أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زينب رشيد - عبدالله بن سبأ














المزيد.....

عبدالله بن سبأ


زينب رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 2959 - 2010 / 3 / 29 - 09:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لو نجح العرب في بناء نموذج حضاري مشرف في صدر الاسلام وبعد ذلك لما سمعنا بشخص عبدالله بن سبأ، ولما أنهكنا أنفسنا ومعنا الأخرين في البحث عن حقيقة وجود هذا الشخص والى أي مدى بلغت قدراته الخارقة في التخريب على مسيرتنا المظفرة ورسالتنا الخالدة وحضارتنا المجيدة.
لو كانت العلاقات البينية في مجتمع بداية الاسلام علاقات متينة قائمة على أسس المصلحة العامة وليس على حد السيف لما سمعنا بشخص يدعى عبدالله بن سبأ في ثنايا تاريخنا الدموي بامتياز.
لو لم يؤسس النص الديني لمفهوم المؤمن والكافر، والقريب من الله والأقرب منه والبعيد من الله والأبعد منه، والصحابي الذي عاشر الرسول وغيره الذي لم يعاشره، والأحق بالولاية والخلافة والأقل حقا لما حدث ماحدث بين المسلمين الأوائل من اقتتال دموي راح ضحيته رأس الخلافة الخليفة "الراشدي" الثالث عثمان بن عفان، ولولا ذلك بالتأكيد ما كنا لنسمع بشخص عبدالله بن سبأ الذي أحيلت كل تلك المجازر الدموية على كاهله، فابن سبأ في تاريخنا هو صانع الفتنة الكبرى التي أطاحت برأس الخليفة وهو راسم خيوطها وواضع تفاصيلها ومبرمج أحداثها وعارف خواتيمها ولولا بقية حياء لدى هؤلاء من الحقائق والمستقبل لذكروا بأن ابن سبأ هو الذي نفذ بنفسه تلك المجازر.
لو اجتمع المسلمون على فرقة واحدة ولم ينقسموا عدة فرق بدأت بشيعي وسني وانتهت الى ماهو اكثر من ثلاث وسبعين فرقة، واحدة فقط تدخل الجنة والبقية في النار لما تذكر القوم شخصا يدعى عبدالله بن سبأ ولما كانوا كرماء معه باعطائه هذا الحيز الكبير جدا في سياق تاريخنا.
لو استمرت حالة التعايش السلمي بين مختلف الأديان قائمة مثلما كانت في كعبة مكة القريشية لما احتاج هؤلاء القوم للاستعانة بعبدالله بن سبأ ليحملوه وزر الفرقة والعداوة والتنافر وصولا الى الفتنة الكبرى بين ابناء العائلة الواحدة والدين الذي أصبح واحدا.
يُعرِف تاريخنا شخصية عبدالله بن سبأ بأنه يمني "يهودي" دخل الإسلام نفاقا، ومن المؤكد أن هذه الشخصية قد تم اختراعها بهذا الشكل لكي تُلقى عليها كل الموبقات والأفعال الشنيعة والجرائم والانكسارات والهزائم والفتن التي كان لابد لها أن تكون جزءا أصيلا من حياة مجتمع انتقل من التعددية الدينية واحترامها وتعايشها السلمي الى دين واحد فرض على مريديه بأن يؤمنوا بأنهم أتباع الحق لهم جنة السماء ومافيها من بركات، وغيرهم أتباع الباطل لهم نار جهنم ومافيها من لعنات و "بئس المصير".
قبل اكتمال الدعوة الاسلامية تم القضاء على أغلب القبائل اليهودية في شبه الجزيرة العربية قتلا وتهجيرا، فهل عجز كل المسلمين على القضاء على شخص واحد بعد أن بلغوا من القوة ما لايقاس مع تلك القوة التي قضت على أربع من قبائل اليهود، ان وجود هكذا شخصية كان ولا يزال حاجة ماسة لكل من يحتاج الى شماعة يعلق عليها خيباته وانكساراته وأحيانا جرائمه.
"يهودية" عبدالله بن سبأ كما أوردها الرواة فعلت مفعول السحر عند جماهير المسلمين في العصر الحديث حكاما ومحكومين، فقد تم ربط ابن سبأ "اليهودي" وتأمره المزعوم على المسلمين بما يحدث الأن بين العالم الاسلامي والدولة الاسرائيلية التي أنشأت عام 1948 على الأرض الفلسطينية بفعل ضعف الجانب الفلسطيني العربي وليس فقط بسبب مافعلته العصابات الصهيونية مثل شتيرن والهاغاناه من مجازر بحق قرى فلسطينية بأكملها.
هنا تضخم ابن سبأ ليصبح دولة وكبرت مؤامراته لتطال جغرافية العالم الاسلامي من طنجة الى جاكرتا، فأصبح ابن سبأ-اسرائيل هو المسؤول أو المسؤولة عن هزائمنا العسكرية والسياسية وحتى الرياضية، وعن خيباتنا في جميع المجالات، وعن تراجع مستويات التنمية الى أدنى المستويات، وعن تصدرنا ذيل القوائم من الأسفل في مجالات التعليم والصحة وغير ذلك، لا بل أكثر من ذلك فهي مسؤولة عن الاحكام العسكرية وأحكام الطوارئ المفروضة ببساطير عسكر اقتنصوا السلطة في أكثر من بلد عربي في ظلام ليل دامس، وما يعنيه ذلك من غياب الديمقراطية والتعددية والتدوال السلمي للسلطة، وهي مسؤولة عن غياب الحريات، لا بل ان هناك أنظمة عربية يصل درجة عهرها السياسي الى مستويات غير مسبوقة اذ تزج بخيرة أبناء شعبها في غياهب السجون والتهمة هي محاولات هؤلاء النيل من هيبة الدولة واضعاف الشعور القومي والترويج لأفكار معادية تصب في صالح العدو الاسرائيلي.
هنا يتلاقى الحاضر مع الماضي، فأي هيبة تلك التي سينال منها نفرٌ من أصوات الحرية العزل إلا من ضمائرهم وشوقهم لتحقيق حرية شعوبهم، ويا لها من هشاشة تلك التي تعتري شعورنا القومي اذا كان هؤلاء قادرون على اضعافه، مثلما نستطيع أن نقول أية "رسالة سماوية" تلك وأي نوع من الصحابة هؤلاء الذين استطاع ابن سبأ أن يتلاعب بهم كيفما يشاء على افتراض حقيقة وجود ابن سبأ.
نحن الأن في أعماق الهاوية وليس على حافتها كما يحلو للكثير من المثقفين أن يصف الحال التي وصلها العالم العربي والاسلامي، وهذه ليست نظرة متشائمة أو سوداوية لأنها تترافق مع طرح خيار قادر على تخليصنا مما نحن فيه كما خلص شعوبا كثيرة غيرنا عايشت ما نعايشه الأن وكابدت ما نكابده الأن ولكنها اختارت بخطى واثقة وثابتة أن تتجاوز كل ما هو غيبي وخرافي، وأن تجمد العمل بأي نصوص تتجاوز الآخر وتمنح الحق بالاعتداء عليه أو الزامه بما ليس مقتنع به، وبمعنى آخر اختارت أن تبني الدولة المدنية العلمانية الحديثة..دولة الحرية والديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.
عندما نقرر الانطلاق بهذا الاتجاه فقط، فاننا حتما سنخرج من الهاوية التي نعيش بها، وستنطلق طاقات الانسان الابداعية لانتاج كل ماهو مفيد له ولمجتمعه، وسنحقق كل ما نصبو اليه من آمال، ولن نحتاج حينها لابن سبأ أو لاسرائيل أو لايران أو لأمريكا حتى نلقي عليهم خيباتنا وهزائمنا وانكساراتنا..فهل نقرر أم أن الساعة لم تأت بعد؟؟



#زينب_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تستحق القدس كل هذه الدماء؟؟
- ببساطة..قبر راحيل أثر يهودي وليس إسلامي
- مرارة السيد الرئيس!!
- ارفع رأسك عاليا يا ابن العراق الجديد
- خطر التزمت الديني على أطفالنا
- الفلسطينيون والاعلام الاسرائيلي و-طناجر- جحا
- المبحوح...مجرم قُتل بأيدي مجرمين


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زينب رشيد - عبدالله بن سبأ