|
الانتخابات البريطانية والانسان العربي
سامي فريدي
الحوار المتمدن-العدد: 2962 - 2010 / 4 / 1 - 21:07
المحور:
المجتمع المدني
دأبت برامج الانتخابات الأميركية والأوربية الغربية تملق (اسرائيل) واسترضاء الجالية اليهودية المقيمة على أراضيها لضمان نجاحها في الانتخابات وتسلق سدة السلطة. وخلال ذلك كان يجري كلام عن لوبي يهودي أو صهيوني يتحكم في السياسة الأمريكية أو الأوربية.. وبيننا وبين (اسرائيل) من عوامل الجوار التاريخي والجغرافي وعناصر التقارب الثقافي والديني والصراع السياسي، ما كان حريا بدفعنا لاستنباط بعض الدروس من تجاربهم، وربما نجحنا في بعض ذلك، لكن الاطر السياسية والتنظيمية واسلوب الجماعات الضاغطة ما زال خارج العيان.. لماذا يكون ارتباط الشخصية اليهودية بدولة اسرائيل قويا، حتى لو كان مولودا ومقيما خارجها، بينما انتماء العربي إلى بلده المولود فيه والذي قضى نصف عمره فيه على درجة من الضعف لا يتجاوز الذكرى.. - تعريف القومية العربية هو (حنين وتذكر) حسب تعريف أحد قادة البعث (شبلي العيسمي)- ..
ان أحد العناصر البنيوية الأساسية التي تتشكل منها الشخصية النفسية هي العلاقة المستقرة بالمكان.. وتراجع هذه العلاقة أو اختزالها – بحسب أحد الكتاب- هو أحد عوامل هشاشة الشخصية العربية.. تراجع قيمة المكان ارتبط بحالة البداوة (المتنقلة)، ولكن تلك الحالة افترض أنها تغيرت مع قرار عمر الخطاب بتهجير قبائل شبه الجزيرة نحو الشمال ومصر.. قبل أربعة عشر قرنا.. ومنذ القرن التاسع بدأت ملامح المدينة تظهر في الثقافة العربية (أدونيس/ الثابت والمتحول).. ولا بدّ أن تكون البداوة قد اختفت تماما – عقب ذلك- من العقلية العربية واستحلت مكانها علاقة الاستقرار في المدينة.. فكيف والحديث يجري عن عرب لندن!!.. * موقف النظام العربي من الانسان العربي.. بكل اختصار.. تتحدد تلك النظرة (بفكرة الراعي والرعية) وهي كما يلحظ تعود إلى مرحلة التدجين والزراعة.. وبحسب هذا المبدأ فأن الراعي يعرف ما يصلح لرعيته وما لا يصلح ولذلك لا حاجة به للعودة للرعية وسؤالهم أو استشارتهم.. وقد ذكرت مستشرقة اسبانية أعدت دراسة في هذا المجال، أن الحاكم العربي يمنح نفسه صفة الوصي على شعبه، وتفترض فكرة الوصاية أن المشمول بالوصاية (قاصر) دون سن البلوغ، فهو غير مؤهل لادارة نفسه أو تقرير أموره. وبالتالي، فإذا كان الحاكم العربي –قديما أو حديثا- يعتبر الفرد العربي قاصرا ودون البلوغ والنضج، فكيف تنظر إليه سلطات الدول الأخرى التي ليست أقل نكاية بالعرب. من الجانب الآخر ينتمي كل عربي في نظر المستعمر إلى تاريخ من الانتفاضات الشعبية والثورات الوطنية في النصف الأول من القرن الماضي.. وكما سبق الذكر، فأن هذه الصورة جعلت العرب مختلفين في نظر الانجليز والفرنجة عن الأفارقة والهنود الذين خدموا في جيوش الاحتلال واستخدمتهم في احتلال بلاد أخرى منها العراق.. هذه التراكمات التاريخية تزيد دور الفرد العربي تعقيدا في كيفية ترويض المرشح الانجليزي لصالح قضاياه المركزية ودعم حقوقه المدنية والسياسية في البلاد.. بيد ان نجاح هذا الدور كفيل بدفع السياسة البريطانية إلى احداث تغير جوهري في علاقاتها العربية.. هذا التغير الجوهري يمكن أن يقود إلى تغيير في الأوضاع العامة.. وتغيير السياسات العربية عبر الضغط على الحكومات للقيام باصلاحات تنموية واقتصادية تستجيب لمعدل نمو السكان وتحدّ من نزيف الهجرة العربية نحو الخارج. * معاداة السامية.. على مدى التاريخ.. أتقن اليهود ممارسة الضغوط على الحكومات عبر تذكيرهم بجرائمهم الاخلاقية ضد اليهود .. وذلك بعد عملية نبش دقيقة ومنظمة لتاريخهم وتاريخ معاناتهم القومية.. ومن هذا المنطلق، كان العرب في كل بلد من بلادهم ضحايا للسياسات الكولونيالية الوحشية، والني مازالت مطوية الصفحات.. لم يتفرغ لذلك باحث عن درجات الماجستير أو الدكتوراه أو صحفي جرئ.. أو مؤلف يعنى بقضايا بلده المصيرية.. ويقدم أرشيف الغزو الأخير تاريخا جديدا وزاخرا من التجاوزات الاخلاقية والقانونية ضد السكان المدنيين والمواقع الأثرية والثقافية في العراق.. وفيما تتداول المحاكم ووسائل الاعلام البريطانية جرائم الجيش البريطاني وتستمر أعمال لجنة Iraq Enquiery منذ العام الماضي، لمناقشة مسؤولية حكومة بلير عن قرار غزو العراق، تستمر حالة من اللامبالاة على الصعيد الثقافي والسياسي، الشعبي والرسمي، عراقيا وعربيا.. ألم يحن للعقل العربي تغيير أنماط تفكيره وآلياته الفكرية.. نحن بحاجة إلى تغيير صورتنا التقليدية في نظر الآخر، وهذا لا يتحقق بغير تغيير جوهري في ذواتنا والقيام بعمل جاد لتأكيد كياننا الوطني والقومي عبر أطر وأساليب جديدة في التعامل مع بعضنا ومفردات حياتنا وبلداننا.. ويمكن أن تكون الانتخابات البريطانية القريبة بداية العمل الجاد والشاق.. لاجبار الحكومة البريطانية تغيير نظراتها ومواقفها من العرب والقضايا العربية.. - الاعتراف بمسؤوليتها الكاملة عن معاناة الشعب الفلسطيني وتشريده من أرضه.. - الاعتذار عن دورها في صنع قرار بلفور (وزر خارجيتها) عام 1917، وصنع دولة اسرائيل مايو 1947.. - قيامها باقتطاع جزء من أرض فلسطين الواقعة ضمن مناطق الانتداب البريطاني يومذاك ومنحها لاقامة كيان اسرائيلي، ناهيك عن دورها في تشجيع تهجير اليهود من مختلف بلاد العالم الى فلسطين ودور البنوك البريطانية في مصادرة أراضي الفلاحين الفلسطينيين واجبارهم على مغادرة الأرض.. - عدم قيامها بدور انساني في تخفيف معاناة الفلسطينيين في العالم مقابل التزامها الدعم الشامل لدولة اسرائيل.. - الاعتذار من الشعب الفلسطيني عن كل ما لحق به بسبب سياساتها ومواقفها العنصرية.. - الانسحاب الكامل لسلطات الاحتلال البريطاني من العراق.. - تقديم اعتذار رسمي على مستوى عالي من الشعب العراقي جراء ما لحق به على أيدي الاحتلالات البريطانية .. 1914، 1941، 2003.. - اتخاذ اجراءات حاسمة وحازمة بحق مرتكبي الجرائم ضد العراقيين واقرار مبدأ تعويضات مجزية لضحايا ممارساتها.. - العمل على حل سريع وناجز لقضايا العرب المعلقة في دوائر الهجرة واللجوء والاقامة وبما يخدم تطوير العلاقات بين الطرفين مستقبلا..
* أكاذيب حكومة حزب العمال.. مع قرب وصول أعمال لجنة Iraq Enquiery إلى نهايتها تكشف عن مزيد من التلفيق والتأليف والتزوير بانتظار إفادة توني بلير رفيق بوش الابن في قرار غزو العراق.. ان ما يخجل التاريخ حقا أن يكون حزب عمال اشتراكي في موقف القيام بغزو بلاد أخرى وتدمير وانتهاك كيانها وحياة أبنائها.. لقد اتخذ الغزاة من لعبة تصدير الدمقراطية للعالم الثالث ذريعة للغزو.. وفي مؤتمر الاشتراكية المنعقد في جوهانسبيرغ قبل بضع سنوات سأل أحد الصحفيين توني بلير عن مصير الدمقراطية في ظل الفوضى الأمنية التي يغرق فيها العراق، فلم يجد المحامي العمالي غير القول.. ليست مهمتنا صنع الدمقراطية في البلاد، المهم أننا قمنا بإزاحة الدكتاتورية!.. وهكذا استحق تغيير حرفين من أحرف كلمة محامي الانجليزية لتنطبق تماما على رفيق دربه الأمريكي الذي واصل ادعاءاته بامتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل المحظورة دوليا، وبعد وقوع الغزو خرج على الملأ يؤكد خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل.. لكن بوش ليس عماليا ولا دمقراطيا اشتراكيا.. أما العمالي الآخر خليفة بلير في الحزب والدولة فقد كرر القول أن أول شيء يعمله عند استلامه منصبه هو قرار سحب القوات البريطانية من العراق وفي مدة أقصاها مارس التالي لاستلامه الوزارة.. ولم يذعن لتصريحات القادة العسكريين حول عدم امكانية تطبيق هكذا قرار وخلال مدة قصيرة.. ومع الأيام تم (لملمة) أو (لفلفة) الأمر وما يزال الجيش البريطاني يقضي إجازة طويلة جنوب العراق ويتسلى بارتكاب جرائم جديدة لن يكشف النقاب عنها قبل مرور ثلاث سنوات على الأقل.. ومع ذلك فهو قادر على تسويق نفسه وحزبه.. هؤلاء يفضحون أنفسهم.. لا يفضحون أنفسهم فحسب، وأنما ينحدرون ببلادهم وشعوبهم إلى الهاوية.. بعد أن نجحوا في دفع الشعوب إليها أمامهم.. .. ويبقى السؤال.. يتعلق بالناخب العربي أولا.. *
#سامي_فريدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كنائس مصر والبلدوزر.. والانتخابات!
-
لماذا لا يوجد لوبي عربي في بريطانيا؟!..
-
في اركيولوجيا الثقافة
-
يا عشاق الجمال والخير والمحبة تضامنوا
-
من يثرب إلى العراق..
-
العمال والعولمة
-
قبل موت اللغة..!
-
براءة العراق من علي ومزاعمه..
-
شتائم اسلامية في أهل العراق
-
(عليّ) في العراق..
-
العراق من عمر إلى علي..
-
المقدس.. من السماوي إلى الأرضي.. (جزء 2)
-
المقدس.. من المطلق إلى النسبي.. من السماوي إلى الأرضي
-
محاولة في تعريف الدين والمقدس
-
العنف والمقدس (2)
-
(كوتا.. كم.. نوع!!..) المرأة العراقية والمرحلة..!
-
دعوة لحماية الحيوان وحفظ كرامته واحترام حقوقه..!
-
الكلام.. جدلية الكم والنوع
-
العنف والمقدس
-
فصل الدين عن الدنيا
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|