حسن قاسم
الحوار المتمدن-العدد: 898 - 2004 / 7 / 18 - 08:11
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
اسمي نورس وانا من العراق
أقطن في ضواحي بغداد، واقضي معظم اوقاتي متجولاً في أحيائها الفقيرة. انا منسي، قد اصبحت مشهوراً، ليس لأن الجميع يتكلمون عني، ولكن لأن لا أحد يذكرني، أو يأخذ برأيي، أو يسأل عن حالي، وربما لأن الجميع يتكلم باسمي من دون استشارتي.
انا روح المستقبل، وشذا الاستمرار، ونسيم الصمود، انا ضحية الصواريخ، والسيارات المفخخة، وفي السابق كنت ضحية المشانق والاعدامات.
انا ابن حلبجة الذي عاش صدفة، انا الناجي من مجازر كربلاء، وانا القادم من المدارس الفقيرة في كردستان العراق، انا قريب لأحد اليساريين الذي اعدم، وعمي هو البعثي الذي خالف يوماً فقطع رأسه.
انا العراق القادم منذ مئات السنين، وانا الحاضر وسأكون المستقبل، قد قررت ان اعيش، وان اقطف ازهار الحرية، حرية الروح وحرية القرار وحرية الاستيقاظ صباحاً وتقرير ما يمكن ان يكون عليه النهار.
هذا ما انا عليه يا صديقي، وما اريد ان أكون.
سمعت هذا الكلام من نورس، وكان تحولاً كبيراً بالنسبة لي، كان مخالفاً لكل وجهات النظر، كان مختلفاً لكل نشرات الأخبار والتحاليل القادمة من الفضائيات. كان كلامه معبر وعميق، ويصح لو تم تحليله، وفهمه،أن يكون وثيقة موجهة لشباب الدول الفقيرة والمحرومة وما اكثرهم.
لكلام نورس تأثير عميق في داخلي، ووجدت نفسي منحازاً له، هو سليل تلك الحضارات المتعاقبة عبر مئات السنين في العراق، وجل ما يشغل بالي، واود لو يستطيع نورس الا يمر بما مررنا به في لبنان، وددت لو ان نورس يستطيع ان يستمر عراقياً في العراق، وليس كما حل بي، لبنانياً خارج لبنان.
هكذا وجدته يشبهني، هو مثلي، حلمه من حلمي، صعوبة طريقه من صعوبة طريقي. ها انا موجود في ارض ليست ارضي، وكم اود لو ان نورس ينجح في البقاء في بغداد، وكم اود لو انني استطيع ان احول دون هجرته مستقبلاً.
ارى في حاضر العراق، وفي معاناة صديقي، لبنان منذ سنوات عديدة. ولكن الذي يؤلمني اكثر واتمنى ان لا يحصل، وهو ان يكون مستقبله كحاضري.
حسن قاسم
بروكسل
#حسن_قاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟