أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد الحاج صالح - جنبلاط نجاة أم وفاة سياسي














المزيد.....

جنبلاط نجاة أم وفاة سياسي


محمد الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2953 - 2010 / 3 / 23 - 07:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في قصة وفاة موظف للكاتب الروسي تشيخوف يموتُ الموظف إيفان ديمتريفتش قهراً وكمداً ورعباً بسبب عدم قبول اعتذاره. تتلخص القصة في أن إيفان ديمترييفتش وبينما كان في صالة مسرح عطس عطسةً أصابت صلعة الجنرال في مصلحة السكة الحديدية "بريزجالوف". يحاول "إيفان" بطريقة وسواسية متكررة الاعتذار للجنرال. لكن الجنرال كان يدمدم وينصرف إلى شيء آخر. ينشغل إيفان بشكل فظيع ومرضي بالاعتذار . لكن المُعتذر إليه لا يبدو عليه أنه قبل الاعتذار، يحدث هذا عدة مرات وليومين متواليين. ترسم القصةُ جواً يوحي بأن الجنرال وإيفان يعيشان في عالمين منفصلين غير متفاهمين. وأخيراً وخلال نوبة اعتذار لحوحةٍ يصرخُ الجنرال بـ"إيفان" ويطرده، فيضيع إيفان! ويهيم في الشارع دون وعي، وفي النهاية يصل إلى بيته. يتمدّد على الصوفة دون أن يخلع حلّته، ويموت.
يبدو الأستاذ وليد جنبلاط أبو تيمور في المقابلة الاعتذارية التلفزيونية من الرئيس السوري بشار الأسد وأيضاً في تصريحاته الأخيرة، يبدو مثل بطل اغريقي يخرج للتو من الإلياذة. يصفعه الواقعُ، فيصرخ:
"لا. لا أريد أن أموت. لا أريد أية بطولة. غيّروا النهاية"
أو يبدو مثل إيفان ديمترييفتش بطل قصة تشيخوف وإنما من غير نهايته المأساوية، فأبو تيمور رغب في خلع ثيابه على العكس مما فعل إيفان ديمترييفتش، ولبس البجاما، واستغفر الله وقرر أن لا يموت، وأن يواصل الاعتذار مرة بعد مرة.
كثيرون يرون أن "أبو تيمور" شخصية تراجيدية تلعب في ملهاة. الرجل فيه شيء من روحانيات والده القتيل في وقت صار فيه العنف السياسي وسيلة معتادة في إزاحة الخصوم سواء أكان الأمر يتعلق بلبنان أو بالأخت اللدودة سورية . وكان أبو تيمور وبأسلوبه الطريف والساخر والمحبّب قد قال أشياء لا يقولها السياسيون في هذا الشرق السعيد. إذْ من يجرؤ على القول لحسن نصرالله بعد ما صادر الجيش اللبناني أسلحة في شاحنة محمّلة بالتبن ما قاله أبو تيمور: "من الافضل بكثير يا سيد (المقصود هو حسن نصرالله) أن تعطي الصورايخ للجيش اللبناني أما التبن والشعير فاعطه لحلفائك". كبيرة!
وليس إلا من يحمل دمه في ملعقة يتجاسر على القول لبشار الأسد ما قاله أبو تيمور في 2007 وأمام جمهور غفير: "يا طاغية دمشق يا أفعى هربت منها الأفاعي يا حوتاً لفظته البحار يا وحشاً من وحوش البراري يا مخلوقاً من انصاف الرجال يا منتجاً اسرائيلياً على أشلاء الجنوب". فالأجهزة الأمنية السورية رائدة في الاغتيال السياسي والعنف السياسي بكل أنواعه، والشواهد تدلل أن رأس الحكم سواء في عهد الأسد الأب أو الأسد الابن ليس بعيداً عن اتخاذ قرار بتصفية الخصم، ومع ذلك قال أبو تيمور ما قال.
ويقيّم البعض أن أبا تيمور لم يبق حياً إلى الآن إلا لأن حراسه ومؤتمني حركته من الخلّص من "بني معروف"، وإلا لكان في خبر كان.
الأن يقف أبو تيمور وجهاً لوجه أمام المصير التراجيدي للبطل الاغريقي، أو الاعتذار المذل والمهين مرة بعد مرة مهما بُذل من جهود إخراجية وتحسينية. وليس ألذ على قلب الحكم في سورية من توباتٍ من هذا النوع مغلّفة بزينة قومية تحديداً، على وجه الخصوص بعد الأذى الذي ألحقه أبو تيمور بسمعة الحاكمين في دمشق، ساعة فضح في 2007 أن أحد السياسيين الأمنيين في سورية طرح عليه حلفاً للأقليات الطائفية والقومية في المشرق العربي. معروف تماماً أن الحديث في مشروع من هذا النوع لا يمكن أن يحدث دون أمرٍ من الأسد الأب، أو دون إذن منه على الأقل. صحيح أن السياسة السورية إبان حكم الأسد الأب لا يمكن أن تتلخص بتحالف كهذا، ولكن من الواضح أيضاً أن تخطيطاً أمنياً وسياسياً يصب في هذا المجرى قد حدث.
البطل التراجيدي يبعث رسالة مساومة هي الآتية لن أزور قبر كمال جنبلاط الذي قتلتموه، وسأتخلى عن طلب الثأر فيزيائياً وسياسياً وسأنسى، مقابل أن تنسوا الشتائم التي وجهتها للأسد الابن. أنا نادم.
هكذا حرم أبو تيمور نفسه وحرمنا من متابعة مصير بطل تراجيدي تقليدي، مصير الفرسان الجسورين المتهورين. لكنه أبقى على مصير تراجيدي من نوع آخر، تنطبق عليه القوْلة: "التاريخ يعيد نفسه مرتين. المرة الأولى كمأساة والثانية كملهاة"



#محمد_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -أحسنت- مكافأة الخامئني لضيوفه اراديكاليين
- عن التخلف والظلم السياسي في الجزيرة السورية
- نجاد ليس صانع سجاد ولا من يحزنون
- الحادي عشر من سبتمبر نتاج للثورة الإسلامية في إيران أيضا
- وديعٌ ليل الرقة الصافي
- إهانة العرب
- أيهما أكثر فائدة الانحياز للكتّاب أم للرقابة؟
- النسخة الاسلامية المتشددة في شوارع اوسلو
- عربيٌ في الجليد
- مسلمو الغرب يُهدَّدون باللغة الثأرية لإعلامهم
- كفوا أذاكم عن مسلمي أوربا
- إعلان دمشق والطبقة المدينية الوسطى
- سيذهب نداء الشيخ القرضاوي هباء
- عينتان: سيعية وسنية
- تقطيع الأوصال العربية لمحة عن تاريخ التفكك العربي
- الوجعة العربية
- القوانين السيئة السمعة
- الزمن بين المعارضة والسلطة
- البطالة وعملية الإصلاح الشامل
- ماالعمل


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد الحاج صالح - جنبلاط نجاة أم وفاة سياسي