أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائد قاسم - الهزيمة الحضارية للفكر الديني















المزيد.....

الهزيمة الحضارية للفكر الديني


رائد قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2961 - 2010 / 3 / 31 - 20:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد أكثر من 30 عاما تقريبا على بروز الفكر الديني في البلاد العربية ، يمكن القول إن فشله الحضاري والإنساني يبدوا واضحا على أكثر من صعيد، فمثلما أخفقت التيارات الفكرية الأخرى في التأسيس لنهضة حضارية واعده في البلدان العربية ، فان التيار الديني وقع في نفس الحفر الشائكة التي وقعت فيها التيارات الأخرى، ذلك أن المعضلة التي يعاني منها فكر النهضة في البلاد العربية يكمن في الخلل في الأصول والامتدادات التاريخية الساحقة للبيئة العربية بكافة معطياتها ، وبكل ما تتضمنه من تعقيدات ونظم استبدادية ضاربة الجذور في أعماق الذات العربية .
على كل حال خلال العقود الماضية حدثت تحولات هائلة في الفكر البشري والنظام الإنساني المركزي، ويمكن رصده هنا في نظام التداول السلمي على السلطة والانتخابات الوطنية وحق الشعوب في تقرير مصيرها ،وهامش الحرية الشامل الواسع النطاق ، بينما يظل الفكر الديني الإسلامي ينادي بولاية الفقيه ! والخلافة! وولي الأمر! بكل ما تحمله من قيم الوصاية على الإنسان، وتقييده بالأطر الفاشية المدمرة، فبينما يتحول صاحب اكبر منصب في الدول العلمانية إلى مجرد موظف ذو صلاحيات محددة، ومدة زمنية معينة، يعود بعدها مواطنا عاديا ! فان المجتمعات الدينية تظل تبحث عن الزعيم ، صاحب الهالة الكاريزمائية ، الذي لا يخرج من قصره إلا إلى قبره!
لقد حقق الفكر البشري المعاصر انجازات حقيقية يعتد بها ، من قبيل إلغاء الرق والمتاجرة بالبشر واستعباد أسرى الحروب وسبي النساء ، وقد شكل إلغاء الاستعباد بصيغته التقليدية نصرا للبشرية وقيمها الأزلية ، بينما ما يزال الفقهاء المسلمون يجيزون الرق والسبي ، ويؤسسون لنظام وصاية كامل ، فمن وصاية الحاكم الشرعي على المجتمع، إلى وصاية الرجل على المرأة طوال حياتها، إلى استعباد لإنسان لأخيه الإنسان ، والى تقييد الفرد والمجتمع بأحكام تشريعهم الفقهي الذي امتد ليشمل كافة أوجه الحياة ، الأمر الذي حول حياة الإنسان العربي إلى مجموعة من التابوهات والمحرمات والأغلال والقيود التي لا تنتهي .
من ناحبة أخرى انجز الفكر الليبرالي مشروع استراتيجيا بتنظيمه الخلافات والاختلافات ، وفقا لمنظومة حقوقية متطورة ، فأضحت التباينات في المجتمع لا تشكل عائقا أمام التعايش ، بكل ما يحمله من تقدم ورفاه ، بينما ما يزال الدينيون في صراعات مدمرة مع بعضهم البعض ، ومع غيرهم من معتنقي المذاهب والأفكار والأديان ، ولا أدل على ذلك تلك الفتن المذهبية والطائفية والعرقية التي تعاني منها العديد من الدول العربية كالعراق ولبنان والسودان ومصر.
ولا شك إن الفكر الديني هو فكر فيروسي! فمعظم الأحزاب الدينية كالقاعدة والإخوان وحزب الله وحماس وغيرها ، ظهرت نتيجة للفشل الحضاري العربي ، وكردة فعل على الصراعات السياسية الدولية ، والهزيمة الإنسانية العربية، وإصابة مؤسسة الدولة القومية العربية بمرض الفشل في بناء مجتمع حديث وناهض، حيث لم تكن التيارات الدينية إحدى مخرجات وآثار النهضة ، بل نتيجة للفشل في صنعها ، مما أدى إلى الاستعاضة عن مؤسسات المجتمع المدني كوسيط حضاري نهضوي ما بين المجتمع ومؤسسة الدولة بالتنظيم المذهبي والطائفي كوسيلة للتعريف والمخاطبة ، والهوية الروحية كبديل عن الهوية الوطنية ، مما ساهم في استفحال الصراعات والفتن والنعرات ما دون الوطنية ، والاستغناء عن مخرجات الفكر البشري وانجازاته الحضارية بفتاوى الفقهاء وسيرة السلف ، فكانت النتيجة ترسخ الاستبداد الديني والسلفية المذهبية والصوفية الطائفية .
والفكر الديني اليوم في موقع دفاعي محض ، حيث لم يحقق أية انجازات حضارية يعتد بها لمعتنقيه وأتباعه، ويمكن ملاحظة إن الدينيين في موقع العزلة والتقوقع على الذات ، يهتز ويموج لأقل زوبعة ! ولعل من ابلغ الاستدلالات إن المجتمع الديني لا يمكنه أن يصدر قيمه للمجتمعات الأخرى، نظرا لنمطه الصلف والقاسي، فالمجتمع العلماني يحتضن المجتمع الديني
( الغرب مثالا) ولكن العكس ليس بالصحيح! والمجتمع العلماني لا يخشى الاندماج ، بينما المجتمع الديني لديه هوس الاندماج وفوبيا الذوبان! بمعنى آخر لا تخشى الأسرة العلمانية من أن تنهار قيمها في العيش في مجتمع ديني ، بينما تصاب الأسرة الدينية بالرعب عند زياراتها لمجتمع علماني مفتوح ومتعدد ، فعلى سبيل المثال احدث مهرجان المارثون بمحافظة القطيف السعودية ردة فعل اجتماعية صاخبة ، في دلالة على مدى هشاشة القاعدة الدينية التي يرتكز عليها المجتمع ، علاوة على ردة فعله العنفية من كل محاولة إصلاح أو تغيير أو نقد ، لذلك تراه يعود إلى الجذور ويتغنى بالأمجاد الماضية ، ويدعو إلى التعفف من معطيات الحضارة وقيمها ، ويتجه نحو التصوف الذي يعده بنعيم الجنة وقيام الدولة المهدوية ، التي ستجعله سيد المجتمعات و قائدها .
وبينما تنشغل المدنية الليبرالية بقضايا تلوث البيئة والانبعاث الحراري والعولمة والأزمة المالية العالمية فان هم المجتمع الديني ينحصر في الحجاب والعفة وتطبيق فتاوى الفقهاء !
أيها الدينيون فلتكن مدارسكم لغسل الأدمغة وسحر العقول، ولتكن مدارسنا لصناعة الألباب وبناء الإنسان.
أيها الدينيون ابقوا منشغلين بالماضي وبرموزه المتضادة ، عيشوا صراعاته وكونوا جزء من أحداثه ، وليحكمكم أهله من قبوركم! ، ودعونا نخطط حاضرنا ونبني مستقبلنا ، ونركن الماضي بين أظهرنا، لأنه ليس سوى كومة من الرماد .
نظروا لدولتكم المهدوية ! ودعونا نتفاعل مع أوطاننا القطرية ، ونعمل جاهدين لنجعل منها أوطاننا للإنسان والحرية .
ابقوا على قيم تعاليكم و تمييزكم، فذلك صاحب عرق سامي ومكانة خاصة لأنه من آل الرسول، وذلك قبلي، وذاك شيعي، وذاك سني! ودعونا نعمل من اجل مجتمع المواطنة والمساواة والحرية.
فلننظر بتمعن ومقارنة ما بين سويسرا ولبنان وإيران! فالدولة السويسرية ليست سوى مجموعة من الطوائف والقوميات والتباينات اللغوية ، إلا أنها نموذج رائع للدولة القومية الرشيدة ، بينما دول كلبنان وإيران والعراق تعج بالصراعات والنزاعات الدموية ذات الدوافع الطائفية والمذهبية والعرقية .
لقد اختار العراقيون الدكتور إياد علاوي ، لأنه خرج من إطار الادلجة المذهبية البغيضة والشعارات الدينية الجوفاء ، ودخل الانتخابات بهوية وطنية جامعة ، فانتخبته الجماهير بالرغم
من طغيان المشاعر ما دون الوطنية، والأمل معقود على أن يتحول العراق الجديد إلى دولة الوطن والإنسان.
وكذا حققت الليبرالية تقدما مهما في الكويت ولبنان ، ويحترم الغرب حكومة اردوغان التي تمارس السلطة في إطار نظام ليبرالي قائم على التداول السلمي على السلطة والاحتكام للدستور ، بينما ينشغل النواب الدينيين في أكثر من بلد عربي بتحريم الفائدة على التعاملات البنكية ، وتقييد حركة المرأة بدعوى الفضيلة ، والفصل بين الجنسين بدعوى العفة .
وبينما يتبؤ الإنسان في الدول الليبرالية المناصب الرفيعة والمكانة العالية في مجتمعه بغض النظر عن لونه وعرقه ( اوباما نموذجا) فان المجتمعات الدينية قائمة على التعالي والتمييز بين أبنائها ، فذاك لقيط ، وتلك امرأة ، وذاك قبلي، وذاك حضري ، في تناقضات عبثية مدمرة لأسس المواطنة والتعايش .
أيها الدينيون مجتمعكم قائم على الوصاية والتابو والفوبيا ، بينما مجتمعنا قائم على الحرية والانفتاح والتجدد والتنوع .
فليكن الحجاب عقدتكم المتأصلة ، وليكن شعر المرأة فتنتكم الهوجاء ، وليكن اسمها عار، وصوتها فتنة، وليكن طيفها كطيف شيطان مارد ، ولتكن نسائنا ممن يحكمنا ويدير شئننا ويدبر أمرنا !
ابقوا منشغلين بفقه التعايش المزعوم ومؤتمرات التقريب الوهمية وندوات الوحدة الفارغة، ودعونا نشيد نظام حقوقي قائم على آخر مبتكرات الفكر البشري والتجارب الإنسانية النبيلة والأهداف العظيمة والغايات السامية.
ادفعوا فوائض أموالكم لمن يقدم لكم صكوك البراءة يوم القيامة ، ودعونا ندفع الضرائب لنبني بها مجتمعنا وننعش اقتصادنا وننشر ثقافة التكافل والمشاركة بيننا .
بلادكم ليست سوى محطة لانتظار الموت ، ومدنكم قبور على الأرض ، بينما ستغذوا مددنا مصانع لبناء الأوطان وتنمية الإنسان .
سيعم الظلام الدامس كل من بيونج بينج وبورما وهافانا والخط وطهران ، بينما سيعم النور كل من بغداد وبيروت ودبي وكوالالمبور .



#رائد_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية المتطرفة والعلمانية المستبدة
- مارثون القطيف .. كرنفال للحرية !
- الجريمة بين المجتمع الديني والمجتمع المدني
- المرأة السعودية .. القانون أولى بأمري
- الطوائف الدينية وجدلية الولاء الوطني (1)
- الليبرالية في عام 2009 ..مكاسب وانجازات
- الشباب السعودي: اعطني حريتي اطلق يدي !
- شريفة الكويتية وشريفة السعودية!!
- الافعى ( قصة قصيرة)
- زواج الأطفال بين الشرع والقانون والطب
- جمهورية السراب
- آهات قاتلة
- الانترنت الديني..... قمع الحرف واضطهاد الكلمة
- وطني .. آه يا وطني!
- المتمردة ( قصة قصيرة)
- اعتقال في محراب الصلاة
- المعمم الشيعي ضحية وجلاد
- الفن وفتاوى الفقهاء ( السيد السيستاني نموذجا)


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائد قاسم - الهزيمة الحضارية للفكر الديني