|
المدينة التأريخية التى تغيرت ملامحها -أربيل-
خسرو حميد عثمان
كاتب
(Khasrow Hamid Othman)
الحوار المتمدن-العدد: 2944 - 2010 / 3 / 14 - 13:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نشرت الشرق الأوسط فى عددها 11352يوم 27ديسمبر 2009 تقريرا أعده من السليمانية معد فياض بعنوان :قلعة أربيل ...أقدم مستوطنة بشرية فى التأريخ تخلو من ساكنيها لأول مرة منذ 5000عام. جاء التقرير مطولا، ثمانية صفحات، تداخلت فيه جوانب عدة عن مدينه ولدتُ فيها، لعبت قليلا ولكننى عملت كثيرا فى أزقتها كبائع متجول لحلويات كانت تصنعها جدتى أومُشغل منفاخ هواء يدوى فى ورشة الحداد أنور خوادا أو صانعا عند الخياط محمد فى القيصرية أو فى جايخانة أسطة محمد ملا شريف التى كانت تقع بجوار نادى الموظفين التى شملتها الهدم فى زمن أخر وأخيرا صانع فى كبابخانة سيد على التى كانت تقع قريبا من بيت أحمد أغا القصاب فى تيراوه كل ذلك عندما كنت طالبا فى السنوات الثلاث الأخيرة فى الأبتدائية ولغاية يوم 14تموز 1958 وبعدها بسنوات رجعت من جديد الى أزقتها وشوارعها ومحلاتها، هذه المرة للعمل كمهندس فى البلدية، تأملت كثيرا فى شبكات توزيع المياه العشوائية والمتهرئة وتسلل مياه المجارى الى الأبار الأرتوازية التى كانت متواجدة داخل المدينة وفى تصاميمها الأساسية والتفصيلية ودخلت معارك كثيرة وحيدا، قسم منها كانت معقدة وخطرة لا يقدمُ عليها الا المجانين، للدفاع عن حقوقها والمحافظة على خصوصياتها وذلك عندما كنت وكيلا لمديرالبلدية أو مديرا لبلديات المحافظة للفترة من1978 لغاية نهاية 1983 ومن بعدها رئيس مهندسين فى مستشفى400سريرلغاية حزيران 1987، كنت أعتبر نفسى، عندها، واحدا من ابنائها الشرعيين .... لهذا أثار التقرير اهتمامى وأعدت قرائتها والتمعن فيها بهدف استنباط معلومات جديدة لأضافتها الى ما هو مخزون فى الذاكرة من معلومات نابعة من العيش والعمل الميدانى فى هذه المدينة من جانب، واطلاعى على معظم الدراسات ذات الطبيعة التخصصية ابتداء مما كتبت عنها الشركة اليونانية التى بنت معسكر أربيل فى النصف الأول من العقد الخامس للقرن الماضى وتقرير مفتش الدولة الفرنسية للأثار على ضوء زيارته للقلعة أوائل العقد السادس من القرن الماضى ودراسات وتقارير خبراء عراقيين حول القلعة . حينها لم أستطيع تقييم أى منها أو اغنائها لعدم امتلاكى الوسائل الضرورية للقيام بهذه المهمة المعقدة. لكننى، تحاشيا للأندثار، جمعت كل ما حصلت عليها، عندما كنت أعمل فى البلدية، فى كراس أودعتها لدى بلديتها. ولكن صرخة المهندسة المعمارية شيرين احسان شيرزاد المؤلمة، بالنسبة لى، فى التقرير أثارت فى شجون مما حفزتنى على أن أبدأ بالكتابة، من بعيد، عن مدينة كنت جزءا منها ذات يوم ويبدوا لى أن ملامحها وذاكرتها تغيرت كثيرا وتتغير أكثر. عزمت على الكتابة عن زمن مضت ... من بينها سأكتب كثيرا عن الناس البُسطاء المنسيين، حتما، والحرفيين ..الذين كانوا دررا فى صدرها وقليلا عن الأغنياء والمتنفذين. من يتذكر "قادر لبلب" البقال الأربيلى المخضرم فى السوق الكبير الذى كان ينطق بالحكمة فى قالب فكاهى ومرح لا ينضب وداره الواقع فى محلة التكية فى القلعة وعلى البدن المتجه نحو الشمال ، و"مام ألياس" هذا القادم من شقلاوة ليفتح مطعما للكص المشوى بالفحم بجانب سينما صلاح الدين أوئل العقد السادس من القرن الماضى و"سليم سيدوك "هذا المغرم بالفلسفة اليونانية وبالذات أرسطو والمدينة الفاضلة، يُقال بأن أول احتفال سرى بمناسبة نوروز فى أربيل أُقيم فى بيته عندما كان فى القلعة ، و "حمة شيت" الذى كان يجوب السوق محملا بمختلف أصناف الحديد وحكمته المشهورة "عندما لا تستطيع ادارة قطيع من الغنم لماذا تقبل أن تكون راعيا" والحوار الذى جرى بين" مام ميرزا" العامل فى دوسية الطابو وبين المتصرف "علاء البكرى" والمعلم "كمال عبدالقادر" الذى علمنا كل ما هو جميل عندماكان يكتب حكمة الأسبوع المعبرة على السبورة فى مدخل المدرسة بخط فى غاية الجمال والروعة والتنسق و"توما شابا" الذى كنت أقرأ الحزن الأبدى فى ملامحه وأخرون. قد تكون المعمارية شيرين احسان شيرزاد حزينة مثلى باختفاء ملامح مدينة قديمة وما ينتج عنها فقدان" أشياء لا تُقدر بثمن"، وأخرون كثيرون يغمرهم الفرح، ولهم الحق أيضا، عندما يرون أن مدينة أربيل بدأت ُتنافس "دبى" فى استقطابها "للأسبثمارات الأجنبية" لبناء المولات العصرية والمحلات السكنية الخيالية ذات الأسماء الغريبة والابنية الشاهقة و الفخمة والعمران المتدفق بجميع الأتجاهات والمرافق الترفيهية والشوارع العريضة وتقاطعات الشوارع الأنسيابية...على ضوء "ماستر بلان" فى غاية العصرنة .
#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)
Khasrow_Hamid_Othman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكاية الحكايات
-
من يبنى هذه الخرِبة يا بُنى
-
رسالة مفتوحة الى فخامة رئيس اقليم كوردستان
المزيد.....
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
-
إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق
...
-
مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو
...
-
وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
-
شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
-
فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|