التجربة الكورية والاقتصاد العراقي

سعد طارق الشيخ جاسم الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 2951 - 2010 / 3 / 21 - 17:16
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

التجربة الكورية والاقتصاد العراقي
تبنى المجتمعات وتتقدم من خلال التخطيط الجيد المدروس الذي يهيئ من قبل إدارات ذو عقلية اقتصادية واقعية منفتحة على جميع التطورات والتغيرات التي تطرأ على العالم اقتصادية وسياسية، فلا تكون هذه الإدارات سوى مايعني اسمها : أي مؤسسة لوضع الأمور بناصبها الجيد القادر على التحول المفاجئ فيما لو حصلت انهيارات وأزمات خارجية، وبالنسبة لدولة العراق قبل تاريخ 9/4/2003 كان النظام الاقتصادي فيها نظام مركزي وهذا ما اعتبره من وجهة نظري الاقتصادية كون هذا النظام استطاع ومن خلال سيطرته على إدارة النظام السياسي بمركزية قوية تداعت قوتها تدريجياً، كذلك كان وبنفس الصورة يدير الاقتصاد والذي هو جزء أساسي من عوامل قيام السياسات بشتى أنواعها، فنقول دولة رأسمالية أو دولة اشتراكية.
فكان هذا النوع من الإدارات الاقتصادية للبلد محكوم بالفشل كونه غير موجه وغير ذا جدوى اقتصادية إستراتيجية مدروسة ومخطط لها.
وعانى هذا البلد بفعل السياسة الاقتصادية سابقة الذكر حتى بعد انتهاء ذلك النظام أي بعد تاريخ 9/4/2003، فقد قامت الحكومة السياسية الجديدة بتغيير جذري للنظام الاقتصادي فقامت بتحويله بجرة قلم من نظام مركزي شامل إلى نظام اقتصادي حر ( سوق منافسة تامة ) بقانون الحاكم المدني للعراق ( بول برايمر ) رقم (40) .
إن الخلاف على هذا التحول ليس من باب إظهار اعتراض أو رفض لهذا النوع من السياسات الاقتصادية !
وإنما بسبب كون هكذا تحول سياسي اقتصادي لايبدأ فجأة وبدون مقدمات وإنما يجب وضع له خطة إستراتيجية متوسطة أو طويلة الأمد، أي يجب أن يكون النظام القديم متزاوج مع النظام الحديث أي دمج النظام الشمولي الاشتراكي بالنظام الرأسمالي، بيد إن الشعب العراقي هو شعب يعاني من أزمات كبيرة وكثيرة تعرض لها بمسيرته في ظل ذلك النظام السياسي الاقتصادي وهي أزمات خانقة، وعليه فقد كان من الأجدر أن يحول النظام الاقتصادي السابق إلى نظام أشبه بالنظام المعمول به في كوريا الجنوبية أو مايسمى بالتجربة الكورية الجنوبية، فموارد كورية جنوبية محدودة لا تتعدى ( التنجستن ) و ( فحم من الدرجة المُنخفضة ) و ( الحديد ).
مساحتها لا تتجاوز (99,274) كم مربعا وتعدادها السكاني في حدود الـ 48 مليون نسمة عام2007. تُعتبر كوريا الجنوبية منطقة أحراش وغابات على أنه تمت إزالتها بسبب قيام الحرب الكورية.
ومع ذلك وكونها كانت دولة إقطاعية استطاعت (المزج بين تخطيط الدولة والسوق).
فهنا نحن أمام اقتصاد حظي بدعم المعسكر الغربي خلال حقبة الحرب الباردة, خاصة في عقدي الستينيات والسبعينيات, وذلك لكون كوريا الجنوبية كانت في قلب التحالف الغربي الأميركي ضد التحالف الشرقي وضد الصين وكوريا الشمالية.
ومن هنا فإن الاعتقاد الشائع, وهو صحيح إلى حد بعيد, أن ذلك الدعم وفر الانطلاقة الأولى للاقتصاد الكوري, ومَكّن البلد من النهوض والوصول لاحقا إلى درجة الاعتماد على النفس. وعلى العموم تمثل التجربة الكورية أنضج تجارب النمور الآسيوية. وهذا يوضح لنا إلى أي مدى كان الدعم الغربي محوريا في نجاح تجربة كوريا الجنوبية وإلى أي مدى زمني؟.
ونحن كدولة ظروفها السياسية والاقتصادية شبيهة بهذه التجربة من جميع الجهات تقريباً، بل نفوقها من ناحية وجود الثروات الطبيعية والغنى الطبيعي الذي تتمناه أقوى الدول اقتصادياً في العالم، إضافة إلى وجود الدعم الغربي للعراق بعد تاريخ 9/4/2003، فعلى سبيل المثال لا الحصر: فقد قامت اغلب الدول ونادي باريس الدائنة للعراق بتخفيض أكثر من 80% من ديونها للعراق بل وصلت بعضها إلى إسقاط الديون بالكامل والبالغة 120 مليار دولار كانت نتيجة السياسة الهوجاء التي كانت سائدة ومفروضة على العراق، إضافة إلى المنح والمساعدات المالية التي منحت للعراق.
ومن خلال هذا الاستعراض الموجز للتجربة العراقية والكورية ومن خلال المعطيات التي نراها على الأرض نرى إن التجربة العراقية الجديدة يجب أن لاتكون محصورة بنظام اقتصادي واحد بل يجب أن يكون منوع كون النظام الواحد لا يتحمل الأزمات.
رحمة بمخلفات الحروب التي عانى منها الشعب العراقي المنهك والمحروم .

#سعد_طارق_الشيخ_جاسم_الربيعي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات