ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 2946 - 2010 / 3 / 16 - 17:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إجتاز العراقيون الإمتحان بنجاح . إشتركنا في الإنتخابات ونلنا وسام الشرف بتلوين سبابتنا بالحبر البنفسجي . نجحنا بحقّ ، وإن تفاوتت المشاركة من محافظة إلى أخرى ، إلاّ أن المحافظة الأقل مشاركة قد حققت درجة النجاح . كان عُرساً حقيقياً ليس لإنتخاب ممثلين للشعب في مجلس النوّاب بل إستفتاءً لدرجة نضوج الوعي لدى الجماهير الواسعة لحقوقها وواجباتها ، إستفتاءٌ للإختيار بين أسلوب اللجوء إلى صناديق الإقتراع أو العنف والإرهاب والدجل . لقد إختار الشعب وقال كلمته لصالح الأول وأسقط في يد جميع القوى الظلامية التي عملت لسنين طوال لإرهاب الناس ودفعهم للعزوف عن المشاركة . لم تمر عملية الإنتخابات بدون خسائر للتفجيرات التي حصلت في ذلك اليوم ولكن إقبال الناخبين قد خيّب آمال الذين أرادوا إفشالها .
ترنو النفوس من بعد يوم الإنتخابات ، وتراقب الأخبار لمعرفة ما ستفرزه من نتائج . عجلة التاريخ تسير دائماً إلى الأمام ولكن ببُطء . وقد قلنا سابقاً ، ولسنا من المتشائمين ، أن هذه الإنتخابات لن تفعل المستحيلات ، فتشكيلة القوى السياسية الكبيرة ستبقى هي المسيطرة على الساحة ويعود ذلك إلى مستوى التطور الإقتصادي وتكوين النسيج الإجتماعي وتفاصيل طبقاته والتناسب بين القوى الممثلة لطبقات الشعب . ولكن الذي ميّز هذه الإنتخابات عن سابقتها ظهور الإنشقاق الطبيعي بين القوى السياسية التي كانت تعتمد الطائفية أو القومية مما أدى إلى سقوط تلك الأفكار وإعتماد تلك القوى أجندات لا تضع الفرز الطائفي أو العنصريّ في أوّل أولوياتها .
باشرت القوى السياسية الكبيرة التشاور فيما بينها لرسم صورة الحكم لما بعد إعلان نتائج الإنتخابات ، وجميعها فتحت أبواب التفاوض مشرعة وبدون شروط للقاء الآخرين . وهذه الظاهرة هي لمحة أخرى من ملامح النجاح الذي تحقق بتفضيل الحوار السلمي لرسم الخطوط المتلاقية بقصد السير إلى أمام ، بعيداً عن أسلوب التهديد والتنافس المدعم بالعنف .
الديمقراطية التي نحلم بها ليست سهلة المنال كما نتصوّر بل للوصول إليها شروط وتربةٌ تعتمد على مستوى التطوّر الإقتصادي الذي يحدد مستوى نضوج الوعي و الفكر والتأهّل لممارسة الحقوق في إطار الحريات التي تحددها القوانين . وهذه كلها لم تنضج في مجتمعنا بعد . وللوصول إليها يتطلب خوض نضال عنيد لدفع الجماهير للمطالبة بتحقيقها . وعند ذلك نستطيع القول بحقّ ( الأرض البِكر حرثناها ) .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟