أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - تزييف الوعي














المزيد.....

تأملات - تزييف الوعي


رضا الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2961 - 2010 / 3 / 31 - 01:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في إطار الأفكار التقييمية الأولية لأوضاعنا الراهنة نواجه مهمة التحليل العميق لطائفة من القضايا خطيرة الشأن، بينها، بالطبع، ضرورة إنجاز تقييم انتقادي متوازن وجريء ومثمر لحصيلة تجربتنا ارتباطاً بما حققناه من إنجازات وما واجهناه من إخفاقات في الانتخابات الأخيرة. وفي سياق هذا التقييم يتعين علينا دراسة القضايا المرتبطة به، وبينها غلبة التوجه الطائفي والاثني في خيار الانتخابات واستمرار القوى المتنفذة ذاتها في الهيمنة على المشهد السياسي.
وتعد قضية الثقافة السائدة وآثارها من بين أخطر القضايا التي لابد من إضاءتها اذا ما أردنا إنجاز تقييم متوازن لما آلت اليه أحوالنا في أعقاب الانتخابات وما يواجهه حزبنا من مهمات ملحة في الظروف الجديدة.
وعلينا، في هذا السياق، دراسة العلاقة بين الثقافة السائدة والوعي، والكيفية التي يتجلى فيها دور هذه العلاقة في مواقف الناس وممارستهم حقهم في اختيار ممثليهم. وهو اختيار لابد أن يتسم بالحرية والوعي إذا ما أريد له أن يكون خياراً حقيقياً.
يمكن القول ابتداءً، وبايجاز وبساطة، إن سعي القوى المهيمنة الى تأبيد الثقافة السائدة هو سبيلها الرئيسي للحفاظ على امتيازاتها. أما وسائلها فتمتد من الاستئثار بالسلطة واستخدام المال السياسي والتضليل الاعلامي، ولا تنتهي عند تشريع القوانين الجائرة.
ومن الجلي أن الصراع السياسي والفكري في مجتمعنا مايزال أشد احتداماً، ولم يحسم بعد، وبالتالي فان الخيارات مفتوحة. ويمكن القول إن تحالف سيادة ثقافة التخلف وتدني مستوى الوعي كان عاملاً أساسياً حاسماً في النتائج السلبية التي حصدها التيار الديمقراطي. وهذا التحالف، وهو تعبير عن واقع موضوعي، خاضع، بالضرورة، لتأثير العامل الذاتي، متمثلاً في عنصر التنظيم وتحريك الوعي إضافة الى دور التجربة الذاتية للناس.
وإذا كانت التجربة المأساوية التي عاشها الناس وما يزالون في ظل هيمنة القوى المتنفذة قد أدت الى حدوث تغير في مستوى الوعي، فإن هذا التغير لم يكن بمستوى تحول نوعي جذري. ولئن كان هذا الواقع قد عبر عن نفسه في مواقف الناس المعلنة تجاه الأزمة الشاملة وتحميل الحكام المسؤولية عنها، فان المفارقة تتجلى في أن الناس الساخطين على القوى المتنفذة منحوا، من جديد، أصواتهم للائتلافات "الجديدة". ويعني هذا، في الجوهر، أن هذه القوى أفلحت في تضليل الناس عبر استثمار المشاعر البدائية والانتماءات الطائفية والقومية واللعب عليها وتأجيجها.
وفي ظل لوحة الصراع المعقدة ومستجداتها تمس الحاجة الى دراسة التحولات في مجتمعنا خلال السنوات الأخيرة لنتعرف، على سبيل المثال، ومن بين إشكالات وأسئلة أخرى، على أسباب تصويت الملايين، مرة أخرى، لمن كانوا سبباً في مآسيهم. فعلى صعيد قائمتنا "إتحاد الشعب" كانت النتائج دون مستوى الطموح بكثير حتى في المناطق التي كنا نعتقد أننا سنحقق فيها نجاحات، وربما كانت في بعض الأماكن أدنى مما حققناه في انتخابات المحافظات. ومن نافل القول إن هذا الواقع ينبغي أن لا يدفعنا الى الجزع، وإنما الى دراسة الأسباب الحقيقية بعمق.
لقد انتقل مصوّتون سابقون لقوى معينة الى طرف آخر ومنحوه أصواتهم لا ثقة ببرنامجه وسلوكه ووعوده، بل نكاية بالحكام الذين خذلوهم، إذ ظلوا متشبثين بامتيازاتهم ومصالحهم الضيقة. وصوّت مترددون، تاكتيكياً، لصالح جهة ضد أخرى لا حباً بها وإنما لمنع الطرف الآخر الذي يمثل، حسب وجهة نظرهم، هيمنة طائفية معينة، فرجحوا بذلك كفة المقترعين على أساس طائفي. وكان من الجلي ان البعض انطلقوا من رد فعل واعتقاد بأن أصواتهم ستكون ضائعة فعزفوا عن التصويت، أو صوتوا على قاعدة اختيار "أهون الشرّين". هذا ناهيكم عن نسبة من لم يمارسوا حقهم في التصويت والتي بلغت 38 في المائة، وهي نسبة لا يستهان بها، وكان كثير منهم، وبينهم متعلمون، يائسين ومحبطين من جدوى المشاركة.
* * *
كان الملايين يبحثون، عبر وعي محدود، عن بديل، غير أنهم عجزوا عن اكتشافه والتقاطه. وبالمقابل أخفقت القوى الديمقراطية، لأسباب معينة، موضوعية وذاتية، في تقديم بديلها ومشروعها التغييري بقوة وجاذبية لملايين الطامحين الى التغيير ممن انكفأوا، بالتالي، الى القوى التضليلية ذاتها.
وعلى الرغم من حدوث عملية تزييف واسعة للوعي عبر استثمار الثقافة السائدة بكل تجلياتها، فان علينا إدراك حقيقة أن ديالكتيك الصراع لم يتوقف عند هذا الحد. فالفترة منذ سقوط الدكتاتورية وحتى الآن ليست مديدة، لكننا شهدنا فيها تغييرات هامة ذات دلالات عميقة، وفي مقدمتها فشل المشروع الطائفي، وإخفاق القوى المتنفذة في إحكام قبضتها على السلطة.
لعل الأمل الذي نتمسك به نحن الشيوعيين، على الدوام، هو الذي يجعلنا ننظر الى "خسارتنا" الحالية باعتبارها، من زاوية معينة، "لحظة تحرير" من عوائق معينة، ولحظة انطلاق، بروح اقتحامية جديدة، نحو الغايات الساميات، ونعني، على وجه التحديد، العودة الى ينابيع فكرنا المتقد وصلاتنا الحميمة الحية بالناس. ولا ريب أن تقييمنا النقدي المتوازن لمسيرتنا هو الذي يحوّل الأمل الى وسيلة فعالة بأيدينا لتحدي الصعاب وتعزيز الثقة بأنفسنا وبعدالة قضيتنا والسير بخطى راسخة صوب آمالنا المقبلات.



#رضا_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات - توازن التقييم
- تأملات - التباس المحاصصة مرة أخرى !
- تأملات - لا يريدون للأجراس أن تقرع !
- تأملات - غياب المصداقية .. إخفاق الوعود
- تأملات - في نفق التنافس الانتخابي
- تأملات - منعطف سياسي حاسم
- تأملات - ذاكرة لا تشفى وعدالة مشبوهة !
- تأملات - تحت خط الفقر . . ما بين النهرين !
- تأملات - مرتجاهنّ الحرية في حدائق النور !
- تأملات - ننحت في حجر .. هذا هو مجدنا !
- تأملات -ثقافات جديدة- بينها الترقيع !
- تأملات أأضحى الصمت أصدق أنباءً ... !؟
- تأملات - هوس الاستحواذ !
- تأملات - رايات المرتجى في أيادٍ بيضاء !
- تأملات - فأر البرلمان تحت خيمة الأميركان !
- تأملات - تلك الأبواب .. هذه المرايا !
- تأملات - ائتلاف السخط والأمل !
- تأملات - أصوات .. وأصوات !
- تأملات - هواجس العزوف ولحن الصراع !
- تأملات - أغلبية معوزين وحفنة متخمين !


المزيد.....




- -فريق تقييم الحوادث- يفنّد 3 تقارير تتهم -التحالف- بقيادة ال ...
- ترامب: إيران تقف وراء اختراق حملتي الانتخابية لأنها -لم تكن ...
- في ليلة مبابي.. الريال ينتزع كأس السوبر على حساب أتلانتا
- وسائل إعلام: الهجوم الأوكراني على كورسك أحرج إدارة بايدن
- طالبان تنظم عرضا عسكريا ضخما للغنائم الأمريكية في قاعدة باغر ...
- عبد الفتاح السيسي يستقبل رئيس جمهورية الصومال
- إعلام: قد تهاجم القوات الموالية لإيران البنية التحتية الإسرا ...
- السجن لمغني راب تونسي سعى للترشح لانتخابات الرئاسة
- الأخبار الزائفة تهدد الجميع.. كيف ننتصر عليها؟
- هل تنجح الوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل؟


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - تزييف الوعي