أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منصور الحاج - بوش يلقي بقمحه كاملاً في طاحونة شارون















المزيد.....


بوش يلقي بقمحه كاملاً في طاحونة شارون


منصور الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 186 - 2002 / 7 / 11 - 07:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بعد خطاب " الرؤيا " الأخيرة للرئيس الأميركي حول قضية الشرق الأوسط، لم تعد الأمور تحتاج إلى المزيد من ضرب الأخماس بالأسداس، كي نتيقن من أن الرياح الأميركية الآتية والتي ستأتي من واشنطن، لن تحمل إلينا سلاماً بل مزيداً من الحروب والمآسي، وستبقي على الصراع العربي الاسرائيلي مستمراً في حلقاته المفرغة إلى أجلٍ غير مسمى. فبعد حربٍ سجالٍ بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع في واشنطن، وكما توقع الكثير من المحللين، فلقد حزم الرئيس الأميركي أمره على خطى ديك تشيني ودونالد رامسفيلد وبول وولفوويتز وكونداليزا رايس وغيرهم من الصقور المنتمين إلى اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري.

ولكن أكثر ما يدعو إلى الدهشة هو مسارعة البعض من القادة العرب، بعد إلقاء بوش خطابه مباشرة، إلى إعلان تأييدهم وترحيبهم ، فيتكلم الرئيس الفلسطيني على جدية المسائل التي يطرحها الخطاب، بينما يصفه الرئيس المصري حسني مبارك كالتالي: "كان خطاب الرئيس بوش متوازناً إلى حدٍ كبير ...ولوأنه فيه بعض النقاط التي تحتاج إلى الشرح، لكننا سنفهم مضمونها من وزير الخارجية كولن باول الذي سيعود إلى المنطقة قريباً "!!. كان من الأفضل للقادة العرب الذين كانوا في عجلة من أمرهم للترحيب بالخطاب، لو آثروا الصمت قليلا حتى يسمعوا ردود الأفعال العالمية عليه ، أو على الأقل ردود أفعال اللصيقين والعارفين أكثر منهم بالإدارة الأميركية، سواءً في الولايات المتحدة نفسها أوفي اسرائيل وأوربا وباقي دول العالم، وثانياً كان المناط بهم أن يعرِضوا هذا الخطاب على برلماناتهم لدراسته وتمحيصه واستيعاب مايترتب عليه من نتائج. لكن يبدو أن هؤلاء أصبحوا منذ 11 ايلول يعيشون في دائرة الخوف من الوحش الأميركي، فراحوا يهللون لبوش مثل الكثيرين من مواطنيهم الذين يهللون لخطاباتهم، هم، قبل أن يعرفوا مضامينها.

فالخطاب لم يكن متوازناً على الإطلاق. ففي الوقت الذي وضع على الفلسطينيين شروطاً تعجيزية، أو حسب تعبير البعض سيريالية، لم يتكلم من قريب أوبعيد عن العدوان الاسرائيلي الوحشي المتواصل على الشعب الفلسطيني ومدنه وقراه، ولم يطالب اسرائيل بوضع حد لهذا العدوان، وهو بدلاً من أن يطالب الطرفين باتخاذ إجراءات متوازية ومتزامنة، يطالب الفلسطينيين بتشكيل مؤسسات سياسية وانتخاب مجالس محلية وتشريعية ورئاسية ونظام قضائي مستقل وممارسات ديموقراطية وشفافة، كل هذا في ظل دبابات الاحتلال وطائراته ومدافعه، في الوقت الذي لايستطيع الفلسطينيون الانتقال من مدينة إلى أخرى. لكن أخطر مافي الخطاب أن الرئيس بوش قد ضرب عرض الحائط بالكثير من المواثيق والاتفاقات والقرارات الدولية والمبادرات السلمية العالمية والاقليمية، وضرب عرض الحائط ايضاً بتواقيع الرؤساء الأميركيين السابقين وممثليهم في الهيئات الدولية:

1-  يتجاهل بوش حق الشعوب والأمم في تقرير مصيرها، هذا الحق الذي ارتبط باسم الرئيس الأميركي (توماس وودرو ويلسون) بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة في القرن الماضي، حينما يرهِن في خطابه تشكيل الدولة الفلسطينية الدائمة بقبول وموافقة الأميركيين، وضمناً الاسرائيليين، في الوقت الذي أنيطت الموافقة على تشكيل الدول المستقلة بالهيئات الدولية وحدها.

2-  لقد تجاهل في خطابه ضرورة انسحاب الاسرائيليين إلى حدود 5 حزيران ولم يتكلم على أي حدود للدولة الفلسطينية المنوي تشكيلها، بل تكلم فقط على حدود آمنة لإسرائيل، فيكون بذلك قد التزم التزاماً كاملاً بالتفسير الاسرائيلي لقرار مجلس الأمن242 . والدولة الفلسطينية التي أتى على ذكرها في خطابه بقيت معلقة في الهواء، أو بالأحرى بقيت حلماً صعب التحقيق. على أية حال فرؤى الرئيس الأميركي التي يتكلم عليها كثيراً في خطاباته تحيل إلى الأحلام أكثر مما تحيل إلى وجهات النظر التي لها علاقة بالواقع.  

3-  لم ينبس ببنت شفة عن اتفاقية أوسلو، التي شهد على حفل توقيعها بين ياسر عرفات واسحق رابين في الحديقة الخلفية للبيت الأبيض الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون.

4-  لم يأتِ الرئيس بوش على أي ذكرٍ أوإشارةٍ إلى اللجنة الرباعية المؤلفة من هيئة الأمم المتحدة وأميركا واتحاد الدول الأوربية وروسيا، ولا إلى مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله، ولا إلى المؤتمر الدولي الذي اقترح عقده كولن باول في صيف هذا العام.

5-  قصر الرئيس بوش في خطابه طلب المساعدة العربية للمساهمة في تنفيذ الرؤية الأميركية فقط على مصر والأردن وتجاهل تجاهلاً كاملا الدور السعودي أو المغربي، في الوقت الذي قطع الطريق على أي دور سوري في هذا المجال، حين طلب من سوريا تصفية نشاطات حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية على أراضيها، وهذا ما يؤكد استبعاد عقد المؤتمر الدولي.

6-  يطلب الرئيس بوش بكل فظاظة من كل الدول العربية أن تقيم علاقات طبيعية واقتصادية مع اسرائيل دون أن يقرن ذلك بخطوات اسرائيلية موازية ومتزامنة على طريق الانسحاب من الأرض العربية المحتلة، وبهذا يرفض بوش رفضاً قاطعا ماجاء في مبادرة الأمير عبدالله: الانسحاب الكامل من الأرض المحتلة مقابل السلام الكامل وإقامة العلاقات الطبيعية مع اسرائيل.

7-  ما اقترحه بوش حول تكوين دولة مؤقتة مخالف تماماً للقانون الدولي، ففي هذا القانون لا يوجد دولة مؤقتة ودولة دائمة، إن الدولة إما أن تكون أو لاتكون. أما إذا كان الكلام على فلسطين تحت الانتداب الأميركي أو الاسرائيلي فلماذا لا تسمى الأمور بمسمياتها؟ ففلسطين كانت تحت الانتداب البريطاني بعد تفكك الدولة العثمانية منذ بداية العشرينات من القرن الماضي وحتى قيام اسرائيل في 1948. لكن حتى الانتدابات النظيرة لما كان سائداً في سوريا ولبنان وفلسطين آنذاك يحتاج إلى مؤتمرات دولية لإقرارها، وفي عهد هذه الانتدابات كانت نضالات االشعوب الرازحة تحتها من أجل الاستقلال الناجز والكامل تعتبر حقاً مشروعاً لا إرهاباً. 

هنالك إذاً تطابق تام بين رؤية الرئيس بوش وسياسة شارون التي ترفض من الأساس رفضاً قاطعاً  حق الشعب الفلسطيني في استقلاله وتشكيل دولته ذات السيادة. وإذا كان يحكى عن تشكيل دولة فلسطينية، فهذه الدولة منزوعة السلاح،التابعة والأجيرة، ويجب أن تنفذ ما يطلب منها الاسرائيليون والأميركيون. ويجب أن نلحظ بأن اسرائيل كانت ترفض دائماً إسهام هيئة الأمم المتحدة والأوربيين والروس أوأي دولة أخرى غير الولايات المتحدة في حل قضية الشرق الأوسط. أما بالنسبة لتدخل الدول العربية في حل هذه القضية ، فهم يقبلون بمصر والأردن لتقوما بأدوار مساعدة، وغالبا ضاغطة على الفلسطينيين، لأن بينها وبين هاتين الدولتين العربيتين اتفاقيات سلام وعلاقات تطبيع؛ وبالتالي أي دولة عربية لا يسمح لها بالتدخل قبل تطبيع العلاقات مع اسرائيل سلفاً. ويبدو أن الزيارات الأخيرة للقادة العرب إلى واشنطن لم تلقَ آذاناً صاغية لدى الرئيس بوش وصقوره واليمين الجمهوري المتطرف. إنما أسماعه وأسماعهم لم تشنفها إلا كلمات (شريكهم في العقيدة)، الذي استقبل في واشنطن ست مراتٍ حتى الآن. نحن نعتقد ان هنالك مبالغة شديدة في عزو هذا الانحياز الأميركي المعلن المتطرف والفظ غير المسبوق لإسرائيل فقط إلى انتخابات الكونغرس في الخريف القادم، ولو كانت هي دون شك أحد الأسباب.

 لقد أثار خطاب الرئيس بوش احتجاجات واستنكارات شديدة لدى الكثير من الأوساط السياسية والإعلامية في العالم العربي، ولقد اعتبره البعض عدواناً صارخاً على العرب جميعاً وإهانة لهم. وكذلك أثار انتقادات كبيرة تسترعي الاهتمام في الأوساط السياسية والاعلامية الدولية وفي اسرائيل ذاتها . بطبيعة الحال، فقد خلق الخطاب، في الأوساط اليمينية والمتطرفة الاسرائيلية، نشوة عارمة مابعدها نشوة؛ وقد علق وزير الاتصالات الاسرائيلي فقال: "ماكنت لأقول في الكنيست أفضل مما قاله الرئيس الأميركي، فيبدوأنه أصبح عضواً في الليكود، وعلى شارون ان يسجله في فرعه في بنسلفانيا".

 وفي معرض التعليق على خطاب بوش وصل الصحفي الاسرائيلي(ناحوم بارنبع، المعلق الرئيسي في اليديعوت أحرونوت) لأن يقول على طريقة النبي اسحق حينما لمس يدي يعقوب: "اللسان لسان بوش، لكن اليد التي كتبت يد شارون..وهذا الأخير يستحق أن يطالب بحقوق الطبع!!" ويتوقع صحفي اسرائيلي ساخر آخر قدوم المسيح قبل أن ينجز بوش مهمته. وكان هنالك امتعاض ملحوظ في أوساط حزب العمل واستياء عام في الوسط اليساري الاسرائيلي. أما الوسيط الأميركي المعروف جورج ميتشل فعلق على الخطاب قائلاً: "إنه لن يجلب السلام للشرق الأوسط". وقال روبرت فيسك معلق الأندبندنت: "لن ينتج عن الخطاب سوى حمامات دمٍ جديدة ". وحتى الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة كوفي عنان، الذي عودنا على الانصياع للإرادة الأميركية، لم يتحمل الخطاب الذي لم يترك لمنظمته أي وظيفةٍ تقوم بها فقال: "إن انتخاب القيادة الفلسطينية هو من مسؤولية الشعب الفلسطيني". فعلى العموم لم يثرْ خطاب الرئيس الأميركي ارتياحاً في الأوساط الرسمية الأوربية بما فيها البريطانية. وهذا كان واضحاً في قمة الدول الثمانية في كندا.

وفي العالم العربي راح القادة الذين رحبوا بالخطاب أيما ترحيب، يكلِّفون وزراء خارجيتهم  ومستشاريهم لتجميل ماقالوه، والبعض منهم بقي صامتاً مخففاً من احمرار عيون بوش عليه، ومنتظراً من جانب آخر تغيراً في المعطيات السياسية؛ وماشجع هؤلاءعلى الصمت تجميلات كولن باول على خطاب رئيسه التي أطلقها في اليوم الثاني في مقابلتين مع صحيفتي واشنطن بوست ونييورك تايمز، في محاولة منه لاحتواء خسارته أمام التيار المتطرف في الإدارة الأميركية. أما الشعب العربي، فرغم عدم وجود استقصاءات للرأي في بلادنا فهو يظهر بوسائل مختلفة، العقلانية والاستيعاب الكامل لمحتوى الخطاب وعقابيله أكثر من قياداته، متيقناً تمام التيقن أن الخطاب لن يكون برداً وسلاماً لاعلى الفلسطينيين ولا على العرب.

ولقد أخذت أمطار هذا الخطاب (العدوان) تنهمر في الأرض الفلسطينية المحتلة في مدينة الخليل، وراح  يوضع الشعب الفلسطيني بين القبول بالذل والاستكانة والاستعباد أوالتهجير. ومن جانب آخر بدأت البلبلة والانقسام في أوساط السلطة الفلسطينية، بين الرافضين للرؤية الأميركية والمستعدين للانضواء تحت رايتها، في الوقت الذي يتضح أكثر، يوماً عن يوم، أن الدولة الفلسطينية المستقلة لن تتكون إلا عبر مواصلة المقاومة من خلال استراتيجيةٍ ووسائلَ متفق عليها و بجبهة متحدة لاجبهات.

فالفلسطينيون بكل فصائلهم يواجهون اليوم تحدياً مصيرياً، فلا سبيل أمامهم سوى التوحد حول برنامج سياسيي مرحلي، وحول وسائل للمقاومة لها علاقة بهذا البرنامج وليس بالمجهول. وعلى العرب أيضاً أن يتدبروا أنفسهم فبرنامج بوش أوسع من فلسطين. وفي اعتقادنا أن دور العرَّاب الأميركي الذي يعشقه بعض القادة  في منطقتنا العربية لايضمن دائماً مستقبل صاحبه.

 

 

 

الرأي11 - الحزب الشيوعي السوري

 

 

 

 



#منصور_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشهد العربي بعد 29 أذار
- تحرر الشعب الفلسطيني يتطلب من الشعوب العربية نضالاً حاسماً م ...


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منصور الحاج - بوش يلقي بقمحه كاملاً في طاحونة شارون