنى و ماهية المدنية و المدينة و التمدن و المجتمع المدني، و من ثم السياسة المتبعة و الثقافة السائدة و المطلوبة و الوعي العام و النظام المتبع في كافة جوانبه مع الوضع الاقتصادي و التاريخ وما يحمل و الظروف الاجتماعية العامة لاي مجتمع، و من الضروري ان يتعمق المهتمين بكافة المجالات و الاختصاصات في معرفتهم كي يتسلحوا بما يمتلكوا من المعلومات،او بالاحرى العقلية التي تفرض الخوض في هذه المسائل و التمسك بها رغم الصعاب، و هذا ما يمنع ان تكون النتائج معكوسة لو طبقت بشكل صحيح بعيدا عن السطحية. عندما تعلم افراد المجتمع معنى و مضمون و لب المدنية و تعمل وفق متطلباتها و انواعها سوى كانت سياسية او ثقافية او اجتماعية و تتوضح لديها العلاقات بين الافراد مع بعضها او مع المجموعات ، او بين الشعب و الحكومة او الدولة مع الثقافة المدنية التي تدير كافة انواع المدنية و تحدد و ترشد المدنية السياسية و الاجتماعية على حد سواء ، فانها قد تتوجه بداية نحو المدنية الثقافية التي هي السبب و العامل الاساسي لبقاء كافة انواع المدنية و ترسيخها بشكل عام، و هي الوسيلة الهامة لتغيير المجتمع و تفرض عليهم التمتع بالاخلاق و السلوك و العقلية المدنية و التحرر من الصفات المتخلفة و الصراعات الهمجية البالية و القمع و التشدد ، و تفرض التوجه نحو الاهتمام بالعلم و المعرفة و التربية المدنية التقدمية الصحيحة و الادب و الفن،عندئذ يمكن الاعتماد على القوانين التقدمية و عدم نفي الاخر و المحافظة على حقوقه. و يمكن ان يسير المجتمع وفق عقد اجتماعي سليم و يصبح عرفيا للمجتمع بمرور الزمن و هو يلتزم به و بما هو المفيد ، و به يتبع الطريق السليم الملائم في الحياة و يفيد نفسه و الاخر ايضا، و يسيطر على امور تفسه و كل ما يخص به دون ضغط او قوة ما . اي حسب درجات الالتزام بالمدنية يمكن قياس احترام حقوق الانسان و اهمية الفرد او المواطن كصفة متعددة الجوانب في الشكل و المعنى مع ضمان حرية المواطن و ارادته غير المسلوبة و كيفية تقرير مصيره ، و التعامل مع الناس استنادا على التوافق و الاعتقادات العصرية و العقلانية و الحفاظ على الامن و الامان و النظافة في المجتمع مع الالتزام بالقوانين مع النقاش و الجدال المنتج و التنافس المثمرفي فضاء من الانتقاد البناء و التقويم و التقيم. حينئذ يمكن ان ندعي باننا ملتزمون اخلاقيا و مبدئيا بالوطن و نمنع اي تجاوز عليه من قبل اي كان مهما كانت سلطته. من هذا المنطلق و بهذا المعنى ان القينا نظرة على مجتمعاتنا و الصفات التي تتمتع بها و الروابط و العلاقات التي تربطها و تتمسك بها و العقلية التي تتعامل بها و المستلزمات المتوفرة لديها و الوضع النفسي و الاقتصادي المعاش و الفقر و العوز الذي هي غارقة فيه، هل من الممكن ان تكون لدينا تلك الارادة و القوة و التصميم لكي نبدا الخطوات الاولى و نعمل على توفير الاولويات و تجاوز العواقب في مسيرتنا الطويلة في هذا المضمار. هناك فوارق شاسعة بين كل بلد و اخر ، و هناك من العوامل المتوفرة في منطقة دون اخرى و العكس صحيح ايضا،و هناك اختلافات ظاهرة بين تاريخ و جغرافية و المستوى العلمي و الثقافي و الوعي العام هنا و هناك. و العملية السياسية او النظام السياسي اكبر عائق امام هذا المسار في اكثرية بلدان منطقتنا. اما ما يخص العراق و ما يتميز به بشكل خاص و ما نعرفه عن صفاته و مميزاته و تاريخه و حضارته و تنوع مكونات مجتمعه و الانظمة المتعاقبة التي سلطت عليه و المآسي التي مرت به، يمكننا ان نقول بان المفهوم اي المواطنة لازالت غير مفهومة ولم تكن معلومة الشكل و الجوهر لدى الاكثرية حتى الوقت القريب، و في المقابل هناك شروط مساعدة متوفرة لدينا من وجود النخبة و التاريخ المليء بالايجابيات من الحضارة و العلوم التي اثرت على حياة المواطن و ورثت منها الاجيال، مع السلبيات مما نتجت من افعال الدكتاتورية و الحكم القمعي و ما اثرت على نفسية و اخلاق و تربية و تعليم و حتى شكل و مظهر الفرد العراقي طوال عقود، و اثارها باقية حتى اليوم و لن تزول لمدة غير قليلة. اذن بعد استقرار الامن و السلام كاولى الاولويات و تتوضح اهداف و معالم النظام السياسي و مدى ترسيخ النظام الديموقراطي الذي يعتمده الدستور و مساحة توفير الشروط و بوجود العقلية مع ما متوفر اصلا من القوة الاقتصادية ان استغلت بشكل صحيح مما نملك من الثروات، يمكننا ان نوفر و نضمن الخطوة البدائية و نسبة معينة من شروط الواجب توفرها كضرورة موضوعية لضمان المدنية، و في مقدمتها ترسيخ المواطنة و التزام المواطن و تعلقه بوطنه و ايمانه به من عمق تفكيره عفويا بعيدا عن العاطفة المسيطرة على سلوكه و انما التزاما به كوطن و هو يشعر بانه مواطن حقا.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل بالامكان اختزال الديموقراطية في العملية الانتخابية فقط؟
-
من يتحمل مسؤولية عبور المرحلة القادمة في العراق؟
-
ما يرن باستمرار في اذاننا هو العراق الى اين ؟
-
الى متى تطول مخاض ولادة الديموقراطية الحقيقية في هذه المنطقة
...
-
هل ما نحن فيه ازمة ام صراع مصالح القوى؟
-
هل هناك ازمة الشرائح المؤثرة في تنوير المجتمع ؟
-
الامن القومي لمجتمع موزائيكي الشكل و التركيب
-
مابين الاصلاح و التغيير في اقليم كوردستان
-
احذروا تبجح البعث باسم العلمانية
-
دور المثقف العراقي في الانتخابات البرلمانية
-
هل من متضرر في العملية الانتخابية العراقية ؟
-
ما يحصده المواطن من التعقيدات السياسية في العراق
-
دروس الانتخابات تدفع العملية الديموقراطية الى الامام
-
من اخفق في الانتخابات النيابية العراقية؟
-
ما الضير في اعادة عملية العد و الفرز للاصوات ؟
-
نتائج الانتخابات كشفت المستور للجميع
-
هل تُستغل نتائج الانتخابات النيابية لتنفيذ الاجندات المختلفة
...
-
الانتخابات كمحطة لتقييم الذات و اتخاذ القرارات المصيرية
-
من يفوز في الانتخابات البرلمانية العراقية ؟
-
البرلمان القادم يثبت الشرعية ام يكرس الحزبية؟
المزيد.....
-
السعودية.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.2 مليون حبة كبتاغون
...
-
القبض على وشق بري يتجول بحرية في ضواحي شيكاغو
-
إصابة جنديين إسرائيليين في إطلاق نار قرب البحر الميت .. ماذا
...
-
شتاينماير يمنح بايدن أعلى وسام في البلاد خلال زيارته لبرلين
...
-
كومباني: بايرن يسير في الطريق الصحيح رغم سلسلة نتائج سلبية
-
سرت تستضيف اجتماعا أمنيا
-
انطلاق الاجتماع السنوي لمجلس أعمال بريكس
-
ميزة جديدة تظهر في -واتس آب-
-
يبدو أنهم غير مستعجلين.. وزير الدفاع البولندي ينتظر -أغرار-
...
-
قوات اليونيفيل: تم استهدافنا 5 مرات عمدا
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|