|
الجبهة الديمقراطية .. هل من مراجعة!!
هاني حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 2954 - 2010 / 3 / 24 - 18:08
المحور:
القضية الفلسطينية
الحصن المنيع امام محاولات تدمير منظمة التحرير الفلسطينية
لبى معظم الصحافيين الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة، دعوة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين لتكريم الصحافي الفلسطيني لمناسبة الذكرى الحادية والاربعين لانطلاقة الجبهة، جمهور واسع عريض غص به المكان الذي ازدحم بهم، وكان من اللافت هذا الحضور الكبير، لأن هواتف المدعوين الجوالة، تلقت عدة رسائل قبيل موعد الاحتفال تقول ان الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قد ألغت دعوتها، أثناء الحفل، تلقت ذات الهواتف رسالة قصيرة مفادها ان الصحافيين قاطعوا الاحتفال الذي دعت اليه الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. وقد حاولت شخصياً، البحث عن مدخل للحديث عن هذه الذكرى، وكان من الصعب بالنسبة لي أن أتجاوز هذه المناسبة من دون تناولها، ليس فقط لعلاقاتي الشخصية الودية مع كوادر هذه الجبهة قبل قيادتها، ولكن لأن مثل هذه المناسبة قد تشكل نوعاً من انواع المراجعة الضرورية في هذه المرحلة الصعبة من تاريخنا الوطني، الصعوبة انني سبق وتناولت الامر ذاته، في المناسبة ذاتها العام الفائت، وبحثت عن جديد ربما يمكن ان نتحدث عنه خلال هذا العام بين المناسبتين، فلم أجد شيئاً يستحق التناول، والشيء الوحيد الذي لفت انتباهي اثناء هذه المراجعة، ان الجبهة الديمقراطية ما تزال مناضلة، مستمرة ثابتة على مواقفها المعروفة، من دون ان تؤثر على الوضع الداخلي الفلسطيني الذي هو ذاته ظل على حاله خاصة لجهة استمرار الانقسام. عاودت قراءة مقالتي التي نشرت العام الماضي عن الجبهة الديمقراطية بعد أربعين عاماً من تأسيسها، ووجدت ان المقال كما هو، صالح للنشر، واكتشفت انني أنا ايضاً لم أتغير، كالجبهة الديمقراطية، وكالوضع الفلسطيني العام، اكثر من ذلك، تذكرت احتفال الجبهة الديمقراطية ودعوتها للصحافيين العام الماضي، وقارنت بين الوجوه مع هؤلاء الذين حضروا ولبوا الدعوة هذا العام، فاكتشفت انها نفس الوجوه، وحتى الكلمات التي ألقيت في هذه المناسبة، كانت صالحة للإلقاء في العام الماضي.. وأخشى أن تظل صالحة للعام القادم! في حفل هذا العام بحضور الجمهور الصحافي الفلسطيني المقيم في قطاع غزة، وعند بدء الاحتفال بعزف النشيد الوطني الفلسطيني، كنت منتبهاً الى شيء كان يفترض أن لا يكون عادياً، فقد خشيت أن يعزف "نشيد وطني" آخر، حدث ذلك، مرات بالخطأ، ومرات لسبب آخر، أن يعزف نشيد آخر، أعتقد أن موسيقى "بلاد العرب أوطاني" وهو نشيد جميل وموسيقى جيدة، وربما من وجهة نظر شخصية، هو افضل من النشيد الوطني الرسمي (بلادي) ومع بداية العزف، تعرفت مجدداً الى نشيدنا الوطني (بلادي) وأقول تعرفت، لأن هذا النشيد، لم يعد يسمع إلا نادراً، وحتى في المناسبات الوطنية يتم الخلط به، بالصدفة او بالعمد، اقول ذلك، في محاولة جاهدة مني للإشارة، الى ما تغير رغم اننا لم نتغير. فعندما يصبح عزف النشيد الوطني الرسمي الفلسطيني، مطلباً وطنياً، وأمراً يستحق القلق من استبداله، بصرف النظر عن المبررات والأسباب، فهي إشارة ولا أوضح أننا نعيش في حالة كارثية حقيقية. محاولة تخريب الاحتفال من خلال إشاعة إلغائه، هي جزء من تصد لكل ما تمثله الجبهة الديمقراطية من مكانة في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، المقاتلة والمحاربة على الجبهات الميدانية العسكرية والسياسية والثقافية والإعلامية والاجتماعية، وقوف الجبهة الديمقراطية، كحصن منيع للحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية والتصدي لمحاولات تدميرها، هو ما تستحقه من قبل هؤلاء الذين وجدوا في ذلك مبرراً كافياً لتخريب احتفال الجبهة الديمقراطية، الجبهة الديمقراطية ظلت على حالها، وعلى موقفها، الا ان فنون التصدي لمواقفها الوطنية هي التي تجددت من خلال اساليب لم يعهدها العمل الوطني الفلسطيني طوال تاريخه الحافل بالعطاء، لذلك تعمدت ان ابدأ مقالتي بما حدث من محاولة تخريب لم يكتب لها النجاح. وكنت آمل أن لا يظل خطاب الجبهة الديمقراطية، هو ذات الخطاب التقليدي، الذي يفسح المجال لتعداد الانجازات التاريخية، على حساب قراءة الواقع والخروج بالأسباب وراء هذا التراجع الوطني الكبير على كافة المستويات، ذكرى التأسيس هي مناسبة للمراجعة وليس للاحتفال، بل ان الاحتفال ذاته يجب ان يكرس أساساً للمراجعة وليس لمجرد التغزل بإنجازات الماضي، هذا ليس تنكراً للتاريخ والتجربة، كما انه ليس بالضرورة مسرحاً لاستعراض جلد ذاتي، المطلوب وقفة موضوعية لا اكثر ولا اقل، إذ ليس من المعقول، ان تتحدث الفصائل عن انجازاتها، من دون ان تتلمس اسباب ما نحن فيه من كوارث، هي جزء منها، كسبب ونتيجة. وقبل أيام صدر كتاب "اليسار الفلسطيني الى أين.. اليسار الفلسطيني يحاور نفسه ويتأمل مصيره" للكاتب القيادي السابق في الجبهة الديمقراطية الباحث جميل هلال. كتاب كان ينبغي على كل اليسار أن يحتفي به رغم ان الكاتب والكتاب كان أبعد من أن يكون مجرد وقفة مراجعة، اليسار يتأمل مصيره، من خلال أفراد، أما الفصائل، فهي تتأمل نفسها من خلال مرآة لا تظهر تجاعيدها، بل اشراقة الوجوه أمامها، وقبل أن نصل الى استنتاج ما، لعل هناك يساراً يتمثل في يسارين، اكثر من ان يكون هناك يسار ممثل من خلال فصائل، اليساريون الافراد يتأملون مصير يسارهم، بينما تعجز الفصائل والاحزاب عن القيام بهذا الدور الذي نعتقد انه جوهر وجودها. لندع هذه الذكرى، للجبهة الديمقراطية وكافة فصائل وأحزاب اليسار، فرصة للمراجعة والنقد الموضوعي، وليس المطلوب هو توزيع الاتهامات بقدر ما هو مطلوب توجيه النصائح، نحن لسنا أمام محاكمة بقدر ما نحن أمام حقائق على الارض، تحاول فصائل وأحزاب اليسار الوطني الفلسطيني تجاهلها. كل التحية للجبهة الديمقراطية، قواعد وكوادر وقيادة، فرغم كل ما يمكن ان يقال، فإنها ما تزال الحصن المنيع أمام محاولات تدمير منظمة التحرير الفلسطينية، وهو سبب كاف في هذه الاوقات الصعبة لكي نشد على ايديها بحزم وقوة والى الأمام!!.
#هاني_حبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جورجيا- هناك حرب.. هناك اسرائيل!
-
الخطة الأمنية وملاحظات زيدان
-
العلمانية .. واجتهادات عربية متناقضة!!
المزيد.....
-
إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي
...
-
إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي
...
-
ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
-
سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
-
جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
-
ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟
...
-
كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
-
الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة
...
-
ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل-
...
-
الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|