|
هل هناك ازمة الشرائح المؤثرة في تنوير المجتمع ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2963 - 2010 / 4 / 2 - 20:44
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لو بحثنا في ثنايا التاريخ الغابر او الحديث، يمكن ان نجد العديد من الشرائح و الطبقات المؤثرة اقتصاديا كان ام اجتماعيا او ثقافيا، و منها تركت اثارا على الحياة و هم اصحاب الفضل في التغيير نتيجة التاثيرات المباشرة التي فعلتها جراء تعاملها مع الواقع و نتاجاتها المختلفة، و يمكن ان نقول ان اكثرية هذه الشرائح المؤثرة نشات في القصور و الدواوين و منها الشعراء و الادباء و اصحاب الفكر و العقيدة و العلم و المعرفة و المنظرين و المعلمين، و تغيرت مواقع نشاتهم و بتغيير المواحل المعيشية و بعدما تطورت الحياة نسبيا فبرزت الفلاسفة و المثقفين و بدورهم تفهموا الاوضاع و عقدوا تواصلهم مع عامة الشعب. هذه الفئات هي التي عملت ضمن اطار الساحة التي تركت اثرا كبيرا على الثقافة العامة و التطور من كافة الجوانب و انبثقت منها الطبقة الوسطى و كان لها الدور الحضاري و المدني الهام على مدار التاريخ ، و كانت لها الصلة المباشرة مع السلطة و الحكم على الرغم من الخلافات التي تخللت بينها حين لم تكن المواقف و الاراء الصادرة منها لصالح الطبقة الحاكمة، و تعرضوا للعقوبات الشديدة ، و كم منهم هلك او نفي او استبعد بسبب راي او موقف معين، و كانوا على انواع ، فمنهم المبدئي العصامي المضحي في سبيل ما يؤمن ، و منهم الانتهازي و عاش من اجل ما يخصه و للحظته فقط و كانكل همه الحياة الرفاهية و البذخ و الملذات. بعد التطورات المستمرة في العلم و ما رافقها التغيير في نمط الحياة المعيشية جراء تقدم العلم و المعرفة و في مقدمته التكنولوجيا و الاتصالات، تكاثرت و توسعت الطبقة الوسطى المؤثرة و اصبحت لها ادوارا مختلفة و احتلت كميا نسبة كبيرة من مجموع الشعب، و التماس و التواصل المباشر بين افراد الشعب و هذه الطبقة غيٌر من مواقعهم ، الا ان الطبقة المعدمة بقت على حالها و منعتها العوائق المادية من اعلاء مكانتها ومستواها الاقتصادي و الثقافي و العلمي بشكل ملموس. هكذا، من ارتفع درجة من حيث الوضع الاقتصادي بشكل طبيعي اصبح له التاثير المباشر على جوانب الحياة بشكل ايجابي ، الا الانتهازيين الذين اقتنصوا الفرص في غفلة من التاريخ و اثناء الحروب وما فرزت عنها من الفوضى التي اشتعلت في مراحل مختلفة من تاريخ البشرية و اغتنوا ماديا فقط دون ان يعلوا من شانهم الثقافي العام باية نسبة كانت . تعاملت الطبقة الوسطى مع المشاكل طبيعيا ، و هذا ما فرضته حتمية التاريخ و دعمته حركة النمو الاجتماعي، و كان لهذه الطبقة الدور الهام في توظيف الاختراعات و الاكتشافات الجديدة من اجل مصالحهم و ضرورات معيشتهم اليومية و تقدموا خطوات بسببها. تغيرت الظروف و سمات الطبقات كافة، و حدثت ما لم تكن في بعض الاحيان في الحسبان من الانتقالات و نشات روابط و علاقات لم يكن الاستغناء عنها بسيطا. اليوم الطبقات العليا لا يمكنها ان تعيش منعزلة مطمئنة على سيادتها و سموها و المنجزات التي تعتز بها ، و انما الوضع العالمي الجديد يحتم عليها التقارب و الاتصال و الشراكة مع ابناء الشعب عامة و من كافة الطبقات. هذه العلاقات الاجتماعية و الشراكة الاقتصادية و دورها الكبير في انبثاق الطبقات الجديدة ازدادت من الانتقالات لملراحل المختلفة من حيث شكل و تركيب المجتمع طبقيا، و لم تفقد الطبقة الوسطى دورها في التاثير على حياة المجتمع و تنويره و تثقيفه رغم الانتقالات و في بعض الاحيان القفزات ، و جاءت تاثيرات الوسائل الحديثة من الاتصالات و التكنولوجيا على الطبقات الوسطى اكثر من فئات الشعب بشكل عام. و كانت ردود الفعل للطبقات من التطورات اكثر فعالية من الفرد البسيط، حول اي موضوع كان سوى كان مؤثرا و ذو شان على توجه الشعب ام لا، و لذلك لم تفقد هذه الطبقة من دورها في ظل المراحل المتعاقبة على تنوير المجتمع. اما اليوم و ما نراه من الفوضى و الخلط و العشوائية في التركيب و السمات الاجتماعية لبعض الشعوب ، و هو ما اثر على طبيعة الشرائح و تاثيراتها ، و قللت من دورها الحاسم في تقدم المجتمع ولم يكن مماثلا لما هو حال الامم الاخرى التي تقدمت عبر التاريخ، و هذا ما يمكن ان نسميه الازمة الحقيقية لهذه الشرائح و الطبقات، استنادا على ما فقدت من دورها، و لم نحس انها ظلت على ما كانت عليه، بل التراجع في وضع المجتمع و التخلف الذي يتسم به يعود الى عمق الازمة التي تعاني منها هذه الشرائح و الطبقات، و به لم نعد ننتظر التنوير و الحداثة بشكل مفاجيء ، و لم نجد من الاختصاصات المؤثرة الا نادرا، لذا يجب علينا ان نعيد نصاب المجتمع لتعيد هذه الطبقة دورها بشكل مؤثر و ان تهتم بما تتمكن ان تفعله، و نخرج من الازمة الحالية بسلام، و يمكن ان نخطوا نحو انبثاق الحداثة و يعلو شان المثقفين و الادياء و العلماء و الشعراء و الفلاسفة الحقيقيين في اصلاح و تغيير المجتمع ، و هذا لا يعني ان تترك الطبقات الاخرى على حالها ، لا بل يجب ان تستفاد كافة الطبقات من التطورات و ان تحتك جميعها و تتقارب مع بعضها من اجل ازالة الفوارق الطبقية و الوصول الى مكانة قريبة من العدالة الاجتماعية و المساواة في المستقبل القريب المنظور، و الحوار و التعايش السلمي و المنفعة المتبادلة من العوامل المساهمة في ترسيخ العدالة و النظام الملائم لتقارب الطبقات ، و عندئذ يمكن ان نحس بزوال الازمة الحقيقية للطبقة او الشريحة المؤثرة و ان تحس كافة الفئات بتاثيراتها المباشرة على المجتمع .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الامن القومي لمجتمع موزائيكي الشكل و التركيب
-
مابين الاصلاح و التغيير في اقليم كوردستان
-
احذروا تبجح البعث باسم العلمانية
-
دور المثقف العراقي في الانتخابات البرلمانية
-
هل من متضرر في العملية الانتخابية العراقية ؟
-
ما يحصده المواطن من التعقيدات السياسية في العراق
-
دروس الانتخابات تدفع العملية الديموقراطية الى الامام
-
من اخفق في الانتخابات النيابية العراقية؟
-
ما الضير في اعادة عملية العد و الفرز للاصوات ؟
-
نتائج الانتخابات كشفت المستور للجميع
-
هل تُستغل نتائج الانتخابات النيابية لتنفيذ الاجندات المختلفة
...
-
الانتخابات كمحطة لتقييم الذات و اتخاذ القرارات المصيرية
-
من يفوز في الانتخابات البرلمانية العراقية ؟
-
البرلمان القادم يثبت الشرعية ام يكرس الحزبية؟
-
لماذا التلكؤ في حل القضية الكوردية باسم تعقيدات المسالة في ت
...
-
لمن تكون تبعية البرلماني العراقي في المرحلة المقبلة ؟
-
نقطة تحول لدور الاطراف المختلفة في العراق
-
من يدير دفة الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في العراق؟
-
هل ستكون الحكومة المقبلة كفوءة ام ستولد من رحم المحاصصة ايضا
...
-
كيف تكون الاوضاع الامنية بعد الانتخابات النيابية المقبلة في
...
المزيد.....
-
تعهدات مكتوبة بخط اليد.. شاهد ما وجده جنود أوكرانيون مع كوري
...
-
إيمي سمير غانم وحسن الرداد بمسلسل -عقبال عندكوا- في رمضان
-
سوريا.. أمير قطر يصل دمشق وباستقباله أحمد الشرع
-
روسيا ترفض تغيير اسم خليج المكسيك
-
عائلات الرهائن الإسرائيليين يدعون حكومتهم إلى تمديد وقف إطلا
...
-
أثر إعلان قطع المساعدات الخارجية الأمريكية، يصل مخيم الهول ف
...
-
ما الذي نعرفه حتى الآن عن تحطم طائرة في العاصمة واشنطن؟
-
العشرات من السياح يشهدون إطلاق 400 سلحفاة بحرية صغيرة في ساو
...
-
مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
-
من بين الركام بمخيم جباليا.. -القسام- تفرج عن الأسيرة الإسرا
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|