|
طريق البحث عن الحقيقة رقم 2
سيامند عفريني
الحوار المتمدن-العدد: 903 - 2004 / 7 / 23 - 11:51
المحور:
القضية الكردية
س1- متى وأين تعرفتم على القيادة . س2- ما هي الخصوصيات التي لفتت انتباهكم في شخصية القيادة . س3- في اللحظة الأولى لرؤيتكم للقائد ، ما هو شعوركم والأحاسيس التي عشتموها آنذاك . س4- بعد ما تم اعتقال القائد مازال الشعب الكردي واقفاً على قدميه ويستمر في كفاحه ، فما هو طلب الشعب الكردي وطلبك بشكل خاص من محكمة حقوق الإنسان الأوربية ؟ س5- بعد صدور كتاب مرافعة القائد وإبدائه أفكار واستراتيجية جديدة لمسار الثورة الديمقراطية، ما مدى فهمكم لهذه المرافعة وما تقييمكم بصدد ذلك ؟ ------------------------------------------------------------------------------ الألم يعتصرني وأنا أمسك القلم لأكتب للإجابة على هذه الأسئلة . لم يخطر ببالي يوماً من أنني سأمسك قلمي لأقيم حياة القائد لطالما عرفته وقابلته وأكن له في قلبي مشاعر الحب والتقدير لتضحياته العظيمة من أجل شعبه . --------------- إن أجوبتي على هذه الأسئلة تكون على هدي شعارات ثلاثة هذه الشعارات هي بمثابة دستور دائم في حياتي . وسأظل وفياً لهذه الشعارات ما دمت حياً لأني مقتنع من أن كل المصائب والتخلف الذي يصيبنا هو عدم إدراك مغزى هذه الشعارات وعدم زرعها في ثقافاتنا . والشعارات الثلاثة هي : 1- لا أحد يملك الحقيقة . 2- أنا أبحث عن الحقيقة 3- أنا أملك جزءاً من الحقيقة . إجابتي على هذه الأسئلة هي كما يلي : السؤال الأول : 1- متى وأين تعرفتم على القيادة ؟ من وجهة نظري السؤال بهذه الصيغة فيه من الأخطاء الإستراتيجية التي كانت سبباً في مأساة اختطاف القائد أوجلان والشعب الكردي بأكمله . ولتوضيح ذلك نعود إلى السؤال " متى " و " أين " . لقد تعرفت على القائد أوجلان عام 1982م . " وأين " اعتقد ليس من المهم أين لأن ليس لها قيمة تاريخية وعلمية . وكلمة متى مهمة للغاية . إن تاريخ اللقاء والتعارف تم في عام 1982م . وهنا يبرز سؤال هام . هل ولدت وكبرت في عام 1982م ؟ والتقيت بالقائد أوجلان من الطبيعي عندما التقيت بالقائد لم أكن طفلاً . فعندما التقيت بالقائد كنت مررت بتاريخ طويل . وكنت أعرف تماماً إن القائد قد طرح نفسه كقائد لحركة تحرر وطني . والسؤال الذي يجب أن يسأل ؟ . ترى ما الذي دفعك للتعرف على القائد أوجلان بالذات دون غيره ؟. والجواب . الذي دفعني إلى لقاء القائد أوجلان هو التاريخ . إذاً أين هي قيمة التاريخ في هذا السؤال ؟ لماذا نهمل حق التاريخ ؟هذا هو الخطأ الاستراتيجي التي وقعت فيه ثقافتنا . إنني إنسان كردي أنتسب إلى شعب مستعمر مستعبد ليس له أي حق سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي في وطنه كردستان . لقد تم إنكار هذا الحق طوال قرن كامل منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى 1918م والشعب الكردي عانى ولا يزال يعاني من هذه الفترة التاريخية لقد وصلت كل شعوب الأرض إلى حقوقها القومية . وقد خاض الشعب الكردي نضالات مريرة خلال هذه الفترة ولم يصل إلى النصر . إن تاريخ الشعب الكردي الذي دفعني للقاء القائد لم يولد في عام 1982م . إنني ابن هذا التاريخ المليء بالآلام والكفاح المرير والأماني التي تبحث عن التحرير وكل عاقل يعرف أن كفاح الشعوب يحتاج إلى شخصية تاريخية يكون رمزاً لهذه الإرادة إن هذا التاريخ بكل آلامه وآماله والذي دفعني لأن أبحث عن هذه الشخصية التاريخية ولكن التاريخ لم يدفعني فقط . بل صنعني وأعطاني الكثير وساعدني على التطور الذاتي وكان العدو الأول الذي كان يجابهني هو الجهل والأمية . لقد أرسلني والدي إلى المدرسة لأمحو أميتي . لقد كان أمياً ولكنه كان يدرك خطورة الأمية فهيأ لي الظروف والمساعدة اللازمة وأرسلني إلى المدرسة لأتخلص من مرض الأمية . ولكن والدي لم يكن يعرف أي طريق سأسلكه فيما بعد . ربما كان والدي وضع له هدفاً من تعليمي من أن أكون موظفاً أو ضابطاً أو مهندساً أو دكتوراً . لم يكن يتصور من أنني سأسلك طريق الحرية بحثاً عن حقي في الوطنية والقومية . وحتى ولا أنا كنت أعرف ذلك . لقد أراد والدي من التاريخ شيئاً أو هدفاً . فأعطاني التاريخ شيئاً أو هدفاً آخر من محو أميتي وتعليمي . إن المغزى من كتابة هذه الأسطر من التاريخ . هو يجب أن ندرك أن لا أحد يستطيع أن يتحكم بقوانين التاريخ . والتاريخ لا يرضخ للعواطف ولا للجهل ولا للقوة . والمطلوب يجب التعامل مع التاريخ بثقافة مرنة . بحيث يمكن للإنسان أن يغير نفسه وثقافته عند المنعطفات الخطيرة للتاريخ ولكي لا يقع في مرض الدوغمائية ويتحول عقله إلى صخرة جامدة . ولكي ندرك أهمية التاريخ لنسرد تاريخ لقائي بالقائد أوجلان 1982م . لقد ولدت عام 1938 من أب وأم أميين . لقد فتحت أول مدرسة ابتدائية في قريتنا عام 1950م وهي الثانية في منطقة عفرين البالغ عدد قراها 360 قرية . ودخلت المدرسة وسجلت كتلميذ في الصف الأول الابتدائي وعمري اثني عشرة عاماً وكان معي تلاميذ بعمر 16 و 17 و 18 عاماً في الصف الأول ومن عام 1950م وحتى عام 1982م ظهر جيل متعلم ترك حياة الأمية . وظهرت معه إنتلجنسيا كردية هامة للغاية . والمعروف أن منطقة عفرين متحررة من التكوين الاجتماعي العشائري . ولا يوجد في منطقة عفرين جماعة باسم عشيرة أو قبيلة. وهذا يعني أن الجيل المتعلم والأنتلجنسيا الكردية ولدت وكبرت وتعلمت وهي متحررة من السيكولوجية العشائرية والقبلية. وكان هذا عامل مهم جداً ومساعداً ليلعب هذا الجيل المتعلم دوراً تاريخياً على الساحة الكردستانية بأكملها .وابتداء من عام 1960م بدأ المثقفون في البحث عن جذورهم التاريخية والقومية والوطنية . لم يتركوا كتاباً أو مجلة أو أي بحث يتعلق بالشعب الكردي إلا واطلعوا عليها أما من الناحية السياسية وبدءاً من عام 1950م كان أول ظهور حزبي سياسي هو الحزب الشيوعي السوري والذي كان يسمى وقتها بحزب الفقراء ويقابله حزب الآغوات . لقد طرح الحزب الشيوعي السوري لأول مرة مفهوم الصراع الطبقي ضد الآغوات . وتجاوب معه كل الفئات التي تعلمت على التو وعمر تعليمها لا يتجاوز خمسة سنوات ولكننا أكبر سناً ووقفنا ضد ظلم الآغوات واضطهادهم للفلاحين . لقد كان آباؤنا وأجدادنا يتكلمون كثيراً عن تاريخهم المليء بالمظالم في العهد العثماني والعهد الفرنسي . ولكن الوضع تغير في عهد الاستقلال بدءاً من عام 1950م لقد تجاوبنا نحن التلاميذ وعمرنا التعليمي لا يتجاوز خمس سنوات مع شعارات الحزب الشيوعي السوري ضد الآغوات . لم نكن نعرف من الشيوعية والاشتراكية سوى أنها ضد الآغوات . وبسرعة مدهشة انطلقت كل الألسن التي كانت تكتم أسرار الآغوات مظالمهم وتحولت إلى آلة دعائية للتشهير . وتحول كثير من الآغوات إلى صفوف حزب الفقراء. وصاروا يستنكرون وينفون إسم الآغوات عن أنفسهم بعد أن كانوا يدفعون المال في سيبل كسب هذا اللقب وانقلب إسم الآغا إلى لعنة بعد أن كان لقباً فخرياً يعتز به كل من يحمله . استمر هذا الوضع حتى علم 1958م . وحصلت ثلاث انعطافات تاريخية هامة جداً : 1- حدوث ثورة 14 تموز في العراق 1958والغاء الملكية وإعلان الجمهورية وصدور الدستور العراقي الذي اعتبر العراق وطناً للعرب و الأكراد . 2- عودة الجنرال مصطفى البارزاني من الإتحاد السوفيتي إلى كردستان الجنوبية 3- إعلان الوحدة بين سورية ومصر . وصدور قانون الإصلاح الزراعي . هذه الإنعطافات التاريخية الهامة تركت بصماتها على مجمل الساحة الإجتماعية الكردية في كردستان الجنوبية الكبيرة و الصغيرة على السواء . تأثير الحدث التاريخي على الساحة الكردية الإجتماعية : لقد حدثت ثورة 14 تموز 1958م في العراق وتم إلغاء الملكية وتم إعلان الجمهورية وخرجت العراق من حلف بغداد الذي أنشئ أساساً لمحاربة أي حركة تحرر اجتماعي ووطني في المنطقة _ وتبقى هذه المنطقة سداً منيعاً أمام الامتداد الشيوعي إلى المنطقة. لذلك الهدوء السياسي لم يكن في مصلحة الشعب الكردي على الإطلاق . وبحدوث ثورة 14 تموز تم اختراق هذا السد المنيع وظهرت حركة شعبية – كانت مكبوتة ومقهورة في العراق في العهد الملكي وفي ظل حلف بغداد ومنه ظهرت حركة كردية وطنية وقومية فرضت نفسها وباتت تبحث عن تنظيم حزبي وشخصية تاريخية – إن عودة الجنرال مصطفي البارزاني لعبت دور الشخصية التاريخية . وبذلك ظهر الحزب الديمقراطي الكردستاني انتقلت صدى هذه الحركة إلى الشعب الكردي في سورية فوراً وتجاوب مع هذه الحركة بشكل كبير . تشكل الحزب الديمقراطي الكردي في سورية 1958م وانفصل عشرات الآلاف من الشباب عن الحزب الشيوعي السوري توجهوا نحو الايديولوجية الوطنية والقومية . وهكذا تشكل حزبان كرديان في كردستان الجنوبه الكبيرة والصغيرة . وأصبح مصطفى البارزاني شخصية تاريخية ورمزاً لهذه المرحلة من طموحات الشعب الكردي في التحرر. وفي عام1961 أعلنت الثورة الكردية في كردستان العراق وامتدت حتى عام 1975م وانتهت بعد اتفاقية الجزائر بين شاه إيران وصدام حسين في العراق . ولكن خلال هذه المرحلة التاريخية من عام 1961م وحتى عام 1975م حدثت تغييرات كبيرة من الناحية الحزبية لقد انقسم الحزب الديمقراطي الكردي في سورية إلى أربعة عشر فرعاً وتوزع بين اليمين واليسار والمرحلي الخ… وعلى أثر هذه الانشقاقات ظهرت دعاية تشهيرية قوية على الساحة الكردية السياسية في سوريا بحيث لم يبقى إنسان شريف . فكل من لا يكون معي فهو ضدي وبالتالي عميلاً أو خائناً أو جاسوساً للمخابرات كما ظهرت أخبار الفساد السياسي وانتشرت بين الناس وظهر أثرياء الأحزاب أو السياسة . وانصرفت مئات الألوف من الشباب أو الجماهير عن الأحزاب السياسية الكردية . لكنهم لم ينسوا ولا لحظة واحدة قضيتهم الوطنية والقومية . ثم بدأت الجماهير بكاملها تدور حول نفسها كحركة "الجرجر" ولم تجدلها مخرجاً من هذه الدوامة . ومع مرور كل عام كان يجري تطور ذاتي هام جداً للشعب الكردي تزداد نسبة المتعلمين من الجنسين ذكور وإناث وتحسن الوضع الاقتصادي الصحي والتعليمي وازداد عدد الانتلجنسيا الكردية . ولكن بقيت الساحة الوطنية القومية فارغة ولا يوجد على ساحتها سوى ممثلي الأحزاب الكردية المقسمة على نفسها والتي كانت مشغولة في مهاترات التشهير التجريح بكل إنسان . وهكذا خلق تاريخ سيكولوجية اجتماعية يائسة. كبيرة . لقد كبر الشعب الكردي وبات ينتظر دوراً كبيراً لم يعد يقبل أدوارا تافهة أو برامج وإيديولوجيات ذات طموحات صغيرة لا تتناسب مع كبير حجمه .لقد بات يحلم بأحداث كبيرة يتناسب مع تطوره ووعيه الذي كبر . لقد بات الوضع التاريخي الذي خلق نتيجة لكل هذه التفاعلات التاريخية يتطلب حزباً جديدا وإيديولوجية جديدة وشخصية تاريخية جديدة لأن الاستمرار مع القديم يعني التفسخ وهكذا ظهر حزب العمال الكردستاني بامتداده من كردستان الشمالية . وشخصية تاريخية تمثل إدارة المرحلة التاريخية . عبد الله أوجلان . ليس حزب العمال الكردستاني ولا شخصية أوجلان صنعة هذا التاريخ بل العكس تماماً فالتاريخ وتفاعلاته هو الذي خلق حزب العمال الكردستاني و الشخصية التاريخية أوجلان فلو طرحنا السؤال الثاني : لو جاء حزب العمال الكردستاني والقائد أوجلان ما بين عام 1950-1970م فلن يجد أحد يستقبله ولا يتجاوب معه . إن الاستنتاج الذي يجب أن ندركه من هذه المقدمة عند رسم أي أهداف استراتيجية وممارسة أي تكتيكات مناسبة وإذا لم تكن مبنية على قراءة دقيقة للتاريخ وفهم قوانين تطورها وتغييرها وتبديلها وإعطاء التاريخ حقه . واللجوء بدلاً من ذلك اللجوء إلى المثالية الذاتية سيجر على نفسه ومن معه الكوارث ولا تحظى بالنصر . سيسبب بحصول أزمة لشعب لا يعرف كيف يخرج منها . السؤال الثاني : ما هي الخصوصيات التي لفتت انتباهكم في شخصية القائد : قبل أن أحدد الخصوصيات التي لفتت انتباهي في شخصية القائد . علي أن أحدد ميزاني ومقياسي الذي به أحدد هذه الخصوصيات إن ميزاني ومقياسي الذي سأحدد به هذه الخصوصيات لم أصنعه أنا . بل الذي صنعه لي هو التاريخ . أنا ابن تاريخ عشته وقد بينت بعضاً من خيوط حياتي وتفاعلاتها وثقافاتها في السؤال الأول . أنا ابن فلاح فقير وكادح أمي لا تملك أية رؤية فلسفية علمية . كل ما يملكه من وعي هو وعي عادي خليط عجيب من الأوهام والأساطير والخرافات . أنا لست ابن مجتمع عشائري وقبلي . لقد تعلمت ومحوت وأميتي داخل هذا المجتمع ولذا فأنا أحمل ميزان مقياس هذا المجتمع . إن أول سؤال كان يخطر ببالي وكنت أريد الإجابة عليه . من هو عبد الله أوجلان الاجتماعي ؟ هل هو زعيم قبيلة أو عشيرة ؟ هل هو رجل دين ؟ ما هو مستوى ثقافته ؟ وكيف حصل عليها ؟ هل هو ابن فقير كادح أم ابن أب أرستقراطي ؟ إنني أنظر إلى ما يمثل إرادتي الوطنية والقومية على الساحة الكردستانية من واقع الحياة والشروط والظروف والعلاقات الاجتماعية التاريخية التي عشتها . إن ظروفي التي عشتها غير خاضعه لشروط العلاقات العشائرية ولا القبيلية ولا حتى أبوية . لقد حصلت على إجابة لأسئلتي هذه . عبد الله أوجلان شاب من أسرة فقيرة وكادحة متحررة من السيكولوجية الأرستقراطية ومتحررة من العلاقات الاجتماعية العشائرية إنسان حصل على ثقافته بمساعدة أسرة كادحة . هذه العوامل عوامل مساعدة في التعامل مع الواقع بنظرة علمية . لكن بقي هناك سؤال آخر في ذهني . ترى ما هي رؤيته الفلسفية للطبيعة والمجتمع والفكر؟ وما هو منهجه لمعرفة الواقع ؟ هذين العاملين كانا غير واضحين في شخصيته وغامضة بالنسبة لي . ولكون هذين العاملين روحيين . كنت محتاراً كنت دائماً أطرح أسئلة على نفسي كيف يمكنني معرفة ذلك . إن لقاءاتي المحدودة معه وحتى السكن والعيش معه لفترات بسيطة . ونظراً لمسؤوليته الكبيرة في شؤون التنظيم وتلقي الأخبار واللقاءات لم تساعدني في طرح تلك الأسئلة عليه . لقد قرأت الكتب التي صدرت عن حزب العمال الكردستاني وكلها من بنات أفكاره . كانت هذه الكتب ذات ثقافة حزبية بحتة مفعمة بالعواطف والنوايا الصادقة لكنها كانت بعيدة عن الاستفسارات العلمية . وأذكر بأني طلبت منه طلباً في عام 1987م في إحدى المرات ونحن جالسين على طاولة الغذاء . قلت رفيقي القائد لقد لاحظت من خلال قراءتي لكتبك التي صدرت باسم الحزب " التطورات المستجدة " " المسألة الشخصية " " وقضية التحرر الوطني " إنك صاحب قلم وأدب . إن شعبنا قد تغير كثيراً لم يعد بحاجة إلى مزيد من الخطب والكلام والمواعظ الشخصية – إنه بحاجة إلى الكتب ليقرأها . فأرجوا منك أن تكتب كل ما يجول خاطرك وتراه مناسباً لمؤهلاتك الفكرية في السياسة و الفلسفة و التاريخ و الدين و الحقوق و الأخلاق . لقد أجابني وقال نعم هذا ما أفعله بالذات ولقد كتبت الشيء الكثير ربما تبلغ عشرين كتاباً ولكن بقي سؤال أريد جواباً له . وهو نظرته الفلسفية . ومنهجه في معرفة الواقع . كانت هناك حاسة ما في داخلي تشير بخطورة ما . ثم بدأت الصورة تتكشف لي عندما كنت أقرأ مقالاته العديدة التي كانت تنشر في مجلة صوت كردستان وممارسته للسياسة ولسلوك كل الكوادر السياسية والعسكرية التي كان هو يشرف على تدريسهم وتخريجهم . وحصلت على جواب لسؤالي من خلال ممارسة الكوادر السياسية وسلوكهم وكلامهم . ومن تلك المقالات التي كانت تنشر ومن خلال سماعي لخطاباته . إن المنهج الوحيد الذي كان يتعامل به لمعرفة الواقع هو المثالية الذاتية وهذا ما كنت أخشاه إن هذه النظرية المثالية الذاتية كمنهج لمعرفة الواقع والتعامل معه جعلته يبتعد عن معرفة الواقع التاريخي الحقيقي التي كان يجري فضاعت عليه معرفة الحقيقة وتسبب في سجنه والحكم عليه بالإعدام . ووقع الشعب الكردي في أزمة . هذه الأزمة برهنت عليها الجماهير الكردية بكل وضوح عندما أحرق ثمانون إنساناً كردياً نفسه لدى تعرض حياة أوجلان للخطر إن مسؤولية وصول القائد إلى السجن وحكم الإعدام عليه تقع على القائد والمثقفين الثوريين مناصفة . ولكن كيف ؟ لقد كان أمام القائد أوجلان حربين : 1- حرب سياسية . 2- وحرب الجديد مع القديم ، وحرب القديم يحتاج إلى ثورة ثقافية. إن الحربين تختلفان عن بعضهما البعض في الوسائل والعدة والعدد . ونظراً للظروف الكردستانية كوطن ولظروف الشعب الكردي الثقافية . كونها ساحة مفتوحة لكل الأيديولوجيات والثقافات . لا يمكن قيادة الحربين معاً . 1ً- الحرب السياسية : إن الحرب السياسية كان يجب أن تكون حرباً وطنية بحتة وأن تكون أيديولوجيتها وطنية كي تساهم فيها كافة الطبقات وشرائح المجتمع . لها فلسفتها الوطنية الخاصة . لأنها حرب خارجية مع عدو ينكر وجود الشعب الكردي بكامله وله من الصلات والعلاقات الدولية المتينة . فإذا لم تجابه بإمكانيات الشعب بكامله لا يمكن الانتصار فيها . إن الحرب السياسية واضحة كل الوضوح . وإن القائد أوجلان يملك كل المؤهلات والقدرات الشخصية والذهنية السياسية لقيادة هذه الحرب . إن قيادة حرب ليست أمراً سهلاً . ولكن القائد أوجلان يملك كل المؤهلات السياسية لقيادة هذه الحرب ومن ورائه شعب مستعد لكل التضحيات المادية والمعنوية . 2ً- حرب الجديد مع القديم : أما الحرب الثانية حرب الجديد مع القديم هي حرب داخلية حرب تستهدف نزع القديم من العقول وزرع الجديد بدلاً عنه . حرب ثورة ثقافية . نتيجة للاستعمار الطويل فلقد تحولت الذهنية الكردية إلى دوغمائية متحجرة . لم يعد يفرق بين الجديد والقديم بين العدو والصديق .. تسيطر على ذهنه رؤيا وفلسفات قديمة عفا عليها الزمن والتاريخ وهو ما زال يتمسك بها إلى حد الموت في سبيلها . إن تلك الرؤيا والفلسفات التي يتعامل بها مع واقعه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والمعرفي تسبب له الموت وهو لا يدري . ويؤمن بأنه قدر محتوم ومكتوب في جبينه لا مهرب ولا خلاص منه لا يمكن خوض هذه الحرب بأي سلاح كان حتى ولو كان قنابل ذرية وهيدروجينية . والسلاح الوحيد هو القلم . إن استخدام أي سلاح غير القلم يعني الهزيمة الساحقة في الحرب الأولى السياسية . إن ما يحدد مصير الحرب السياسية والانتصار في الحرب الثانية أولاً . إن قيادة هذه الحرب ليست من مهمة السياسيين – بل للمثقفين . إن خلق أيديولوجية وطنية وفلسفتها واستراتيجيتها وبيان تكتيكاتها هي من مهمة المثقف الثوري . ونعني بالمثقف الثوري ، المثقف الذي يبحث عن الحقيقة . لقد كان خطأ حزب العمال الكردستاني والقائد أوجلان أنهما تحملا عبأ الحربين معاً. لقد طرح القائد أوجلان نفسه كقائد سياسي وايديولوجي وثقافي . وبذلك ابتعد عنه كل المثقفين المبدعين وعن الحزب . وتقرب للحزب وللقائد كل المثقفين الانتهازيين والأغبياء . لقد لعب المثقفون الانتهازيون أقذر الأدوار من وراء ظهر القائد . كان المثقفون الانتهازيون ينقلون أخباراً مزيفة عن المثقفين الثورين ويجملون الواقع للقائد .. لقد همشوا كل المثقفين الثوريين المبدعين وسدوا كافة الطرق لعدم إيصال الحقيقة للقائد. ونظراً لهذا الحمل الثقيل لقيادة الحربين – السياسية – والثقافية والأيديولوجية – كان يجب أن يكون إلى جانب القائد أوجلان مثقفون ثوريون ذوي عقول مبدعة ونظرة استراتيجية . وهكذا سارت الأمور ولم يجري أي تعديل ولا أي تغيير في الرؤيا العلمية والفلسفية للشعب الكردي على الإطلاق .. إن خمسة وعشرون عاماً من النضال السياسي لم يغير ذهنية الإنسان الكردي . لقد بقي الشعب الكردي على رؤيته السابقة وكأن شيئاً لم يكن . والسبب في ذلك هو عدم وجود ايديولوجية تحرر وطني برؤيتها العلمية والفلسفية الجديدة . لتحل محل القديم . ولا يمكن للقديم أن يزول دون أن يكون هناك جديد . إن المثقفون الثوريون المبدعون تركوا الساحة خالية لألاعيب المثقفين الانتهازيين إن القائد أوجلان أعظم شخصية تاريخية أنجبه الشعب الكردي يتناسب مع الظروف الذاتية المتطورة للشعب الكردي . ولكن تحمله لعبئ الحربين السياسية والثقافية كان فوق طاقته وهذا ما كان يجب أن لا يحدث . إن ما أقوله لم أقوله من فراغ . إن من يقرأ مرافعة القائد إلى محكمة حقوق الإنسان يرى فيها كثيراً من الإشارات والشكوى من هؤلاء المثقفين الانتهازيين وأخيراً وبعد هذه التجربة المريرة أدرك أهمية المثقفين . وقال إن المثقفين هم دليل شعوبهم ولا يمكن الاستغناء عنهم مطلقاً في كل زمان ومكان . السؤال الثالث : ما هو شعورك والأحاسيس التي عشتموها آنذاك : لقد أحسست بشعور من الارتياح الكبير بل بالاعتزاز . لأن التاريخ أعطاني فرصة نادرة لقد كان ارتياحي مبنياً على النقاط التالية عندما قابلته كنت على علم تام بأنه قائد لحزب ويطرح نفسه لأن يقود حركة التحرر الوطني الكردية والتي هي من ضمن أحلامي الاستراتيجية التي حلمت بها طوال حياتي وهي رؤية وطني كردستان محررة وذو سيادة كباقي شعوب وأوطان العالم لقد شعرت براحة نفسية لكوني وجدت في لياقته مؤهلات بدنية تؤهله لأن بلعب دور القائد هذه اللياقة البدنية تعطيه مهابة شخصية . وله من المؤهلات الذهنية مما يدرك ألاعيب الخصم وخداعه . لأن السياسة كلها تحولت إلى لعبة لم يعد في مبادئ السياسة أية قيمة أخلاقية والشاطر من يخدع الثاني وإن اللذين يسيطرون على مقدرات الشعب الكردي هم جميعاً من المحترفين في لعبة السياسة ولقد وجدت في ذهنية أوجلان وعياً تاماً لهذه الألاعيب . أما اعتزازي به كوني قد حظيت بلقاء قائد مسيرة حريتي فكنت دائماً وأبداً أسمع عن أسماء القواد السابقين العظام الذين قادوا مسيرة شعبنا الكردي في فترات مختلفة من التاريخ وضحوا بأرواحهم الخالدة بدءاً بالبدرخانين وشيخ سعيد وإحسان نوري باشا والسيد رضا وقاضي محمد ومصطفى البارزاني كل هؤلاء لهم في قلبي كل اعتزاز والحب والتقدير لأنهم تحملوا مسؤولية القيادة لمسيرة شعبنا في سبيل حريته ولكن التاريخ لم يعطي فرصة اللقاء بهم . إن مسؤولية القيادة ليست بالأمر السهل وخاصة قيادة الشعب الكردي بالنظر للظروف الإقليمية والدولية المحيطة به لشد ما أعجبت في شخصية أوجلان إرادته الجبارة في تحدي كل الظروف حيث لا مكان لليأس فيها . السؤال الرابع :بعد اعتقال القائد مازال الشعب الكردي واقفاً على قدميه . من وجهة نظري هذا هو السؤال الهام ويفوق في أهميته الأسئلة الباقية والتي يجب على الباحث عن الحقيقة أن يتعمق في مضمونها وجوهرها . لقد انتهت الانتفاضات الكردية السابقة بمجرد إعدام زعمائها أو قتلهم . وانتهت الثورة الكردية بقيادة البارزاني بقرار سياسي . وعاد الشعب إلى العبودية . ولكن لم تنته مقاومة الشعب الكردي ومسيرته النضالية بقيادة أوجلان بل زادت مقاومتها ترى ما السبب وراء ذلك ؟ السبب هو التاريخ . إن الظروف التاريخية التي جرت فيها الانتفاضات السابقة إقليميا ودولياً والثورة العلمية المعرفية والتكنيكية والتطور الذاتي للشعب الكردي ووعيه العلمي والفلسفي لم يكن مهيئاً . فكان كل التكوين السياسي والعسكري والقيادي مبني على بنى عشائرية . ففي حال انسحاب أي رئيس عشيرة من التحالف كان على كل أفراد العشيرة أن تنسحب . إن قرابة الدم كانت هي السائدة . بينما الفترة التاريخية التي قاد فيها حزب العمال الكردستاني وشخصيته القيادية أوجلان كانت تحوي في داخلها تطور تاريخياً ذاتياً للشعب الكردي . وتطور تاريخي عالمي . وثورة تكنيكية . إن هذا التاريخ قد أعطى الإمكانية لحزب العمال الكردستاني إلى تجمع طاقته البشرية على أساس القومية والوطنية لا يربط بين فرد وآخر أية قرابة دم. بل قرابة قومية ووطنية ولهذا تجاوزت أهدافه حدود كردستان الشمالية وشملت الساحة الكردستانية بأقسامها الأربعة . إن حزب العمال الكردستاني كان حركة متعلمين ومثقفين حتى ولو سمى نفسه باسم حزب العمال الكردستاني . وقد كنت قد اختلفت مع الحزب كثيراً في نقد هذا الاسم لأنه لا يمثل الحقيقة . إن تسعة وتسعون بالمائة من تكوين الحزب كانوا من المتعلمين بدءاً من الكفاءة وحتى الجامعة . فلماذا نسمي هذا الحزب باسم العمال وإن حزب العمال الكردستاني مطلوب منه أن يخوض نضالاً لتحرر وطني وأن يحل مشكلة الشعب الكردي القومية لا أن يخوض نضالاً طبقياً . والنضال القومي والتحرر الوطني بحاجة إلى جبهة وطنية متحدة بين كافة فئاته الطبقية . لا أن تقسم الجبهة الوطنية . إن تاريخ الشعب الكردي قد كبر وجرى تطور ذاتي كبير وتخلص مئات الآلاف بل الملايين من الشباب الأكراد من أميتهم سواء باللغة العريبة أو التركية أو الفارسية وكلهم يحملون في داخلهم عشق الوطنية والقومية . إن الشعب الكردي يعاني من الاضطهاد القومي والإنكار القومي من قبل قومية أخرى . ولا يعني من اضطهاد داخلي اجتماعي من برجوازيته وبالأصل لا يوجد هناك برجوازية وطنية كردية فمن أين جاء العمال ؟ إن ما حدث بعد اعتقال أوجلان هو ظهور قيادة جماعية على الفور وكان هذا عملاً عظيماً عاد الأمل إلى نفوس الملايين من الأكراد وبدأت متابعة المسيرة بدلاً من حرق العشرات بل المئات أنفسهم . إن القائد أوجلان إنسان وكل إنسان فانٍ . ليس هناك إنسان خالد . فإذا مات أوجلان أو اعتقل أو حتى أعدم هل يجب على الشعب الكردي بأكمله أن ينتحر ويحرق نفسه ما الفائدة من هذا الحب القاتل ؟ . لقد طرح أوجلان نفسه كقائد لقضية شعب ولمسيرة نضاله . وتحمل مسؤولية ذلك بكل جدارة ونكران ذات وضحى في سبيل ذلك بكل سنين حياته وكان ظروف اعتقاله واختطافه فوق طاقته . لقد تآمرت عليه قوى دولية كبيرة تسيطر على مصير العالم وإن أوجلان لم يكن له دولة ولم يقيم فوق أرضه كي يستطيع شعبه الدفاع عنه حتى الرمق الأخير . إن تلك المؤامرة الدولية والاختطاف كان عملاً لا أخلاقياً مخالفاً لكل القيم والمواثيق الدولية إن الذين قاموا بهذا العمل الحقير سيحاسبهم التاريخ إن عاجلاً أو آجلاً . إن ظهور قيادة جماعية بعد اختطاف أوجلان كان عملاً وخطوة كبيرة أحيا الأمل في نفوس الملايين من أبناء الشعب الكردي . وجعله يقف على قدميه ويسير بدل الانتحار الجماعي . والسؤال الذي لا بد من أن يسأل . لماذا لم تظهر أسماء هؤلاء القادة السياسيون والعسكريون طوال الفترة التي كان فيها القائد أوجلان طليقاً . أليس من حق الشعب أن يتعرف على قادته وأفكارهم ورؤيتهم للأحداث والتاريخ . ويتعرف الشعب على كفاءاتهم العلمية ويكون الشعب جاهزاً لإعطاء تأييده وحماسه لمن ينوب في تناوب القيادة . أما كان ذلك سبباً وخطاً في اعتقال أوجلان والذي لا يستحق ذلك ابداً . لقد وضعت كل الجهات التي خططت لاعتقال أوجلان في حساباتها على أنه لا يوجد سوى أوجلان . وهو الكل بالكل . وإن اعتقل أو تم القضاء على أوجلان سينتهي كل شيء . وينتهي القضية الكردية . وسيعود الشعب إلى حياة العبودية كما كان في السابق وينتهي معها الحزب . إن الذي أعطى تلك الجهات المخططة لهذا لاعتقال هذا الاعتقاد هو الممارسة التكتيكية الخاطئة للحزب والقيادة . لأن كل الممارسات التكتيكية كانت تشير أن لا هناك حزب ولا ايديولوجية ولا تنظيم جماهيري ولا قضية ولا وعي جماهيري فلم يكن معروفاً سوى اسم القائد أوجلان ولم تظهر سوى مقالات أوجلان ولم تظهر سوى مقابلاته ولم يسمع سوى صوت أوجلان . أما من هم الآخرون فلا أحد يعرفهم ولا حتى سمع بأصواتهم . وهكذا تم تركيز كل الجهد من قبل المتآمرين على الخلاص من أوجلان وبالتالي من القضية الكردية برمتها .وهكذا تمت المؤامرة ونفذت وتم اعتقال أوجلان وجرت محاكمته وصدر حكم الإعدام بحقه وها هو في السجن بين أيديهم . فهل انتهى أوجلان ومعه قضية شعبه الكردي ، وعاد الشعب الكردي ينام نوم أهل الكهف كسابقتها ؟ وهنا لعب التاريخ دوره الذي لا لأحد سلطان عليه . ولا يستطيع أحد أن يتحكم به لقد أعطى الثورة العلمية المعرفية والثورة التكنيكية التي حدثت في التاريخ البشري العالمي تطور ذاتي للشعب الكردي . فلو لم تعطي التاريخ العلم والمعرفة ومحو الأمية لمئات الآلاف من الشباب . ولو لم تظهر الأنتلجنيسيا الكردية بهذا العدد وجاهزة للنضال . لما استطاع الشعب الكردي أن يسير خطوة واحدة إلى الأمام ولتوقف كما توقف سابقاً . لا يجب إنكار حق التاريخ في وقوف الشعب الكردي على قدميه . كما لا يجب إلقاء اللوم على القادة السابقين لأنهم لم يستطيعوا أن يسيروا بشعبهم إلى النصر ومتابعة طريق النضال بل يجب احترامهم وتقديرهم . إنهم أبطال خالدون ضحوا بأرواحهم في سبيل قضية شعبهم ولا فرق بين واحد وآخر بدءاً من قواد عائلة البدرخانين وشيخ سعيد وإحسان نوري باشا والسيد رضا وقاضي محمد ومصطفى البارزاني والقائد أوجلان كلهم قواد وطنيون تركوا بصماتهم على التاريخ الكردي وذاكرته . أنا أرى إن طلب الشعب الكردي في المرحلة التاريخية التي نعيشها . هو أيديولوجية وطنية واتحاد وطني وجبهة وطنية وتحالفات وطنية . والشعب الكردي ليس بحاجة إلى نظرية صراع طبقي فهو بكافة طبقاته وشرائحه وطني سواء أكان يدرك ذلك أم لم يدركه . وإن قوة الشعب الكردي في اتحاده . ويحتاج إلى نظرية وايديولوجية وفلسفة توحده . ولا يحتاج إلى نظرية أو ايديولوجية أو فلسفة تفرقه ويخلق مجتمعاً تناحرياً . إن محكمة حقوق الإنسان هي أعلى سلطة قضائية عالمية لعدالة الإنسانية وهو منبر مهم يجب الاستفادة منه قدر الإمكان . ويجب ألا نصاب بخيبة أمل والإحباط من نتائج حكم المحكمة . لأن المحكمة ذاتها خاضعة لاعتبارات سياسية وتوازن دولي محدد . ومن وجهة نظري يجب التركيز على الرأي العام الأوربي بصورة أكثر . ويجب الاتصال والتواصل مع أكبر عدد ممكن من السياسيين والمفكرين والفنانين والفلاسفة ووسائل الإعلام وحتى عامة الناس . فلو قام كل إنسان كردي يتقهم قضيته . بضرب صداقة مع أي إنسان أوربي وشرح له قضيته من خلال هذه الصداقة . وبذلك نكون قد كسبنا في فترة قصيرة ملايين من الناس من الرأي العام الأوروبي إلى جانب قضيتنا . يجب علينا أن ندرك أنه لا توجد هناك أمل في تغيير سياسات واستراتيجيات الحكومات الرسمية الأوربية وزعمائها . بدون كسب الرأي العام الغربي . لأن الرأي العام الأوربي والغربي بصورة عامة له قيمة كبيرة بالنسبة لنظمهم السياسية والدستورية ويحسب له ألف حساب . السؤال الخامس : صدور كتاب القائد وأفكاره الاستراتيجية . إنها خطوة هامة وصائبة في الاتجاه الصحيح لمسار التاريخ . إن زرع الثقافة الديمقراطية بين الشعب الكردي أمر هام جداً . ولكي يتحول شعبنا إلى شعب ديمقراطي . يجب أن نزرع . ومن لم يزرع لا يحصد . إن الشعب الكردي محروم من الثقافة الديمقراطية .منذ أربعة عشرة قرناً من الزمن إنها خطوة هامة ولو جاءت متأخرة وإن القيادة رأت لا حياة الشعب الكردستاني وشعوب المنطقة إلا في ظل الديمقراطية . ترى لو كان حزب العمال الكردستاني من الأساس مبنياً على النظام السياسي الديمقراطي والثقافة الديمقراطية . والممارسة التكتيكية الديمقراطية لتغير الوضع تماماً . بدل البرنامج السياسي المبني على المطلق . والثقافة المطلقة والممارسة التكتيكية المطلقة طوال خمسة وعشرون عاماُ. ألم يشبع الشعب الكردي طوال أربعة عشر قرناً من الثقافة الشمولية المطلقة ؟ هل كان الشعب الكردي فعلاً تنقصه الثقافة المطلقة. ليأتي حزب العمال الكردستاني ليكمل حاجة الشعب الكردي من هذه الثقافة . ترى لماذا ضاعت خمسة وعشرون عاماً من الممارسة العملية ولم يزرع حزب العمال الثقافة الديمقراطية ؟ ربما كان اليوم الشعب الكردي وشعوب المنطقة قد بدأت تجني ثمارها . إن الشعب الكردي أعطى إمكانيات بشرية ومادية لحزب العمال الكردستاني لم يخظ أي حزب من العالم بهذه الإمكانية . إن هذا الشعب كان يريد أن يعيش حياة ثقافية جديدة لا الحياة الثقافة القديمة. إن الكتاب يحوي أفكاراً مبدعة . هذه الأفكار بحاجة إلى البحث والتدقيق وفق المنظور الاستراتيجي . إنها أفكار جديد . ولكن ليست هي الحقيقة المطلقة ومن حق أوجلان كقائد سياسي وكمفكر أن يطرح من خلال تجربته الفنية رؤية استراتيجية للممارسة العملية أمام شعبه ولكن يجب عدم إعطاؤه حكم الحقيقة المطلقة . وليس هناك طريق آخر ولا ثقافة أخرى للحقيقة . وإن من حق كل مفكر وباحث كردي أن يطرح رؤيته مهما تكن مستواها وعلى الشعب أن يختار من بين آلاف الرؤيا برنامجه ووعيه السياسي والثقافي للممارسة العملية . إنه كتاب رائع بأفكاره وعلى كل باحث عن الحقيقة أن يتمعن في دراسته وتحليله بل يجب إقامة ندوات فكرية جماعية للمفكرين والباحثين عن الحقيقة لإبداء آرائهم في الأفكار المطروحة لأنها تمس حياة ومستقبل الشعب الكردي وشعوب المنطقة بأكملها . إن صدور الكتاب غير كاف لتلبية متطلبات المرحلة التاريخية التي يعيشها الشعب الكردي وشعوب المنطقة . بل يجب أن يكون هناك ثورة ثقافية متنوعة تشمل كل أشكال الوعي الاجتماعي الكردي وشعوب المنطقة . إن الشعب الكردي ونظراً لتطوره الذاتي بات بحاجة ماسة إلى مجلة غير حزبية " تعني بالشؤون الإستراتيجية تساهم فيها كل الأقلام الكردية المفكرة ومفكري شعوب المنطقة وتكون منبراً حراً لنشر وجهة نظر الثقافة الكردية في الشؤون الاستراتيجية . وتكون مدرسة هامة في تثقيف وعي الشعب الكردي . والذي بات بحاجة ماسة لها كحاجة للماء والغذاء والمسكن والهواء. وأخيراً أرجو أن أكون قد قدمت بما يفيد كل باحث عن الحقيقة . كما أتمنى للسائلين هذه الأسئلة ألا يتخلوا عن شعبهم العظيم الذي ضحى بكل غالي ورخيص . هذا الشعب الذي أعطى وبدون حدود كل الإمكانيات المادية والمعنوية لكل حزب . ولكل قائد ناضل وتحمل المسؤولية القيادية من أجل إرادته الحرة . ليس هناك أمام العلم شيء مستحيل . المهم أن نسلك طريق العلم . وأن تقاوم . وأن نقوم بدورنا كمفكرين . مصابيح مضيئة دائماً وأبداً أمام شعبنا ولا يضيع حق وراؤه مطالب 0% ودمتم تموز عام2002
#سيامند_عفريني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد
...
-
ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت
...
-
الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
-
بيتي هولر أصغر قاضية في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية
-
بايدن: مذكرات الاعتقال بحث نتانياهو وغالانت مشينة
-
مذكرة توقيف بحق نتانياهو وغالانت: ما هي حظوظ تطبيق قرار المح
...
-
مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية ترحب بالقرار التاريخي للمحكمة
...
-
الأمم المتحدة: مقتل عدد قياسي من موظفي الإغاثة في 2024 أغلبه
...
-
الداخلية العراقية تنفي اعتقال المئات من منتسبيها في كركوك بس
...
-
دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|