|
استغلال الدين في الدعاية الانتخابية
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 2953 - 2010 / 3 / 23 - 21:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مرة أخري تطل الاسطوانة المشروخة برأسها والتي تتعلق باستغلال الدين في السياسة من أجل تحقيق كسب انتخابي زائل، من اجل مصالح دنيوية زائلة، فتطل علينا مايسمي بهيئة علماء السودان في ندوتها الأخيرة علي اختلاف الآراء فيها، فمنهم من قائل: ( الانتخابات اسفاف ومضيعة للزمن)، ( والانتخابات في ظل التنافس الديمقراطي تعتبر باطلة وكفر)، أما عبد الحي يوسف فيقول: ( التصويت للعلمانيين ذنب لايغتفر)، أما محمد سيداحمد حاج فقد اورد ( صوّت للذي يأكل المليونين، فهو أفضل من الذي يأكل ال 50 مليون)، كما دعي محمد عثمان صالح الي ( التصويت للذي يحكم الشريعة). فأي من هؤلاء نصدق؟ بعد عشرين عاما من تجربة نظام الانقاذ الذي بدأ بالفصل التعسفي حتي بلغ عدد المفصولين حوالي 400 ألف من العمل ، واعتقل وعّّذب الالاف من المعتقلين السياسيين، ودعي لحرب جهادية باسم الدين كان ضحاياها الالاف، وبعد ذلك وقع اتفاقات في نيفاشا والشرق وابوجا، ليتضح خطل تلك الدعاوي وازهاق تلك الارواح بلا طائل، وخاصة ان البلاد كانت قد وصلت الي اتفاق الميرغني – قرنق، وان بشائر السلام كانت علي الابواب قبل أن يجهضها الانقلاب وتزداد المشكلة تعقيدا والتي تهدد حاليا بانفصال الجنوب، ما رأي هؤلاء في ذلك؟ وما رأيهم في قتلي حرب دارفور والذين تقدرهم الامم المتحدة ب 300 الف، اضافة لضحايا النزوح والتشريد؟؟ .، كما تفشي الفساد وانتشر الفقر الذي اصبح يشكل 95%، ورفعت الانقاذ يدها عن التعليم والصحة، وتهدد بفصل الاطباء المضربين، وارهابهم وتهديدهم بالقتل من قبل جماعات الهوس الديني وتكفيرهم واستخدام اجهزة الدولة الاعلامية ضدهم، والاعتداء علي طبيبة، ومحاصرة الشرطة لميزهم لا لشئ الا لأنهم طالبوا بحقوق مشروعة ونفذوا اضرابا مشروعا كفله لهم قانون النقابات لعام 2009م، وما علاقة ذلك بالدين؟ وما علاقة الائمة الذين يصعدون منابر الجوامع ليطالبوا بعدم التصويت للمرشحين من غير مرشحي المؤتمر الوطني باعتبارهم كفار وملحدين وعلمانيين،بالدين؟ وما رأيهم في كل تلك المآسي التي تحدث في البلاد؟، واين قولتهم للحق في وجه سلطان جائر؟. وتأتي مهزلة بابكر حنين في برنامج منبر سونا الذي تبثه قناة النيل الأزرق للمرشحين لرئاسة الجمهورية، والذي يعتبر برنامج لمحاكمة الأحزاب السياسية وتشوية صورة المرشحين امام البشير، لتؤكد استغلال الدين في الحملة الانتخابية، من خلال الترصد وسبق الاصرار بالسؤال عن صلاة الاستاذ محمد ابراهيم نقد والتي لاعلاقة لها بالبرنامج الانتخابي للمرشح موضوع الحلقة وليس مطلوبا من المرشح أن يجيب عليه، ليتم استغلال الاجابة، بما اوردته صحيفة الاهرام( الاثنين: 23/3/2010م)، بان احد المواطنين رفع دعوي ضده ب(المجاهرة بالمعصية)، علما بانه ليس معروفا عن الاستاذ نقد المجاهرة بالمعصية طيلة عمله بالحياة السياسية لأكثر خمسين عاما، فلم يصعد لمنبر ليطالب الناس بترك الشعائر الدينية، وان برنامج الحزب الشيوعي السوداني المجاز في المؤتمر الخامس يدعو الي احترام معتقدات الناس وعدم الاستهانة بها، ويرفض استغلال الدين لخدمة مصالح دنيوية اقتصادية وسياسية. ولكن الواضح من تلك الدعوي هي كسب دعائي انتخابي رخيص. لقد اكدت تجربة الشعب السوداني أن استغلال الدين في السياسة تجارة بائرة وخاسرة، وتمت هزيمة تلك الدعاوي منذ مؤامرة معهد المعلمين العالي 1965م، وحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان ومحكمة الردة للاستاذ محمود محمد طه عام 1968م، ومؤامرة الدستور عام 1968م بهدف مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية، وحتي تجربة قوانين سبتمبر 1983م والتي كانت من اكثر الفترات حالكة السواد في تاريخ السودان، وتم تكفير واعدام الاستاذ محمود محمد طه، وحتي قيام دولة الانقاذ الدينية والتي وجدت مقاومة واسعة من الشعب السوداني، اضافة الي ماتوصلت اليه الحركة السياسية المعارضة في ميثاق اسمرا عام 1995م حول( فصل الدين عن السياسة)، حتي تم توقيع اتفاقية نيفاشا نتيجة للضغوط الداخلية والخارجية والتي فتحت الطريق لمواصلة النضال من اجل التحول الديمقراطي، وبعد اتفاقية نيفاشا هزمت الحركة السياسية والفكرية السودانية حملات التكفير من قبل ما يسمي بعلماء السودان والمهوسين دينيا للناشطين من الصحفيين والكتاب، وتكفير الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم وتكفير السيد الصادق المهدي ود. حسن الترابي وياسر عرمان، والهجوم علي معرض الكتاب المسيحي وتكفير ما يسمي ب(الرابطة الشرعية للعلماء) للحزب الشيوعي، وسوف تتم هزيمة الحملة الحالية ضد الاستاذ نقد. ان قضية الساعة هي توفير المناخ الملائم لقيام انتخابات حرة نزيهة بتوفير مطلوباتها التي تتلخص في: بسط الحريات والغاء قانون الأمن، واعادة النظر في التجاوزات في الاحصاء السكاني والسجل الانتخابي ومفوضية انتخابات مستقلة ومحايدة، وفرص متساوية للمرشحين في أجهزة الاعلام، ورفض استغلال المؤتمر الوطني للاعلام كما في برنامج بابكر حنين المفضوح، والحل الشامل والعادل لقضية دارفور. فبالاضافة لتحالف قوي جوبا( عدا المؤتمر الشعبي) اقتنعت دوائر عالمية واسعة بأن قيام انتخابات مشوهة وجزئية سوف تعيد البلاد لمربع الحرب وانفصال الجنوب وربما دارفور والشرق، فلماذا اصرار المؤتمر الوطني علي ذلك ان لم يكن فعلا قد زوّر الاحصاء السكاني والسجل الانتخابي؟، وأن تاجيل الانتخابات تعني مراجعة ذلك التزوير الذي لن يكسبه شرعية، بل سوف يؤدي الي دمار البلاد، وعلي سبيل المثال: اشأر مركز كارتر الي عدم توفير مطلوبات الانتخابات والي استحالة قيامها في ابريل 2010م فنيا وموضوعيا، كما أشار تقرير مركز الأزمات الأخير، الي ان الانتخابات الحرة النزيهة تؤدي الي الاستقرار والوحدة الجاذبة، وانه اذا تمت في المناخ الحالي، فان الجنوبيين سوف يختاروا الانفصال، وبالتالي يجب التفكير في قضايا مابعد الاستفتاء حتي لاتعود البلاد لمربع الحرب، وان فشل الانتخابات تعني فشل الاستفتاء، اضافة الي ضرورة الحل الشامل والعادل لقضية دارفور. اذن هناك مطالب موضوعية تحتم تأجيل الانتخابات ويجب دراستها، لا التهديد بطرد المنظمات التي تطالب بتاجيل الانتخابات وقطع الأنف واليد والعنق( تصريح الرئيس البشير: الصحافة بتاريخ: 23/3/ 2010م)، علما بأن هذا الحديث علي الهواء وعلي مرأي ومسمع من الرأي العام العالمي!!!، وفي العدد نفسه نجد تصريحا عقلانيا من النائب الأول سلفاكير يطالب مؤسسة الرئاسة ببحث مذكرة المعارضة حول تأجيل الانتخابات( الصحافة:23/3/2010م). فالبلاد تمر الآن بمنعطف خطير لايفيد فيه استغلال الدين والارهاب باسم الدين، والاصرار علي السير في قيام انتخابات غير متوفرة مطلوباتها تعيد انتاج الأزمة بشكل اوسع من الماضي وتؤدي الي تمزيق وحدة البلاد.
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اضراب الاطباء وأزمة النظام
-
لماذا تأجيل الانتخابات؟
-
ضاقت واستحكمت حلقات الأزمة
-
الانتخابات وضرورة الخروج من النفق المظلم
-
اتفاق سلام دارفور وضرورة تأجيل الانتخابات
-
الانتخابات ومفاوضات الدوحة
-
ومازال التعذيب والاغتيال السياسي مستمرا
-
قضايا وترتيبات مابعد الاستفتاء
-
تطورات جديدة في مسار المعركة الانتخابية
-
خطوة في اتجاه انتزاع مطلوبات الانتخابات
-
خصائص وسمات الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية
-
الانتخابات المزورة: هل تكسب المؤتمر الوطني الشرعية؟!!
-
هل يمكن أن يكون الانفصال سلسا وجاذبا؟!!
-
الذكري الخامسة لتوقيع اتفاقية نيفاشا: حصاد الهشيم
-
فرديريك انجلز والثورة المهدية
-
حول كتاب المجتمعات الانسانية الأولي (رحلة استكشاف).
-
في ذكري الاستقلال: السودان الي اين؟
-
الغاء قانون الأمن واجب الساعة
-
استمرار مسيرات المعارضة: مفتاح الحل في يد الجماهير
-
أحداث الأثنين نقطة تحول حرجة في تطور الحركة الجماهيرية
المزيد.....
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|