|
و أخيرًا.. أصبحنا بلد عربي
عبد القادر الحوت
الحوار المتمدن-العدد: 2957 - 2010 / 3 / 27 - 08:50
المحور:
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
دخلنا في لبنان الحرب الأهلية عام 1975 على وقع صراع إيديولوجي (من ضمن صراعات عديدة) حول هوية لبنان. هل نحن بلد عربي أو بلد ذو وجه عربي؟
أي هل أيدينا و أرجلنا التي نركل بها المواطنين و كروشنا التي تمتلأ بأموال الفساد و عصا التعذيب التي يحملها الضابط في مركز الشرطة، هي كلها عربية... أو أن فقط عيون الرقابة و آذانها و أفواه التحريض المذهبي و العرقي و أنوف التي تشم روائح المؤامرات و شوارب الشاويش، هي فقط عربية؟
إنتهت الحرب و عدّلنا الدستور و أصبحنا دولة عربية "الهوية و الإنتماء". و هو ما أثبته نظام الطائف مذ أن بدأ بالحكم عشرين عامًا خلت. السرقة، الفساد، الدين العام، الرأسمالية الغازية، تدمير ممنهج للمؤوسسات الرسمية و بشكل خاص المؤوسسات التعليمية (الجامعة و المدارس الرسمية)، المحسوبيات، الطائفية المضاعفة، طغيان الدين على العقل و المنطق، سطوة رجال الدين... و بداية حكم الجنرالات.
منذ العام 1998 إلى اليوم، توالى على حكم لبنان عبر منصب رئاسة الجمهورية جنرالين. الأول، ضعيف الشخصية و من دون أي مشروع أو إيديولوجيا سياسية، هو إميل لحود. إنتهت ولايته عام 2004، و لكنه مثله كمثل باقي الجنرالات العرب، لم يشبع من ستة سنين من الحكم، و مدد له مجلس النواب لثلاثة سنوات إضافية. عام 2008، تبعه جنرال ثاني، لا يختلف عن الأول في إنعدام الرؤية السياسية، هو ميشال سليمان. و كما سلفه، فإنه لا يحظى على أي دعم شعبي حقيقي. مثال على ذلك، الهزيمة الضخمة التي مني بها مرشحيه في الإنتخابات النيابية عام 2009.
يشترك الجنرالين في أمر آخر : القمع. ففي عهد الجنرال لحود، إزدادت الإعتقالات بحق المعارضين و بشكل خاص بحق نشطاء المعارضة المسيحية المتمثلة بالتيار الوطني الحر و الكتائب و القوات اللبنانية. لم يسلم أيضا نشطاء بعض الأحزاب الإسلامية أو اليسارية.
بعد إغتيال الحريري و خروج الجيش السوري من لبنان، بدأ النظام الجديد، و بدعم من دول الرجعية في المنطقة (السعودية، مصر) بتدمير الجهاز الأمني اللبناني. و لكن بعد تدميره و إنهيار الأمن في لبنان لدرجة الوصول إلى مرحلة الإقتتال الداخلي عامي 2007 و 2008، تم تشكيل حكومة وحدة وطنية و إختيار جنرال جديد للحكم، و إعادة بناء الجهاز الأمني.
جهاز أمن هذا الجنرال الجديد أكثر "مودرن" من سابقه. لا يكتفي بملاحقة النشطاء اليساريين و العلمانيين (بما أن الحكومة هي حكومة وحدة بين الأحزاب الدينية و الطائفية المسيحية و الإسلامية) الذين يقومون بنشاط على الأرض... بل يلجأ أيضا إلى إستخدام لغة البلطجة و التهديد بحق المدونين في الفضاء الإفتراضي.
صباح الخميس 18 آذار، إستدعى أحد الأجهزة الأمنية (نملك الكثير منها في لبنان) بإيعاز من القصر الجمهوري (حيث يسكن الجنرال الحاكم) مدون لبناني هو "خضر سلامة"، صاحب مدونة "مواطن جوعان" المناضلة. وجّه الأمن تنبيهًا للمدون بضرورة الكف عن إنتقاد فخامة الرئيس بعد أن كتب المدون بعض المقالات التي تنتقد الرئيس و بعض قيادات النظام اللبناني (مثل مقال "نصائح جوعانية إلى ميشال سليمان" أو "فخامة الفشل – ميشال سليمان"). و أفهم الضابط المدوّن بأن عليه "تغيير اللهجة أو إغلاق المدونة أو كتابة الشعر حصريًا".
الجنرال ميشال سليمان، العسكري الذي فشل في معركة نهر البارد أو في حرب تموز أو الذي وقف على الحياد و أجبر الجيش على أن يقف متفرجًا على الميليشيات تفترس لبنان و شعبه... هذا الجنرال الذي فشل مرشحيه في الإنتخابات و الذي لا يملك أي وزن أو شعبية سياسية (لحود على الأقل كان يملك دعم شريحة كبيرة من الشيعة مثلا.. الجنرال سليمان لا يملك أي تأييد من أي طائفة)، و الذي لا يملك أي برنامج سياسي أو إجتماعي أو إقتصادي... و الذي تم إختياره من قبل أمير قطر و ليس من قبل الشعب اللبناني.. و الذي إنتخابه لم يكن دستوريًا على الإطلاق..
هذا الجنرال، قرر أن يبرهن على رجولته عبر عرض عضلات أجهزته الأمنية... لا ضد الإرهابيين أو الميليشيات اللبنانية أو الفلسطينية.. و لا ضد تجار المخدرات أو شبكات المافيا أو ضد إسرائيل.. و لا حتى ضد لصوص السيارات و عصابات الخطف التي تزداد.. بل ضد مدونين و نشطاء يساريين و علمانيين.
حكومة الوحدة الطائفية في لبنان هي ليست إلا حكومة الفشل الطائفي و الديني.. سياسة الجنرال الحاكم تُثبت من جديد أن الديمقراطية لا تستوي مع حكم الجنرالات. دول الديكتاتوريات و الجنرالات هي دول فاشية يمينة طائفية. إسرائيل هي النموذج الأكبر على التطرف الفاشي لحكم الجنرالات..
آن الأوان لتعود رئاسة الجمهورية إلى الشعب و إلى المدنيين.. و آن الأوان لكي تملك رئاسة الجمهورية صلاحيات حقيقية و أن يتم إختيار الرئيس مباشرة من قبل الشعب و ليس من قبل النخبة الطائفية الفاسدة المُسمّاة مجلس نواب. آن الأوان للجنرال القابع على كرسي بعبدا أن يرحل.. أن يفلّ.
#عبد_القادر_الحوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النفط... سبب خراب أمتنا العربية
-
حين يتحدث القذافي
-
عشرة طوائف صغار
-
ثلاثة أشهر من الفشل الطائفي
-
من هو الطائفي؟
-
خبث الرأسمالية الطائفية
-
نعمة الإنقلابات العسكرية
-
هل بنادق العسكريين مختلفة في الضاحية؟
-
لول يا رجال الدين... لول!
-
إنتحار شيوعي (قصة قصيرة)
-
صدق المنجمون و إن كذبوا
-
أختاه...
-
لا لإختيارية الزواج المدني
-
دروس كوريا الشمالية
-
وهم إلغاء الطائفية السياسية
-
الحركات الإسلامية، نقاط الخلاف الأساسية
-
إلى اليسار اللبناني... إقتراحات
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي
...
/ أحمد سليمان
-
ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة
...
/ أحمد سليمان
المزيد.....
|