|
ملف الاشتراكية ما يزال مغلقا ... فمن يفتحه .....؟؟ .....( 5 )
علي الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 2956 - 2010 / 3 / 26 - 19:20
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
" قيل أن السياسة هي ثاني أقدم مهنة في التاريخ ، ولكنني تعلمت من تجاربي بأنها تشبه إلى حد صاعق المهنة الأولى " ( رونالد ريغن )
كنا قد بينا في الجزء الرابع من مقالنا ، أنه خلال زيارات كورباتشوف للدول الغربية ، كان يعقد ندوات ومؤتمرات صحفية ، ويلقي محاضرات سياسية في المحافل المختلفة بناء على دعوات منظمات وجامعات ، ويرد فيها على أسئلة المهتمين بالشأن السياسي السوفيتي والدولي. بدأ من هناك مشواره التخريبي ، حيث باشر بالكشف عن دوره الذي صمم على القيام به منذ بداية تسلقه المواقع في الحزب والدولة ، ولم يشعر بالحرج أو التردد عن تكرار ادعاءاته بأنه منذ شبابه كان يخطط لتحطيم الحزب الشيوعي السوفيتي وإنهاء الاشتراكية. و بناء على هذا يمكن تفسير اسباب حماسه للتغييرات السياسية التي اعلن عنها ويجهد لانجازها خلال وجوده على رأس السلطة أو خارجها بعد ذلك. امتهان الارتزاق على حساب الاساءة للحزب الشيوعي السوفيتي والاشتراكية ، دفعت به بلا أي شعور بالخجل والدونية لتقبل الهبات النقدية من قادة حكومات ودول غربية دون حياء. وعندما افتضح أمر تلك الهبات ، بررها بأنها تبرعات لجمعيات خيرية يشرف عليها ، لم يعرف احد عن تلك الجمعيات الخيرية قبل أن يكشف النقاب عن أمر تلك الهبات. لقد أفصح عنها رئيس مكتبه فاليري بولدن بعد زيارة قام بها كورباتشوف لكوريا الجنوبية ، إذ قام هذا الأخير بتسليمه نقدا باليد مائة ألف دولار أمريكي ، هذا اضافة الى هبات عينية بصيغة هدايا باهظة الثمن ، كانت مارغريت تاتجر قدمت واحدة منها لزوجته ، أثناء ما كانت ترافقه في جولاته قبل أن تفارق الحياة بسبب مرض لم يمهلها طويلا. أمر لم يكن قابلا للتصديق أن يصل إلى قيادة الدولة السوفيتية والروسية شخصية بهذه التفاهة والبذاءة. لم تكن صدفة أن يهمل كورباتشوف دوره كزعيم لواحدة من أقوى دول العالم المعاصر ، ويتجاهل ما كان يجري في داخل الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية الأخرى التي كانت تتصاعد فيها حمى التغييرات ، حيث تحاول فئات واسعة من مجتمعاتها بالفرار من أنظمتها فرار الخراف عند سماع أصوات الثعالب ، ويتفاخر علنا بأنه هو شخصيا وراءها. كان يمارس الثرثرة بينما تدفع الشعوب السوفيتية والأوربية الشرقية الثمن من ضياع المكاسب التي وفرتها لها الاشتراكية خلال العقود السبعة من عمرها في الدولة السوفيتية ، والعقود الأربعة من عمرها في دول اوربا الشرقية. البعض كان يتهمه بالجبن لأنه لاذ بالصمت وهو يرى بلاده تنهار دون أن يفعل ما يجب عليه أن يفعله ، فلو كان ضعيفا حقا وليست له القوة الكافية لحسم الأمر بأي شكل لربما ينطبق عليه مفهوم الجبن ، لكنه لم يكن ضعيفا ، بل بالعكس تحت تصرفه أمنع وأكثرالأسلحة في العالم تدميرا ، الأسلحة التي كانت الولايات المتحدة وحلفائها يحسبون لها الف حساب ، فليس من المعقول لزعيم تحت تصرفه قوة فتاكة يخشى السيطرة عسكريا على قيادات انفصالية في منطق هي جزء من بلاده؟ التفسير الأقرب إلى الواقع أنه تعمد التجاهل وعدم الاهتمام بنزعة الانفصال التي كانت أبدتها بعض جمهوريات الاتحاد السوفيتي ، لأنه كان جادا لتحقيق أمنيته بإنهاء الاشتراكية وتفتيت الاتحاد السوفيتي. لقد اجتمع قادة لثلاثة جمهوريات سوفيتية ، هي اوكرانيا وبيلوروس وكازخستان وقرروا حل الاتحاد السوفيتي ولم يعترض، وأرسلوا إلى الولايات المتحدة بيانا بقرارهم ذاك دون أي مشاورة مع قيادة الدولة السوفيتية أو معه شخصيا ، ومع ذلك لم يحتج أو يبدو عليه الضيق ، ولم يأسف وهو يرى ليس فقط دول أوربا الاشتراكية تتداعى ، بل الاتحاد السوفيتي نفسه يتشظى إلى خمسة عشر كيانا مستقلا. لقد كان قرار قادة تلك الجمهوريات خرقا فظا لدستورالاتحاد السوفيتي ، وكان عليه كرئيس لذلك الاتحاد ان يطبق الدستور بحقهم ، ويعلن حالة الطوارئ في البلاد كلها ، لكنه لم يتخذ أي إجراء بحقهم في حين كان يجب معالجة الأمر عسكريا ، وفي حالة عدم تراجعهم يحاكمون ويجردون من مناصبهم. ورد هذا القول على لسان رئيس وزرائه المستقيل السيد ريجكوف. لكن السيد رئيس الوزراء السابق لم يفسرلماذا لم يطلب هو من كورباتشوف اتخاذ موقف لانقاذ الدولة من دمار محتم كما قال ، وقد كان ما يزال عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي؟ كان يذهب شخصيا إلى عواصم البلدان الاشتراكية لحضور مؤتمرات احزابها أو لمناسبات وطنية، وعندما كان بزيارة إلى ألمانيا الشرقية في 6 اكتوبر 1989 للمشاركة في احتفالات الذكرى الأربعين لقيامها باغت مضيفيه بدعوته للاصلاحات السياسية في كلمته الموجهة للحشد الجماهيري الذي كان يحضر الاحتفال ، فإصيب قادة الدولة والحكومة الألمانية بالدهشة ، حيث كانوا يقفون إلى جانبه في ذلك الاحتفال. لقد اضطر أريك هونيكر زعيم الحزب الاشتراكي الألماني الشرقي حينها، أن يرد في خطابه على ما ذكره كورباتشوف قائلا : " ان المانيا ستجري اصلاحاتها بطريقتها و بالوسائل الاشتراكية ، وانتقد الدول الغربية على الضغوط التي تمارسها على بلاده بحجة اتفاقيات هلسنكي التي نادت بفتح الحدود والسماح لمواطنيها بالهجرة الى الخارج ، وقال أن هذه الضغوط تتسبب في توتر العلاقات وتهدد الاستقرار في دول أوربا الوسطى". وتجاوبا مع الاحتجاجات التي انطلقت في شوارع ألمانيا الشرقية ، طرح المستشار الألماني هيلموت كول حينها عرضا على قادة ألمانيا الشرقية باستعداده لتقديم مساعدات اقتصادية كبيرة ، إذا ما تخلى قادة الحزب الاشتراكي الألماني الموحد عن السلطة ، وأجازوا حرية النشاط الحزبي ، والغوا نظام التخطيط الاقتصادي المركزي ، واخذوا بنظام حرية السوق. ووضح بأن العالم يعرف إن وضع المانيا الحالي المقسم غير طبيعي ، فبرلين مقسمة ويفصلها عن بعضها البعض سياج من الأسلاك الشائكة ، ومن الطبيعي ان يطمح الألمان إلى توحيد دولتي ألمانيا. كان عرض هيلموت كول لقيادة ألمانيا الشرقية تعبير فظ عن استهانته بتلك القيادة ، وعبرعن نفسه كرئيس لحكومة رأسمالية أنه ليس أكثرمن مضارب بتجارة الأغنام ، باستعداده لمبادلة النقود التي له منها الكثير مقابل شعب وحكومة ودولة. علما بأن التحالف الغربي كان ينوي خلال الحرب العالمية الثانية تقسيم المانيا الى عدة دول قومية بعد نهاية الحرب منعا لصعودها مرة أخرى كقوة يمكن أن تتسبب في حروب جديدة في المستقبل وبأنهم لن يسمحوا لها بالتوحد ثانية. وعندما اقترح الاتحاد السوفيتي في نهاية الخمسينيات التفاوض بشأن توحيد ألمانيا المقسمة مع دول التحالف الثلاثة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا جوبه اقتراحه بالرفض ولم يتم البحث في توحيد الدولتين حينها. وأثناء ما كان كورباتشوف ما يزال في ألمانيا الشرقية ، خرج الألمان في مظاهرات حاشدة مستجيبين لنداء كورباتشوف بالاصلاح ، فيما تحشد آخرون أمام أبواب السفارات الغربية لمنحهم حق الهروب إلى الغرب. وعندما انفجر الوضع في رومانيا بقيام مظاهرات واحتجاجات قوبلت بقسوة من جانب السلطات ، وتواردت انباء عن قمع المتظاهرين بعنف ، عندها قرر كورباتشوف التدخل عسكريا بحجة حفظ الأمن ، وقد أيدته الولايات المتحدة وبعض دول الغرب الأخرى. وكان أمرا مستغربا أن تتفق الدول الغربية مع الاتحاد السوفيتي في مؤتمرات دولية على مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول ، ويهلل في الوقت نفسه لنية الاتحاد السوفيتي بالتدخل في شئون دولة دون رغبة وموافقة رئيسها وزعيم حزبها الشيوعي. في نفس الوقت كانت المظاهرات الشعبية ضد الحكومة والحزب في رومانيا قد قوبلت بالتشجيع والدعم المباشرمن قبل هنغاريا ويوغسلافيا المجاورتين .كما قطعت عدة دول اشتراكية منها يوغسلافيا وبولندا وبلغاريا والمانيا الديمقراطية علاقاتها بالحزب الشيوعي الروماني ، وأيدوا تحرك وحدات عسكرية من الجيش الروماني للسيطرة على السلطة. لقد أعلنت تلك القوات فور استلامها للسلطة نبأ القاء القبض على رئيس الدولة تشاوجيسكو وزوجته ، وبعد فترة وجيزة من اعتقالهما أعلن عن اعدامهما بعد محاكمة كافة الدلائل تشير إلى عدم انعقادها ، وأن ما قيل لا أساس له من الصحة ، حيث لم يزد الوقت بين الاعلان عن القبض عليهما واعدامهما سوى ساعات قلائل. لقد جرى التخلص منهما على عجل دون تحقيق عادل ومنصف ، ودون محققين أو محامين ، ودون أدلة وشهود ، وأهم من ذلك كله دون قضاة ومحلفين ، كانت جريمة تصفية زوجته معه في حين لم يكن لها أي منصب حكومي خرقا فظا لحق الدفاع عن النفس ، أهم حقوق الانسان. كانت جريمة اغتيال سياسي مدبر، تم التنسيق والتحضير لها بين الولايات المتحدة وكورباتشوف ، ليكون اشارة تحذيرية لبقية زعماء المنظومة الاشتراكية ممن لم يحسموا أمرهم بعد في التخلي عن الاشتراكية والانتقال إلى الرأسمالية. علي ألأسدي يتبع
#علي_الأسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملف الاشتراكية ما يزال مغلقا ... فمن يفتحه .....؟؟ .....( 4
...
-
ملف الاشتراكية ما يزال مغلقا ...فمن يفتحه ...؟؟...(3 )
-
ملف الاشتراكية ما يزال مغلقا ...فمن يفتحه ...؟؟...(2 )
-
ملف الاشتراكية ما يزال مغلقا... فمن يفتحه ....؟؟....(1 )
-
مجرد سؤال ... من أين لك هذا ... يا هذا...؟؟
-
الصمت الأمريكي على التزوير... صفقة مقايضة غادرة بحق العراقيي
...
-
رئيس عراقي ... أم عربي لجمهورية العراق....؟؟
-
دردشة مع والدتي ...حول نتائج الانتخابات العراقية.....( 5 )
-
دردشة مع والدتي... حول الانجازات والتغيير في العراق ..... (
...
-
توقفوا رجاء... دعوا هذا الموكب يتقدمنا... إنها المرأة...
-
دردشة مع والدتي ... حول المرجعية وحكومة المالكي .... (3)
-
هل يصبح تزوير الانتخابات وظيفة حكومية في العراق الجديد...؟؟
-
دردشة مع والدتي حول هدايا المالكي الانتخابية لرؤساء العشائر.
...
-
العفو عن سلطان هاشم وزملائه .. أفضل للعراق من إعدامهم....؛؛
-
وا حسيناه ..... جئنا لنجدتك.....؛؛
-
دردشة مع والدتي حول الانتخابات العراقية القادمة...؛؛
-
الأحزاب الدينية الحاكمة... وخيارات الناخب العراقي...؛؛
-
لم كل هذا الفزع من البعثيين.....؟؟
-
المساعي الأمريكية لأحتواء أزمة - قرار الاجتثاث -
-
لا عودة للبعث الصدامي... قولوا ذلك ولا تترددوا...؛؛
المزيد.....
-
م.م.ن.ص// هل كان ممكناً ألا تسمع اصواتهم؟ ...انتفاضة العاملا
...
-
عمر محمد علي يقضي عيد ميلاده العاشر خلف القضبان
-
الهدنة تعيد الجنوبيين إلى قراهم اللبنانية
-
مكافحة الإرهاب في لندن: ستة أشخاص رهن الاعتقال بسبب صلاتهم ب
...
-
مسلمو بريطانيا قلقون من اليمين المتطرف
-
العاصمة مغلقة والإنترنت مقطوع وسط اشتباكات بين متظاهرين والش
...
-
النهج الديمقراطي العمالي يساند ويدعم النضالات والاحتجاجات ال
...
-
أهالي بلدات وقرى جنوب لبنان يسارعون للعودة إلى مساكنهم رغم ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
كلمة عمال وعاملات شركة سيكوم/سيكوميك بمناسبة اليوم العالمي ل
...
المزيد.....
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|