رشيد كَرمة
الحوار المتمدن-العدد: 2959 - 2010 / 3 / 29 - 02:16
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
يعتبر الفن السينمائي من أهم الفنون, لما يحويه من عناصر تشكل بمجملها لغة تكاد تتفرد بها, فلا ضير من تسميتها بالفن السابع, إذ أن التصويروالمؤثرات الصوتيه والموسيقية والبصرية والإكسسوار,والسيناريو,وجزء كبير من التمثيل وعناصره ,تكللها رؤية مخرج يمتلك كل الأدوات ويوظفها بل يسطيرعليها ويحركها بالإتجاه الذي يريد,,وإذا ما إحتكمنا إلى الإمكانيات التقنية والمالية والبشرية بما فيها موضوعة (فكرة) الفيلم السينماني القصيرالذي أنتجته إرادة عراقية بدعم من رابطة الأنصار الشيوعيين ومنظة الحزب في مدينة يوتبوري _السويد_كمحاولة أولية لتحريك وللتعريف بملف الأنصار وحكاياهم البطولية من نساء ورجال كالتي توفرت لمتطوعيين عراقيين يقيمون في السويد لم يسبق لهم معايشة(البيشمركَة*وحياتها الخاصة جداً)هذا من ناحية ولإنهم لم ينتظموا في صفوف الحزب الشيوعي العراقي في أهم مرحلة من مراحل حياة الحزب من ناحية ثانية أجدُ أن إسم الفيلم (الأمكنة المشاكسة)لايتناسب, ولايتفق بل لايتطابق مع موضوعة مهمة كالتي نحن بصددها(الكفاح المسلح) والتي تبناها الشيوعيون العراقيين, أو ما صحت تسميتهم بـ( الأنصار)بغض النظر عن المقدمة الجميلة في بداية الفيلم بسفر هولاء الأبطال سواء ممن إستشهدوا أو من بقوا على قيد الحياة ,لقد جهد كادر الفيلم (علي ريسان, ممثلاً ومخرجاً, والفنان كاظم ناصر,غناء وموسيقى,وحوار قاسم الساعدي ’وسيناريو وتصوير ومونتاج سمير الرسام ) لقد حاولوا حقاً تحفيز الذاكرة الشعبية لعمل يُعتبرالأهم في تأريخ الحزب الشيوعي العراقي إذ إعتبر إنتقالة نوعية في مهمات الحزب,وعملاً حاسماً** رغم معارضة بعض القيادات التأريخية*** التي وقفت وإجتهدت حد الإدانة للكفاح المسلح ضد الدكتاتورية البعثية "الصدامية",لاشك أن ثيمة الفيلم ترتكز إفتراضاً على تداعي الذاكرة من رفيق (نصير)لرفيقات ورفاق (أنصار)صارعوا المستحيل,بكل أشكاله,المناخي والزمكاني وما بينهما من ظروف نفسية وإجتماعية وتنظيمية بالغة التعقيد .ولكن هل جسد الفيلم في دقائق ولو معدودات شخصية المقاتل الشيوعي؟وهو يتأبط هذه المرة سلاحاً وليس كتاباً!! والذي يتميز عن غيره من المقاتلين , كونه مسلح بنظرية فكرية وبإلتزام حزبي غاية في الإنضباط زد على ذلك كون أن غالبية من إلتحق بصفوف الأنصار كانوا من الأنتيليجستيا وشغيلة الفكر.شخصياً أقيم المجهود ولكني لا أتفق البتة مع هذا الطرح (الذي إعتمد الإنتقالة في تداعي الذكريات السطحية ) والذي أسماها الصديق الفنان (علي ريسان) بفن الومضة ) وهو ليس كذلك ففن الومضة شئ آخر, ولعل الصديق ( الفنان علي ريسان ) يدرك ذلك و[لقد عشت حدث ولادة حياة البيشمركَة مع زوجتي وطفلي"بشار" في ظروف قاسية جداً وكانت إبان أحداث بشتاشان "وكان هناك كورد رائعين ولا زالوا كما الآن , على العموم كان النص ضعيفاً ,واستقوى حقاً بالثلج وصوت المغني والكلمات’ لأنهما ناصعان دائماً وأبداً "_حمد..ياحمد..بكتنا المحطات حتى الرمد....كبرنا ولكننا ما نزال صغاراً على كل هذا الجَلَدْْ,,,,حمد ...ياحمَدْ_"وكنت أود معالجة النص, بإسلوب آخر بتصوير شئ واحد من آلآف الأشياء التي لفت, وإكتنفت العمل الأنصاري ألا وهو ( الخوف)ليس من الموت,وإنما الخوف على الحزب الشيوعي العراقي من مؤامرة كبيرة محلية وإقليمية وعالمية لإنهاء دوره في الحياة السياسية العامة في العراق ,وهذا ما كتبت عنه في مقالين لاحقين وأسميته المستحيل,رغم مرارة الإختبار الأخير الذي وسم بالتحدي, وكأننا لم نتحدى طيلة الست والسبعون عاما من عمر الحزب!؟ستبقى السينما والشيوعين العراقيين بحاجة الى تنظيم أنفسهم من أجل تسليط الضوء فنياً على حياة الأنصار,ويقيناً أن هناك الملايين من العراقيين والعراقيات ممن لم يتعرفوا على حقيقة (البيشمركَة) كما أن هناك جنود من الجنسين مجهولون جابوا الجبال والوديان وإفترشوا الصخور وإلتحفوا السموات وهم في كامل عدتهم القتالية التي يألفوها من قبل ولا أظن أنهم أحبوها أو سيحبوها ويتوددوا اليها في المستقبل و التي لم يبرزها العمل السينمائي وهو يتناول (أمكنة مشاكسة) لم ْ تًخلق من فراغ وإنما جاءت في ظل (أزمنة مشاكسة, وظروف مشاكسة ) تصدى لها عناد شيوعيات وشيوعيين قدر لهم أن يًقْحَموا في أتون تضاريس غاية في الصعوبة وهذا مالم يؤشر له الفيلم إلا الثلج المتاح في شتاء السويد.آمل بجد أن ينبري فنانينا لتوثيق العمل ألأنصاري مسرحاً وتلفازاً وسينما , لأنه تصدى للدكتاتورية البعثية وهي في عنفوانها المبني على شراء الضمائر والذمم وفائض النفط وبداية إختلال الموازين وفي ظل زمن شاع فيه الخوف والرعب والإرهاب . تحية لمن ساهم في مجرد ذكرى الشيوعيين العراقيين والشيوعيات العراقيات وهم يتوافدوا إلى ذرى كوردستان من أماكن مترعة بالرفاهية وأماكن اللهو. تحية لكم صديقيَّ الرائعيين علي ريسان وكاظم ناصر, وكل كادر العمل السينمائي الذي عرض على قاعة البيت الثقافي العراقي وجمعية المرأة العراقية في مدينة يوتبوري ـ السويدـ مساء يوم الجمعة 26 آذار بحضور كم من الأنصار والنصيرات وأصدقائهم ومناصيرهم
************
الهوامش
• *البيشمركَة: الفدائي ,ومعناها إستناداً للترجمة الحرفية بـ(اللغة الكوردية) ما يسبق الموت ,أو قبل الموت ,ولقد شاعت الكلمة إبان قيام جمهورية مهاباد ,وفي زمن االمناضل قاضي فتاح 1945ـ1946 .
** في شهر تموز من عام1979 وعلى ضوء إجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي أتخذ قرار يقضي بإنتقال الحزب ومنظماته إلى موقع المجابهة من أجل إنهاء دكتاتورية صدام والبعث وذلك بالتوجه إلى كوردستان العراق , ولقد جاء في حيثيات القرار : أنه ونتيجةً للظروف الموضوعية والذاتية ولنوايا حزب السلطة الذي يسعى لإنهاء دور الحزب ,,,,,,أنظر وثيقة تقييم حركة الأنصار 1979ــ1988 ص 5 والتي تفيد بأن الخطط والإجراءات الأمنية والسياسية للقضاء على الحزب الشيوعي العراقي وضعت منذ منتصف السبعينات.,
*** الراحل المناضل الرفيق (زكي خيري ) من كتاب "قضايا الثورة والدفاع عن الوطن) إقتبست الملاحظة من مجلة الثقافة الجديدة العدد 204ـ203 من رد (نقد اليقين) للمفكر والباحث الجاد فالح عبد الجبار.
السويد رشيد كَرمة 28 آذار 2010
#رشيد_كَرمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟