أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مريم نجمه - صورة أمي .. قديسة بيتنا ؟















المزيد.....

صورة أمي .. قديسة بيتنا ؟


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 2948 - 2010 / 3 / 18 - 06:16
المحور: سيرة ذاتية
    


صورة أمي .. قديسة بيتنا ؟ - 6
إن العلاقات الإنسانية التي كانت تجدل الروابط العائلية والأهلية لشعبنا في بلدة صيدنايا القديمة , من أرقى وأنبل وأقدس العلاقات الإجتماعية التي عرفتها في حياتي ..

لا يمكن للإنسان أو المرء أن يتنكر أو يطمس جانباً من الخلفيات الروحية , و الفكرية , والدينية التاريخية , التي نشأ وتربى عليها .. ويقول : أنا إبن اليوم ,. إبن الحاضر – أنا إبن الطبيعة - فكل منا يحمل خلفية وأرضية ما , تعتبر زاده الفكري والثقافي الذي ينهل منه ويؤثر على سلوكه وعلاقاته بالاّخرين .
قبل أن نتشرّب الأفكار الماركسية كانت هناك أرضية دينية , - أو لادينية - يجب أن تحترم وخاصة إذا كانت هذه الأفكار تعلم التسامح والمحبة والعطاء والتضحية وخدمة الاّخرين ونبذ الأنانية التي هي بدورها أفكار ثورية ماركسية بقالب اّخر ..

كل منا يختزن أو يحمل صوراً ومشاهداً طفولية مطبوعة في كاميرا العيون ومحفوظة في كمبيوتر اللاشعور الإنساني العضوي وليس المعدني الألكتروني , لا يستطيع إقتحامها أي نوع من الفيروسات و أساليب التخريب , أو السطو , مهما تفنن في الإلغاء والشطب والتجاوز , و لا يمكن محوها بأي نوع من الحبر أو الممحاة الحديثة .. !؟
.........


لقد لمست واقتنعت واختبرت الأمهات كثيراً .
نماذج عدة تعرفت عليهن عن كثب وقرب واستنتجت هذا القول حقيقة بأن : ( قلب الأم هو من قلب الله ) .
هكذا عرفت أمي ,
إنسانة مؤمنة تقية , نقية القلب , صادقة مع نفسها ومع الاّخرين . نظيفة الجسد والروح , قوية الإيمان والثقة بالنفس , قوية في محبتها لأبنائها وأهلها وأقربائها , والناس جميعاً .. والمحبة هي قانون إيمانها ..!

عرفت حضنها ملاذاَ وملجأ ومساعداً لليتامى واليتيمات مثل ( خزنة , ووردة ) وخالي وأولاد خالتي سارة . تلمست قلبها مفتوحا للأرامل جداتي وخالتي . عرفت بيتها داراً للعجائز والكبار ..... فطوبى لمن كانت له أم مثل أمي ..!؟
عرفت يديها الكادحتين , وأعمال الخير منهما .. تعلمت الأصالة الطبقية منها عملياً ,, وعدم التنكر لطبقتها والتعالي عنها , بل بقيت في وسطها وخدمتها وأخلصت لها حتى اّخر يوم في حياتها , متواضعة وبسيطة لم تغيرها الأحوال المادية الجيدة عندما تصعد وعندما تهبط , بل , بقيت هي هي الإنسانة النظيفة .. المحافظة على معدنها الأصيل ..

يبهجني ويفرحني ... أن أكتب اليوم في ذكرى عيد الأم عن صفحة من صفحات حياتها الجميلة كوردة , هدية لعيدها .. عيد الأرض والربيع .. عيد النوروز ...عيد العطاء والتجدد ...

* * *


- ( كنيسة البيت .. والقنديل المضاء ) ؟
-------------------------------------------

نادراً ما كانت تذهب أمي للصلاة في الكنائس عدا أيام المدائح وجناز المسيح والأعياد , و فترات الوعظ الإنجيلي المسائية ( للمطران جرمانيوس لطفي ) حيث كانت تصطحبني معها ..
ولكن كانت تصلي يومياً قبل الطعام وبعده , وقبل النوم , وفي الصباح . و تصوم صيام عيد الكبير , والميلاد , ويومي الأربعاء والجمعة من كل أسبوع على مدار العام .
وكذلك كان هناك لوالدتي تقليد اً أسبوعياً لم تحد عنه ,, ألا وهو .. تبخير و إضاءة قنديل الزيت أمام صور القديسين التي تحترمهم وتقدسهم ( يسوع وأمه مريم , و القديس مارجريس وووو غيرهم ) .. ..,, أين وكيف ومتى كان يتم ذلك ؟؟
......


الصالون في البيت الصيدناوي هو لإستقبال الضيوف عادة . في داخل جدرانه خزائن برفوف خشبية يحجبها الزجاج , تحفظ داخلها الأشياء الثمينة والجميلة التي تقتنيها العائلة من زجاج وقيشاني الصيني ( فرفوري ) وتحف , ويخصّص رفّ خاص لصور القديسين , وصور العائلة وغير ذلك من حاجيات .
أرضية هذه الغرفة , مفروشة بالسجاد العجمي , أو البسط الصوفية الملونة , والمساند على الجوانب المغطاة بالدانتيلا ( التنتلة ) البيضاء شغل يدوي نسائي , وداخل أحد جدرانه ( اليوك ) للفرش واللحاشات , وخزانة للملابس والأشياء الخاصة , و تغطيها ستائربيضاء ناصعة مشغولة باليد بأشكال فنية جميلة تابعة كلها كطقم واحد منسجم مع النوافذ أيضاً , ولا تفتح هذه الغرفة إلا في الأعياد والمناسبات وللضيوف فقط ....

في منزل أهلي الريفي .. وفي غرفة الإستقبال هذه التي كان يطلق عليها إسم ( المرّبع ) , كانت أمي تضع داخل الخزانة الجدارية وأمام صور القيسين قنديلاً من زيت الزيتون , عبارة عن كأس ملئ بالزيت داخله شمعة خاصة صغيرة للإضاءة لا تصدر دخاناً , كما تفعل الراهبات في الكنائس وبيوت العبادة –

داخل هذه " الكنيسة البيتية " المضاءة , التي ينتشر ويفوح منها روائح خاصة ويشع منها وحولها جو القداسة والإحترام ... بكل خشوع وحرارة كانت تقف والدتي لتؤدي صلاتها في هذا الركن الهادئ المعتم - إلا من ضوء الشموع .
كنا ننتظرها – مساء يومي الجمعة والأحد - بفرح الألوان والحركات أنا وأخي الصغير , نرافقها ونقلدها عندما تؤدي هذا الطقس والتقليد الجميل المفرح والمشوق للطفل .

كنا نتراكض حولها , ونتمسك بثوبها أماناً ودفئاً ومشاركة في هذا الطقس الإيماني ( الإحتفالي ) المحبب لنا , والشعور بالتعبير عن الفرح الذي كان ينتابنا عندما تؤدي هذه العملية الروتينية المريحة للأطفال , والتعلم منها وحفظها غيباً , كنا نقف بجانبها هادئين مبتهجين , وكثيراً ما كنت أرافقها وحدي قبل مجئ إخوتي – حيث كنت وحيدة أهلي بالنسبة للبنات فقد كنت مدللة كما يقولون..! ؟


ليس أجمل من مشهد الطفل على صدر أمه وهو يرضع ثديها أو ينام في حضنها , والمنظر الثاني , الطفل وهو يمسك بثوب أمه دفئاً وحبا وأمانا ..!

... ففي كل ليلة من يومي الجمعة و الأحد من كل أسبوع , كان يتكرر هذا المنظر الجميل والتقليد الديني بتلاوة : الصلاة الربية , وقانون الإيمان , السلام عليك , وافرحي يا مريم , وغيرها من الصلوات والترنيمات ..
وتقدم في نهاية الصلاة راكعة الأدعيات والطلبات لوالدي وإخوتي وكل أفراد العائلة الصغيرة والكبيرة , جداتي وإخوتها وأقرباءها كلهم , بالتوفيق والرزق والنجاح والصحة , وكثيراً ما شاهدتها تركع أمام الأيقونات وتدق على صدرها بخشوع وحرارة لكي تستجاب طلباتها خاصة في وجود مرض أو مشكلة صعبة لديها أو لدى أفراد العائلة ..

هذه المشاهد والصور المعاشة في الطفولة ماذا علمتنا وحفزت في نفوسنا وأنشأت فينا ..؟
حقا .. , علمتنا الكثير , علمتنا الإرتباط العائلي , والمحبة الإنسانية , ونبذ الأنانية , محبة الاّخر وطلب الخير له كما لنفسه . تربي الأطفال على الأخلاق وحب الجماعة , و التواضع , والبساطة , ونظافة الإيمان والقيم الروحية النبيلة ...
....

كانت أمي تواظب على الصلاة قبل النوم في كل مساء , علمتني شفهياً محفوظات فريدة غير مكتوبة في الكتب المقدسة يتوارثنها نساء أهل البلدة من جيل لجيل - , كانت أيضاً تتلو أكثر هذه الصلوات قدوس الله والبسملة وغيرها باللغة الفرنسية والروسية ) حيث كان المعلم الخوري أو الكاهن ( نقولا قوزما ) قد علمهن إياها في المدرسة الأرثوذوكسية ذات الجذور الروسية التابعة لدير سيدة صيدنايا ..
تواظب على الصيام سنوياً – دون أن تجبر أفراد العائلة أو تفرض علينا شيئاً – بل كنا نتمثل بها ونقلدها - تصوم صيام عيد الكبير 50 يوماً عن ( الزفر ) و الطعام والشراب حتى الظهر من كل يوم , وصيام عيد الميلاد 25 يوماً أيضاً , باستثناء أيام أعياد معينة مثل - عيد البشارة – وغيره ... كان يسمح بها تناول السمك ..
لعمري كم كان قاموس الإيمان والأخلاق غنياً لديها ..!؟

كثيراً ما كانت أمي تشاهد يسوع ومريم العذراء في حلمها , وتقص علينا بفرح أحلامها الروحية مطمئنة من خوفها .. خاصة في أوقات الشتاء القاسي والأمطار الغزيرة التي كانت ترافق بالسيول التي كانت تجتاح البلدة في واديها – حيث بيتنا كان يقع في شارع السوق الرئيسي والسيل المتدفق من الوديان المحيطة في القرية يجري من أمامنا ولم يكن قديماً قناة تحت الأرض لتجري فيها المياه بل كان مكشوفاً يجرف الكثير من المنازل الطينية التي تأتي أمامه .. ووالدي في كثير من الأيام يكون غائباً عنا في سفره ..؟
.....

ونحن في سياق الحديث والذكريات عن أجواء الإيمانية العائلية الطفولية , لا بد لي من أن أعرّج على أسماء ووجوه أحببتها زرعت فيّ أو تركت طيف إنسانة كرست حياتها للعبادة ..

كانت لوالدتي صديقة وفية وجميلة ( جميلة ) , إبنة الحي والجيران والقرابة , كانت محبة .تسرد لنا قصصاً عن تجاربها في الحياة الصعبة في تلك الأيام ...
, كانت تزورنا بين الحين والاّخر , ,أذكر أنها كانت تقرأ كتاب تحت ظلال الزيزفون للمنفلوطي , وتشرح لوالدتي مضمونه كلما زارتنا – شاركتنا المحبة مع الخبز والملح , والإستراحات , و على أسطوح منزلنا حيث كنت أجلس في إحدى الزوايا لكي أذاكر دروسي وهي تجلس مقابلي ساعات تحت أشعة الشمس الدافئة الصحية.
..لاأتذكر كم كان لي من العمر , عندما كانت تأخذني معها بداية , إلى روضة أطفال دير التجلي للراهبات – البعيدة نسبياً عن بيتنا – وبرفقة ( ذيبة موسى الفحل ) إبنة جيراننا , و زميلتها في المدرسة ..!؟

كانت تتحدث أمامنا كثيراً عن القديسين والراهبات وأجواء الدير والمعارف والخبرات .. كنا ننتظر زيارتها لنا ونفتقدها حينما تسافر للبعيد ..!؟
حقيقة وأنا في هذه البيئة والإطار الديني الذي نشأت به والذي كان يسوّرني من كل جانب لا أفشي سراً , إنني صمّمت على الدخول إلى الرهبنة , وكنت أود الإلتحاق بها , وامتنعت عن تلبية رغبات أهلي بالزواج , لكن رفض والدتي لهذه الفكرة وعذرها أنني وحيدة العائلة جعلني أتخلى عن هذا الهدف .. !؟

..............

حضن والدتي الوديع ( وديعة ) يتسع لأطفال غير أطفالها . لم تكن تؤمن بقرابة الدم فقط , بل القرابة الإنسانية أيضاً " ألم تحفظ في الإنجيل : " أحبب قريبك كنفسك " .. وصية يسوع .

لقد ربّت الطفلة ( وردة ) إبنة خالتها جودة سعادة عازر , بين عائلتها بعد موت والدتها بالمرض مبكراً , وهي على مشارف الموت أوصت أمي بطفليها والإعتناء بهما , وهكذا كان ,,
كانت تكبرني بالعمر , و جلست معنا حوالس 4 – 5 سنين وتعلمت الكثير من والدتي , وأحببت أمي زواجها فقد شرع بعض الشبان بطلب يدها , لكن قرار والدها – حيث تزوج بعد وفاة والدتها – أن يأخذها ويوظفها في دمشق – وبقيت إبنة و أخت عزيزة علينا , ومحبة لنا , وأصيلة في علاقاتها بأقربائها ومن حضنها في طفولتها .. !؟

* * *

- ( الميرون لا يرد ) - ( اللي بيحمل أربعين طفلاً ( ميرونا ) بيدخل الجنة ) ؟

بالإضافة إلى كل هذه الصفحات الإيمانية التي كانت والدتي تحملها في قلبها ولسانها وتوزعها على العائلة بطريقة غير مباشرة دون أوامر وفرض بالقوة وتترجمها أعمال خير ومحبة للاّخرين ..
تمثل ذلك بما قامت به القريب من عمل القديسات في التاريخ القديم – يقول المثل الشعبي عندنا :
" إن أي شخص ( إمرأة أو رجل ) يحمل أطفال العماد على يديه أي شاهد – إشبين - يدخل الجنة " , وتعتبر الأشبينة ( الأم الثانية ) للطفل ..
حقيقة والدتي كانت إشبينة وعرّابة لأكثر من 40 طفلاً وطفلة من أهل البلدة , حملتهم على ذراعيها ( كالملائكة الصغار ) وشهدت عليهم بأسمائهم وحياتهم بالإيمان والفضيلة ..
هؤلاء الأطفال ( من أقرباء والدي ووالدتي والجيران والأصدقاء وأهل البلدة ) , رغبوا أهلهم أن تكون والدتي بمثابة ( أمهم الثانية ) ويقال أيضاً : فيلونتهم - لأنها حملتهم في المعمودية أمام الكاهن , وكانت الشاهدة على عمادهم وإسمهم .


وقد كانت تقوم بزيارتهم وتفقد أحوالهم وتقدم لهم الهدايا في كل مناسبة وخاصة بعد عيدي الميلاد ورأس السنة - الذي كان يطلق عليه في اللغة العامية إسم ( الفور) - فقد كانت تستغرق من الوقت أكثر من شهر كامل حتى تنهي زياراتها للأطفال( أبناءها في العماد ) , وعائلاتهم ..
وكانت علاقات الصداقة والقرابة تتوطد وتتعزز إثر هذه الرابطة الدينية يوما بعد يوم . ..

..... كلما شاهدت أحد أفراد هذه العائلات كنت أشعر بفرح كبير يملأ روحي وكياني , كأنهم أهلي وإخوتي وأقربائي , وهم كذلك يردّدون : ( تفضّلي إبنة اشبينتي ) , مع التحية والسؤال عن أحوال أهلي .. وكانوا يتبادلوا الهدايا معنا خاصة في مواسم الخير والعطاء ( قطاف العسل – والتوت وبقية الفواكه - وولادة الأغنام ومنتوجاتها في فصل الربيع وعيد الكبير وغيرها .... ) !!


........ ولما كان " الميرون لا يرد " .. كما يقال بأمثالنا الشعبية , فقد كانت والدتي لا ترد أحد , أي لا ترفض و تمتنع عن قبول هذا الطلب , أحيانا تأتيها عمادة ما , وميرون جديد وتحول صحتها ومرضها وأي ظرف قاهر بتلبيته فكانت تعطيني إياه رغم صغر سني على تلك المهمة . وقد حصل ذلك عدة مرّات حيث وقفت إشبينة ( لإبن خالتي هيلانة ) في العماد عندما كان مريضا ..
من هنا أرى أن جناح والدتي كان كبيراً وقلبها أكبر وصدرها أرحب ويديها مباركتان بحمل الملائكة وحمل الخير لكل من تعرف عليها , ولذلك فأنا غنية بها وبأعمالها ... هذا الزاد الأمومي هو كنوزنا العائلية ..

قلب أمي ووجهها وأعمالها وصورتها تجعلني أسميها بجدارة : ( قديسة بيتنا ) .
وأنا فخورة جدا بأن كان لي أماً مثل أمي بما تحمل من صفات وخيرات وخصائل عالية كجبالنا الشاربينية السمراء ..
......


.... كانت بعض العائلات تخيف وترهب الطفل من الخوري ( الكاهن ) والطبيب ( الحكيم ) , والجنيّة , حيث يرددون : ( أتى يقص لسانك ) إذا استمر في البكاء أو تكلم الطفل في الكنيسة " إجا الحكيم يعطيك ( إبرة ) حقنة .. في حال لم يطع توجيهات الوالدين ..!؟؟
هكذا التربية القديمة التقليدية تعتمد على القصاص والألم ومحمولة على الخوف والإرهاب والضرب والتخويف , - من الحرامي والضبع والعسكري ..... الخ - مع سحق شخصية الطفل في كل حركة وكلمة تصدر من الطفل أو الحدث , ولكن لا يلاموا , لا يلام هذا الجيل من هذا التصرف الذي هو إبن الواقع وليد وأنتاج عصور الظلام والإحتلال والإستبداد إبن الثقافة السائدة في التربية التقليدية , إنهم لم يتخرجوا من المدارس والجامعات , ولم يدرسوا النظريات الحديثة للتربية وعلم النفس .. لم يشاهدوا التلفاز والأقنية الفضائية وبرامجها الجيدة التي أخذت تضئ وتشرح سلبيات هذه التربية والعقليات الموروثة البائدة .. التي لم تعد تتلاءم مع العصر ومفاهيمه .
العالم يتقدم ويتطور , ونحن نتكلم عن أربعينات القرن الماضي ..!؟
فاللوم يقع على الأجيال الجديدة وفهمها للتربية ونفسية الطفل .. وتفعيل الثقافة والعلوم لخدمة الطفولة والتطور لعالم أكثر جمالاً وحرية وسلاماً وأخلاقاً وجرأة .
.....

لقد تربينا في حضن والدتي ووالدي على الهدوء والثقة بالنفس والحب دون خوف أو ترهيب من أحد .. ولكن لا يخلو من تأثيرات على الطفل من هنا وهناك ومن المحيط الصغير والكبير .. ,, فمحيط أسرتنا والمناخ المحيط بها كان دينياً , فكاهن القرية مثلاً ( أغابيوس ) كان قريباً لوالدتي يزورنا في المناسبات الدينية وبين الحين والاّخر , وعمي شقيق والدي ( جريس ) كان مرتلاً في الكنيسة .. وكذلك خالي ( ميخائيل ) فيما بعد .. كله محيطاً دينياً محباً إنسانياً وبعيداً عن التعصب والحقد ..

كانت أمي تقدم الشموع والنذور من زيت وغير ذلك لكنائس وأديرة القديسين والقديسات في صيدنايا .. وتحترم تقاليد الكنيسة الأرثوذوكسية . ولا تفرض على أفراد أسرتنا أي شئ من هذه الواجبات أو الفروض , بل كانت لنا حرية الإعتقاد والصوم والصلاة لا قيد في عائلتنا ولا إرهاب وإرغام ديني بل حرية وقناعة ..

.... .

.... وكانت في كل عام على الأعياد وفي مناسبات أخرى توزع ليلاً ,, الطحين و النقود وحاجيات أخرى على بعض الأسر التي تعرف أنها بحاجة إليها - دون معرفة أحد- وكانت تكلف في هذه المهمات الليلية جداتي فقط .. وتتم بأسلوب جد أدبي وإنساني مطبقة القول الإنجيلي :
لا تجعل يمينك تدري بما تفعل يسارك ) .
ولكن ..,, أنا الطفلة الساهرة , الإبنة الفضولية الكثيرة الإستكشاف والأسئلة أعرف الكثير من هذه المهمات الإنسانية التي أسترق السمع إليهم أحياناً دون أن يدرون بي !


كم هو جميل .. وغني قاموس الإيمان والأخلاق والتربية والتقاليد الجيدة الشفافة التي تعلمناها في البيت وداخل أسرتي المحافظة على تراثها الروحي والإنساني ..,, رحم الله يديها الطاهرتين الكادحتين المعطاءتين أمي قديسة بيتنا ..!
/ 2010 / هولندا



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا نوح أين السفينة ..؟
- نسائيات -4
- حدثني والدي ..؟ من ملعب الزهر , إلى روضة العلم
- من قال لكم أننا سنتلاشى ؟ الحياة جميلة ..
- من الرائدات : الجوكندة العراقية , الأميرة , الفارسة , والرحّ ...
- من خواطر زوجة معتقل سياسي ..؟ - 20 - مهداة إلى سجينات وسجناء ...
- وظيفتي : كتابة الرسائل ..؟
- العيون اللاقطة ..؟ -1
- تعابير ومفردات عامية صيدناوية - 6
- من كل حديقة زهرة - 33
- خربشات ( سياسية ) على جدار الوطن ..؟
- حبات متناثرة - همسات ليلية ؟
- ( ورقة التوت ) أولى الحواجز بين المرأة والرجل , وأولى الثورا ...
- إلهي .. إلهي :
- قصة قصيرة جداً .. مباراة ؟
- نسائيات :
- أهم المهن أو الحرف اليدوية (الصنعة ) في صيدنايا القديمة , وم ...
- حبّات متناثرة , وتساؤلات ..؟
- أوراق من دفاتر العمر - 2
- رسائل .., وأساور للوطن


المزيد.....




- لبنان يعلق على تقرير صحيفة بريطانية زعم وجود صواريخ ومتفجرات ...
- السعودية.. الأمير الوليد بن طلال يقدم هدية غير متوقعة لبائعة ...
- مقتل كاهن كنيسة أرثوذكسية وأفراد من الشرطة نتيجة لهجمات إرها ...
- علماء روس يرصدون 3 توهجات شمسية قوية اليوم الأحد
- نقطة حوار - حرب غزة: هل تنجح زيادة غالانت في خفض التوتر بين ...
- إسرائيل وحزب الله يقتربان من حرب شاملة
- القضاء على إرهابيين اثنين في داغستان (فيديو)
- أب يحاول إغراق طفليه في شاطئ البحر بولاية كونكتيكت الأمريكية ...
- مصر.. تطورات جديدة في قضية ذبح طفل وتقطيع أطرافه بمحافظة أسي ...
- ضربات روسية على خاركيف وموسكو تحمل واشنطن المسؤولية عن هجوم ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مريم نجمه - صورة أمي .. قديسة بيتنا ؟