|
وفيق السامرائي و الشيوعيون
سلام ابراهيم عطوف كبة
الحوار المتمدن-العدد: 2953 - 2010 / 3 / 23 - 08:35
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
"قبل خمسين عاما كان الحزب الشيوعي احد اقوى حزبين عراقيين،وخسر المجابهة مع حزب البعث والقوى القومية العربية الاخرى الى درجة جعلت وجوده متواضعا".هكذا استهل السامرائي مقالة بعنوان"الاسلاميون على خطى الشيوعيين!"نشرت مؤخرا في المواقع الالكترونية.ولعمري ان هذا النقد اللاذع رخو من الاساس،ولو صحت تقديرات الاستاذ وفيق لصح المقطع التالي"مع بداية القرن العشرين كان الماركسيون والشيوعيون وقادة الطبقة العاملة في المانيا من القوة بمكان،لكنهم خسروا المجابهة مع هتلر والفاشية الى درجة جعلت وجودهم متواضعا".ويستطرد وفيق السامرائي"ان الحزب الشيوعي بعد تغيير النظام وجد نفسه كسائر القوى العلمانية ضائعا وسط هيجان طائفي،فالتحق بـالقائمة العراقية فضلا عن علاقاته المميزة مع التحالف الكردستاني،فوصل الى البرلمان بمقعدين.ثم ما لبث ان اتخذ موقفا منفصلا عن العراقية.وفي هذه المرة جرب الحزب دخول الانتخابات بهويته الخاصة...فيما تشير الدلائل الى تراجع حظوظه في دخول البرلمان،مما يضع علامة شك كبيرة على مستقبله السياسي". لقد شخص الحزب الشيوعي العراقي منذ البداية ظاهرة الاستقطاب الطائفي ومخاطرها على حاضر العراق ومستقبله.واشارت تقارير اجتماعات اللجنة المركزية مرار الى حقيقة ان مجتمعنا متعدد القوميات والاديان والطوائف والمذاهب،وان دوام انسجام مكوناته وتماسكها مرهون بالتطبيق الصارم لمبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات،ونبذ التعصب والانغلاق،ورفض تكريس الولاء الطائفي بديلا عن الهوية الوطنية العراقية والولاء للعراق كوطن للجميع.وكان واضحا ان تفاقم التوترات الطائفية،التي اسست لها ومارستها الدكتاتورية المقبورة،ناجم في جانب منه،عن سياسات الاحتلال واجراءاته وتركته،ولجوئه الى التصنيف الطائفي والقومي لمجتمعنا على نحو يكرس الانقسام،ويشكل عائقاً جدياً امام معالجة الآثار البغيضة لنظام الاستبداد.كما انه،في جانب آخرمنه،حصيلة لاستمراء بعض القوى السياسية نهج الاستقطاب الطائفي والقومي بديلا عن البرامج السياسية،في المنافسة مع القوى الاخرى للوصول الى السلطة والتحكم بمراكز القرار فيها.وقد تجلى ذلك بوضوح خلال الحملات الانتخابية في اعتماد اسلوب التهييج الطائفي،والسعي الى تأمين الفوز عن طريقه.كما اشارت تقارير اجتماعات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الى ان قوى الارهاب تبذل من جانبها جهودا هائلة لاثارة ومفاقمة مشاعر العداء والكراهية الطائفيين،ولاستثمارها في معركتها الوحشية لاحباط العملية الديمقراطية في العراق.ويؤكد هذا التشخيص المبكر الى ان الحزب الشيوعي العراقي قد ادرك المخاطر الطائفية منذ البداية،وبالتالي لم يكن ضائعا،حاله حال القوى العلمانية الاخرى،التي لم تكن ضائعة هي الاخرى!. اللجوء الى الدين والطائفية السياسية ليس مؤشرا على تخلف الفكر السياسي،ومثلما اسهم اللجوء الى التقاليد الدينية والشعائر الطائفية في ظل شروط معينة في ترسيخ الدور الايجابي في جذب الجماهير الى حركات التحرر الوطني في مراحل النضال من اجل الاستقلال،كان اللجوء اليها احد اخطر الوسائل الطبقية لزرع مخاطر انقسام القوى الثورية والديمقراطية والتقدمية ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي.واكد الحزب الشيوعي مرارا الى وجوب عدم الخلط بين الدين ككيان آبستمولوجي ومؤسساتي في تاريخه المتطور والنزعات المادية فيه،وبين الحركات السياسية الدينية التي هي احزاب سياسية صرفة!والتمييز في العناصر الاعتقادية الايمانية في بنية الفكر الديني وبين العناصر الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية في هذا الفكر اي المحتوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي لبرامج هذه الاحزاب الدينية،وهي برامج شجعت على الحياة في احضان الولاءات دون الوطنية. جسدت القائمة العراقية الوطنية – 731 – بمكوناتها السياسية آنذاك صمام امان الشعب العراقي للخروج من المأزق السياسي الاجتمااقتصادي الذي عصف بالبلاد ومن الاعصار الدائم والتصاعد القياسي في النفقات والضحايا،وكان هدفها تحقيق الاجماع الوطني حول التغيير الضروري للدولة وتحديد طبيعتها ودورها في المجتمع!وبدلا من ان تعزز القائمة العراقية الوطنية ثقة الشعب العراقي بها راحت تناور يمينا ويسارا في مكانها دون ان تتحرك لتتقدم خطوة واحدة الى الامام في سبيل دفع العملية السياسية والديمقراطية بحرص كبير على الحرية والديمقراطية الحقة وحقوق الانسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية بمعزل عن اجواء المناورات التي تخلق المشكلات المتجددة وتساعد قوى الارهاب على تحويل العراق الى جحيم لا يطاق!وبدلا من ان تسحب القائمة العراقية الوطنية البساط من تحت البعثيين،وفرت الغطاء القانوني للبعض من هؤلاء وتسترت على عوراتهم السياسية الفاسدة.كما انضم بعض اقطاب القائمة من امثال اسامة النجيفي وعزت الشابندر الى طبالي التهجم على الحزب الشيوعي مع تولي قياديين من الحزب مسؤولية لجنة تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي!وانفردت قيادات القائمة الوطنية العراقية باتخاذ مواقف سياسية حساسة دون الاحتكام الى مجلسها السياسي والذي كان الحزب الشيوعي مكونا اساسيا فيه!ثم جاء انسحاب الحزب الشيوعي من القائمة العراقية الوطنية اعتمادا على تجربته الغنية في التحالفات: ان التحالفات ليست مقدسة بل هي معطى سياسي لنشاط الحزب والقوى المتحالفة معه في فترة محددة. التحالف ليس نتاج رغبة بل هو حاجة موضوعية تمليها التقاء مصالح طبقات وفئات اجتماعية حول اهداف محددة في وقت محدد. التحالف لا ينبغي ان يشل نشاط الحزب بين الجماهير بل ينبغي ان يعززه. اذا كان التحالف هو التقاء مصالح مختلفة حول برنامج محدد قصير او طويل الامد فإنه لا يمكن المشاركة في أي تحالف على حساب مبادىء الحزب واهدافه العامة او هويته. علامة الشك الكبيرة على المستقبل السياسي للحزب الشيوعي لا تحددها المقاعد البرلمانية كما يعتقد الاستاذ السامرائي،فقد اكد الرفيق حميد مجيد موسى السكرتير الاول للحزب في القناة الفضائية العراقية السبت 20/3/2010 انه"كان بامكان الحزب لو لبى نداء بعض القوائم الانتخابية للانضمام اليها ان يحصل على 5 الى 7 مقاعد برلمانية،الا انه آثر دخول الانتخابات في قائمة تمثل التيار الديمقراطي في العراق وبلورة برنامج للعمل المشترك وصياغة الاليات وتحشيد القوى الكفيلة بتحقيقه،والارتقاء بالجهود الى مستوى المرحلة السياسية وتحدياتها وما تحمله من مخاطر وصعوبات"!برنامج يستند على تطهير مؤسسات الدولة من مرتزقة البعث وخبايا سرطان المافيا التفريخية البعثية لا في مؤسسات الدولة فحسب بل بين رجال الاعمال – البيزنيس وممثلي القطاعين الخاص والتجاري ونشطاء المجتمع المدني والعراقيين العاملين في الشركات العالمية والمنظمات الدولية،وحتى ملاحقتها داخل التجمعات الدينية،وتحقيق الديمقراطية السياسية باقامة دولة العدالة والمواطنة والضمانات والتعددية وحقوق الانسان وفقا لمبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان،وتأكيد استقلال القضاء.برنامج يعتمد التداول السلمي للسلطة،الدستور الحضاري الديمقراطي الذي يضع حدودا واضحة لعمل السلطات وواجباتها ويلزم الحكومات بحماية الاديان والطوائف وعدم التدخل في شؤونها او التحزب لدين او طائفة منها،ويعني تحريم وتجريم العنف واساليب الارهاب ونزعات القوة والاكراه والابتزاز،والوقوف بحزم تجاه محاولات الخصخصة واستنساخ التجارب الرأسمالية،والاقتصاديات المريضة مثلما يسود اليوم في الدول المجاورة للعراق. نؤكد للاستاذ وفيق السامرائي الذي يعتقد انه"لا غرابة في تراجع الحزب الشيوعي،لأن المرحلة تجاوزت المسمى الشيوعي"حقائق استهداف الثقافات المتهافتة،خاصة القومانية والطائفية،ومسلسل العنف الكيان العراقي باكمله ومظاهر وجود الدولة الاساسية وتحطيم ارادة الافراد والحركات الاجتماعية بشقيها،المنظمات غير الحكومية والمنظمات المهنية والنقابات،واحتقار قيم الخير والتضامن الانساني،لأنها تنطلق من عقد النقص والوهم،وقوامها عدم الصبر على خوض طريق السياسة السلمي لاقصاه،واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس،واساسها الجهل والفقر والتهميش وعدم الثقة بالمستقبل.ان سلوك قادة المشاريع الطائفية والقومية لا يتبدل مهما غيروا من خطابهم الطائفي والقومي،ورددوا مفردات المشروع الوطني لبلبانية،فسرعان ما تجدهم يلوذون باصولهم الطائفية والطبقية حالما يشعرون بتهدد مصالحهم الذاتية والحزبية الضيقة،ويعودون لطرح نظرية التخويف.ويبدو ان مخاوفهم الحقيقية ليست ناجمة عن صراع المجتمع على أسس طائفية وقومية،فقد أصبح هذا أمراً مستبعداً،بل عن خوفهم من فقدان مناصبهم،وخروجهم من دائرة الأضواء،وتراجع أدوارهم،ولو بعد حين! الانتخابات الحرة والبرلمان الحر صيغ ديمقراطية تتبعها مجتمعات متمدنة ومتحضرة في العالم،ممارسات ديمقراطية تعبر عن حرية الفرد والمجتمع وخاضعة اصلا لموازنات السياسة والاجتماع والاقتصاد والحراك الطبقي!ممارسات ديمقراطية وليست هي كل الديمقراطية،وكلما كانت نزيهة وحرة وشفافة تعكس مدى التطور والتقدم وارتفاع الوعي الوطني عند هذا الشعب الذي مارسها وتعكس درجة الديمقراطية التي يتعاطاها ويتمسك بها ابناء هذا البلد.واي حديث عن حقوق الانسان والحريات الفردية والعامة والتمتع بالديمقراطية واستتباب الامن هو حديث فارغ ما لم يقترن بالنجاح في اعادة البناء الاقتصادي وترميم البنى التحتية وتقليص البطالة وانهاء الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية بمعايير الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي،وان نجاح الدولة العراقية الجديدة بحاجة لقادة يمتلكون الرؤيا الوطنية الشاملة،وبخاصة الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية!. لقد الف الحزب الشيوعي العراقي الحملات الفكرية المناوئة تحت مختلف المسميات ومنذ ولادته عام 1934،واعتلاء قادته المشانق وتقديمه آلاف الشهداء في انتفاضات ووثبات شعبنا الابي ومساهمته في تفجير ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة وتصديه لأنقلاب رمضان الاسود ومقاومته الباسلة لدكتاتورية البعث طيلة عقود!والتعددية الديمقراطية التي يؤمن بها الشيوعيون تنهيهم عن ان تتطابق آرائهم مع الفئات الاخرى،داخل نفس القوائم الاتخابية،او مع الفئات الحاكمة،والا فما الفائدة من اسقاط نظام صدام،الم يكن احدى اهداف القوى السياسية المتنفذة اليوم هو اقامة مجتمع عراقي تعددي ديمقراطي!مجتمع تحترم فيه الحريات العامة،ام يا ترى لا يعرف هؤلاء معنى التعددية الا المحاصصة الطائفية والقومية والسياسية،واكراه الرأي المخالف!.ان الحزب الشيوعي العراقي فصيل وطني حي،حتمت وجوده الظروف الموضوعية والذاتية،وليس رغبة هذا وذاك.وهو يمتلك رؤية وطنية واضحة للمشروع الوطني الديمقراطي،ويشارك بمسؤولية وطنية عالية بالعملية السياسية،سلاحه الكلمة الصادقة المخلصة،ينتقد ويقترح ويحاورعلنا من خلال صحافته وممثليه في المؤسساتية المدنية العراقية،صوته مسموع وتاريخه مشرف.
بغداد 23/3/2010
#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأزمة المستفحلة لشركات الاتصالات في العراق
-
هل تعيد انتخابات آذار 2010 انتاج الطائفية السياسية في بلادنا
...
-
الحزب الشيوعي العراقي والعربنجية
-
اللعنة على عروس المنحرفين
-
خليل مصطفي مهدي وصمت الرحيل القاسي
-
حول انتخابات نقابة المهندسين العراقية القادمة
-
على الدباغ وبراقش والتبعات الكارثية
-
الحزم والتعقل سلاح البيشمركة لمواجهة الارهاب في بلادنا
-
كركوك والفساد السياسي
-
الاتصالات والشركات الترهات في العراق
-
العقود النفطية الجديدة والامن الاقتصادي في بلادنا
-
حقوق الانسان..مساهمة في كشف الاستبداد الديني في العراق
-
يمنحوهم المخصصات ويستقطعونها منهم بأثر رجعي!
-
الارهاب الابيض في عراق المستقبل المجهول..مساهمة في مكافحة ال
...
-
ديمقراطية البقاء للأقوى في العراق
-
انتخابات عام 2010 واعادة انتاج الطائفية السياسية في العراق
-
فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
-
الشبيبة والمعالجة الواقعية لأزمة الرياضة العراقية
-
المواطن والشركات المساهمة في العراق
-
الهجرات الاحترازية والقسرية والحلول الترقيعية في العراق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|