|
الى متى تطول مخاض ولادة الديموقراطية الحقيقية في هذه المنطقة؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2965 - 2010 / 4 / 4 - 20:20
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
السؤال الهام و الحازم الذي يتبادر الى الاذهان دائما هو ، هل حقا يمكن ان تولد الديموقراطية بشكلها الصحيح و جوهرها الحقيقي في منطقتنا طبيعيا دون ان تحتاج الى عملية قيصرية، ام تحتاج المنطقة الى ان تحبل الحاضنة لمرات متتالية من اجل نمو جنين طبيعي و بصورة اعتيادية وان يمر باطوار و ادوار ضرورية للاكتمال و من ثم يولد في الزمان و المكان المعينين، و كما هو المعلوم ان منطقتنا المعقدة مليئة بالمشاكل و الحوادث المتكررة، و يمكن ان يحتذى به الاخرون و ينتقل الى مناطق اخرى متحركا من تفاعلات ذاتية ،و يكون رضاعته مناسبة دون اي خلل الى ان يصبح ناضجا كما هو حال الدول الديموقراطية المتقدمة، و هل توجد احتمالات الاجهاض ، و كيف يمكن منعه و الطريقة الملائمة و الالية و الاسلوب العلمي المطلوب لمنع افراز المضاعفات و ان لا تكون خطرة على حياته، و ما اهم مواصفات الحاضنة المثالية لها . من التجربتين الرئيستين على ارض الواقع في منطقتنا، و هما العراق و لبنان يمكننا ان نستخلص معلومات كثيرة و نجري تقييما لهما ، و نكشف العوائق التي تمنع تقدمهما مع اخذ العبرة و الدروس من مسيرتهما من اجل تفادي تكرار الاخطاء و العمل على ازالة الموانع المترتبة امامهما بشكل سلمي ، و يمكن دعم العملية من اجل تقصير الوقت و ترسيخها دون اي ردات قد تؤدي الى تشويهها من الاساس. المجتمع في البلدين يتميز بمواصفات لم نجد لها مثيل بشكل كبير في اية دولة اخرى و بالاخص الدول التي تعتمد الديموقراطية في نظامها كمنهج و تطبيق، فتتركب شعوب هذين البلدين من قوميات و مذاهب و اطياف و طبيعة اجتماعية مختلفة هشة الى حد كبير بحيث يتميز بصفات لم تجعلها ان تتماسك بسهولة ، مع ما يتميز به من تاريخ مليء بالعقد و الحوادث ، و توارثت الاجيال ما ترسبت طوال تاريخها جراء مسيرة شعوبها، ناهيك عن الاحتلال و الانتداب و التغييرات التي جرت في بنيتها بشكل نسبي و في بعض منها جذري. اصل المسالة ينبع من عدم وجود المباديء الاساسية المطلوبة لتطبيق هذا المفهوم الذي يُبنى عليها ، مهما ادعينا من وجود الركائز، و من اهم تلك النواقص هو انعدام الحرية في المجالات المختلفة ، و يولد الفرد و هو مهمش في بلده استنادا على مجموعة من الالتزامات الاخلاقية الادبية و التقاليد و العرف و العادات التي يتربى عليها، في ظل انعدام مفهوم المواطنة بشكل واضح ، وما يمنع الغور في تفاصيل الحداثة و الالتصاق بمجموعة من السمات العرقية و القبلية و الطائفية التي هي من الصفات المسيطرة، مع ما فرضتها الشدة و التطرف في الافكار و العقائد مما خلق موانعا شتى امام الية تطبيق مباديء الديموقراطية، ناهيك عن وجود مخالب السلطات المغروسة في كيان البلد دون ان تهتز شعرة منها جراء المتغيرات العالمية و معطياتها التي وصلت الينا دون ارادتنا. طالما بقت السلطات هكذا على حالها منحازة الى جهة سوى كانت حزبا او كتلة او قبيلة او مكونا و هو مساعد على بقائها و يستندها في الالتصاق بسدة الحكم على حساب الحرية و المساواة بين الجميع، فهذه المواصفات ستمنع الناس من بناء الثقة بنفسها و بالسلطة الموجودة و الديموقراطية التي تتغنج بها بعض الجهات مظهريا فقط. عدم وجود الاراء المختلفة و تقسيم مكونات المجتمع على اساس المفاهيم الضيقة في المعنى و المكنون و في ظل مساحة قليلة من طرح الافكار الجديدة و عدم وجود الحراك السياسي و في ظل الخمول و العزلة و تملص الاكثرية من الواجبات فستزداد مدة مخاض الديموقراطية الحقيقية. اذن الاعمدة الاساسية غير مكتملة، و هي الثقافة العامة و تفهم متطلبات النظام الديموقراطي ،التربية و التعليم و الشفافية في طرح المواضيع و العمل وفي اداء الواجبات و الممارسات، و الاعتدال و الهدوء و احترام الاختلافات و عدم تسقيط الاخر، كل هذه المتطلبات لم نجد لها ما يمكن ان يجعلنا ان ننظر و نتلمس بصيص امل في توفر الشروط اللازمة للولادة الطبيعية للديموقراطية، و لكن هذا لا يعني اننا نواجه الفشل النهائي القاطع و ان الابواب موصدة ، بل الخطوة الحقيقية الرصينة قد بدات رغم الثغرات. نرى في لبنان ما نشاهده في العراق ربما باشكال و صور مختلفة لحدما سوى لهذه الاسباب التي ذكرناها او ما تخلق من العوائق من صنع الايدي الخارجية و ما مرئي منها من التدخلات. و هذا ما يدعنا ان نعتقد ان مخاض الديموقراطية قد يكون عسير و تطول المدة اللازمة لها و يمكن ان تولد بعد الاصلاحات و التغييرات الضرورية المطلوبة و من ثم الخطوات الاولى للعملية ذاتها بتأني و هدوء. اي اننا نعيش في منطقة تتواجد فيها الموانع من جهة مع الحاح من النخبة على النجاح من جهة اخرى، و هذا يتوقف على مدى نشاط هذه المجتمعات لازالة السلبيات من الموانع و الازدياد او الاستكثارمن الدوافع لنجاح العملية.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ما نحن فيه ازمة ام صراع مصالح القوى؟
-
هل هناك ازمة الشرائح المؤثرة في تنوير المجتمع ؟
-
الامن القومي لمجتمع موزائيكي الشكل و التركيب
-
مابين الاصلاح و التغيير في اقليم كوردستان
-
احذروا تبجح البعث باسم العلمانية
-
دور المثقف العراقي في الانتخابات البرلمانية
-
هل من متضرر في العملية الانتخابية العراقية ؟
-
ما يحصده المواطن من التعقيدات السياسية في العراق
-
دروس الانتخابات تدفع العملية الديموقراطية الى الامام
-
من اخفق في الانتخابات النيابية العراقية؟
-
ما الضير في اعادة عملية العد و الفرز للاصوات ؟
-
نتائج الانتخابات كشفت المستور للجميع
-
هل تُستغل نتائج الانتخابات النيابية لتنفيذ الاجندات المختلفة
...
-
الانتخابات كمحطة لتقييم الذات و اتخاذ القرارات المصيرية
-
من يفوز في الانتخابات البرلمانية العراقية ؟
-
البرلمان القادم يثبت الشرعية ام يكرس الحزبية؟
-
لماذا التلكؤ في حل القضية الكوردية باسم تعقيدات المسالة في ت
...
-
لمن تكون تبعية البرلماني العراقي في المرحلة المقبلة ؟
-
نقطة تحول لدور الاطراف المختلفة في العراق
-
من يدير دفة الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في العراق؟
المزيد.....
-
بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من
...
-
-روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي
...
-
منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا
...
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
-
هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
-
منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد
...
-
وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن
...
-
أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
-
سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك
...
-
حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر
...
المزيد.....
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
-
حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2)
/ جوزيف ضاهر
المزيد.....
|