أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - الديمقراطية كُرة النار التي تتقاذفها النخب العراقية















المزيد.....

الديمقراطية كُرة النار التي تتقاذفها النخب العراقية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2968 - 2010 / 4 / 7 - 19:24
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


-1-
أصبحت الديمقراطية في العراق اليوم، ككرة النار الملتهبة، التي لا يريد أحد من السياسيين العراقيين اللاعبين الآن أن يحتفظ بها، أو يُضحي من أجلها. فهم يتقاذفونها من الواحد للآخر، قبل أن تحرق أيديهم، منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية العراقية الأخيرة في الأسبوع الماضي. بل دعونا نقول، منذ أن خفّت أعمال الإرهاب الديني والطائفي العراقي، بعد انتخابات عام 2005، وتأكد أعداء العراق الجديد بأن لا سبيل إلى الرجوع إلى الوراء. وأن عجلة التاريخ تسير دائماً إلى الأمام، ولا ترجع إلى الخلف. وأن تقرير مصير الشعوب يتمُّ في المستقبل، وليس في الماضي أو الحاضر، كما يؤكد لنا المفكر التنويري المصري مراد وهبه، في كتابه "مُلاّك الحقيقة المطلقة".

-2-

فالديمقراطية وعي لمسؤوليات الحكم، وممارسة بصيرة لها. كما أن الديمقراطية تتطلب أقصى جهد مشارك في الحياة العامة من جميع المواطنين.

فهل تحققت الحياة العقلية المقنعة في المجتمع العراقي الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من المجتمع العربي، ومجتمع العالم الثالث، أم أن هذا المجتمع لا يزال مجتمعاً تتحكم به العواطف والأهواء والارتباطات الطائفية والعشائرية، كما شهدنا في انتخابات 2005 ، وانتخابات 2010 بالأمس كذلك؟

وهل أصبح هذا المجتمع مجتمعاً تعاونياً مشارِكاً، ولم يعد مجتمع فردياً، تسيطر عليه المصالح الفردية، ويسيطر عليه المال السياسي، الذي يتدفق من معظم الجيران؟

-3-

الديمقراطية ليست حلاً سحرياً لكل مشاكل العراق السياسية والاجتماعية والثقافية المتأصلة فيه، منذ قرون طويلة. ولكنها المناخ، أو الوسط، الذي يُرسّخ العقلانية، ويسمح بمناقشة كافة القضايا، تمهيداً للوصول إلى أفضل الحلول. والديمقراطية هي الصيغة التي تخلق توازناً، تفرضه موازين القوى دون إلغاء الآخر. وهي التي تساعد على الانتقال العادي المتدرج، والمنطقي. وهذا ما يجب أن يفهمه الجميع بوضوح، سواء من كانوا في الحكم، أم في المعارضة. فإذا لم يُفهم أو يُقبل، كما هو الحال الآن في العراق، فسوف يكون الثمن غالياً وربما فاجعاً أيضاً.

فعلينا أن نعلم تماماً، أن الديمقراطية نظام ممارسة سياسية تؤسسه أولويات الفلسفة السياسية الليبرالية. وتؤسسه فلسفياً في دائرة العقلانية، وتقعِّده قانونياً، وتصنع له - اجتماعياً وتاريخياً – المؤسسات، والمعايير المتغيرة، والنسبية.

-4-

إن الديمقراطية ليست حلماً مجرداً، وليست أمنية من الأماني الرومانسية العزيزة، بل نتاجاً لعلاقة قوى سياسية فعلية. والديمقراطية خبرة، وإدارة، ودراية، ومراقبة مستمرة مرتبطة بالمنفعـة العامة، وممارسة عقلانية في الحياتين الخاصة والعامة. ومن شروط الديمقراطية: التنشئة على إعلاء قيم العقل، والحرية، والفكر، والسلوك المستقلة. وأن الديمقراطية هي مشروع المعقول الاجتماعي، وموضوعها المشاركة السياسية، بحيث يكون الحكم (السلطان والسلطة) وسطاً بين الناس، وبحيث يتم الترابط بين العاقل والمعقول في وحدة مشروع العقل السياسي ذاته.

فهل ما يجري في العراق الآن هو كذلك، أم أن الديمقراطية في العراق الآن عبارة عن كرة نار ملتهبة، يتقاذفها الساسة، ولا يريد أحد أن يبقيها في يده حتى لا تحرقه نارها في تخلّيه عن السلطة؟!

وهل ما نشاهده الآن في العراق تصديقاً لقول آخرين، من أن الديمقراطيـة مجرد مغامرة تاريخية، ولعبة في أيدي الديمقراطيين الغربيين والطغاة الشرقيين على السواء. وتحتاج إلى جهاد مع النفس التي كثيراً ما تسوّل للسياسيين بالتراجع عن الديمقراطية، وهم في بداية المسيرة، أو في نصفها، وهو ما نراه الآن في العراق؟

-5-

علينا أن لا نيأس من شروق فجر الديمقراطية في العراق. فنحن ما زلنا في البداية، والطريق شاق وطويل، ومليء بالحفر، والعثرات، والألغام التي يزرعها العرب والعجم الرافضين للديمقراطية، والمهددة لمصالحهم في العراق.

يقول المفكر التونسي العفيف الأخضر، إن الديمقراطية كالحداثة، مشروع لا يكتمل. فهي إذن مسار تدريجي. والتاريخ يقول أن الديمقراطية لم تولد كاملة حتى في مسقط رأسها، في الغرب، بل مرّت - ولا تزال - بتطورات متلاحقة تتدرج بها، في كل مرحلة، من الأدنى إلى الأعلى.

فالديمقراطية البريطانية لم تبلغ درجة شرعيتها إلا في 1918 ، عندما انتقلت من اقتراع الأغنياء (حوالي 3٪ من السكان) إلى الاقتراع العام. والديمقراطية الفرنسية لم تبلغ شرعيتها إلا في 1944 ، عندما اعترفت للمرأة بحق التصويت. والديمقراطية الأميركية لم تبلغ ذلك إلا في 1962 ، عندما اعترفت لمواطنيها السود بحقوقهم المدنية. ومع ذلك فما زال الطريق طويلا أمام هذه الديمقراطيات العريقة لتدارك نقائصها، والخروج سالمة من أزماتها بحل تناقضاتها الاجتماعية - السياسية. وإن خير ما في الديمقراطية هو التداول - تداول النخب والأجيال - على الحكم. وشر ما في الاستبداد خاصة في صيغه العربية الإسلامية، هو الديمومة.

-6-

ونعود، لنركِّز على نقطة مهمة، وهي أن العراق ليس طبقاً هبط من السماء. العراق جزء من العالم العربي رغم كل الاعتبارات. وعوائق الديمقراطية فيه هي نفسها العوائق في العالم العربي، ومنها:

1- عدم احترام قيمة الإنسان العربي. وغياب التعليم الحديث، وغياب المؤسسات الدستورية، واستمرار الصراعات الطائفية والقبلية والدينية، واختفاء قوة الطبقة الوسطى، وتأصيل الروح الطائفية والعشائرية بين الأحزاب السياسية، وحصار الإنسان العربي في ثالوث مُتكلِّس، يتمثّل في الأيديولوجيـة المُطلقة (الدوجما)، والمؤسسة الدينية، والدولة المتخلفة.

2- سيطرة المؤسسة الدينيـة على القضاء، والتعليم، والأحوال المدنيـة. وتحريف موضوع الجهاد من معركة لإقرار الديمقراطية إلى حرب ضد الأديان الأخرى. والتركيز على أداء الطقـوس، وإقامة الحدود أكثر من التركيز على إقامة العدل.

3- عدم إيمان الأحزاب السياسية بالديمقراطية، واتخاذها مجرد شعارات فقط. وأن الديمقراطية – برأي كثيرين - مجرد قاعدة متقدمة للغرب في الشرق. وتحويل الممارسات الديمقراطية إلى فوضى سياسية، كما هو الحال الآن في العراق.

فهل ما يجري في العراق الآن، هو "العَلْمانية السياسية" التي قال عنها مكيافيللي، بأنها "لا تستند إلى قيم دينية، أو أخلاقية مطلقة، وإنما تستند إلى المصلحة، والمنفعة الخاصة."



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقط صدام لكن سلوكياته ما زالت فاعلة
- العراق: لماذا من جمهورية الخوف الى جمهورية الفساد؟!
- العراق ونتائج الامتحان العسير
- أدلة التنوير للخروج من -اللعنة-
- أسئلة الانتخابات التشريعية العراقية
- صوت صادح من أصوات التنوير الحديث
- العراق: من انتخابات 1923 إلى 2010
- العراق أمام استحقاقات الديمقراطية الصعبة
- العراق: بين سردين الطائفية وحوت البعث
- العراق: المثال العربي للعدل السياسي
- العراق: من اللاهوت السياسي إلى الفلسفة السياسية
- الائتلاف والاختلاف بين الثورة الفرنسية و-الثورة- العراقية
- بين الثورة الفرنسية و -الثورة- العراقية
- لماذا تتعثر الديمقراطية في العالم العربي؟
- هل سيكون 2010 عام خروج فلسطين من الأنفاق؟
- أيها الفقهاء: كما اختلفتم اتفقوا حقناً لدمائنا؟
- لو سلكت أوروبا مسلك السُنَّة والشيعة لما توحَّدت!
- الإنجاز الأعظم للمسلمين: توحيد السُنَّة والشيعة
- الغول نصر حامد أبو زيد!
- كُلفة الديمقراطية العراقية -الباهظة-


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - الديمقراطية كُرة النار التي تتقاذفها النخب العراقية