حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 903 - 2004 / 7 / 23 - 12:08
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
إزاحة الأقنعة: من المعروف و الشائع في الحياة العامة والنكات الشعبية في سوريا وجوارها,أن ذلك الصنف من البشر,الذين يتمحور كلامهم حول الشرف والأخلاق وفي مقدمتها التضحية, يفتقدون إلى الحد الأدنى من احترام النفس والآخر. من المعروف كذلك أنهم يمثلون"الفاعل الاجتماعي" المقرر في مفاصل المجتمع الرئيسية(الأسرة والعائلة والطائفة والدولة) يمتلكون الثروة والسلطة والنفوذ,وإذا شذ عن القاعدة أحد, تتكفل بالقضاء على أثره "التخريبي" نظم راسخة من العادات والتقاليد وأخلاق الجماعة,حالة نبيل عمرو(صوت العقل الواضح في السلطة الفلسطينية) كنموذج. تلك هي الخبرة الجماعية الوحيدة,الصامدة أمام تقلبات الدهر. عشق الألم حل إبداعي باهر,في حالة واحدة, عندما تغلق جميع المنافذ, عدا ذلك مرض ثقافي خطير, يتعدى حدود الفرد. بماذا يفسر الفرح العربي المعمم ,بالقتل العشوائي للعراقيين, من أي جهة وتحت أي تسمية جاء!؟ رغبة التدمير أفلتت من عقالها, وتدور بنفس الحلقة المفرغة: ثقافة الموت_ احتقار الذات والآخر_ غضب في الحد الأقصى_متعة التدمير... ولا يهم بعدها من يقتل من,وكيف,ولماذا!
أغلب من يكتبون في الشأن العراقي أدباء أو مهتمون أساسا بالأدب,و لا نعرف حتى القليل عن الوضع الثقافي العام في عراق ما بعد صدام,خاصة حقول الأدب,ليس لتقصير شخصي ؟ ماذا عن أطفال العراق,هل كبروا جميعا خلال سنة!!
السلفيات الثلاث,الدينية والقومية واليسارية, عائق راسخ أمام ثقافة الحياة, وأجزم أن في العراق اليوم,تولد الجملة النقدية والجملة الإبداعية, والتي تتحاشاها المنابر والمؤسسات العربية, وإن نجحت في الماضي بطمسها ومحوها,فذلك يتعذر تكراره, في العراق اليوم يولد نموذج لثقافة الحياة جديد تماما في العربية, بعدما نجحت قوى الظلام في حجب أبو نواس ومعه ثقافة الجسد والعشق لقرون عديدة, بدأت تباشير ذلك التوجه تظهر, بدءا من سكارى الفلوجة ومعهم أصحاب الرؤوس المقطوعة, لتؤكد مولد فكر وتفكير جديدين و يظهرهما الأشباح من حيث لا يريدون ولا يدرون. علينا نحن العشاق والسكارى في أرض الخسارات تعلم الإصغاء للصوت العميق القادم من الجسد حصرا. أسلافي قدموا من العراق منذ مئات السنين ليحافظوا على طقس الاحتفال بالخمرة والعشق أولا_أسمعهم اليوم بوضوح_ونجحوا في الحفاظ على ذلك القبس من النور,وهو وحده ما أمدّهم بطاقة الحياة, أسمع معهم نداء شكسبير لأطفال العراق اليوم, بعدما تكالب عليهم تجار القبور من جميع الجهات:
أنت التقيت بما يموت
وأنا التقيت بما يولد .
لابد من الشعور بالمرارة, لكنها هذه المرة عابرة, أعرف ذلك بحدس العاشق السكير,ويفهمني أصحاب البصيرة
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟