|
ملف الاشتراكية ما يزال مغلقا ... فمن يفتحه .....؟؟ .....( 4 )
علي الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 2954 - 2010 / 3 / 24 - 00:18
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
" لسنا على عجالة من أمرنا ، سنصبر حتى نتمكن من القضاء على الدولة السوفيتية. " ( ألن دالاس --- رئيس دائرة الاستخبارات الأمريكية عام 1941 )
كتب أنطوني إيدن رئيس وزراء بريطانيا الأسبق إبان أزمة قناة السويس 1956 في الجزء الأول من مذكراته قائلا: " في عام 1941 كان لي اجتماع مع جوزيف ستالين بموسكو ( ديسمبر 1941 ) في نفس الوقت الذي كان الألمان قد اقتربوا من موقع الاجتماع حيث كانت أصوات مدافعهم تسمع أثناء مناقشاتنا. وقد انسحب رجال السلك السياسي ومعظم أعضاء الحكومة إلى كوايشيف ، ولكن ستالين ظل فيها ، لقد ثبت وانتصر، فأنقذ بلاده " وجاء في مذكراته أيضا في نفس الصفحة 89 من الترجمة العربية للمذكرات : " ظل ستالين أكثر من ربع قرن يحكم امبراطورية على غرار طاغية شرقي ، لكن هذه الطريقة كانت أكثر نجاعة وفعالية بواسطة الأساليب العصرية في الاقناع والحسم. وقد دفع ببلاده بعناد إلى طليعة الدول الصناعية في العالم. وتمكن من تقديم التضحيات التي لا مثيل لها ، مما مكنه من هزم الغزاة الألمان ، ومهما كان الأسلوب سيئا ، فإن نطاق الأعمال العظيمة التي حققها ستالين ، كان هائلا ، ولم يقلل من قيمته الثمن الباهظ الذي قدمه من آلام الانسانية ". كان هذا قبل أربعة وأربعين عاما من تسلم كورباتشوف للسلطة ، حينها كان بناء الاشتراكية والدفاع عن الوطن السوفيتي كلا واحدا ، ولم يكن للقيادة السياسية لينين أولا وستالين بعده أي شك في قدرة الشعب السوفيتي على ذلك. وكان الانتصار على الحروب الداخلية التي قادتها بقايا البرجوازية في المدن والريف بمساعدة الدول الرأسمالية قد عززت من قدرة النظام الاشتراكي على إعادة بناء الدولة السوفيتية ، وبناء قاعدة صناعة لبت احتياجات التطور الاقتصادي اللاحق ومكنت البلاد بعد ذلك من الصمود أمام الحصار الاقتصادي الذي فرضته الدول الرأسمالية المتقدمة لاعاقة تقدم الاشتراكية. وعندما شنت الفاشية حربها العالمية الثانية كان لتلك الصناعة الدور الحاسم في دعم ورفع القدرات العسكرية ليس فقط للدفاع عن الدولة الاشتراكية الوليدة ، بل ومعاقبة العدو وملاحقته حتى تدميره داخل حدود دولته ، واجباره على الاستسلام دون قيد أو شرط. كان الجيش الأحمر السوفيتي قد لاحق الجيوش الهتلرية حتى العاصمة برلين في معركة بطولية لا سابقة لها. كان ثمن الانتصار على الفاشية باهظا جدا ، لكنه كان ضروريا وواجبا ، تطلبته مهمة الدفاع عن الوطن السوفيتي والنظام الاشتراكي. في معركة احتلال برلين وحدها فقد الجيش الأحمر خمسة آلاف من جنوده ، أما مجمل تضحيات الشعوب السوفيتيه ، فقد تجاوزت الأثنين والعشرين مليونا من المواطنين. كان هذا قبل أن تنجح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الغرب من تنفيذ ستراتيجيتها البعيدة المدى التي وضعتها في أربعينيات القرن الماضي ( 1941 )، لتدمير الاتحاد السوفتي بمختلف الوسائل بما فيها تنظيم الانقلاب العسكري للاطاحة بالسلطة السوفيتية. كان قد أشرف على وضع وتنفيذ ذلك المخطط مدير الاستخبارات الأمريكية حينها ألن دالاس. نقل عنه كما ذكره في وثيقة سرية تضمنت تلك الاستراتيجية قوله : " لسنا على عجالة من أمرنا ، سنصبر حتي نتمكن من القضاء على الدولة السوفيتية. " لقد نجحوا أخيرا ، بعد أن تمكنوا من تنمية وتربية جيل من المثقفين الدجالين الذين يجيدون الثرثرة ، ولهم القدرة على إقناع وتعمية مجتمعهم لحمله طواعية لتقبل تغييرات ثقافية وسياسية واقتصادية ، مقابل تخليهم عن نظامهم الاقتصادي والسياسي ومكتسباتهم التي تراكمت لهم عبر العقود السبعة الماضية ، بتضحيات مادية وبشرية لن يستطيع العالم حصرها وتقدير قيمتها في أي وقت الآن أو في المستقبل. ظهور كورباتشوف كمنفذ للاستراتيجية الأمريكية لم يبدأ إلا في عام 1987. قبل ذلك كان تسلق مواقع عدة في الحزب الشيوعي السوفيتي حتى اصبح عضوا في المكتب السياسي ، لبق ونشط وودود مع رفاقه وشركاءه في الهيئات الحزبية التي عمل فيها ، وفي مجالات الاقتصاد والتخطيط والسياسة. ظهرت شخصية كورباتشوف الحقيقية في عام 1987 عندما بدأ مخططه التخريبي الشامل للتغيير السياسي الذي لم يفصح عنه خلال وجوده في اللجنة المركزية للحزب ، ولا خلال عضويته لمكتبه السياسي ، ولا حتى بعد انتخابه سكرتيرا عاما للحزب بعد وفاة فسطنطين شرننكو. عند انتخابه سكرتيرا عاما للحزب في عام 1985 ، وخلال العامين التاليين كان النقاش والجهد موجها على برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي بدأ العمل به ، كما نصت عليه الوثائق الاثني عشر التي أعدت خصيصا للبرسترويكا في عام 1982 في عهد اندروبوف سكرتير الحزب الشيوعي الأسبق. في عام 1987 رفض مجلس الشعب السوفيتي بأكثرية ساحقة اقتراح كورباتشوف برفع الفقرة السادسة من دستور الدولة التي تنص على" أن للحزب الشيوعي الدور القيادي في إدارة الدولة السوفيتية " . لكنه لم يستسلم ، فأعاد الكرة ثانية في 5 - 7/ 2 / 1990 وطرح اقتراح التعديل مجددا على اجتماع اللجنة المركزية للحزب بعد أن أزاح مسبقا الأعضاء الذين يتوقع اعتراضهم على مقترحه ونكل بهم ، وأحل عددا من مواليه في مكانهم . عندها حصل على موافقة اللجنة المركزية على الغاء دور الحزب القيادي في السلطة وتغييرات كثيرة أخرى تسمح بالتعددية الحزبية وإلغاء النظام الاشتراكي ودور الدولة في إدارة الاقتصاد ، وإحلال النظام الرأسمالي بدلا عنها . بعبارة أخرى إلغاء نظام التخطيط الاقتصادي ، وإطلاق يد الرأسمال الخاص أجنبيا كان أو محليا لقيادة النشاط الاقتصادي في أي حقل من حقول حياة المجتمع السوفيتي. ووفق السياق المعمول به يجب عرض التعديلات المقترحة على مؤتمر الحزب الشيوعي السوفيتي المقرر انعقاده في آذار من نفس العام. كان كورباتشوف قد أعد قائمة بمن سيحضر لذلك الاجتماع وكذلك لمؤتمر نواب الشعب الذي يليه في تاريخ لاحق ، وقد حصل بالفعل على ما أراد. جاء صدور موافقة الاجتماع الكامل للجنة المركزية للحزب على تلك التعديلات عشية زيارة السيد جيمس بيكر وزير خارجية جورج بوش الأب لموسكو ، المخطط لها مسبقا ليوحي كورباتشوف للزائر الضيف ولقادته في الادارة الأمريكية ، أنه قادر على الايفاء بوعوده منعا للشك وعدم اليقين. كان يتهافت لتقديم التنازلات ، بينما كان الغرب يرفع من سقف شروطه السياسية عليه. لقد تم التوقيع اثناء زيارة جيمس بيكر على عدد من الاتفاقيات والتفاهمات بين البلدين ، وقبل وصوله مارا بالعاصمة الجيكية براغ حذر من إعاقة وتباطؤ وتيرة الاصلاحات في جيكوسلوفاكيا وألمانيا الديمقراطية ، وربط بين استمرار الاصلاحات و المساعدات الأمريكية لهذه الدول، وحث على إلغاء النصوص الدستورية التي تقر بالدور القيادي للحزب الشيوعي في السلطة كشرط لتلقي تلك المساعدات. عمليا وبعد نجاحه في شرعنة التغييرات السياسية في بلاده والبلدان الاشتراكية الأخرى ، وبعد عقده عدة اتفاقيات حول نزع التسلح والتخلي التدريجي عن ترسانة السلاح الذري وتسلمه لجائزة نوبل للسلام ، بدأ غرور كورباتشوف بالتصاعد سريعا معبرا عن نفسه كمصلح للعالم ورسول للسلام ، حيث كان الاعلام الغربي الموجه وراء شعوره ذاك. و تحت تأثير وسحر ذلك الاعلام الموجه ، راح الرأي العام الدولي يتداول اسمه كرجل سلام وتجديد ، أما الحفاوة التي كان يستقبل بها في الدول التي يزورها ويمضي فيها أكثر وقته ،فقد فجرت فيه شعورا طاووسيا بالعظمة. و خلال زياراته تلك وفي المحاضرات التي كان يلقيها في المحافل المختلفة بناء على دعوات منظمات وجامعات غربية ، بدأ في الافصاح عن الدور التخريبي الذي صمم على القيام به منذ بداية مشواره السياسي في الحزب والدولة ، ولم يشعر بالحرج أو التردد عن تكرار ادعاءاته بأنه منذ شبابه كان يخطط لتحطيم الحزب الشيوعي السوفيتي وإنهاء الاشتراكية. علي ألأسدي يتبع
#علي_الأسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملف الاشتراكية ما يزال مغلقا ...فمن يفتحه ...؟؟...(3 )
-
ملف الاشتراكية ما يزال مغلقا ...فمن يفتحه ...؟؟...(2 )
-
ملف الاشتراكية ما يزال مغلقا... فمن يفتحه ....؟؟....(1 )
-
مجرد سؤال ... من أين لك هذا ... يا هذا...؟؟
-
الصمت الأمريكي على التزوير... صفقة مقايضة غادرة بحق العراقيي
...
-
رئيس عراقي ... أم عربي لجمهورية العراق....؟؟
-
دردشة مع والدتي ...حول نتائج الانتخابات العراقية.....( 5 )
-
دردشة مع والدتي... حول الانجازات والتغيير في العراق ..... (
...
-
توقفوا رجاء... دعوا هذا الموكب يتقدمنا... إنها المرأة...
-
دردشة مع والدتي ... حول المرجعية وحكومة المالكي .... (3)
-
هل يصبح تزوير الانتخابات وظيفة حكومية في العراق الجديد...؟؟
-
دردشة مع والدتي حول هدايا المالكي الانتخابية لرؤساء العشائر.
...
-
العفو عن سلطان هاشم وزملائه .. أفضل للعراق من إعدامهم....؛؛
-
وا حسيناه ..... جئنا لنجدتك.....؛؛
-
دردشة مع والدتي حول الانتخابات العراقية القادمة...؛؛
-
الأحزاب الدينية الحاكمة... وخيارات الناخب العراقي...؛؛
-
لم كل هذا الفزع من البعثيين.....؟؟
-
المساعي الأمريكية لأحتواء أزمة - قرار الاجتثاث -
-
لا عودة للبعث الصدامي... قولوا ذلك ولا تترددوا...؛؛
-
السيد مقتدى الصدر ...وخطوطه الحمراء....؛؛
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|