أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر أبو رصاع - العودة لمنطلقات الثورة المصرية الحديثة















المزيد.....

العودة لمنطلقات الثورة المصرية الحديثة


عمر أبو رصاع

الحوار المتمدن-العدد: 2968 - 2010 / 4 / 7 - 10:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قرابة قرن من الزمن تفصل بين اللحظة التاريخية التي انطلقت فيها الثورة المصرية [1919-1923] واللحظة التي انطلقت فيها جمعية التغيير اليوم في مصر.
تغيّرت فيها أمور كثيرة، هذا لا شك فيه، إلا أن جوهر المطالب المصرية الشعبية بقي كما هو دون تغيير، أنه مطلب الحرية والدستور.
إن انفجار ثورة 19 لم يكن نتيجة موقف سعد زغلول كما قد يتخيل البعض، بل كان تحرك سعد بمثابة الخطاف الذي تعلقت به خيوط الثورة المتكاثفة، ليحولها معاً إلى حزمة سياسية تعمل وفق برنامج الحرية الدستورية الذي طالما طمح له الشعب المصري، إن تحرُّك سعد زغلول كان بمثابة الإشارة لاندلاع الثورة، بعد أن اختمرت عواملها كلها، وكان سعد بصفته شخصية قضائية عامة يحظى باحترام شعبي واسع، فالمصريون يحترمون ويقدرون بشكل مميز رجال القضاء، سعد لم يفجر الثورة وإنما نجح في قيادتها، لأن الثورة بعواملها وشبابها ودوافعها وإرهاصاتها كانت قد استوطنت فعلاً، إن هذا الفعل الذي قام به سعد هو شبيه تماماً بالتقاط القيادة الملقاة في الشارع الثوري على حد تعبير لينين.
ما ينطبق على سعد ينطبق اليوم على البرادعي، ومما يدعونا للمقارنة هو مدى التشابه بين الرجلين والتجربتين، نقول رغم مرور قرابة قرن، من ناحية لو أن أوضاع مصر كانت مستقرة والغليان الشعبي أو بدقة تراكم النضال الوطني لم يصل لمرحلة النضج الكافي لكانت عودة البرادعي شيء عادي جداً، لا يحرك أحداً ولا أملاً، ولمرّت تصريحاته حول التغيير والدستور كما تمر وكما مرّت من قبل آلاف التصريحات لشخصيات عربية وطنية تطمح للتغيير، إلا أنها اللحظة التاريخية، التي بالفعل اختمر فيها النضال الشعبي، واندفع لخلق قيادة حتى وإن لم تكن موجودة، البرادعي تقدم في هذه اللحظة كقانوني عريق وسليل أسرة لها تاريخ سياسي نضالي من أجل الحرية والديمقراطية، رجل يحظى باحترام دولي وشعبي مصري وصل به إلى أعلى المراتب الدبلوماسية الدولية باستلامه منصب رئيس مؤسسة الطاقة الذرية.
مرحلة العقدين السابقين على ثورة 19 تشبه العقدين الأخيرين بملامحها، فساد مستشرٍ وحالة من الكمون والتدهور الاقتصادي والإحباط العام، تكاد تكون متطابقة بين المرحلتين، فقد بدا أن الاحتلال الانجليزي أصبح واقعاً راسخاً وشيء عادي كما يبدو بقاء آل مبارك كذلك، وقد يأخذ علينا البعض هذا التشبيه إلا أن تحفظه إن صح فهو لمصلحة الوصاية البريطانية فقد كانت على أي حال أفضل من نظم الاستبداد السياسي الفاشلة في كل شيء، ولا زال العنوان واحداً الحرية والدستور، ولا زلنا نكرر منذ وعينا الحالة السياسية في الدول العربية إن استيلاء مواطن مستبد على السلطة منفرداً لا يعني بحال أن البلد تحرر، بل على العكس إنه يعني أن السلطة انتقلت من دول مستعمِرة متطورة تتمتع بتقدم تنقله ولو جزئياً للبلاد المستعمَرة إلى يد مستبد غير مؤهل ومصاب بجنون العظمة يعتقد أنه إله على الأرض وأنه وحده يعرف مصالح الوطن والمواطن وأن مجرد بقاؤه في السلطة هو أكبر انجاز لهذا الشعب!

إذن ما أشبه اليوم بالأمس، ها هو البرادعي أيضاً يتحرك تكتيكياً بأسلوب سعد زغلول، فهو لم يلقي بكل أوراق اللعب دفعة واحدة، فيكشف نفسه للخصم، بل يسير خطوة خطوة ويقيس توجه الشعب وقوة اندفاعه من ناحية وردود فعل النظام من الناحية الثانية، وحتى لحظة كتابة هذه الكلمات، لم يطرح البرادعي وبشكل رسمي نفسه بديلاً لمبارك، ولكنه تبنى التغيير، وفي مقابلاته الأولى عبر بكل صراحة أن تحركه مرهون بتحرك الشعب المصري، وهو يعني هنا تماماً أنه مستعد أن يذهب إلى حيث يبدو أن الشعب المصري نفسه مستعد للذهاب، ومن هنا أولى عناية كبيرة لعدد الشباب الموقع معه على الفيس بوك.
سارع البرادعي وعلى خطوات سعد كذلك إلى تأسيس الجمعية المصريية للتغيير، وهي جمعية جمع فيها أبرز شخصيات المجتمع الوطني المصري الداعية للتغيير، والتي يبدو هو قريباً منها في اتزانها ومعقولية طرحها، بعيداً عن التلون السياسي أكان يسارياً أو يمينياً، ثم تقدم خطوته المهمة الأخيرة، وأيضاً على طريقة سعد، أسلوب جمع التوقيعات على عريضة لتعديل الدستور، كان بمقدور البرادعي أن يرشح نفسه ومن خلال أي حزب مصري قائم فعلاً، إلا أن البرادعي لو فعلها على هذا النحو لجاء تحركه سلبي وشبه معزول عن الجهور والاهم تحت عباءة وشروط النظام القائم وهو لو فعل ذلك لكان ارتكب خطأ قاتلاً، وهذا آخر ما يريده، أنه يريد أن يدفع الشعب به لا أن يدفع هو بالشعب، ويريد أن يعرف النظام أن الهدف هو تغيره كلياً ومن جذوره ولا سبيل إلى التصالح أو التسويات السياسية وتوزيع المنافع، من هنا فإن قيادة البرادعي تنطلق من الشعب وإليه، وهو يجعل الشعب بالذات الحكم بينه وبين النظام، فلا يقدم نفسه إطلاقاً رائداً للتغيير، ولا يحاول أن يتكلم باسم الشعب ليحدد ما يجب أن يكون، إنه يقيس وبدقة حرارة مطالب الشعب المصري واندفاعه باتجاه التغيير ليبني عليها موقفه، والتي بالتأكيد ستتصاعد اعتماداً على تصاعد حراك الشعب والحملة من أجل التوقيع ستعطيه نفس الشرعية، التي أراد سعد زغلول الحصول عليها من خلال حملة مشابهة، عندما سأله الإنجليز باسم من تتكلم ومن تمثل؟
بالتالي فإن الوثيقة التي يدعو البرادعي الناس إلى التوقيع عليها، هي بمثابة التصويت الشعبي لتنصيب الجمعية المصرية للتغيير ممثلاً شعبياً رسمياً للمصريين، والتي من شأنها أن تعطيه الزخم والقوة الكافية ليتحدا بها النظام ويحرك الجماهير إن لزم الأمر.
المرحلة الحالية والقادمة تتطلب حركة أخرى على نفس الخط، وهي الشروع في بناء صفوف الجمعية الوطنية للتغيير، بعد قيادات الصف الأول لا بد من صف ثاني وثالث ورابع…الخ، لا بد أن تتاح الفرصة لكل مواطن مصري يأمل بالتغيير أن ينضم إلى صفوف الجمعية وأن يناضل من خلالها لتحقيق حريته.

إن الحراك الذي تشهده مصر اليوم، هو بتقديري نقطة تحول مهمة في تاريخ مصر وسائر دول المنطقة العربية، وسيكون له من النتائج ما سيغير فعلاً وجه المنطقة وإلى الأبد، إنها لحظة التغير التي طالما تطلعنا إليها، بعد الفشل الذريع الذي مني به النظام الرسمي العربي، وبعد ما أوصلنا إليه من حروب وفساد ونهب وسوء إدارة وديكتاتورية واحتقار للإنسان وكرامته وحقوقه، وكذلك بعد المزيد من الإحباط والفشل الذي جاءت به مشاريع الانكفاء الديني والتي لا تنسجم إطلاقاً مع الطبيعة الإنسانية المعتدلة والموضوعية العملية، تلك المشاريع الدعوية السياسية الدينية التي عبرت تعبيراً أميناً عن روح الهزيمة لكنها فشلت حتى في أن تطرح مشروعاً واقعياً للتغيير، وفشلت كذلك في أن تبلور نفسها كتيارات سياسية قادرة على تنظيم وتحريك الشعب نحو التغيير، ولم يتعدى أثرها التغيير الظاهري الشكلي، وتزويد الإحباط بفتيل الانفجار الذي حول الأفراد إلى قنابل بشرية، والانتحار إلى نضال وسبيل للفوز بالجنة، والموت لا الحياة هدف نهائي للإنسان.
بعد التحركات الثورية الأخيرة في المجتمع المصري، تعود الحياة لتدب في أوصال الشعب من جديد، وتعود إلى الواجهة وبكل وضوح المطالب الطبيعية والعادلة، وبصيغة ورداء موضوعي عملي: الحرية، والعدالة، والدستور.



#عمر_أبو_رصاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة وفاق وطني عراقي
- التباين الثقافي للمفاهيم- التسامح والمساواة
- تاريخ العلاقة بين مصر والجزائر عندما يصنعه الأقزام
- فهوم الفن
- مصر والجزائر - داحس والغبراء
- إعلان الدولة هو الحل
- التفكير بعد قعقعة السلاح
- غزة أخيراً
- مدخل إلى موضوعة الربا و الفوائد البنكية
- الأزمة المالية العالمية ( محاولة للفهم)
- المعتزلة - الحلقة الرابعة
- فيلم -فتنة- ضد الإرهاب ام ارهاب؟
- فضل الاعتزال-3-
- فضل الاعتزال - 2 -
- فضل الاعتزال -1-
- الحرب القادمة
- لبنان إلى أين؟ -2-
- لبنان إلى أين؟ -1-
- سجنوه في رمضان
- هموم رمضان و خوف المواطن من النمو


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر أبو رصاع - العودة لمنطلقات الثورة المصرية الحديثة