أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - أوربة ديار الإيمان















المزيد.....

أوربة ديار الإيمان


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2966 - 2010 / 4 / 5 - 12:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد انهيار نظرية أسلمة أوروبا، عملياً، والتي اعتقد المتأسلمون أنها بنفس سهولة أسلمة الصومال، بعد أن بدأ الوعي يدب في أوصال الغربيين لخطورة فكرة أسلمة، أوأظلمة أوروبا وتحويلها إلى مجرد إمارات طالبانية مغلقة على النمط السعودي والمصري والباكستاني والشرق أوسطي عموماً، وبما أنه لا يمكن للزمن من العودة للوراء، ولا يمكن لأحد العيش بعقلية القرن السابع الميلادي وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه في الألفية الثالثة، فإنه بات من الضروري إيجاد حل لخروج من هذا المأزق الحضاري الكبير، فلم لا يقلب عقلاء المسلمين ورموزهم، الآية ويعملون على أوروبة ديار الإسلام، والأخذ بالقيم والتقاليد والآليات والأساليب التي نهضت بأوروبا، لاسيما أن لذلك جذوراً قوية في عمق التراث القريب، حين قال الإمام المصلح محمد عبده الذي انهزمت، لاحقاً، كل أطروحاته التنويرية أمام المد الوهابي المغولي الغاشم، رأيت في أوروبا إسلاماً، ولم أر مسلمين، بمعنى لم لا يتحلى المسلمون بالقيم التي جعلت أوروبا على ما هي عليه، من التعايش والعلمنة واحترام الفرد، وتقديس العقل، وتشجيع المبادرة الفردية وإلغاء فكر القطيع والجماعة المشاعي والبدائي، واحترام الاختلاف، والالتزام بالمواعيد، واحترام قيمة الوقت، والإخلاص في العلاقات الزوجية والشخصية، والإيمان والتسليم بالاختلاط، ونبذ العلاقات الجنسية القبلية المشاعية التي تتيح للفرد الذكر وطء ما ملكت يداه، وتحريم العبودية والرق والاتجار بالبشر والنخاسة والرقيق الأبيض؟ هل يتعارض هذا، عملياً، ومن حيث المبدأ، مع القيم الإسلامية؟ وهل يضر هذا الإسلام في شيء؟ وإذا كان هذا يتعارض فعلاً مع القيم الإسلامية الحقيقة فإن ذلك يسقط نظرية أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وهذا يعني أن وضع الأإسلام والمسلمين ميؤوس منه "يعني Hopeless Case" فهذه هي قيم العصر والزمان التي يحيا بها الناس ويتعايشون، اليوم ويبدعون، وينتجون الحضارات من خلالها، ويتصدقون من خلال تطبيقها على المسلمين بالمعونات والمساعدات، أما اللغة والخطاب المعاكس لما ذكر أعلاه فلن ينتج سوى الحروب والقتل والدمار؟ لماذا توحدت أوروبا عن بكرة أبيها، برغم اختلاف الثقافات والديانات والأعراق، فيما عجزت أي دولة وحارة ومدينة وقبيلة عربية من التوحد مع الأخرى رغم الخطاب الدعوي الزائف عن اللغة والتاريخ والدين المشترك...إلخ؟

هل يضر المسلم في شيء لو ظهر بمظهر عصري لائق، ومحترم، ونظيف، باش الوجه، سمح المحيا، بدل التكشير والعبوس والاكفهرار، كثير الود والمجاملة والترحاب والابتسام، محب للآخر، مخلص لوطنه وليس لقبيلته وعشيرته، أو لأي من التكتلات القبلية والعشائرية والأبوية، والهبات المضرية، ليصبح إنساناً محترماً حيادياً موضوعياً يحظى بحقوق مقدسة، وتعويضات، وتأمينات مختلفة وشتى ومدى الحياة صحياً ومالياً وتعليمياً، وبما في ذلك من خدمات شبه مجانية كالاتصالات والتنقل والإنترنت والدواء والتعليم...إلخ، لا يحظاها أبداً اليوم في الدول التي ترفع رايات الإيمان الكاذبة، والتي تحاول، او تسنى لها ذلك، أن تسلخ جلده عن عظمه في محاولة نهبه وإفقاره وإذلاله وتجويعه، وتسلبه حتى ورقة التوت ومن ثم ترميه في الخلاء ككلب أجرب ومعقور، وتميز بينه وبين غيره في المعاملة والامتيازات. وماذا يضير المرأة المسلمة لو مشت في الشوارع من دون حجاب ومن دون أن تثير حفيظة ولا غريزة أحد، كما تفعل الذئاب المفترسة اليوم في شوارع مدن "التراحم والورع والتقى والإيمان"، حسب الخطاب المنافق إياه؟ هل ستصبح أية امرأة تخلع النقاب، وتتحول من موضوع جنس إلى موضوع إنسان، وتشعر بأنها مجرد امرأة عادية ومواطنة بسيطة، لا يميزها الحجاب أو النقاب والعبوس والتجهم، بل عملها، وأدبها، والتزامها الأخلاقي ومحافظتها على سلوك راق وأخوي مع الجميع دون اعتبار الآخرين مجرد ذئاب شاذين جنسياً يتأهبون للانقضاء عليها في أية "خلوة" كما يصدح ويردد خطاب النكاح، وتؤمن بأن جسدها وروحها وعقلها هي ملك لها وليست لبضعة فقهاء جهلة وموتورين تسيطر عليهم فوبيا الجنس والوطء....إلخ؟

نقطة في غاية الأهمية يجب توضيحها، وهي حول الانطباع السائد عن الغرب باعتباره منحلاً أخلاقياً، وغير منضبط بآداب وأخلاق السلوك العامة، وهذا الأمر عار تماماً من الصحة، ومحسوس لكل من عاش في الغرب، وما يبدو على الظاهر من حرية جنسية، و"انفلات" بالنسبة للبعض، هو في حقيقة الأمر، بسبب تناول شتى القضايا بشفافية ودونما مواربة ودجل، كما نفعل نحن، وتقديم كل ما يجري للرأي العام، وكشف كل شيء أمام الصحافة ووسائل الإعلام. على عكس عملية التعتيم الممنهج الجارية في مجتمعات الدجل والزيف والرياء، حيث تجري كل الموبقات والانحرافات تحت جنح الظلام وفي الخفاء، ومن دون تقديم كافة الأمراض الاجتماعية والجنسية والانحرافات والجرائم الأخرى والبحث في أسبابها ونتائجها وظواهرها للرأي العام، (هناك مثل شعبي ها هنا يعكس هذا الواقع المنافق يقول: لا أحد يسمع لا بعهر الغني، ولا بموت الفقير)، ولو قيض للصحافة ووسائل الإعلام والتعبير الحر أن تعمل، كما في الغرب، لتصوير ونقل وتقديم ما يجري في الخفاء من انحرافات وشذوذ وخيانات زوجية ووطء للصغيرات وتهريب للأطفال، ولو تم رصد كافة الحوادث اليومية من اغتصاب، وسفاح محارم وموبقات الساسة وآيات الدجل واللصوص والافتراء، لأيقنا أن الواقع الذي نعيش فيه من "العبيط إلى الخليط"، هو أكثر من مجرد ماخور عمومي مفتوح في الفضاء.

إن محاولة جادة لتكييف بعض القيم الإسلامية والإيجابية، منها على وجه الخصوص، والتي لا يخلو منها أي دين في العالم، مع القيم العصرية والعلمانية والحداثية، لهو أفضل بألف مرة من بقاء تلك القيم الدينية أسيرة رؤى ضيقة ومتحجرة، ولأن بعض القيم الإسلامية التي سادت ومادت في القرن السابع الميلادي، لم تعد صالحة لأي زمان، ومكان على الإطلاق، وصارت خارج كل سياق، إذ لا يمكن اليوم مثلاً منع الاختلاط أي شكل من الأشكال، أو حبس المرأة، ودفنها في الحياة، في ظل ثورة الاتصالات التي تصل أي كان بأي مكان في العالم خلال ثوان، والدليل أمامكم، مأزق المسلمين في أوروبا، الذين وجدوا أنفسهم معزولين، في مجتمعات سمتها التنوير والتعايش والانفتاح.

تركيا العلمانية المسلمة التي كانت عاصمة الخلافة الإسلامية لمدة نافت على الأربعة قرون، تحاول اليوم تمثل القيم الأوروبية وتكييف تشريعاتها، وقيمها، وقوانينها، مع المعايير الأوروبية بغية الانخراط مع تلك المجتمعات ومواكبة العصرنة والتمدن والحداثة، ونبذ الماضي الأسود لحقب الخلافة والصراعات الدموية ونفض اليد من تراث لم يجلب سوى الكوارث والويلات، حقب لم تثمر في شيء، ولم تنتج شيئاً، اللهم في قتل وقهر روح الإنسان. ونتمنى أن تفلح كافة جهودها في هذا، والعقبى الكبرى لتلك المجتمعات التي ما زالت تفكر بكل تناحة وتحد لقوانين والفيزياء والمنطق والحياة، أن تبقى في الماضي، وترجع إلى الوراء، إذ يبدو أنها لا تستطيع العيش في هذا الزمان.

لا أمل البتة في أسلمة، أو أظلمة أوروبا، ولا في العودة إلى الوراء فلم لا "تتأورب" ديار الإيمان؟ وذلك أقرب للتقوى لقوم يتفكرون، وعلهم يفلحون.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهنئة للأخوة المسيحيين بأعياد الفصح المجيد
- هل بدأت الحرب على أسلمة أوروبا؟
- ابن تيميه في قفص الاتهام
- من يجرؤ على الكلام في حقب الظلام؟
- العلاقمة الجدد قادمون
- الله الإنسان أو الإنسان الإله، بين أنسنة الله وتأليه الإنسان
- سيناريو افتراضي لمؤتمر القمة العربية عام 2048
- الأتمتة وسنينها: المواطن-الزبون
- هاتفكم مقطوع لأسباب مالية
- هدم المساجد: النار التي ستأكل نفسها
- هدم المساجد: النار التي تأكل نفسها
- أين هي ثقافات وعقائد شعوب المنطقة قبل الغزو البدوي؟
- موسم الهجرة إلى الشام
- إياكم والتمسك بالأخلاق والتقاليد العربية الأصيلة
- لماذا لا يلغى مؤتمر القمة العربي؟
- دول الخليج واللعب بالنار
- متى سيكون الرد السوري؟
- مسلسل ضاحي خلفان
- مبروك للحوار المتمدن
- هل تعرف مكان يحتاج مسجد؟


المزيد.....




- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما ...
- قائد الثورة الاسلامية: لا يكفي صدور احكام اعتقال قيادات الكي ...
- قائد الثورة الاسلامية: ينبغي صدور أحكام الاعدام ضد قيادات ال ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - أوربة ديار الإيمان