أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - -شهادة- إنسان مصرى بدرجة قاضى دولى:كيان الجماعة المصرية مهدد بالانهيار















المزيد.....

-شهادة- إنسان مصرى بدرجة قاضى دولى:كيان الجماعة المصرية مهدد بالانهيار


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2960 - 2010 / 3 / 30 - 15:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مثلما غضب البعض من وضع مصر – أم الدنيا – فى خانة الدول "المتخلفة"، استخف البعض الآخر بالتحذير الذى حمله مقال الأسبوع الماضى من "فيروس التفكك" الذى يهدد وحدة الوطن والآمة.
ولم يكن هذا التحذير مجرد تعبير عن موقف ذاتى لكاتب هذه السطور، وإنما كان أيضاً ترجمة أمينة لخلاصة حوار موضوعى وصريح ومسهب بين عدد من العقول المصرية المستنيرة من مختلف التخصصات الأكاديمية وخبراء ينتمون إلى مدارس فكرية متنوعة، جمعتهم حلقة نقاشية جادة فى الغردقة بعيداً عن التلوث المناخى والسياسى والفكرى الذى يلف القاهرة بسحابات سوداء كثيفة تحجب الرؤية وتعمى الأبصار.
وقبل أن يجف المداد الذى كتبت به مقال الثلاثاء الماضى الذى يدق الأجراس لتنبيه الغافلين إلى التحديات الخطيرة التى تواجه البلاد، وقبل أن تهدأ الآراء المضادة التى تضع أياديها فى الماء البارد وتؤكد أن كل شئ "تمام" وأن كل تخوفاتنا أضغاث أحلام وتخاريف بلا أساس.. تلقيت نسخة من الكتاب الجديد للقاضى الدولى فؤاد عبدالمنعم رياض، "هموم إنسان مصرى"، وفوجئت بأن القاضى الجليل لا يحذر فقط من "فيروس التفكك" الذى تحدثنا عنه، وإنما وجدته يقرع الأجراس لتنبيه الغافلين والنائمين فى العسل من "الانهيار"، أى ما هو أكثر من التفكك، حيث يقول فى أول سطر من كتابه البالغ الأهمية "إن عدم الوعى بما يهدد كيان الجماعة المصرية من مخاطر محدقة أمر من شأنه انهيار هذا الكيان".
ويذكرنا بأن التاريخ "يذخر بأمثلة تؤكد أن أمما عظيمة ما كانت لتتحلل لولا أن دب فى جذورها العطب الذى دمر كيانها من الداخل. فلم تكن هناك حاجة إلى قوة خارجية تؤدى إلى انهيارها. إذ من الثابت أن العوامل الداخلية تفوق آثارها أية عوامل فى الاضرار ببنية المجتمع وحياة أفراده. ومن ثم يجدر بالمواطن أياً كان موقعه أن يرهف الادراك بما يصيب جماعته من مخاطر ويعيرها اهتماماً باعتبارها جزءا من محنته الشخصية، ذلك أننا جميعا على ظهر سفينة واحدة. ومتى أصابها خرق فلن ينجو منها أحد".
ويمضى القاضى الدولى "مرافعته" الرائعة مؤكدا أن "أخطر ما غاب عن وعى المواطن، بل عن الدولة ذاتها، ما يمكن تسميته بـ "الإبادة الذاتية"، أى القضاء على حياتنا وعلى حياة الأجيال القادمة بأيدينا وليس بأيدى عدو خارجى. وآية ذلك ما يقوم به العديد من المواطنين، وخاصة من ذوى النفوذ، وما تقوم به مؤسسات الدولة ذاتها، من عدوان سافر على أرض مصر الخضراء المحدودة سواء بالبناء أو بالتجريف.. هذا فضلا عما أصاب مياه النيل وهواء المدن من تلوث من شأنه الاضرار البالغ بصحة الجماعة المصرية، وقدرتها على العمل، بل من شأنه القضاء على حياة الأجيال القادمة كما أثبت ذلك كبار خبراء البيئة.
أما فيما يتعلق بنسيج الجماعة الوطنية فلا يخفى تفاقم الفجوة بين الفئة ذات الثراء الفاحش والفئات المعدمة، وهو الأمر الذى من شأنه انهيار كيان الجماعة الوطنية.. وواقع الأمر أن المجتمع المصرى فى الحقبة الآخيرة لم تتباعد فيه الشقة بين تلك الفئتين فحسب بل فقد مكونا اجتماعيا أساسيا ألا وهو الطبقة الوسطى – التى قامت عليها نهضة مصر الحديثة- وبغياب هذه الطبقة اختل التوازن ولم يعد هناك ما يحول دون اتساع الفجوة .. واحتدام المواجهة الحادة بين الطبقة ذات الثراء الفاحش – الذى يكتنف الغموض معظم مصادره – والتى لا تكترث بهموم الوطن- وبين الطبقة التى لا تكاد تجد قوت يومها – والتى تفتقد المقومات الأساسية للحياة ولآدمية الأنسان وتعيش تحت خط الفقر وتتكاثر بشكل سريع.
كذلك استفحلت ظاهرة عدم تكافؤ الفرص الناجمة عن التمييز الجائر لفئة معينة تتمتع بالسطوة أو بالجاه على حساب فئات أخرى تنتمى لأقليات عرقية أو دينية أو طبقات اجتماعية متواضعة. وليس بخاف ما قد يؤدى إليه هذا التمييز من إحساس بالظلم وغضب مشروع لدى شريحة لا يستهان بها من المواطنين، ومن إهدار للتماسك اللازم لحياة الجماعة الوطنية، هذا فضلاً عن ضرره البالغ بسلامة الدولة وبحسن سير مرافقها نظراً لغياب المعيار الموضوعى فى اختيار الشخص المناسب فى المكان المناسب.
كذلك أدى تفاقم ظاهرة عدم سيادة القانون وعدم تنفيذ أحكام القضاء إلى سعى كل من لديه القدرة إلى الإفلات من أحكام القانون أو من تنفيذ أحكام القضاء، وفى ذلك القضاء على هيبة الدولة ذاتها، كما أنه يطلق يد الأفراد لأخذ حقوقهم بأيديهم والاعتداء على حقوق الآخرين وإهدار المال العام، وبذلك تسود شريعة الغاب فى دولة كانت مهداً للحضارة.
ولعل من أشد المظاهر خطراً كذلك على حياة الجماعة المصرية ومستقبلها ما نلمسه من تقاعس عن مواكبة روح العصر. وقد انتهى الأمر بهذا التقاعس إلى التقوقع فى ماضى منبت الصلة بحاضرنا، تنشد فيه شريحة هامة من المجتمع الهروب من تحديات الواقع تحت ستار زائف من الدين ومن التقاليد البالية. وقد صاحب هذا الفكر المتحجر رفض الآخر المختلف فكراً أو ديناً. وكذلك رفض الحوار البناء فى سبيل التقدم. وقد كان للنكسة التى حلت بالتعليم وبوسائل الاعلام فى مصر دور أساسى فيما وصلت إليه هذه الشريحة الهامة من الجماعة المصرية من جمود بل من تخلف فكرى. ويزداد الأمر خطورة نظراً لوجود فئة أخرى تمثل نخبة مثقفة تواكب روح العصر وتنقطع أسباب الاتصال بينها وبين الفئة الجامدة، الأمر الذى يؤدى بهذه الفئة المثقفة إلى الاغتراب داخل الجماعة الوطنية أو إلى الهجرة إلى الخارج.
***
أى أن القاضى الدولى المرموق فؤاد عبدالمنعم رياض يرصد "شروخاً" رأسية وأفقية إذا ما تم تركها دون تدخل ستستشرى وتتفاقم وتؤدى إلى الانهيار: الشرخ الاجتماعى، والشرخ الدينى، والشرخ الفكرى والثقافى، و"ليس بخاف ما قد ينجم عن هذه الشروخ وغيرها من تنافر داخل كيان المجتمع. ولعل أول مظاهر هذا التنافر ما نلمسه من غياب الاحساس بالمواطنة والانتماء لوطن واحد. والسعى لانتماء بديل يقوم على أساس دينى او طبقى أو قبلى، وفى ذلك العودة بمصر إلى عصور الظلام بعد أن كانت أول من أخرج العالم منها.
ويحذر فؤاد عبدالمنعم رياض من أن الخطر لن يقف عند حد القضاء على الشعور بالانتماء للوطن الواحد، وإنما ستكون له عواقب وخيمة.
***
هذه "شهادة" مهمة لقاضى مصرى له صولاته وجولاته على منصات القضاء الدولى، حقق ذاته على أعلى المستويات العالمية وكان يمكن أن يواصل قطف ثمار هذا النجاح المهنى الاستثنائى والاستمتاع بملذات الحياة (التى يستحقها) بعيداً عن "وجع الدماغ". لكنه فضل العودة إلى جذوره والاشتباك مع "هموم الانسان المصرى". ولأن الحق لا يضاد الحق فإن بحثه الموضوعى للتحديات التى تواجه تماسكنا الوطنى والاجتماعى يكاد يتطابق فى نتائجه مع اجتهادات "جماعة الغردقة" وغيرهم من عقلاء هذه الأمة.. وخلاصتها ضرورة العمل المخلص من أجل بناء الدولة المدنية الحديثة .. والاستعداد لدفع استحقاقاتها.. بدلاً من دفن الرءوس فى الرمال وقبل أن يتمكن "فيروس التفكك" من تمزيق وحدة أقدم دولة فى التاريخ.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- »المستنير »دادا«.. في قلب العتمة
- كل هذا العبث.. من أجل انتخاب -نصف رئيس-؟!
- فيروس التفكك .. الزاحف على ضفاف النيل
- »رسائل البحر«.. في مرسي مطروح
- سلامتك .. يا وطن
- العلم يا ناس!!
- مجلس الدولة يحكم ب -وأد- المصريات!
- مخالب دولية لاتفاقية مكافحة الفساد
- معاقبة صحفَّية.. بسبب أمانتها المهنية!
- حتي القضاة.. معرضون للخطأ
- سعد هجرس : الخرافة تسيطر على فكر المصريين والعقل يتراجع
- هناك شيء عفن.... فى البرلمان!
- تحذير دولى للنائمين فى العسل .. مصر... دولة فى وضع -حرج-
- بدلاً من خطاب الشكوى .. وبديلاً عن استراتيجية المراوغة
- وقائع خطيرة تستدعي وضع النقاط علي الحروف .. من الذي يحمي كل ...
- قبطى.. لامؤاخذة!!
- ترجمة -جوجل- .. الشيطانية!
- ترجمة جوجل -غير الشيطانية-
- تعامل مصر -الخشن-.. مع قوتها -الناعمة- .. محمد صالح .....الآ ...
- نجع حمادى.. - حقل الأرز- الذى أصبح -مزرعة ذئاب-!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - -شهادة- إنسان مصرى بدرجة قاضى دولى:كيان الجماعة المصرية مهدد بالانهيار