|
فضاءات حب الأنصار....سماوات 31 آذار
ئاشتي
الحوار المتمدن-العدد: 2960 - 2010 / 3 / 30 - 23:39
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الصباح يمد خيوط أركانه بين منحنيات الصخور... كي تتنفس وردة من شقائق النعمان عذوبة عشقها لحياة جديدة، الصباح يمد خيوط أركانه في ذلك الوادي البعيد عن قلب خارطة الوطن، والقريب حد النبض إلى القلب، لا شيء يفصل بين القلب وذلك المكان، سوى مدى التعلق بكينونة التواجد، حين يعز التواجد. يتجمع ليل ذئبي على جفنيك، تحاول أن تمطر كل غيومك في دائرة الجفاف التي تحيط بكل صحرائك، فتبدو الاستحالة لجسد يحاول أن يأخذ حيزه في مدارات الروح، قبل أن يأخذ مساحته في تلافيف منحنيات المكان، حيث الثلج يوشك على المغادرة، مثلما السناجب توشك على الإتيان بكل مسرات العالم الموحش، حين تبدأ قفزاتها بين أغصان الأشجار، خشية من حصى أو طلقة أو ربما السقوط في شرك الصيادين. النهر الصغير ابتسامة صبح، جريانه دفق الحياة إلى المجهول، انتماؤه إلى مكان خارج الخارطة، يدعى (كوماته)، تلتف على ضجيج جريانه خيوط من الحسد البشري، في أن تصل موجاته إلى مدن تحلم عيوننا برؤيتها، مثلما هي ربما تحلم برؤيتنا، تلك عافية الروح ومشتهاها الجميل. النهارات في ربيع الوديان مقفلة بوجه شعاع الشمس الصباحي، حتى الظهيرة تأتي كفتاة خجلة، أخلفت الموعد مع حبيبها في أول لقاء عشقي، لهذا لا يطول مقامها فوق صخور الوادي، أكثر من زمن قبلة بشفاه خائفة، نستحلفها بالفرح القادم في دفء الصيف، كي تبقى أطول فترة حب، ما دام بـ (كوماته) صبر غجري، يجعل من زمن الفرح المتوارث في الروح، بلسم حب لجفاف ثنايا الحياة فيه. المساءات في ربيع الوديان، تأتي كمسافر ضل طريق عودته، يرتمي بكل تعبه عند أول مثابة دلالة، ويغرق في نوم أبدي، تبدو الساعات به أعواماً، رغم خيوط الضياء المتسللة من بين غيوم راحلة، لا تستطيع حجب بريق النجوم البعيدة. الزمن في مساءات ربيع الوديان، يبدو زمنا ضوئيا، تطول به اللحظات وتمتد على خطوط الضوء الخافت من مصباح نفطي، مثلما تمتد على رهافة الروح ذكريات أيام، عزت بها الأشواق أن تعود، ولو لمرة واحدة. كثبان الثلج في نهارات الربيع تبدأ تحولاتها، وتنساب بخجل بدوي إلى ماء (الروبار) كي تغطي على هزيمتها وعدم صمودها أمام زحف موجات الدفء، بخطاها الوئيدة وهي تزرع الولادة في براعم أشجار البلوط والعفص الجبلي. ويبدو لمعان الصخور التي يغادرها الثلج، مثل عروس قروية وهي تضع مساحيق التجميل على وجهها في ليلة الزفاف، ورغم البلل الذي يتركه الذوبان على الأرض، إلا أن الطرق النيسمية لا تخضع لرطوبة هذا البلل، فقد زادتها صلابةً أقدامُ الأنصار. عيد نه وروز مر عليه أكثر من ثلاثة أيام، كان الفرح في عيون الأنصار كلمات وأغاني جذلى، ولا شيء يشغل البال غير الاستعداد لعيد الحزب، لم يكن مثل ما مر من أعياد؛ هنا تتذكر رفاقك، أيام انتمائك الأولى، الرفاق الذين غادورك بعيدا، والذين هم معك في هذا الموقع. تتذكر وجوه أبناء مدينتك، الاحتفالات السرية، توزيع الجكليت ملفوفة به شعارات الحزب. تتذكر رفاقك الشهداء، هم عنوان الاستمرار بهذا الطريق، كي لا تخذل دماءهم، لا تخذل تضحيتهم، عليك أن تكون أمينا لتك الوجوه وتلك الدماء. تهون الصعوبات ويتصاعد في الروح فرح طفولي، كأنما تستحضرهم معك للاحتفال، يشدون من أزرك، ويمضون معك إلى آخر دفقات الفرح في الروح. الرفيق الذي يجيد عمل الحدادة يصنع بعض الأدوات الموسيقية، والرفيق البصري المولع بالأغاني الخليجية يحثـك كي تكتب شيئا عن الذكرى، ورغم انشغالكم جميعا بمهام عديدة، إلا أن الاحتفال بعيد الحزب، فرح من نوع آخر، فرح يأتي مرة واحدة في العام، لهذا عليك أن تلتهم بروحك كل لحظاته، كي يصبح زوادة حب لعام قادم لا ريب. تبحث في ذاكرتك عن لحن شائع، وبسبب جهلك بالموسيقى، تضطر إلى وضع الكلمات بما ينسجم ولحن أغنية عاطفية، تدور في عالم الأنصار النضالي، كأنك تستعيد كل بطولات وتضحيات رفاقك على مر سنوات الحزب، بهذه المحطة النضالية المتميزة في كل شيء، فتأتي كلماتك تحتضن الصدق الأنصاري، مثلما تحتضن دفء الحب في عيون رفاقك. نحمي الحزب وأسراره من نحمـل الغــداره سالم حزبنه وباقي وتسلم جهود أنصاره الرفيقات والرفاق المعنيون بإعداد الحفلة، غارقون في تمريناتهم على الغناء، أصوات نسائية ورجالية عذبة، منذ أكثر من شهر بدؤوا تدريباتهم على الغناء، ولكنك تبحث عن فرح آخر، فرح يتجاوز (كوماته)، يدخل شوارع الناصرية والبصرة وميسان، يطوف بأحياء بغداد، وبالذات مدينة الثورة، يتعانق مع أطفال الفقراء في عراقك، ورفيقك البصري المولع بالغناء الخليجي يطلب المزيد فتأتي أكثر من أغنية. صباح 31 آذار مشمس، فمثلما يبعث الفرح في الروح، يبعث القلق من مجيء الطائرات، لهذا على الجميع الاستعداد لما هو قادم، لكنَّ هذا القلق لا يمنع الرفاق من إعداد ساحة الاحتفال، ومسرحه، حيث بدأ المعنيون برصف الصخور، من أجل أن يكون هناك مرتفعا يسمى مسرحا، كانت التهاني والقبلات بين الرفاق والرفيقات هي مؤشر العيد، مثلما كانت وجبة الغداء، فالاحتفال بعيد الحزب يجب أن يكون احتفالا بكل جوانب حياتنا، فقد تجاوزنا وجبة العدس والبرغل في الغداء، إلى وجبة من لحم الضأن الشهية، والتي يحظى بها في المناسبات فقط. الساعة الثانية بعد الظهر، بدأ الأنصار بالتوافد إلى ساحة الاحتفال، مثلما هم بيشمه ركَة الحزب الديمقراطي الكوردستاني وقادة حزبهم، ليس هناك مقاعد ولا طاولات، الجميع أفترش الأرض الصلبة، صلابة الروح الكوردية في المقاومة، تنسحب البطانية الرمادية، يظهر عريف الحفل مرتبكا بعض الشيء، يقرأ شعرا شعبيا، ثم يدعو الجميع للوقوف دقيقة، إجلالا ً للشهداء، والجميع واقف تدخل مجموعة من الرفيقات والرفاق، وينشدون بحب الشيوعيين لانتمائهم. هبوا ضحايا الاضطهاد..... ضحايا جوع الاضطرار بركان الفكر في اتقاد.... هذا آخر انفجار تتصور (أوجين بوتيه) يقف على صخرة ويتابع الرفاق، وكأنهم يحملون بنادق كومونة باريس، من أجل أن تنتصر الكومونة، لهذا يدعون عمال العالم من أجل الثورة، تتساءل اللحظة، هل كان يسمعنا عمال العالم والمضطهدون فيه أم أن الذي أنغرس في نفوسنا من حب للناس هو الذي يجعلنا ننشد لهم جميعا؟ ربما الجواب الأخير هو الأدق. مع هذا بقي الجميع واقفا يردد ويستمع إلى هذا النشيد الخالد، والذي تم تناسيه من قبل البعض في هذه الأيام. الشهداء في الاحتفال بعيد الحزب، هم من يتصدر كل شيء، الجلوس في المقدمة، مثلما هم في أول الكلمات وأول الأشعار، هم نهر الحب الذي يروي عطش المناضلين للتحدي وتحمل الصعاب، وهم عنوان الدفء الشيوعي، لهذا ارتفعت أصوات النصيرات والأنصار بنشيدهم، والذي هو نشيد الحزب: أذكروا الحزب يا رفاق........ واستمدوا لكم مثال من بطولات ثائرين.......... خضبوا ساحة النضال بالدم الطاهر الثمين في زحمة الجفاف الذي يغلفُ كل زوايا (كوماته)، تشعر أن هذه الزوايا بدأت تحمل حياة من لون آخر. رفيقك الشهيد لاحقا، يوم علق مازحا على معيشتنا في هذا الوادي الممسوح من خارطة الوطن، بقوله لو كان ماركس الآن بيننا لأطلق على وضعنا في (كوماته) تسمية (المرحلة السادسة)، أراه اليوم متراجعا عن افتراضه حول ماركس، عندما تعالت أصوات الرفيقات، وهي تنشد بعذوبتها (بغداد شمعه وما هوى ايطفيها)، أو تلك الأغنية التي أبدع لحنها فنان تميز بعطائه الإبداعي، وهي تصف بغداد. (أويلاه.. يا وي هله بغداد مهره أمگذله ما لايگ إلهه خيال غير النذر روحه لهله) وحین یرتفع إيقاع (إلهيوه) مع أغنية (شباب أنصار يا أهلنه وضوه العين)، يترك الأنصار من البصرة بنادقهم، ويستعيدوا روح أجدادهم زنج البصرة، في رقصة تجلب انتباه رفاقنا في السلاح من الحزب الديمقراطي الكوردستاني، فيحاول بعضهم التقليد، ولكنهم لا يعرفون أنها في الدم الجنوبي من تلك الأيام، ولا يتفنن في إبداع أدائها غيرهم. الشعر روح التفاؤل، ويبدو أن الأنصار الشيوعيين مولعون بالشعر مثلما هم مولعون بفيروز صباحا، وشعر سعدي يوسف ومظفر النواب، أو هكذا يبدو أنهم تجاوزوا ولع أرسمندي حين قال (الشيوعيون ولوعون بزوجاتهم؟، ببتهوفن ولوعون بالخمرة)، ومن أين نأتي بالخمرة في هذا الوادي المسحوب من أذنيه خارج خارطة الوطن، لهذا تعالت جمل الشعر في صخب الوادي، وحملتنا بعيدا إلى هناك، حيث الشهداء والأهل وبغداد. وإذ ينتهي البرنامج المُعد للاحتفال، ويبدأ (كوماته) بطرد آخر شعاع من الشمس، ترتجف الصدور والأضلاع، وليس هناك من شيء يدفع هذا البرد غير أن تتأقلم الأكف، وتتراص الأجساد في حلقة للرقص، تقودها الرفيقة الأكبر سنا، وهي تردد لازمة أغنية تبدو مثل أغاني الريف الجنوبي. ( ئه ز به فرم..به فرم.. به فرم..ليلي نار ليلي نار ئه ز به فرم..به فرم..به فرم..ناري هو ده لالي) تكبر حلقة الراقصين، ويجرب حظهم أبناء الجنوب في الرقص، سهولة الحركة تجعل من القسم الأكبر منهم يتقنها بيسر. رفيقات ورفاق يرقصون على إيقاع رتيب، ويرددون مفرداته بسهولة أيضا، وحين يبدأ الترهل في حركة الراقصين، تنبري رفيقتنا الكبيرة عمرا من جميع الرفيقات، في أغنية أثورية هذه المرة، لكي تجعل الأنصار أمميون ليس فقط في النشيد، وإنما في انتمائهم إلى كل قوس قزح العراق الأثني، فتقود جوقة الرقص بإيقاع وأغنية أثورية. (خا كرمه مليم ورده ورده سموقه آب زرده آت خا ورده شبيره دو له كو لبي ويره) (كوماته) يلملم أطرافه كي يغرق في وحشة الظلام التي اعتادها، وفرحة الاحتفال بالعيد تجعل التعب يدخل في مربع المستحيل، ولولا دعوة الرفيق البصري (للحفلة التصحيحية) التي ستقام في أحدى القاعات، لما أنفك حزام حلقة الرقص. ومضات الفرح لماتزل في العيون، نحاول أن نلتهم (حلاوة الطحين)؛ عشاء تعودنا على تناوله في المناسبات، أكواب شاي الألمنيوم ساخنة بعد، حين بدأ الرفاق يتوافدون على قاعتنا. أعددنا القاعة بما يليق بحفلة (تصحيحية)، وقف عريف الحفل بعد أن ألتم شمل الجميع، عدا الذين تبرعوا لحراسة مواقعنا جميعا، وبدأ بمقطع شعري رددناه كثيرا (أحبك بالغلط والصح)، غنينا للحزب، للشهداء، للمستقبل، للوطن الذي يسير في شراييننا، للحب الذي يزرع فينا شجيرات الأمل، الساعة قاربت منتصف الليل، وغدا كذبة نيسان التي نسيناها. فضاءات حب الأنصار تمتد على أكثر من بقعة حب في كوردستان... تمرُ بكل تشابك الطبيعة، مثلما تسافر بذاكرة الأماكن التي تحلُ بها، تتناثر فوق أوراق أشجار اللوز، وقد اشتعل بها نور الاخضرار، تلوح في الأفق مثل كتلة شمس ذهبية، تأخذك معها بعيدا، حيث مدارات الكون الحالمة بكل ما هو لازوردي، تسكر في لحظات حب إلهي، كأنك تدخل عالما من بنفسج أو مستحيل، فتنثر أوراقك على رصيف حياتك، وينتابك حب لكل الناس.. وهل غير حب الناس من حب، يجعلك ترتمي على جسد الطبيعة متجردا من كل أحزانك. فضاءات حب الأنصار تأخذك بعيداً في مدارات سماوات 31 آذار، تطوف بك القرى النائيات، تقرأ في وجوه الفلاحين سمات الثورة، (بليه الفلح ما تطلع شمس زينه... ولا هو الغيم يتمطر)، هم سر بيان الثورة الأول، وهم ديمومتها في التجلي. الزمان:31 آذار 1983 القرية: بولقامش الطائرات محملة بالمرتزقة والجنود، أنزلتهم على حدود القرية، استخدمت كل مجسات القتل، أفرغت كل نيران الحقد على الأنصار، لكن الصوت النقي والواثق من انتمائه صرخ بكل الحب بوجه النيران: عاش حزبنا الشيوعي... عاش حزبنا الشيوعي، ومضى يحلمُ بعراق لا يعرف القتل. كان ذلك في عام 1982، وقد احتفل الرفاق قبل يوم من المعركة بعيد الحزب. في بولقامش كان الصباح آذاريا، والشمس قلادة حب ذهبية فوق الأغصان، وصلت (عائشة كولوكه) تحمل معها الطعام الشهي، مثلما تحمل أخبار تحرك مرتزقة السلطة، قبل أن تصل عربات التركتورات محملة بالفلاحين من القرى القريبة، الصوت يأتي من بعيد، يتعالى عند حدود القرية، تحاول أن تميز الكلمات، رويدا.. رويدا تتضح الكلمات: سيو يه كي ئازاري نه مر..چه ژني كارگه ران بانگي يه كيتو خه باته...يو تيكو شه ران باوه ر ى به رزمان ئا شكرايه وديار نيشتما نيكى ئازادو ميلله تيكى به ختيار تزداد العربات التي تنقل الفلاحين، وتكبر حلقة الرقص في ميدان القرية، الغبار يرتفع من تحت الأقدام وهي تضرب الأرض، تشعر أن لحظة الانتصار قاب قوسين أو أدنى، تغرق في نشوة الانتصار، ترحل بعيدا إلى مدينة في الجنوب، كي تنقل فرح الانتصار والذي هو فرح العودة، هناك الرفاق الذين خلفتهم، ربما هم الآن يحتفلون أيضا، يتبادلون القبل في السر، أو يوزعون جريدة (طريق الشعب)، وفي الليل ربما يلتفون على بعضهم ويحتسون الخمرة احتفاء بالذكرى. الشمس في بولقامش تتجاوز دفئها في منتصف النهار، يتصبب العرق من جباه الراقصين وأجسادهم، وحلقة الرقص تزداد أتساعا، منْ يمنح الروح كل هذه المواصلة؟!، منْ يجعل الإصرار يتألق فرحا في العيون؟! كلمات النخوة في شد الرقص تتصاعد من كل الأفواه، والغبار يتصاعد أكثر من تحت الأقدام، وأنت تنظر بعيدا خلف دائرة الانتماء. امرأة تبدو أنها تجاوزت عقد الستين، تجلس في خفر عند صخرة، تحدق في الجميع ساهمة. رأيت الكثير ذهب وحياها دون أن تنهض من مكانها، كان الجميع ينحني عليها عندما يحييها، (عائشة كولوكه) بسنواتها الستينية تذهب لتجلس إلى جانبها، سألت (محمد الحلاق أبن عائشة كولوكه) عنها، قال: هذه أم سركوت، استشهد قرب هذه الصخرة مع أبو قيس قبل عام، كاد الدمع يتفجر بركانا من عينيَّ، بكيت رفاقي الشهداء، بكيتهم ليس حزنا فقط... ليس حزنا!!
( الصباح ُ تعطرَ بالموت ِ هذا الصباح / فما أبأسَ الموتُ حين َيرافقُ وجهَُ الصباح ِ/ والصباح ُ تضمخ َبالحزن ِ هذا الصباح / فما أحزنَ الحزن ِ حينَ يضمخ ُجيد َ الصباح / والصباحُ، هذا الصباحُ اكتسى برداء الأمومةِ/ منْ يمنح الأمَ قلبا ًمن الصخرِ؟ / منْ يمنح الأمَ ُروحا ًمن الماء؟؟ / حينَ ترى إبنها غارقا بالدماء ِ. .................. ................. الصباحُ، تكلسَ هذا الصباح / تكلسَ من صرخة ِ الأم / مفزوعة ٌ صرخة الأم / خائفة ٌ/ يختبئ خلفها ألفَُ طير ٍ/ تقولُ انهضوا جاءتْ الطائرات ُ/ أم ُسركوت مهلا ً/ تقولُ انهضوا / ليس سوى الطائرات والجأشِ هذا الصباح / يحيطا بقريتنا / طائرُ الموت يملأ ُ وجهَ السماء ضجيجاً ألا تسمعون؟؟ ................... ................... حينَ نظرتُ وجهَ أم ِسركوت خفتُ قليلا وارتجفت ركبتاي كنتُ أسمعُ صرخة َ الموت ِ من شفتيها / فأبصرُ وجهَ سركوت مبتسما ً/ لا عليك ِأطمأني/ يخاطبها / ياأمَ سركوت لا تفزعيْ / خُلقنا لهذا المقام ِ/ وكان يصلح ُهندامه ضاحكا ً/ ويشد ُ على رأسه الجمدانيَ / كأنه في موعد ٍللقاء ِالحبيبة ِ). يبدو أن المساء في عنفوان الفرح، يجيء سريعا دائما، لهذا كان علينا مغادرة القرية هذا المساء، نمضي إلى حيث فضاءات حب الأنصار...كي تتسع سماوات 31 آذار على طول خارطة الوطن. هي تتسع بكل انتماءاتها، تتسع بكل العيون التي في العيون، نغادرها مرة ولكنها لا تستطيع مغادرة الحب فينا، نصون ابتهاج الندى في العيون، ونمضي بعيدا إلى حيث أرجوحة الحب، نلتقي في بقاياها عند الشواطئ، أو ربما نلتقي في البلاد البعيدة عن همسة القلب، لكننا لم نغادرها، فهي في فضاءات حب الأنصار تبقى هي الألق المتوارث فينا. في هذه المرة، المكان مختلف، بين قرى متجاورات، تابعة لسرسنك، أو ربما ما كانت تابعة لأحدْ، المكان يفقد خصوصية انتمائه، لا ريب في البعد، لا ريب في انحناء المسافات. بغداد بعيدة، لكنها بين الأضلاع، لهذا تسمر في الروح هاجسها وأشتعل، أشعارا وغناء وذكريات، أنت والسماء، أنت والنهر، أنت وأشجار اللوز... حين تحاصرك مثابة حزن تلجأ إلى أخرى، ولكن حين تحاصرك كل مثابات الحزن إلى أين تلجأ؟ ليس سوى تلك السماوات، سماوات 31 آذار، هي سماواتك التي تحلم مثلما هي سماوات بندقيتك التي هجرتها، أو التي هجرتك، لا فرق في زمن الهجران!! ( هل ضاعتْ بنادقُنا؟ نسِيناها؟ اتّخذْنا غيرَها ؟ أَمْ أننا ضعنا وقد ضاعتْ بنادقُنا ؟ سلاماً للنصيرةِ ! للنصيرِ ! لفِتْـيةٍ رفعوا على الـقُنَنِ الغريبةِ والروابي ، الرايةَ الحمراءَ سوف نعودُ للقممِ ! الصباحُ الـجَهْـمُ يُطْلِقُ بُوقَنا : بوقُ القيامةِ نحنُ … أحراراً شيوعيينَ نرفعُ رايةً مرويّـةً بدمٍ وأوحالٍ وندخلُ أرضَنا) كم لهذا الحب من معنى، إذا يوما عرفنا كيف ننهض فيه، نسقيه الحليب الطيب، أو نعطيه أرغفة من الحب العراقي الذي ما كان يوما أن يغادرنا، ولا يوما سنهجره ويهجرنا.
#ئاشتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسئلة الحلم...أجوبة التوهج
-
حلبجة...ذاكرة التريخ الصارخة
-
لقاء مع السيد زير الثقافة في إقليم كوردستان
-
عطا ...الذي رحل جسدا
-
من أوراق أبو كَاطع....... شنينة حمدان
-
المرأة الحياة....الحياة المرأة
-
أحتمي بك يا وطني ...من تعبك
-
صور وشعارات....شعارات وصور
-
على حافة قائمة اتحاد الشعب....شيوعيون(4)
-
على حافة قائمة اتحاد الشعب(3) ....شيوعيون
-
على حافة قائمة اتحاد الشعب(2) شيوعيون
-
على حافة قائمة اتحاد الشعب....شيوعيون
-
إبراهيم أحمد....وانحناءات الزمن
-
جريمة 8 شباط...8 شباط الجريمة
-
صدق الشهادة...حجم الاضطهاد
-
ظلام الأمية...أمية الظلام
-
ابو سعيد ...صحفيٌ من طراز جديد
-
انت لوحدك أبهى ...أنت لوحدك أجمل
-
خواء الذاكرة ...خواء الروح
-
بمناسبة مرور أربعين يوما على رحيل الفنانة سهام علوان
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|