|
الشيعة مواطنون: إذن امنحوهم حقوقهم!
حمزة الشاخوري
الحوار المتمدن-العدد: 903 - 2004 / 7 / 23 - 11:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بات الحضور الشيعي على ألسنة وأقلام المسؤولين والكتاب والصحفيين في المملكة أمراً طبيعياً وشائعاً خلال السنوات الأخيرة تحديداً، وإذا كان ذكر الشيعة في السابق يأتي في سياق سلبي مشحون بالحساسية والاستفزاز، فهو مؤخراً حضور إيجابي يؤسس لعلاقة تتسم بالعقلانية والاتزان وتعزيز الثقة. ويأتي التصريح الأخير لسمو الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية تتويجاً لتصريحات وتلميحات وإشارات سابقة لأكثر من مسؤول في الدولة كلها تؤكد انتماء الشيعة الصادق لوطنهم وأن مناطقهم جزء لا يتجزأ من هذا الوطن. وقد أحسن صنعاً سمو الأمير نايف حين أبدى استياءه من سؤال لأحد الصحفيين عن أوضاع الشيعة، لأن الأمر محسوم سلفاً لدى قيادة الوطن وليس هناك ما يبرر افتعال أسئلة ليست ذات جدوى إن لم تكن مضرة بوحدة الوطن وأواصر الأخوة بين أبنائه، غير أن الأمير استغل الفرصة ليؤكد مجدداً على أن الشيعة (هم مواطنون وولاؤهم لوطنهم) فهذا ليس سوى تأكيد على حقيقة ثابتة تسندها براهين الواقع وشهادة التاريخ، فالشيعة في المملكة مواطنون بالأصالة بحكم النشأة والمحتد والانتماء، وجذورهم التاريخية راسخة في أرض الوطن المباركة، ومحفورة في عمق الامتداد التاريخي المتصل بنشأة الدين الإسلامي وولادة مدارسه الفقهية والمذهبية، وذلك قبل قرون من الزمان. و منذ توحيد المملكة على يد المغفور له الملك المؤسس وحتى اليوم لم تسجل الذاكرة الوطنية ضد شيعة المملكة أية ممارسات أو سلوكيات أو مواقف تسيء إلى انتمائهم لوطنهم وإخلاصهم لمصالحه العليا، رغم قسوة الظروف ومرارة المعاناة التي تحيط بحياة المواطن الشيعي وما تخلقه من مشاكل وأزمات يومية في علاقاته بمختلف الأجهزة الرسمية للدولة، وبالمؤسسات الدينية خاصة وعلى أكثر من صعيد. وحفظاً للمصداقية نشير إلى أن (الشاذ قليل) كما أكد سموه وهذا الشذوذ ليس حكراً على الشيعة وحدهم، فبين كل فئات ومناطق الوطن لا يُعدم وجود أفراد قلائل يحيدون عن الصواب لسبب أو آخر، وإن وجد بين الشيعة مثل هؤلاء فهو الأقل على الإطلاق عند المقارنة. وإذا كانت العلاقة بين الشيعة والدولة قد شابتها بعض الملابسات ونسبة من سوء الفهم المتبادل في حقبة استثنائية ماضية، فإننا نشهد مؤخراً مؤشرات إيجابية متعددة تشي بانفراج وتبشر بعهد مختلف تميزه علاقة أكثر نضجاً ووعياً وتفهماً بين الطرفين.. ولكن ذلك وحده لن يكفل ردم الفجوة وإزالة آثار قطيعة السنوات الماضية، فالمواطن الشيعي ما زال يعيش حالة من الاغتراب نتيجة عزله وتغييبه عن المشاركة في الحياة الوطنية العامة، سواء على الصعيد الثقافي أو الإعلامي أو السياسي، وهي حالة لا تساعد على تعزيز الانتماء والولاء الوطني في روح المواطن أياً كان انتماؤه المذهبي أو المناطقي، بل تعمل على دفعه باتجاه العزلة والانفصال الشعوري عن الحياة الوطنية مما قد يتمخض عنه إحساس نفسي مؤذي بفقدان الهوية الوطنية!. يجب أن نفهم أن المواطنة انتماء صادق، وحقوق مكفولة، ومساواة مضمونة في الغرم والغنم، وليست المواطنة مجرد جنسية تثبتها وثائقنا الرسمية المحفوظة في الأدراج أو في الجيوب!. فلا معنى للمواطنة دون توافر الحقوق وأداء مسؤوليات وواجبات الانتماء الوطني، وحيث ثبت بتصريح رسمي أن الشيعة مواطنون يؤدون مسؤولياتهم وواجباتهم الوطنية بصدق ووفاء، إذن يتوجب التأكد والتثبت من تمتعهم بحقوقهم الوطنية والإنسانية كاملة غير منقوصة. وأظن عناوين معاناة الشيعة في وطنهم باتت معروفة ومحسومة لكثرة تكرارها من قبل رموزهم ومثقفيهم في الوسائل الإعلامية المتاحة.. حجب مصادر الثقافة الدينية الشيعية، الطعن في عقائدهم والتهجم على مذهبهم عبر المناهج التعليمية ووسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، عدم استقلال جهاز القضاء الشيعي والعمل على تهميشه، عدم تمثيل الشيعة في السلك العسكري والدبلوماسي والأجهزة الأمنية، عدم تمثيل الشيعة في المؤسسة الدينية الرسمية، عدم تمتع المؤسسات الشيعية الدينية والثقافية وعلى رأسها المساجد والحسينيات بالدعم والتمويل الرسمي، وأخيراً وليس آخراً التضييق على ممارسة شعائرهم الدينية.. هذه عناوين كبرى لحقيقة وطبيعة المعاناة اليومية للشيعة في وطنهم المملكة والذي يصرّ الشيعة رغم ذلك إلا أن يمحضوه صادق ولائهم ووفائهم وإخلاصهم. وحتى لا يوصم الشيعة بالطائفية نؤكد أن لا أحد من المواطنين الشيعة في المملكة يطلب أكثر مما يتمتع به المواطنون الآخرون، فالشيعة لا يطمحون لأكثر من المساواة ورفع التمييز، الذي يمارسه ضدهم، ذووا النفوذ، في بعض الأجهزة والدوائر والمؤسسات الرسمية. وإذا كان الجميع يقرّ بأن الشيعة مواطنون فعلاً فعلينا أن نفتش عن الطرف أو السبب الخفي ـ وما هو بخفي على ذي لب ووعي ـ الذي تسبب وما زال في حرمانهم من حقوقهم الوطنية المشروعة المشار إليها أعلاه، فهو نفسه الذي ما يزال يُمعن بدأب وإصرار على تعميق المعاناة اليومية للشيعة عبر ممارساته التمييزية والطائفية، إذ لا يعقل أن نقر بأن شخصاً ما مواطن صالح ثم نحرمه حقوقه الطبيعية التي يتمتع بها بقية أخوته من المواطنين. تصريح سمو الأمير على قدر عالي من الخطورة والأهمية ولكي يكتسب تأثيره على الواقع لابد أن يُفعّل وأن نلمس مصاديقه العملية والتطبيقية في حياتنا اليومية، فقد آن الأوان لمبادرة حقيقية تُنهي معاناة الشيعة في وطنهم، وتفتح الطرق وتمهد السبل والوسائل أمام تمتعهم بحقوق المواطنة كاملة غير منقوصة، وتوفر لهم المساواة الشاملة والفرص المتكافئة أسوة ببقية أخوتهم من مواطني المملكة، وآنذاك سيبدأ الشيعة فعلاً بالعيش في وطنهم كمواطنين!. وختاماً: الشيعة مواطنون بلا شك، إذن أفلا يجب أن يحظوا بالإنصاف والمساواة وأن يتمتعوا بحقوقهم التي تستوجبها المواطنة؟! سؤال قديم يتجدد كلّ حين وإلى أن تُمنح للمواطنين الشيعة حقوقهم المختطفة في وطنهم، سأظل أحلم وأنا أهتف للعالم كله: روحي فداك يا وطن!.
#حمزة_الشاخوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|