تخيل دولة عربستان لتفهم دولة كردستان

حسنين السراج

الحوار المتمدن-العدد: 2956 - 2010 / 3 / 26 - 01:08
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    

الوطن لم يكتسب هذا الأسم الا لأنه يحتضن المواطن, لو أخذ الأنسان كل شيء ببساطة وأعاده الى الغايات الأساسية لتجاوزنا الكثير من الأزمات الفكرية والسياسية والأجتماعية , أزمة الوجود والذات كثيرا ما تلازم الأنسان وتأخذ الكثير من مجهوده الفكري , أما على صعيد الشعوب فالأمر لا يقل تعقيدا في أزمة أثبات الذات , الشعور بالتهميش وعدم القدرة على أثبات الذات يولد شعور كبير بالألم والأنكسار والشعور بالظلم , أثبات الهوية القومية من أهم القضايا التي بذل الشعب الكردي الكثير من الجهد لأثباتها , الكرد هم الشعب الوحيد في المنطقة الذي ليس لديه دولة والشعب الوحيد الذي يتواجد في أربع دول , قد يكون كرد العراق أكثر الكرد حظا من ناحية الحصول على الحقوق ومن ناحية أثبات الذات والوجود , من الصعب على الأنسان العربي الولوج الى وجدان الانسان الكردي وفهم معاناته وطريقة تفكيره , قد تكون افضل طريقة لفهم الاخر هي أن تضع نفسك مكانه لكن من الصعوبة أن يتخيل الأنسان أنه من قويمة أخرى ليفهم الاخر لأسباب كثيرة منها اللغة والبيئة والمجتمع والأنتماء للأرض والعادات وغيرها من العوامل التي تؤدي الى نتائج صفرية لا جدوى منها , لكن هناك طريقة أفضل وأكثر نجاح لفهم الاخر وهي أن تسقط واقعه السياسي والأجتماعي والقومي على واقعك لتجد نفسك غارقا في وجدانه وعقله والية تفكيره ولتبسيط المقصد لا بد من أيراد مثال :
تخيل أن هناك أكثر من 20 دولة كردية وتخيل أن العرب ليس لديهم دولة ويمثلون أقلية عددية أمام الكرد , وتخيل أن العرب موزعين على أربع دول منها دولتان كرديتان أضافة الى أيران وتركيا وتخيل أن القادة الكرد يعتبرون العرب جزء من الامة الكردية ولا يعطون للعرب الحق في تأسيس دولة عربية تجمعهم .
ما هو شعور الانسان العربي لو كان هذا واقعه ؟؟؟
قد يكون شعوري بالأنتماء للعراق يفوق اي شعور بأي أنتماء اخر قومي أو ديني لكني لا زلت عربي النسب
وهذا واقع أورثه لأبنائي وورثه لي أجدادي ليس لي فيه يد , لو كان ما سبق هو الواقع العربي لكان حلم حياتي هو الدولة العربية الكبرى أو دولة عربستان تناغما مع دولة كردستان
الأنسان أهم من الأرض فالأنسان يحلم ويعشق ويتأمل ولديه رغبات مادية و معنوية غير مشبعة يعبر عنها بطرق مختلفة أما الأرض فهي أداة بيد الانسان لها مكانة في قلبه وأثر في ذكرياته وأنتمائه , لو كنا أنا وأخي نعيش في بيت واحد لكن بمرور الزمن وجدت أن أخي يعاني من أزمة الهوية والذات بسبب الرغبة الكبيرة بأن يكون له منزل يميزه فلن يكون هناك فائدة من التمسك في أبقائه معي في بيت واحد دون رغبته بل سيكون لذلك رد فعل عكسي أما لو أصبح له بيته الخاص سينتهي من أزمة الهوية وستعود علاقتي به حميمة ومتينة
قد يكون أكراد العراق أكثر الاكراد حظا في الحصول على حقوقهم المادية والمعنوية وقد يكونوا أكثر حظا من باقي العراقيين في جانب الأستقرار والأعمار الا أن هذا كله لا أعتقد أنه سيطفأ حلم دولة كردستان من الذات الكردية ,
عربي النسب وأحلم بدولة كردستان وكأني أحلم بدولة عربستان لو كان الواقع الجغرافي والسياسي العربي نفس الواقع السياسي والجغرافي الكردي
من الضروري فهم الاخر لأيجاد طريقة للتواصل خالية من الأستفزاز وليكون الحوار أكثر هدوء وتروي
حين تكون هناك دولة كردستان ستتغير الكثير من الأمور بشكل مثير للدهشة , قد يكون الحديث عن دولة كردستان نظري جدا بسبب وجود عوائق اقليمية ودولية تحول دون ولادة هذه الدولة لكن لا أجد الا الخوض في ما هو نظري للوصول الى نتائج قد تفيدنا كأفراد في تفسير الكثير من الأمور
أعتقد أن وجود دولة كردستان سيغير الأطار الفكري للنخب الكردية بشكل متسارع يؤدي الى أنفتاح فكري وسياسي على الواقع العربي والعراقي بالخصوص , وفي كل الأحوال سيبقى العراق بلد تمثل القومية الكردية فيه مكون أصيل حتى لو أصبحت كردستان دولة لأن الكرد متواجدين في جميع أنحاء العراق وفي كل محافظة هناك حي بأسم حي الأكراد , أعتقد أن دولة كردستان ستؤدي الى توازن الواقع السياسي العراقي من ناحية داخلية سيكون ترتيب الوضع الداخلي أكثر سهولة , ومن ناحية خارجية من باب أن العراق بحاجة الى جار جديد حليف يخفف عنه الضغط الأقليمي المضاد للديمقراطية كل هذا الكلام نظري جدا وبعيد عن الواقع السياسي الحالي لكن من يعلم ما هي المتغيرات التي ستحصل غدا ؟وهل كل ما يحدث متوقع ؟
ستبقى دولة كردستان حلم يدغدغ الوجدان الكردي ولو ولدت دولة كردستان سيبقى الأنسان الكردي يشعر بحنين شديد للعراق وللتراث العراقي والثقافة العراقية دون أي حساسية .
في أمان الله

#حسنين_السراج (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات