|
الصابئة المندائيين الاصلاء .. الى اين؟
لينا هرمز
الحوار المتمدن-العدد: 2955 - 2010 / 3 / 25 - 12:52
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
بلد في فوضى وشعب خائف ومحاصر في مناطق مقسمة على أساس طائفي وعرقي، او نازحين بأعداد كثيرة هربا من عنف متفاقم ومتزايد ومترصد. بلد فيه شعب من مختلف الديانات والقوميات ومعروف بعراقته وحضارته وأصالته، شعب أسهم منذ الحضارات القديمة في بناء حضارة وادي الرافدين مرورا بالحضارة الآشورية والسومرية والاكدية والآرامية والدولة الإسلامية، وانتهاءا بالدولة العراقية، شعب له جذور عميقة مغروسة في هذا العراق (سكان مابين النهرين الأصليين) الذين عانوا عقودا من التهميش والتمييز وطمس الهوية القومية وهضم الحقوق وإرهاب منظم، مجتمع بكل ما يمر به من محن ومعاناة ليس هذا فقط، بل زاد عليه انه مهدد في انهيار تراثه وأصالته المتجذرة في بلاد ما بين النهرين!! شعب يجب ان يسمى بمسمياته وقومياته وليس بأقليات فهذا هو تهميش له بحد ذاته!! شعب كان يتطلع بعد 9/4/2003 الى التغيير الجذري للحياة العراقية،ويتطلع الى المشاركة الجماعية في بناء العراق الديمقراطي التعددي، الذي يضمن حقوق كافة مكونات الشعب العراقي السياسية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية بشكل عادل وواضح،هؤلاء الذين نتكلم عنهم مثلما عليهم واجبات قدموها للبلد، فلديهم حقوق ايضا ويجب ان تراعى. والمادة (14) من الدستور العراقي قد نصت على ان [العراقيين جميعهم متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل او اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد او الرأي ....]، وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 نص بما يلي: ــ يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق،وقد وهبوا عقلا وضميرا وعليهم ان يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء. ــ لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات الواردة في الإعلان بلا تمييز بسبب العنصر أو الدين او الرأي السياسي او أي رأي آخر. ــ لكل إنسان حق في حرية الفكر والدين وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره. إذن لِمْا الإصرار على مصادرة وتهميش وركن حقوقهم في الحياة العراقية على الرغم من أنهم جميعا شركاء في وطن واحد هو العراق!!! عراقة سكان مابين النهرين الأصليين وفي بلد كالعراق بلد الحضارات والأعراق المتعددة، ويتميز بتعدد أطيافه القومية والمذهبية والدينية منذ القدم من مسلمين ومسيحيين ويزيديين والأكراد والأرمن والتركمان والشبك والبهائيين والكاكائيين، الى جانب هؤلاء جميعا يعيش أشقائهم في الوطن (الصابئة المندائيين) سكان بلدنا الأصليين والذين يعدون من ضمن النسيج الديمغرافي العراقي ومن مكوناته الأصلية التي ساهمت في بناء تاريخ العراق وثقافته، وتوطنوا العراق منذ آلاف السنين، فتاريخهم هو جزء من تاريخ العراق الطويل. وسنقدم نبذة صغيرة ومختصرة عن عراقة وتاريخ هذا الشعب: المندائيين او الصابئة المندائيين أصحاب الديانة المندائية وهي من أقدم الديانات الموحدة في التاريخ، ويمتازون بلباسهم الأبيض رمز السلام وطقوسهم التطهيرية في الماء الجاري. وجاءت تسمية هذه الديانة مركبة من جزئيين: الأول (الصابئة): وهي مشتقة من الفعل الآرامي المندائي (صبأ) وتعني بالعربية (اصطبغ) لكون الاصطباغ (التعميد) احد أهم العقائد التي تقوم عليها، والثانية (المندائية): وهي مشتقة من الاسم الآرامي المندائي (مندى) وتعني بالعربية (العلم أو المعرفة) وبهذا يكون المعنى الكلي للتسمية الصابئة المندائيون هو (المتعمدون بالمعرفة) ويرجع الكثير الصابئة المندائيين إلى شعب آرامي عراقي قديم، ولغته هي اللغة الآرامية الشرقية المتأثرة كثيرا بالأكادية، استوطنوا وسط العراق وبالأخص المنطقة الممتدة من بغداد وسامراء من ناحية دجلة . كان المندائييون قد اعتبروا من قبل الإسلام على أنهم من أهل الكتاب، إذ ان التعبير (الصابئين) الذي ورد في القرآن الكريم، في ثلاث آيات (الآية: 62/البقرة ــ 69/المائدة ــ 17/الحج) كانت تقصد تلك الجماعة العراقية التي آمنت بالتوحيد واتخذت التعميد شعارا ورمزا لها. موطن الصابئة هو العراق أو الأصح (بلاد مابين النهرين)، ويسميهم العراقيون بالعامية (الصبْه) ويعيشون على ضفاف الأنهار وخاصة دجلة، وهم جزء من سكان العراق الأوائل عبر تاريخه الحضاري. لقد ذكر المؤرخين العرب القدماء بان الصابئة كانوا يسكنون بطائح العراق، وفي أماكن غير بلاد وادي الرافدين منها حران وفلسطين والشام، وهم عموما يسكنون على ضفاف الأنهار لِمْا للماء والطهارة من أهمية في حياتهم الدينية والروحية، أما الان فمركز الطائفة هو مدينة بغداد إضافة الى تواجدهم في أغلبية المحافظات العراقية، وكذلك في مدينة الأهواز والمحمرة في إيران. والأحداث السياسية والاقتصادية التي ألمْت المنطقة في السنوات الأخيرة، اضطر الصابئة المندائييون الى الهجرة الى البلاد المجاورة والبلاد الأوربية وأمريكا وكندا واستراليا، ولقد شكلوا بتجمعاتهم الجديدة هذه جمعيات تعني بشؤونهم ويحاولون جاهدين الى الان المحافظة على تراثهم العريق وهويتهم الأصلية، ويبلغ تعدادهم الان تقريبا 70 ألف نسمة في العالم . معاناة الإخوة الصابئة وأعمال العنف استهدفت جميع العراقيين، ولكن وبحسب التقارير فان ما حصل للمسيحيين في الموصل من إرهاب قد حصل للصابئة المندائيين الذين تضرروا من جراء الملاحقات والتفجيرات الكثير جدا، ووقعتهم في محن كبيرة تهدد حياتهم ووجودهم في ارض أبائهم وأجدادهم، مما اضطرهم وبإعداد كبيرة من مغادرة العراق بعد ان تعرضوا الى أعمال الخطف والقتل والتكفير ومطاردة نساءهم وإلزامهم بالحجاب قسرا، واستعمال الضرب والتعذيب ضدهم وقطع رزقهم بالعيش والتطهير العرقي، وغيرها من الأمور التي لا تمد للإنسانية بصلة!! تاركين كل شيء خلفهم، هاربين طلبا للنجاة مما تبقى منهم في دول الجوار.. وبحسب الإحصاءات السكانية والتي تختلف وتظل الأرقام التي تذكر مجرد تقديرات يتم الحصول عليها من منظمات غير حكومية، حيث كان عدد الصابئة المندائيين يقدر بأكثر من 60 ألف عام 2003 من أصل قرابة 100 ألف صابئي يعيشون في العراق، ولكن اليوم تراجع عددهم بحيث لا يزيد عن 3 آلاف نسمة.ولان الديانة المندائية تحرم على أفرادها استخدام العنف، فأنهم أصبحوا أهدافا سهلة للجماعات الدينية المتطرفة والتي مارست مختلف الأعمال الإجرامية بحقها. هذه الفئة الصغيرة التي انتم بصدد إنهاء وجودها في يوم ما كان لها دور في تقدم البلد وازدهاره وقدمت الكثير من التضحيات في سبيله... كل إنسان في هذه الدنيا مخير وليس مسير، وليس من حق أي شخص ان يقف في طريق الآخر مادام لا يسبب مضايقات لأحد، والصابئة المندائين طائفة محبة للسلام ولم يسببوا الأذى لأحد على العكس تماما!! ونذكر ونقول بان الفجوة الأمنية والحدود المفتوحة للبلد ساعدت ووفرت فرصا كبيرة لقطاعي الطرق والقتلة المحترفين والمتمرسين على الإجرام من ممارسة إرهابهم وجنونهم بحق أبناء الشعب العراقي والتي اختلفت باختلاف أساليبها من اختطاف الأطفال والنساء واستخدامهم في الدعارة، والقتل والسرقة ونشر المخدرات، وكذلك العنف والكراهية والتشرذم والحروب الداخلية والتي أصبحت جميعها مفردات اللغة السائدة، وجزء من الحياة اليومية الذي لا يمضي يوم بدون ان نسمع عن خبر قتل او انفجار او خطف، وهذا يعكس بصورة سلبية على الجهود المبذولة أو التي تبذل للخروج من البلد من هذه الظروف التي ترهقه وتوقف عجلة التقدم التي يسير بها إلى الأمام. ويبقى السؤال الأهم والذي الجميع يسأله، كيف يمكن إنهاء كل هذا ووقف هذا التقاتل الدموي ضد أبناء شعبنا؟ أي ذنب اقترفهُ؟ هلْ هكذا يكافئ لأنه ضحْى بحياته وبالكثير من الشهداء في سبيل تحرير البلد وحماية شعبه، وطبعا هذا من واجب كل حر وشريف يعيش في بلده عليه ان يحميه ويدافع عنه؟ ولكن نسال ما هو مصير الأجيال القادمة؟؟ وطبعا الإجابة غير موجودة كالعادة ويبقى مجرد سؤال يسال، علْ وعسْى نجد الإجابة عليه يوما ما!! ولكن يبدو من واقع الحال المتعايش ان الذي نتكلم به، نتكلم به مع أنفسنا ونحن نسمعه!! ماذا نفعل ان كان لأحد يسمع، فقط يريد ان يسمع صدى نفسه ومصالحه ويكملها على أكمل وجه!! وأخيراً نقول: نحن أبناء الشعب العراقي نعيش في بلد متعدد الطوائف والقوميات، وهذا لم يولد اليوم عند احتلال العراق وبروز هذه الظواهر، بل سكانه الأصليين موجودين منذ آلاف السنين، اي منذ الحضارات القديمة كما ذكرنا. أذن نحن بحاجة ماسة الى تقبل واحتضان كل منا الآخر، نقبله على دينه وقوميته وعلى طائفته، كما هو وليس كما نريد ان نراه، وهذا القبول الذي نحن بصدده بحاجة الى حوار بناء قائم على الفهم والإرادة المشتركة بين جميع الطوائف، وعلى روح الإخاء والتسامح وليس بفرض أرادة على أخرى، وكأخوة نعيش بسلام مثلما كنا، وان نضع كل طاقاتنا في التوجه العام نحو بناء عراق ديمقراطي راقي نستمر ونبني ونسير معا فيه نحو الأفضل بروح ديمقراطية واخائية، من اجل الحفاظ على قيمنا الروحية وتقاليدنا وعاداتنا واصالتنا... وهذا كله لن يتحقق ونجني ثماره، الا اذا حاربنا منطق العنف والممارسات العنفية والوقوف ضدها بكل قوة وعدم السماح لها بالنمو، والأخوة الصابئة المندائيين من سكان البلاد الأصليين وسيبقون كذلك على الرغم من فئتهم الصغيرة وعلينا تقدير ما فعلته هذه الطائفة من اجل العراق، فهم تحملوا مثل غيرهم هموم البلد ومسؤولياته وقدموا الكثير من التضحيات والشهداء فداء لهذا البلد لحمايته من المعتدي،فهم موجودين على ارض العراق وارض أبائهم واجدادهم منذ القدم، وهم شركاء فيه وفي الحقوق والانتماء اليه، و جميعنا يعلم بانه لا أكراه في الدين، والاختلاف في الدين واللغة والمعتقدات شيء خلقه الله علينا منذ بدء الخليقة وهذا لا يعطينا الحق بقتل وتهجير وظلم المختلفين عنا وتطهيرهم عرقيا. ونذكر الجميع بان الدستور العراقي في (المادة الثانية ــ الفقرة 2 ) تقول (ان الدستور العراقي يضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية: كالمسيحيين والايزيديين والصابئة المندائيين)، أي احترام مختلف الأديان والمذاهب وعدم التعرض لها وحمايتها من كل اعتداء او تمييز او تعصب .. مرحباً باعياد الصابئة المندائيين وكل عام وانتم وشعبكم العراقي بكل خير وأمان، وحقوقكم هي حقوقنا ايها الاصلاء الهيئة العالمية للدفاع عن سكان مابين النهرين الأصليين عضو هيئة الرئاسة
#لينا_هرمز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقوق المراة واليوم العالمي للاحتفال بعيدها
-
جريمة العصر في القوش
-
المخدرات والارهاب وجهان لعملة واحدة
المزيد.....
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|