|
تدبير الانفاق العام
رشيد بنعياش
الحوار المتمدن-العدد: 2940 - 2010 / 3 / 10 - 17:41
المحور:
الادارة و الاقتصاد
مقدمة يعد الإنفاق العام أداة من أدوات السياسة المالية التي تستخدمها الدولة والهيئات المتفرعة عنها لبلوغ أهدافها، والوسيلة التي تتيح للحكومة تنفيذ برامجها الاقتصادية والاجتماعية، وممارسة دورها التدخلي في مختلف مجالات الحياة. ولقد ازدادت أهمية النفقة العامة بازدياد الحاجات المجتمعية التي تلبيها، بحيث أصبحت لها آثار واضحة على مجريات الحياة داخل الدولة وانعكاسات على الأسعار، الإنتاج، الاستهلاك، التشغيل، وإعادة توزيع الدخل القومي... وإذا كانت الدولة بعكس الأفراد، ونظرا لما لها من سيادة وسلطان على البلاد والعباد، تقوم بتحصيل ما يلزم من الإيرادات العامة لتغطية نفقاتها؛ بناء على قاعدة "أولوية النفقات على الإيرادات" فإن تعدد وظائف الدولة، وتزايد حجم الإنفاق العام، ومحدودية الموارد، جعل من الضروري الحفاظ على الموارد العامة من التبذير والإسراف، وسوء التدبير عموما، الأمر الذي أضحى معه "ترشيد الإنفاق العمومي" مطلبا أساسيا سواء في الدول المتقدمة أو الدول النامية التي هي أحوج ما تكون إليه لتحقيق الإقلاع المنشود والتنمية الشاملة. ففي المغرب أصبحت شعارات "العقلنة والترشيد، في مجال تدبير الأموال العمومية" يتردد على الألسن سواء من طرف الحكومات المتعاقبة، أو في قبة البرلمان، أو من طرف الأحزاب السياسية، لاسيما مع الأزمة العالمية التي يعيشها المجتمع الدولي. ولابد ونحن بصدد الحديث عن ترشيد النفقات العامة أن نحدد بداية المصطلحات والتعريفات الآتية: النفقة العامة: وهي عبارة عن مبلغ من النقود يصدر عن هيئة عامة بقصد تحقيق حاجة عامة... ترشيد النفقة العامة: يقول الدكتور ميلاد يونس: "المقصود بترشيد الإنفاق العام هو أن تحقق النفقات العامة الأهداف المحددة للدولة، وذلك باستخدامها على أحسن وجه ممكن والحيلولة دون إسائة استعمالها أو تبذيرها في غير أغراض المنفعة العامة" ويقول الدكتور حنين محمد: "ترشيد النفقة العامة يعني قيام الإدارات المكلفة بالإنفاق باتخاذ مجموعة من التدابير من أجل تأهيل النفقة العامة لتحقيق المنفعة بأقل التكاليف الممكنة، مع مراعاة جودة الخدمات والسلع بكيفية تؤدي إلى رفع مردودية النفقة العامة. أما في المالية الإسلامية فإن أقرب مفهوم للترشيد في الإنفاق سواء الخاص أو العام هو مفهوم القوامة في الإنفاق. قال تعالى: "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما"الفرقان آية 67. وقال تعالى: "وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذير تبذيرا" :"ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا" ويقول الدكتور غازي عناية: إن مفهوم القوامة كما تكرسه الآيات السابقة يعني "الاعتدال بين أمرين مذمومين الأمر الأول: الإسراف والتبذير، والأمر الثاني الشح والتقتير" وبعد هذه التعاريف يمكن لنا أن نتساءل إلى أي حد يمكن الحديث عن سياسة لترشيد النفقات العمومية بالمغرب؟ ما هي التدابير المتخذة في هذا المجال؟ وهل هي كفيلة بتحقيق الهدف المنشود؟ ثم ما هي المبادئ الأساسية والأنظمة والتقنيات التي تشكل ضوابط الإنفاق العام الراشد؟ وللإجابة على هذه الأسئلة سنعمل على توضيحها من خلال محورين اثنين: الأول: ضوابط ترشيد النفقات العامة الثاني: التدابير المتخذة لترشيد النفقات العمومية بالمغرب
المحور الأول: ضوابط ترشيد النفقات العامة إن ترشيد النفقات العامة لا يتحقق بمجرد رفع الشعارات، أو بمحض الصدفة، وإنما هو سلوك واع مدروس، مبني على مبادئ وقواعد مضبوطة (نسبيا) يسخر أفضل الآليات والتقنيات التي أفرزتها التجارب الإنسانية. 1- مبادئ أساسية لترشيد النفقات العامة: لقد حاول بعض الكتاب وضع معايير يمكن على أساسها تحديد الحجم الأمثل للإنفاق، وأمام الاختلاف حول هذه المعايير، فإنه من الأفضل، وضع بعض المبادئ العامة والأساسية التي لا غنى لأي جهاز إداري عن إتباعها والتقيد بها لتحقيق الترشيد". وهي كالآتي: أولا: تحقيق المنفعة العامة: إذا كانت النفقة العامة تهدف إلى إشباع حاجة عامة، وبالتالي تحقيق المصلحة العامة، فإنها لا يمكن أن تكون مبررة إلا بمقدار ما تحققه من نفع للمجتمع وهذا ما يقتضي عدم صرفها لتحقيق المصالح الخاصة لبعض الأفراد، أو المجموعات أو فئات المجتمع، دون البعض الآخر، لأسباب سياسية أو اجتماعية. ذلك أن التزام الإدارات المكلفة بالإنفاق بتحقيق المصلحة العامة، يعتبر وليد تضحيات جسام، قدمت في سبيله، فالصراع التاريخي الذي شهدته إنجلترا وفي فترة لاحقة فرنسا والذي أدى إلى ظهور ما يعرف الآن، "بالميزانية العامة" كان القصد منه إلزام المكلف بالإنفاق بتحقيق المصلحة العامة. جاء في دستور عام 1793 الفرنسي انه: "لا يمكن فرض أية ضريبة إلا في سبيل المصلحة العامة. ولجميع المواطنين الحق في أن يسهموا بفرض الضرائب ويراقبوا استعمالها ويطلبوا بيانات عنها". وبالتالي فلا معنى للميزانية العامة ولا الإجراءات التي تمر بها؛ إذا لم يتم الالتزام أصلا بالهدف والغاية التي وجدت من أجلها، وهي "تحقيق المنفعة العامة" لذا ينبغي الحرص أشد ما ينبغي على الالتزام بتحقيق المنفعة العامة، بل والمنفعة العامة القصوى، وهذا ما يقتضي مراعاة المبدأين التاليين: ثانيا: الاقتصاد في التكلفة هذا الاقتصاد الذي يرتبط بتحقيق المنفعة العامة ارتباطا عضويا، بحيث أنه كلما انخفضت تكلفة النفقة العامة إلا وتحقق النفع العام بكيفية أكثر، لكن ذلك لا يعني التقتير إلى حد التقشف، بل يعني حسن التدبير والابتعاد عن إسراف أو تبذير الأموال العامة في مجالات غير مفيدة. وهو ما يستلزم بالضرورة الابتعاد عن النفقات غير المنتجة، أو التي تكون إنتاجيتها ضعيفة، كما يقتضي تحديد أولويات للإنفاق العام بحسب الأهمية النسبية للخدمات المراد تقديمها، فسد الخصاص في مجل الماء الصالح للشرب أولى من بناء مركبات رياضية، وبناء مستشفيات وتشغيل المعطلين وتأمين حياتهم وحياة عائلاتهم أولى من السهر على بناء وصيانة ملاعب الكولف والإنفاق بسخاء على بعض المدربين... وإن كان ذلك لا يعني طبعا أن المركبات الرياضية، والأدوات الترفيهية عديمة الفائدة؛ لكن المقصود هو أن توظف النفقة باقتصاد لتحقيق أهم الأهداف وأكثرها ملحاحية لتحقيق التنمية. ثالثا: الحرص على ضمان الجودة والرفع من المردودية: بحيث ينبغي أن تعكس المردودية النتيجة التي تترتب عن النفقة العامة، أي المردودية الاقتصادية والاجتماعية للنفقة العامة؛ فينبغي أن تكون المردودية جيدة تعكس قيمة الأموال التي صرفتها الدولة من أجل توفير السلع والخدمات. فالحرص على جودة الخدمات والسلع، يمكن من تجنب المصاريف الإضافية الكثيرة التي تثقل كاهل الدولة، وتغني عن أعمال الترميم المتكررة والمتتابعة وعن تكاليفها. وبالإضافة إلى ذلك فإن المردودية الاجتماعية للنفقة تنطوي على تحويل النفقات العامة الاجتماعية قصد محاربة ظاهرة الفقر... فكل مصلحة ينبغي أن تبحث عن أعلى درجة من الفعالية مقابل أقل تكلفة ممكنة "فما دمنا لا نستطيع الإنفاق أكثر فإنه ينبغي الإنفاق بشكل أفضل" 2- التقنيات والأنظمة الخاصة بالترشيد؟ جرى العمل في عدد من الدول على إخضاع تنفيذ الميزانية العامة لنظام مراقبة يهدف أساسا إلى التأكد من صحة وسلامة النفقة بالنسبة للقوانين الجاري بها العمل، ونظرا لأن هذه الرقابة كانت تنصرف أساسا إلى مراقبة شرعية النفقة، ولا تمتد إلى تقييم تكلفتها وتحليل أهدافها ومعرفة مردوديتها، الأمر الذي أدى إلى نتائج سلبية فيما يتعلق بترشيد النفقات الأمة، نظرا لكل هذا، ظهرت عدة تجارب أجنبية حاولت تفادي هذا القصور من خلال إنشاء أنظمة خاصة للترشيد أبرزها: أولا: نظام التخطيط والبرامج للميزانية العامة: • ظهور ونشأة هذا النظام: في سنة 1960 تم تشكيل جمعية خاصة «Larand corporation» ممولة من طرف سلاح الجو الأمريكي، وتتكون من فريق متعدد الاختصاصات: مختصون في الرياضيات، الإعلاميات، العلوم الاجتماعية، الاقتصادية.. "هذه الجمعية كلفت بدراسات دقيقة ومنتظمة لمصلحة الإدارة المكلفة بالدفاع في «MAC NAMARA» فظهر نظام التخطيط والبرامج للميزانية PPBS. وهو ما أثار إعجاب الرئيس جونسون بالنتائج المحصل عليها مما أدى به إلى مد هذه الدراسات إلى كل الإدارات المدنية. • تكوين هذا النظام: يتكون هذا النظام من مجموعة من العناصر يمكن إجمال أهمها فيما يلي: - تحديد الأهداف والبرامج بدقة بغية تحديد الأولويات، ومن تم تحديد المبالغ التي تتطلبها المنجزات. - دراسة البرامج البديلة قصد التوصل إلى البرامج التي يمكن أن تحقق بكيفية أفضل الأهداف المنشودة: "اختيار البديل الأفضل". دراسة التكاليف التي يتطلبها إنجاز الأهداف ومقارنتها مع النتائج المحصل عليها. توفير نظام متكامل للمعلوميات يمكن من إمداد متخذ القرار بالمعلومات اللازمة في الوقت المناسب. إلا أنه منذ سنة 1973 أصبح الأمريكان يطبقون "التدبير بالأهداف" MANAGEMENT.by.objectif (MBO)، بالاعتماد على أهداف يضعها المسيرون؛ ويحدد المساعدون التابعون لهم النتائج الممكن الحصول عليها، محددة من حيث الحيز الزمني اللازم لتحقيقها، بأرقام دقيقة. هذا النظام بدوره عوض بنظام جديد يطلق عليه نظام الميزانية على أساس الصفر Budget.BAZE.ZERO منذ 1976 يستند هذا النظام على ترتيب الأهداف حسب الأولوية بشكل تسلسلي قبل أي شروع في تنفيذ الميزانية، ويمكن تفكيك هذه المنهجية إلى ثلاث مراحل: 1- يطلب من كل مسؤول تجميع Découper نشاطه إلى مهام لا يمكن الاستغناء عنها ومهام تكميلية مقترحة. 2- اقتراح الوسائل المرغوب فيها لكل مهمة. 3- تعليل طلبات الميزانية Justifier ses demandes budgétaires، وترتيب المهام التي يقترح القيام بها حسب الأولوية، وتقييمها من خلال الكلفة، المردودية التقنية مع ذكر الحلول البديلة. وهذه المناهج كان لها دور كبير في ترشيد النفقات العامة، والتربية على ضرورة الاستعمال الأفضل للمال العام. ثانيا: نظام ترشيد اختيارات الميزانية: R.C.B - في أمريكا دائما وخلال نونبر 1970 تم إحداث اللجنة الوزارية Interministérielle، لترشيد اختيارات الميزانية، حيث كلفت بالقيام بدراسات وأبحاث حول الترشيد، وكلفت بتنسيق جهود ترشيد اختيارات الخزينة في مختلف الوزارات. هذا النظام يستلزم: 1) اختيار الأهداف 2) اختيار الوسائل 3) مراقبة النتائج. 1- اختيار الأهداف: Le choix des objectifs - وذلك بتحديد الهدف بدقة من حيث مداه، فمفهوم الهدف مفهوم مركب مثلا (الهدف على المدى القصير-تأمين الدخول المدرسي في ظروف جيدة، هو وسيلة إلى هدف على المدى البعيد وهو دمقرطة التعليم) - انتقاء الأهداف: يتم بناء على معايير، فأي جهاز إداري لا يستطيع تحقيق أهدافه كلها دفعة واحدة وفي وقت واحد، إن عليه أن يحدد الأولويات والأعمال المستعجلة ويرتبها بدقة. 2-اختيار الوسائل: وهنا يتم المرور بمرحلتين: أ-إحصاء وتعداد الوسائل: وهنا يستلزم تحديد كل الحلول الممكنة، مع التأكيد على ضرورة أن يتم ذلك بمهارة، وشيء من الجسارة والاختراع. ب-اختيار وانتقاء الوسائل: ولا بد هنا من الاعتماد على نقطتين مهمتين: • التكميم Qualification: فكل شيء ينبغي أن يكون مرقما، ومحددا بدقة. (Chiffré et Mesuré) • الشمولية: والمقصود هنا بالشمولية أن تكون كل أبعاد المشكل الذي يسعى لحله مستوعبة. وتختار الوسائل المناسبة بناء على المنهجية المشهورة-الكلفة/المردودية التقنية. Coût/avantage. ويوضع في النهاية البرنامج الذي يشير إلى مجموع الوسائل الضرورية لتحقيق الهدف المبرمج. 3-مراقبة النتائج: وغرض الرقابة هو تقدير مدى درجة تحقق الهداف، فيتم تسجيل الفوارق وتحليلها. أ-تسجيل الفوارق: وذلك باتباع عدة تقنيات Modalités، كالمحاسبة التحليلية Comptabilité analytique. ب-تحليل الفوارق: فعندما يظهر مختلف لوحات القيادة Tableau de bord أية توترات أو نتائج سلبية فإن على متعهدي البرنامج أن يتوصلوا إلى السبب هل هو خطأ في التدبير، وسائل غير كافية، أم أهداف لا يمكن تحقيقها..) وينبغي على المسؤولين العودة من جديد من نفس الطريق الذي سلكوه، لإعادة فحص مجموع البرنامج... إن هذا النظام يحدد الأهداف، ويحصى الوسائل: يحلل الأنظمة، ويبرمج النفقات ويراقب النتائج، بناء على تقنيات المحاسبة التحليلية، والوسائل الحديثة لتتبع لوحات القيادة "الأمر الذي يُحَسن من مردودية وجودة النفقة العامة. ويؤدي بالتالي إلى الابتعاد عن النفقات غير المنتجة.
المحور الثاني: التدابير المتخذة لترشيد النفقات العامة بالمغرب: 1- مضمون التدابير: إن مجال ترشيد النفقات العمومية مجال واسع وشامل لمختلف أنشطة الدولة، وقد اتخذت بالمغرب جملة من التدابير التي ترمي لترشيد النفقات العامة، وتدعم هذا التوجه في السنوات الأخيرة، نظرا للظرفية الصعبة التي يمر بها المغرب، وإن كنا لا نستطيع أن نلم بكل الإجراءات المتخذة في هذا المجال فإننا سنشير هنا لأبرزهاوالتي اتخدت ابان الولاية الأولى لحكومة التناوب. أولا: إصدار المرسوم رقم 2.97.1051 المتعلق بتسيير واستغلال حظيرة السيارات التابعة للدولة 1: يطبق هذا المرسوم على مجموعة السيارات التابعة للإدارات العامة باستثناء السيارات التابعة للقوات المسلحة الملكية، الدرك الملكي، القوات المساعدة، المديرية العامة للأمن الوطني، مديرية مراقبة التراب الوطني، مديرية الوقاية المدنية وكذا مجموعة السيارات المخصصة لرجال السلطة بوزارة الداخلية. ( ) وقد جاء هذا المرسوم بعدة تدابير: 1- منع تخصيص أي سيارة من سيارات الدولة بصفة فردية للموظفين والمستخدمين بالإدارات العامة (م6) 2- تحديد رئيس الإدارة لمدار كل سيارة من سيارات المأموريات أو العربات النفعية، ويمكن الترخيص باستثناءات مؤقتة متعلقة بالمدار (م7). 3- منع استعمال سيارات المأموريات والعربات النفعية لأغراض شخصية اعتبر ذلك خطأ مهنيا يعرض مرتكبه لعقوبة تأديبية. (م8) 4- نص على ضرورة إقامة جهاز مراقبة لاستعمال الإدارات لسياراتها وتسيرها واستغلالها...(م9) 5- فيما يخص سيارات المصلحة الموضوعة رهن إشارة موظفي ومستخدمي الدولة بصفة فردية، ينبغي إما: • بيعها على وجه الأولويات إلى المعنيين بالأمر بناء على طلب منهم • إدراجها في عداد سيارات المأموريات • وضعها رهن إشارة الشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجيستسكية داخل أجل لا يتعدى 3 أشهر م10. وعهد إلى لجنة وزارية حدد تأليفها بمقرر للوزير الأول بدراسة قائمة سيارات المصلحة الواجب إدراجها في عداد سيارات المأموريات، وقائمة السيارات الواجب بيعها مشفوعة بقائمة المستفيدين من هذا البيع. ثانيا: إصدار ميثاق حسن التدبير( ): فبعد أن أكد الميثاق على التزام الحكومة اعتماد قواعد وسلوكات جديدة في ميدان تدبير الشأن العام، وإرساء دعائم إدارة حديثة، فعالة في أدائها، رشيدة في استعمال مواردها، ومنصتة باستمرار لمحيطها، أشار الميثاق إلى المنطلقات التي يرتكز عليها وهي: 1- الالتزام بالعمل على تخليق الحياة الإدارية 2- الالتزام بترشيد وعقلنة التدبير العمومي 3- الالتزام بتدعيم التواصل والتشاور وانفتاح الإدارة على محيطها. وفيما يخص الالتزام بترشيد وعقلنة التدبير العمومي، يشير الميثاق إلى الواقع المتسم بندرة الموارد، تنامي الحاجيات، ثقل الميونية، الضغط الضريبي، إضافة لالتزامات السلطات العمومية تجاه الشركاء. واعتبارا لهذا كله تلتزم الإدارة حسب الميثاق بما يلي: 1-التحكم في التكلفة: عن طريق - إعادة النظر في مناهج التدبير العمومي - إعادة النظر في قواعد المحاسبة العمومية - البحث عن وسائل أخرى لتمويل المرافق - الشراكة مع القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية وطنية أو دولية كانت 2- إعادة النظر في تنظيم المصالح الإدارية وهيكلتها: وذلك بتجميع البعض منها وحذف البعض الآخر، باستعمال كل من التدقيق التنظيمي والتحليل المؤسساتي. 3- وضع إستراتيجية شاملة للموارد البشرية: ترمي للرفع من قدرات هذه الموارد وطرق تدبيرها، الملائمة بين المهام والكفاءات، التحفيز، وتحسين ظروف العمل. 4- إقرار نظام محكم للرقابة: ويهدف لتقييم مردودية وكفاءة الموظفين والمصالح، باستعمال تقنيات التشخيص الذاتي والتدقيق الداخلي والخارجي. وذلك بهدف تحديد المسؤوليات وإبراز المهارات والكشف عن النواقص والهفوات، وتحديد مواطن الضعف والتقصير والتنويه بالمجهودات والخبرات من جهة وتحريك المتابعات التأديبية من جهة أخرى. ثالثا: إصدار المرسوم رقم 2.98.482( )، ثم مرسوم 2.06.388( ) المتعلق بتحديد شروط وأشكال صفقات الدولة وبعض المقتضيات المتعلقة بمراقبتها وتدبيرها. وقد توخى هذا القانون تحقيق بعض الأهداف كالشفافية، والمنافسة وفعالية الاختبارات التي تقوم بها الإدارة. وتشمل الشفافية أساسا إشهار طلبات المنافسة، التعريف بمعايير تقييم العروض، جلسات فتح الأظرفة وإخبار المتنافسين بأسباب إقصائهم. ففيما يتعلق بإشهار طلبات المنافسة فإنه تم تحديد الآجال بالنسبة لطلب العروض في 21 يوما. وأهمية هذا العنصر تتجلى في السماح للمتنافسين بمعرفة الفرص التي توفرها الطلبيات العمومية في أوانها، والتوفر على الوقت الكافي للاستعداد لولوج غمار المنافسة واقتراح عروض مناسبة، لذلك أجبر المشرع المغربي الإدارات العمومية أيضا على نشر برنامجها التوقعي الخاص بالطلبيات التي تنوي اقتناءها في مطلع كل سنة مالية. ويعني ضمان الشفافية في مساطير إبرام الصفقات أيضا: تعريف المتنافسين المسبق بالمعايير التي سيتم اعتمادها لتقييم العروض، فالتشريع يفرض ضرورة تضمين دفتر التحملات طرق فحص العروض والمعايير التي تعتمدها الإدارة في تقييمها. ولقد كرست المقاييس الدولية المتعلقة بفتح العروض كقاعدة عامة إجراء هذه الأخيرة في جلسات عمومية لتدعيم الشفافية وتمكين الجمهور والمتنافسين من المشاركة في أشغال اللجن المكلفة بفتح العروض، هذا المبدأ يجد تطبيقه في جلسات فتح الأظرفة بالمغرب. ويعتبر تبليغ المتنافسين بأسباب إقصائهم أهم ركيزة لشفافية مساطير إبرام الصفقات العمومية. والتشريع المغربي متوافق في هذا الجانب مع القانون النموذجي للجنة الأمم المتحدة CNUDCI( )، بحيث يتضمن مقتضيات تفرض على الإدارة تبليغ أسباب إقصاء عرض أي متنافس تقدم بطلب في الموضوع. II-المنافسة: إن تدعيم المنافسة في ميدان الصفقات العمومية يستجيب لحوافز وأهداف اقتصادية تمكن المشتري العمومي من الحصول على أسعار جد تنافسية، وعروض تتسم بتنوع جودتها مع تأمين المساواة في ولوج الطلبيات العمومية. هذا المبدأ "حرية المنافسة" كرسه التشريع المغربي المنظم وذلك بتبنيه لمسطرة طلب العروض كقاعدة عامة، وتقليص حالات وأوجه اللجوء إلى المسطرة التفاوضية... III-تأهيل المتنافسين: إذ لا بد للمتنافس من الإدلاء بلائحة من الوثائق تثبت القدرات المالية، والكفاءة التقنية وكذا معلومات أخرى يجب تقديمها من أجل إثبات أهلية المشاركة في الصفقات العمومية. IV-بالنسبة لمساطر إبرام الصفقات العمومية: يتم العمل بمساطر طلب العروض (المحدود، أو مفتوح أو بالانتقاء المسبق) والمبادرة والمسطرة التفاوضية أو الاتفاق المباشر. V-تقييم العروض: ينيط التشريع المغربي هذه المهمة بهيئة واحدة بالنسبة لكل طلب عروض، بحيث تكون مكلفة بفتح الأظرفة وتقييم العروض وتعيين نائل الصفقة، وتسمى هذه الهيئة "لجنة فتح الأظرفة" وقد حدد مرسوم الصفقات العمومية تشكيلها وعدد أعضائها الواجب حضورهم وكيفية أدائها لمهامها. VI-إسناد الصفقة: يقضي المرسوم بإسناد الصفقة إلى المتنافس الذي يتقدم بأفضل عرض بالأستاذ إلى المعايير التي يتم تحديدها مسبقا وهي كالتالي: الثمن المقترح، جودة الأعمال، كلفة الاستعمال، الضمانات المهنية للمتعهدين ومدة التنفيذ المقترحة. وتكون اجتماعات لجن فحص العروض، موضوع محاضر تلخص أهم المعطيات التي تضمنتها مسطرة إبرام الصفقة والمراحل التي مرت بها، وذلك من اجل تدعيم الشفافية وتبيان مسؤوليات الإدارة المتعاقدة. ( )
رابعا: تحديد مدة تقديم مشروع قانون التصفية في سنتين فقد جاء في المادة 47 من القانون التنظيمي للمالية ما يلي( ): "يثبت في قانون يسمى "قانون التصفية المبلغ النهائي للمداخيل المقبوضة والنفقات المأمور بصرفها والمتعلقة بنفس السنة المالية، ويحصر فيه حساب نتيجة السنة. -يجب أن يودع مشروع القانون المذكور بمكتب أحد مجلسي البرلمان في نهاية السنة الثانية الموالية لسنة تنفيذ قانون المالية على أبعد تقدير. -يرفق مشروع القانون المذكور بتقرير يعده المجلس الأعلى للحسابات حول تنفيذ قانون المالية وبالتصريح العام بمطابقة حسابات المحاسبين الفردية للحساب العام للمملكة" إن قانون التصفية كوسيلة لممارسة الرقابة البرلمانية البعدية يفقد مصداقيته حينما حيث أن تقوم بعرض الحكومة مشاريع قوانين التصفية على أنظار البرلمان يكون قد أكل عليها الدهر وشرب وأصبحت متجاوزة، والجهاز التنفيذي يكون في وضع جد مريح في مثل هذه الحالات، الأمر الذي يبيح التساؤل عن جدوى مناقشة مشاريع قوانين التصفية التي قد تصل أحيانا مدة تقادمها ست سنوات فما فوق، بحيث يستحيل الوقوف عند حقيقة الأشياء المنفذة، وذلك بحكم تآكل عناصر الإثبات وصعوبة التأكيد، في حين أنه من المفروض أن ينكب البرلمان على دراسة مشاريع قوانين التصفية في وقت وجيز للتأكد من أحقية تنفيذ قوانين المالية وحتى يكون للمراقبة المالية البعدية مضمونا ومغزى حقيقيين. وهذا هو الأمر الذي دفع بالحكومة في نهاية التسعينات إلى تحديد المدة التي يجب خلالها تقديم مشاريع قوانين التصفية في اجل السنتين. خامسا: النص على دستورية "المجلس الأعلى للحسابات" تمت ترقية المجلس الأعلى ليصبح مؤسسة دستورية بمقتضى المراجعة الدستورية في 13 شتنبر 1996 (الفصل 96) وبالإضافة إلى ذلك أحدث الدستور المراجع سنة 1996 لأول مرة لجانا جهوية للحسابات بمقتضى (الفصل 98) وعهد إليها بمراقبة حسابات الجماعات المحلية والهيئات التابعة لها وكذا القيام بمراقبة تسييرها. سادسا: جهود على المستوى الاعلامي التحسيسي: أقيمت ندوات حول ترشيد الانفاق العمومي، في السنوات الأخيرة، وتبقى الندوة الوطنية حول "دعم الأخلاقيات بالمرفق العام" التي أقيمت تحت إشراف وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري يوم 29 و30 اكتوبر 1999 مناسبة أثير فيها هذا الموضوع، وقد جاء في الرسالة الملكية الموجهة لأشغال الندوة، حث على تحسين فعالية التدبير ومراقبة مردوديته وتحديث وسائل التدبير: "وذلكم ما أكدنا عليه في خطابنا بالدار البيضاء يوم 2 رجب 1420 الموافق ل 12 أكتوبر 1999 ملحين على ضرورة إصلاح أساليب التدبير وترشيده وتحسين استغلال المعدات والمؤهلات والخبرات والكفايات... ( ) وخرجت الندوة بعدة توصيات تؤكد على ضرورة تعليل القرارات الإدارية، تنفيذ الأحكام القضائية، دور الرقابة والمجتمع المدني في التخليق أيضا، وتفعيل قانون الإقرار بالممتلكات حيث جاء في الكلمة التوجيهية السامية أنه "لابد من تفعيل قانون الإقرار بالممتلكات حتى يستجيب للآمال المنوطة به لوقاية الصرح الإداري من كل ما يخل بالسلوك المرغوب فيه" من خلال ما سبق يجدر بنا التساؤل حول مدى نجاعة هذه التدابير في الحد من استنزاف وتبذير المال العام بالمغرب. 2- مدى استجابة التدابير المتخذة لترشيد النفقات العمومية بالمغرب: إن التدابير المشار إليها لا شك تعد لبنات أساسية لترشيد النفقات العامة، ومكتسبات ينبغي الحفاظ عليها وإعطائها مدلولها الحقيقي بتفعيلها على أرض الواقع والسهر على حسن تطبيقها، غير أنه يسجل عليها الافتقار إلى الشمولية والانسجام، بحيث تبقى دون مستوى إيقاف النزيف الذي يعرفه المال العام بالمغرب. بدورنا نرى أن هناك ثغرات عدة تكرس سوء استعمال المال العام إذا لم يتم سدها وتلافيها، فسنعاود إنتاج المديونية سواء منها الخارجية أو الداخلية، استمرار وتفاقم ظاهرة البطالة، الفقر إلى غير ذلك من نتائج سلبية. هذه الثغرات والاختلالات هي التي أفضت إلى جعل العجز الذي يعاني منه المغرب عجزا هيكليا وليس فقط ظرفيا نذكر منها ما يلي: 1- ضعف وعدم دقة تقدير النفقات ينص القانون التنظيمي المالية لسنة 1998 في المادة 13 فقرة 3 على سبيل الإشارة أن نفقات الميزانية العامة تشتمل على نفقات التسيير ونفقات الاستثمار والنفقات المتعلقة بخدمة الدين العمومي، غير أن السؤال المطروح هو كيف يتم تقدير هذه النفقات؟ وهل هناك ضمانة للحيلولة دون مبالغة الوزارات في تقدير حاجاتها، إن على مستوى نفقات التسيير أو التجهيز أو غير ذلك. يمكن القول في البداية بأن تقدير النفقات لا يتسم مبدئيا بأي صعوبة، حيث أنه يخضع لطريقة التقدير المباشر حسب حاجات مختلف الوزارات، ويطلق على المبالغ المقترحة لتغطية النفقات اسم اعتمادات، وهي تنقسم إلى اعتمادات تحديدية واعتمادات تقديرية. فالاعتمادات التحديدية: تحدد ارقامها على وجه الدقة في الميزانية، وهي تشكل الحد الأقصى للنفقات التي يمكن للحكومة صرفها، مثل نفقات الموظفين حيث تقدر مبالغها بالاستناد على مجموع المناصب المالية بمختلف الوزارات مع اعتبار المناصب الشاغرة منها والمحدثة لاول مرة والترسيم في المناصب وتحويلها، الزيادة في الأجور... الخ. الاعتمادات التقديرية: وتتعلق بالنفقات التي لا يمكن تقديرها إلا بكيفية تقريبية، مثل النفقات المتعلقة بالتعويض عن الأضرار التي تتسبب فيها السلطات العمومية. وفيما يتعلق بنفقات الاستثمار فإنه يتم تقديرها بالرجوع إلى تقديرات مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية إذا تزامن مع وجود المخطط، وحيث يتم التمييز بين اعتمادات الأداء واعتمادات الإلتزام. ( ) إن برمجة النفقات العامة بالمغرب تفتقد إلى الشفافية حسب بعض الباحثين( ) وإلى الدقة، لذا أصبح من الملح الآن العمل على تنميط النفقات العامة la normalisation de la dépense public كشرط أساسي لتحقيق الترشيد، كما لابد من تغيير هيكل الإنفاق لصالح نفقات الاستثمار حسب ما ذهب إليه الأستاذ محمد برادة. خلاصة القول أن الأدوات والمناهج المستخدمة في إعداد وتقدير الميزانية ليست عديمة التأثير على فعالية النفقة العامة، فإعطاء اعتمادات تفوق الحاجة الحقيقية لإدارة من الإدارات العمومية يقود بشكل أو بآخر إلى التبذير وأحيانا إلى نهب المال العام. 2- تضخم البنيات الإدارية: أ- أول ملاحظة في هذا الصدد هي كون الحكومة الحالية مكونة من 33 وزيرا في حين نسجل أن حكومة الفيلالي الثالثة كانت مكونة من 27 وزيرا. ب-نجد بالمغرب عددا متزايدا من المصالح، المديريات، الأقسام، والوحدات التي يتم إحداثها في وزارات عدة، والتي تتكاثر دون أن يكون ذلك مستجيبا لمعيار مضبوط ومنطقي، محكوم بمنطق اقتصادي "الترشيد" ومما يزيد الطين بلة سوء التنسيق بين الإدارات العامة. من ناحية أخرى يسجل على هذه الوحدات الإدارية ضعف في المردودية والفعالية، فعلى سبيل المثال، تتوفر أغلب المصالح الوزارية على وحدات مكلفة بالدراسات غير أنه في كثير من الأحيان يتم تكليف مؤسسات تابعة للقطاع الخاص بالقيام بالدراسات. نفس الأمر بالنسبة للوحدات المكلفة بالتكوين، والتي يتحدد عملها في أفضل الحالات في اختيار المرشحين الذين يتم إرسالهم في النهاية لمؤسسات وطنية أو أجنبية، وقد يتم إرسال البعض في سنوات عدة إلى الخارج لهذا الغرض. ( ) 3- مشكل تضخم الكتلة الاجرية والفوارق الكبرى في الأجور: أصبح تخفيض تكلفة الوظيفة العمومية هاجسا للحكومات خاصة في الدول النامية، وتدعم هذا التوجه مؤسسات مالية دولية كصندوق النقد الدولي. حيث تم الإعلان عن أهداف ثلاثة: 1- التحكم في العدد المتزايد للموظفين من أجل تقليصهم. 2- النقص من الكتلة الأجرية بتقليص الفوارق الكبيرة بين الأجور. 3- تطوير جودة خدمات المرفق العمومي. والمغرب كما يتضح من خلال الجدول الآتي يتميز بفوارق مبالغ فيها بين أجور الموظفين السامين، وبين غيرهم من الموظفين في السلالم الأدنى درجة مقارنة بدول أوربية عدة( ) "بعض مؤشرات الوظيفة العمومية بالمغرب ودول أوروبية أخرى" لوكسمبورغ الفرق من 1 إلى 1,5 مرة البرتغال من 1 إلى 8,9 اسبانيا الفرق من 1 إلى 2,1 مرة ايطاليا من 1 إلى 6 اسبانيا الفرق من 1 إلى 2,7 مرة المملكة المتحدة من 1 على 13,7 فرنسا الفرق من 1 إلى 6,7 مرة المغرب من 1 إلى 30 توزيع المكافئات، التعويضات والامتيازات تختلف من قطاع لآخر.
لذلك يبقى من الضروري إعادة النظر في سياسة الأجور؛ بحيث تقلص الفوارق الغير المبررة، ويتم حسم ملفات "الموظفين الأشباح" الذين يتقاضون أجورهم دون خدمة تذكر. 4- ضعف الرقابة وغياب التقييم: إن الرقابة المفروضة على المال العام بالمغرب بشتى أنواعها تبقى قاصرة عن الحفاظ عليه، والحيلولة دون تبذيره، إذ أنها تنصرف إلى المشروعية دون الملائمة. وهذا ينطبق على الرقابة على الالتزام بنفقات الدولة، كما على رقابة المجلس الأعلى، رقابة المفتشية العامة للمالية، والمفتشيات العامة للوزارات. أما فيما يخص التقييم، فحتى نستطيع تقييم فاعلية أي جهاز إداري، فإنه ينبغي إقامة معايير ومؤشرات واضحة، تعطي فكرة عن مردودية الأعمال المراد تقييمها، وبالتالي استخلاص نقاط القوة والضعف، واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة لتحقيق النتائج المتوخاة. ( ) إنه الوسيلة الفعالة لتكوين رؤية واضحة محايدة حول عمل الإدارة بالمغرب هو المبدأ الذي تمت الإشارة إليه في المخطط التوجيهي 1992-1988 حيث نص على "خلق بنية مكلفة بمتابعة وتقييم مشاريع الاستثمار العمومي" مهمتها تقتضي فحص المردودية الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع العامة بدرجة معينة من الأهمية..." غير أن أي وثيقة رسمية لم تنجز منذ ذلك الحين عن تأسيس هذه الهيئة أو أنشطتها. إن التقييم أداة تمكن من تطوير الأداء الإداري، ومناهج التدبير بما يرفع الجودة والمردودية ويحقق بالتالي ترشيد النفقات العمومية، لذا من المهم أن يصبح كل من التقييم والرقابة ممارسات جارية ومقبولة ينبغي تشجيعها لا مقاومتها، مساعدتها لا الخوف منها، لأنها ستسمح لكل واحد أن ينجز عمله في أحسن الظروف.
خلاصة: لقد بات من اللازم القيام بمجهودات واتخاذ تدابير تتسم بالشمولية، والانسجام وترقى إلى مستوى "المسؤولية السياسة"، وذلك من قبيل تقوية النصوص القانونية المكرسة لترشيد النفقات، مراجعة النصوص المنظمة للهيئات الرقابية ومراجعة مناهج تدبير الوزارات والهيئات المكلفة بالإنفاق، إحداث معايير مضبوطة للنفقات العامة وإحداث المصالح الإدارية. وهو ما يقتضي إعادة التشخيص الدقيق لأوضاع الإدارات العامة المغربية، بناءا على تقنيات المحاسبة التحليلية والتدقيق... وعلى وجه العموم تفعيل ما ورد في ميثاق حسن التدبير. ويبقى حضور "الحس" بالمسؤولية السياسية، والمسؤولية أمام الله، والشعب أكبر معين على حسن تدبير النفقات العامة، وفي نفس الوقت لابد من اعتماد المحاسبة الصارمة للمتلاعبين بالمال العام (في انجلترا مثلا، قد يستقيل وزير المالية أو أي وزير بناء على فضيحة مالية حتى لو كان المبلغ زهيدا). إن من شأن الاهتمام بالفعالية والجودة، ومنح المصالح الإدارية استقلالية في التسيير مع تحميلها في نفس الوقت المسؤولية المباشرة عن أعمالها، وتوفير نظام معلومياتي حديث ومتكامل في الإدارات المغربية. إضافة إلى التربية على حسن تدبير المال العام أن ينعكس إيجابا على مسار الدولة، بحيث يمكن لاختيار "الترشيد" أن يغنينا عن الاعتماد المتزايد على الديون الخارجية والداخلية، كما من شأنه أن يجعل المغرب يربح أشواطا مهمة في اتجاه التنمية الشاملة المنشودة. قائمة المراجع: مراجع بالغة العربية: 1-مرسوم رقم 2.97.1051 الصادر في فبراير 1998 الخاص بتسير واستغلال حضيرة السياسات التابعة للإدارات العمومية، منشور بمجلة الأمن الوطني عدد 1419 سنة 1998. 2-ميثاق حسن التدبير، وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري المغرب 3-منشورات المجلة المغربية للغدارة المحلية والتنمية "نصوص ووثائق" المدونة الجديدة للصفقات العمومية طبعة ثانية 1999م. 4-القوانين المنظمة للصفقات العمومية في الدول المغربية بالنظر إلى المقاييس الدولية الملتقى المغاربي حول الصفقات العمومية-وزارة الاقتصاد والمالية- المراقبة العامة لللالتزام بنفقات الدولة فبراير 2000م. 5-المجلة المغربية للتدقيق والاستشارة والتنمية عدد (9,8) سنة 1998م. 6-أشغال الندوة الوطنية لدعم الأخلاقيات بالمرفق العام: المملكة المغربية وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري الرباط أكتوبر 1999م. 7-المالية العامة والنظام المالي الإسلامي دراسة مقارنة د/غازي عنابة بيروت طبعة أولى سنة 1990م. 8-مبادئ المالية العامة (ميلاد يونس) منشورات. الجامعة المفتوحة 1994م طبعة أولى الجماهيرية الليبية. 9-المالية العامة عسو منصور سنة 1995م.
#رشيد_بنعياش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التوازن المالي
-
الرقابة على الصفقات العمومية بالمغرب
المزيد.....
-
سعر الذهب اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024
-
تقرير: ترامب يدرس تكليف وارش بوزارة الخزانة
-
سعر غير مسبوق.. -البتكوين- تسجل رقما قياسيا جديدا
-
“لحظة بلحظة الآن”.. انخفاض سعر الذهب اليوم في مصر الجمعة 22
...
-
-البتكوين- تسجل رقما قياسيا جديدا
-
بمواصفات منافسة.. Oppo تطلق حاسبها الجديد
-
كم سعره اليوم؟.. أسعار عيارات الذهب اليوم في العراق الجمعة 2
...
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
-
بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت
...
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|