سحر مهدي الياسري
الحوار المتمدن-العدد: 2938 - 2010 / 3 / 8 - 00:55
المحور:
ملف مفتوح -8 مارس 2010 - المساواة الدستورية و القانونية الكاملة للمرأة مع الرجل
في ضوء المناقشات الجديدة حول تعريف ومفهوم التنمية الانسانية تظهر محاولات لطرح قضية التعصب ضد المرأة ضمن هذا الاطار وتعترف هذه المناقشات بعدم إمكانية تحقيق الكثير دون حدوث تحسن في حالة المرأة وبأن مظاهر التعصب ضدها يشكل أكثر مظاهر الاجحاف تفشيا في أي مجتمع لأته يؤثر عمليا على نصف عدد السكان في العالم ويؤدي الى عدم شهورهن بالامن والامان .
لعل تقرير التنمية البشرية لعام 1994 الذي يصدره البرنامج الامم المتحدة الانمائي كان أول من أستخدم مفهوم الامن الانساني بأبعاده المختلفة كأساس للتنمية , رغم أن مفهوم الامن شاع أستخدامه سابقا بنطاق ضيق بيعني أمن الحدود الجغرافية ضد الاعتداء الخارجي, أو ليعني حماية العالم من حروب نووية ,بأختصار ركز المفهوم على أمن البلد وليس الناس , ونسي حق الفرد في حياة آمنة تخلو من الامراض , ومن الجوع, ومن البطالة, ومن الجريمة , ومن النزاع, ومن القمع السياسي ومن تدهور البيئة , ويؤكد مفهوم الامن الانساني على قدرة الناس وضرورة مشاركتهم في عمليات التنمية والأ يتقتصر على فئات معينة من الناس دون غيرهم فتغيب العدالة والمساواة ويحرم الفقراء والفئات الضعيفة ومنها المرأة من هذه المشاركة.ويشكل أنتهاك حقوق الانسان تهديدا للامن الانساني خاصة أذ تم بطريقة مستترة لاتكتتشف الإ بعد أن يصعب معالجة نتائجها.
وتشير وثائق الامم المتحدة الحديثة أن النساء يواجهن تهديدات كثيرة بجانب التعدي على حياتهن العاطفية والمادية والجسدية , وأن من الواجب اعتبار هذه التهديدات تمس المجتمع كله وليس النساء وحدهن , لذا فأن الواجب تكريس الجهد وتنسيقه للتصدي لهذه التهديدات وتخفيضها والوقاية منها لأن الامر ليس مجرد دفاع عن حقوق المرأة وسلامتها وحدها ولكنه يتعلق بأمن المجتمع وسلامته .أن توفير بيانات كاملة توضح التهديدات التي تواجه المراة واستخدامها عند رسم سياسات توفير الامن الانساني للمجتمع ككل بجانب توفيره للمرأة يعتبر امرأ مهما , وكذا تشجيع الجمعيات الاهلية والمدافعين عن حقوق المرأة على المشاركة في هذه الموضوع , ويستلزم هذا ايجاد وعي لدى الجماعات المختلفة وخاصة المرأة نفسها بحقوقها المنصوص عليها في الدساتير الوطنية والاتفاقات الدولية . وكذلك إدماج النساء في الجهود التي تبذل من أجل السلام وتوفير الامن فيما بعد النزاعات المسلحة يجب أشراكهن في التخطيط اهذ الجهود وفي تنفيذها وتأكيد دورها الفاعل وليس مجرد ضحية لهذه النزاعات , وقد أكدت الوثائق الدولية أن هناك علاقة وثيقة بين مفاهيم تمكين المرأة ونهوضها والامن الانساني, وفسّر الامن الانساني بشكل واسع ليشمل توفير الغذاء والمسكن والصحة والتعليم, والتخلص من العنف , والحماية أثناء الصراع والنزاعات والازمات وتوفير الديمقراطية والحكم الجيد واحترام حقوق الانسان , وجرى التأكيد على دور الحكومات في توفير الامن الانساني وحماية الحقوق الانسانية والقوانين الدولية والحد من النزاعات المسلحة, كما تم التأكيد على دور المجتمع المدني كشريك في توفير الامن الانساني .
هناك خمس قضايا أساسية ترتبط بالامن الانساني للمرأة هي :-
• العنف ضد المرأة والطفلة
• عدم ملكية المرأة للموارد وقلة تحكمها فيها
• غياب المرأة عن مراكز صنع القرارات العامة
• عدم ممارسة المرأة لكامل حقوقها الانسانية السياسية
• اعتبار المرأة ضحية مفعول بها وليست فاعلة
وأذا كانت الحروب تشكل خطرا وتهديدا شديدا للامن الانساني للمرأة الإ أن هناك أيضا ملايين النساء يواجهن تهديدا لأمنهن في وقت السلم في مناحي حياتهن الخاصة والعامة. لذا يجب أن يتسع المفهوم ليعبر عن هذه التهديدات ,ويعتبر الحكم الجيد ضرورة أساسية لتوفير الامن الانساني للفرد والوطن وللجنسين رجلا ونساء , كما يضمن حق المرأة في المواطنة , ومن المهم ايضا أن يشمل الامن الانساني وأمن الحدود الجغرافية والتحرر من الخوف والتحرر من الفقر . هناك مراحل عدة لكي يؤدي توفير الامن الانساني للمجتمع الى نهوض المرأة :-
• ضمان الحياة , وتوفير الامان , والاعتماد على الذات
• الانسان هو أساس عملية التنمية وهدفها ووسيلتها وهو المعيار الحقيقي للتنمية الانسانية فتمتع كل انسان رجل أو امرأة بحالة من الامن والامان وشعوره الشخصي بهذا الامن بأبعاده المختلفة , وترتبط بمدى الفرص والخيارات المتاحة لهما في الحياة والقدرة على الاختيار السليم ,ومشكلة المرأة الحقيقية هي أنها لاتملك خيارات واسعة
• الامن الانساني للمرأة يستلزم توفير الامن الجسدي والذي يتطلب توفير الرعاية الطبية منذ الصغر بأن لاتتعرض الطفلة للامراض بدأ من التغذية الكاملة الصحية , والا تتعرض لممارسات صحية ضارة كالختان أو التعرض للاغتصاب أو التحرش الجنسي , وأن لاتتعرض لأي نوع من النعف في صورة ضرب أو خلافه داخل الاسرة أو خارجها . ولضمان هذا البعد من الامن والامان يجب توفير الرعاية الصحية للمرأة في كل مراحل حياتها كطفلة أو شابة أو في مرحلة الشيخوخة , ويتطلب الامن الجسدي ايضا تشريعات رادعة وأليات تنفيذ حاسمة لهذه التشريعات . ولعل وجود نساء في أقسام البوليس يشجع المرأة على اللجوء لهذه الاقسام إذا ما تعرضن لعنف بشكل ما ,ويتطلب توفير الامن الجسدي للمرأة تغيير بعض المفاهيم السائدة التي تستند على تفسير خاطئ للدين مثل اعتبار للاذى البدني للمرأة وضربهاأداة أساسية في العلاقات الزوجية واعتبار المرأة حتى لو كانت في سن الطفولة مسئولة ومحرضة للرجل على أغتصابها والتحرش بها ويحتاج الامر ايضا تغييرا في اتجاهات رجال الشرطة والقضاء لاتخاذ موقف موضوعي حينما تلجأ المرأة للقانون لحمايتها من النعف بأشكاله المختلفة ظظاو لنيل حقوقها حينما يقع العنف فعلا , ويتصل بأمن المرأة الجسدي أن يكون لديها خيارات بالنسبة لنوع الخدمة الصحية التي تحتاجها وبالنسبة لرغبتها في الانجاب ووقته وعدد الاطفال .
• الامن الاقتصادي للمرأة يعني أن يكون لها دخل ثابت كاف لأشباع حاجاتها الاساسية ,إما نتيجة عملها أو كضمان أجتماعي من الحكومة أو من مصدر رسمي آخر إذا تعذر عملها . وهذا يعني حصولها على العمل المناسب لمؤهلاتها وعلى الاجر المناسب لهذا العمل ,ويتطلب هذا إتاحة فرص العمل المناسبة وإتاحة فرص التعليم بمراحله المختلفة لها, وتوفير خدمات رعاية الطفولة والاسرة التي تمكنها من الجمع بين مسؤوليتهاداخل الاسرة وخارجها , وإتاحة فرص التدريب والترقي في عملها وهذا يعني أن تتسع الخيارات أمامها لتختار التعليم الذي ترغبه ونوع العمل الذي تطلبه.
• الامن الاجتماعي والنفسي للمرأة يقصد به ألا تشعر بالاضطهاد في طفولتها كأنثى , والإ تتحمل من المسئوليات في هذه المرحلة العمرية ماهو فوق طاقتها . يعني الامن الاجتماعي والنفسي للمرأة أن يكون لها خيارات حول حياتها الاجتماعية للزواج وموعده ومن ترضاه زوجا, وأن تتسع خياراتها بالنسبة لأنهاء حياتها الزوجية إذا أستلزم الامر , وأن تشارك في هذا القرار ولها أن لاتشعر بالخوف من إضافة زوجة جديدة لأسرتها .يعني ذلك أيضا تمكانية تواجدها في أي مكان عام وحدها دون مرافق ودون أن يعتدي عليها أحد بكلام أو سلوك غير مقبول, كما يعني حريتها في التنقل والسفر لتحقيق مصالحها ومصالح الاسرة , ولها أن تشعر أن القانون وأليات تنفيذه تساندها إذا ما انتهكت حقوقها الانسانية والاجتماعية . ويتطلب هذا البعد من الامن الانساني للمرأة إتاحة المعرفة والمعلومات لها عن حقوقها ومسئولياتها وتعديلا في قانون الاحوال الشخصية بالنسبة للطلاق وتعدد الزوجات وإعادة النظر في قانون السفر , وكذا يتطلب تغييرا في ثقافة المجتمع ونظرته الدونية للمرأة , وكما يتطلب التوسع في الخدمات الاستشارية للمرأة .
• الامن السياسي للمرأة يقصد به ألا تقيّد حريتها مادامت لاتخالف القانون , وأن تستطيع التعبير عن أرائها وأن تؤخذ هذه الاراء في الاعتبار , وهذا يعني ممارستها لكل حقوقها المنصوص عليها في الدستور وفي القوانين وفي المعاهدات الدولية . ويشمل الامن السياسي حقها في الادلاء بصوتها في الانتخابات وترشيح نفسها للمجالس النيابية دون ضغوط خارجية أو داخلية . ويتطلب هذا النوع من الامن مناخا ديمقراطيا وسيادة القانون وشفافية في المعلومات وقنوات سهلة للاتصال .
#سحر_مهدي_الياسري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟