|
المعارضة الكردستانية والموقف من بغداد
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2943 - 2010 / 3 / 13 - 23:44
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
هل في الإمكان ان يكون الكُرد متخاصمين في الإقليم ، ومتحالفين في بغداد ؟ طبعاً أعني التحالف الكردستاني من جانب ، وحركة التغيير والاتحاد الاسلامي الكردستاني من جانبٍ آخر ، فبعدَ إنتخابات 25/7/2009 ، ظهرَ واقعٌ جديد على الساحة الكردستانية لأول مرة ، وهو بروز كتلة برلمانية ( معارضة ) جدية تُشكل حوالي ثلث أعضاء البرلمان ، ورفضتْ المشاركة في الحكومة وفضّلتْ ان تبقى قوة مُعارضة لمراقبة أداء الحكومة . ورغم أي اختلافات مع توجهات هذه المُعارضة ، فان ظهورها أسَسَ لواقعٍ جديد أكثر تقدماً من اسلوب حكم الحزبين الذي إستمر لسنين طويلة ، والذي إحتكر السلطة بصورةٍ عملية رغم وجود وزير هنا او هناك ينتمي لأحد الاحزاب الصغيرة الموجودة في الاقليم . هذهِ الاحزاب " الصغيرة " وفي مقدمتها الحزب الشيوعي الكردستاني وحزب كادحي كردستان والحزب الاشتراكي الكردستاني وغيرها ، كانت في الواقع أداةً لتزيين لوحة السلطة وإظهارها وكأنها تعددية ، ولكن لم يكن لهذهِ الاحزاب دورٌ يُذكَر في آلية صنع القرار . ولأن الحزبَين الحاكمَين مزجا " الحزب " و" الحكومة " وكأنهما شيء واحد ، وتصرفا بكل حرية بموارد الاقليم وإستغلاها في مصالح حزبية وتوسيع قاعدتيهما عن طريق الاستحواذ على كل مناحي الاقتصاد ومصادر الرزق طيلة السنوات السابقة ، فانهما من الناحية العملية قاما بتهميش "الاحزاب الصغيرة" تلك عن طريق منع الموارد عنها إلا ما يجود بهِ الحزبان من "مكرمات" وبالتالي تحجيمها وجعلها بطريقةٍ او اخرى بحاجةٍ دائمة الى " الدعم المادي " للحزبَين !. وإنتهجا سياسةً مشابهة في التعامل مع " الوظائف " والرواتب ، حيث انهما في خِضم التنافس الغير معقول على كسب المؤيدين بأية طريقة ، عَمدا الى تعيين مئات الآلاف في الدوائر الحكومية المُترهلة أصلاً بحيث ان الكثيرين اصبحوا يستلمون الرواتب من دون اي عملٍ فعلي يقومون بهِ ، ناهيك عن الآلاف المؤلفة تحت عنوان " بيشمركة " وحتى توزيع رُتبٍ عسكرية عليهم وما يتبع ذلك من صرف رواتب كبيرة ومن ضمنهم العديد من الذين لم يلتحقوا بالبيشمركة في حياتهم . لكل هذه الاسباب تكونتْ طبقة هائلة من ( مُستلمي الرواتب ) من الدولة ، لا اُبالغ إذا قلت ان نصفهم يُصنفون ك " بطالةٍ مُقنعة " لايفعلون شيئاً وغير منتجين بالمرة ، بل تعودوا على الإتكالية والكسل . ربما كانت هذه الآلية البائسة في تسيير الإدارة في الاقليم ، تستقيم مع الاوضاع الشاذة من 1991 لغاية 2003 وما تخللتها من مشاكل ومعارك داخلية وصراعات دموية على السلطة وتدخلات حكومة بغداد والدول الاقليمية وضغوطها القاسية على الاقليم . ولكن بعد التغيير في 2003 وزوال حكم صدام الدكتاتوري وقبل ذلك تطبيع العلاقات بين الحزبين الحاكمين والإتفاق الستراتيجي بينهما ، لم يستطيعا القيام ب ( إصلاحات ) حقيقية ضرورية في إتجاه محاربة الفساد وتوزيعٍ عادل للثروة وفصل الحزبين الحاكمين عن الدولة ودمجٍ فعلي للحكومتين المحليتين ، اي ببساطة ، فشلا في ترسيخ اُسسٍ معقولة لدولة " مؤسسات " يحكمها القانون ! . يبدو ان الحزبَين لم يدركا خطورة الوضع وانه لابُدّ من ( تغييرٍ ) سريع يواكب الاحداث المتسارعة في العراق والمنطقة ، لكنهما لم يفعلا الكثير في سبيل إصلاح الاوضاع ، بل انهما وخصوصاً "الاتحاد الوطني الكردستاني" إستهان ببوادر ظهور حركة مُعارضة وتمرد من داخل صفوفهِ منذ اواخر 2008 واعتبرَ الامر مجرد مناورة وصراعاً داخلياً على الامتيازات والمناصب . ربما ان قيادة حركة التغيير هذهِ كانت فعلاً تعمل منذ مدة طويلة من اجل السيطرة على الاتحاد وحصتهِ من السلطة والمال ، لان نفس هذه القيادة تتحمل جزءاً مهماً من سلبيات الحكم في السنوات الماضية ، ولكن إستياء الجماهير العريضة من الفساد واللاعدالة في توزيع الثروات وتحكم الاحزاب الحاكمة في قوت الناس ، كل هذا أدى الى إصطفافها مع " حركة التغيير " التي إستطاعت وبعد تشكيلها بأشهرٍ قليلة ان تحوز على رُبع مقاعد برلمان اقليم كردستان في تموز 2009 ، ووجهتْ لطمةً مؤلمة الى الاتحاد الوطني الكردستاني . وحتى بعد أفاق الاتحاد من الصدمة وحاول جاهداً ان يُلملم جراحه ويرمم بيته الداخلي الذي أصابه الكثير من الضرر ، فانه وخلال السبعة اشهر الاخيرة ومع سيطرته على الحكومة المحلية في السليمانية ، لم يستطع كبح جماح " التغيير " بحيث ان الارقام الاولية لنتائج الانتخابات العراقية العامة ، أثبتتْ حصول التغيير على المركز الثاني بعد الحزب الديمقراطي الكردستاني بينما قبع الاتحاد في ذيل القائمة بالنسبة الى الاقليم . لحد اليوم أثار نواب "التغيير" في برلمان كردستان مسألة ميزانية الاقليم لسنة 2010 وما يعتريها من نواقص وتعتيم ، وطالبوا بالشفافية وعدم التصرف بالميزانية العامة لمصلحة الحزبين وشطب العديد من الفقرات الغامضة والتحقيق في تجاوزات السنين السابقة . ان هذه المطالب تجد لها صدى طيباً في نفوس عامة جماهير الاقليم وحتى عند بعض النواب من خارج كتلة التغيير . أرى من الضروري ان تستجيب حكومة اقليم كردستان لمطالب حركة التغيير وإشراكها في سلطة الاقليم وإعطاءها دوراً في صنع القرار بصورةٍ معقولة ومتوازنة وكذلك كتلة الاتحاد الاسلامي الكردستاني ، مما سيساعد كثيراً على توحيد الصف الكردي في بغداد لمواجهة التحديات الصعبة والإستحقاقات الآتية ، فعندما تناقش وتفاوض وتناور بكتلة مُتراصة قوامها 65-70 نائباً ، ليس مثل كتلة متشرذمة من 40-45 نائباً !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حذاري من الغرور
-
النجيفي وحركة التغيير
-
المطبخ السياسي العراقي
-
قفشات إنتخابية
-
لو .. إعتذرَ نوشيروان وطلبَ الصفح
-
الشوفينيون الجُدد في الموصل والحافات الخطِرة
-
الحكومة القادمة برئاسة - رائد فهمي - !
-
الإنتخابات العراقية : محافظة البصرة
-
الإنتخابات العراقية : محافظة دهوك
-
الإنتخابات العراقية : محافظة كركوك
-
الإنتخابات العراقية : محافظة نينوى
-
الإنتخابات العراقية ، محافظة بغداد
-
أخلاقية موظفي الدوائر الحكومية
-
متى سيُزّين نُصب - سلام عادل - إحدى ساحات بغداد ؟
-
بترايوس البعثي واللامي الإيراني !
-
بعدَ ضرب - تخت رمل - إعلان نتائج الإنتخابات القادمة !
-
ديمقراطية الطماطة الفاسدة !
-
صندوق النقد الدولي والكلاب السائبة في البصرة !
-
كيف يكون النائب مُمَثِلاً للأغلبية - الصامتة - ؟!
-
وا بايدناه !
المزيد.....
-
ترامب: لا ناجين في حادث اصطدام الطائرة بالمروحية فوق نهر بوت
...
-
مغنية راب سودانية.. صوت يصدح أملا في زمن الحرب
-
غزة تشهد إطلاق سراح رهائن إسرائيليين جدد من أمام منزل يحيى ا
...
-
سلوان موميكا.. مقتل حارق القرآن في بث مباشر على تيك توك في ا
...
-
هل تمكّنت إسرائيل من إضعاف حماس عسكرياً؟
-
كيف استطاع أحمد الشرع أن يصل إلى رئاسة سوريا؟
-
من دمشق.. أمير قطر يدعو لحكومة -تمثل جميع الأطياف- في سوريا
...
-
ترامب: ليس هناك ناجون في حادثة تحطم الطائرتين فوق مطار ريغان
...
-
بن غفير: إطلاق سراح الرشق والزبيدي شهادة على الاستسلام ويجب
...
-
حافلات تقل سجناء فلسطينيين أفرج عنهم تغادر سجن عوفر الإسرائي
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|