أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد بوزكَو - اللجوء اللغوي














المزيد.....

اللجوء اللغوي


محمد بوزكَو

الحوار المتمدن-العدد: 2937 - 2010 / 3 / 7 - 12:57
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


الكل يعرف أن ايرلاندا الى الآن لا زالت تشكل جزءا من المملكة البريطانية، والكل يعرف أن اللغة الانجليزية هي التي تستحوذ على أفواه واقلام الايرلنديين، وكانت لغة لجوئهم فيما لغتهم أعدوها من الألسن التي فارقتها الحياة...
لكن ربما ما قد لا تعرفونه أن هؤلاء البشر لما اكتشفوا أن لغتهم الاصل لا زالت حية في المداشر والقرى البعيدة حملوا على أكتافهم أولادهم وأحفادهم وهرعوا صوب تلك العوالم كي يتعلموها هم ويعلموا أنجالهم لغتهم الأم... ومن الامريكيين من أصل ايرلندي من اتبع نفس النهج، بل وذهبوا الى أبعد من ذلك بارسالهم كل سنة لأبنائهم كي يقضوا عطلتهم السنوية في القرى والمداشر حيث لغتهم الاصل لا زالت تنضب حياة... ليشعروا بكينونتهم وبأنهم قائمي الذات... لا لقطاء وأذنابا لغويين... هذا في ايرلاندا، فماذا عندنا؟
عندنا... آه على عندنا...
عندنا مَن ،كثير منهم مثقفين ودكاترة وفقهاء ومحامون...، يتملص من لغته عن بكرة أبيه ويشحذ حنجرته كي يشحذ اللجوء اللغوي من القواميس متنصلا من لسان قومه ليبتلع لسانا آخر... فينا من يذبح لغته بأيديه في أفواه أولاده قربانا للغات أخرى... يحزمها في كيس بلاستيكي ليقذف بها عند أول قمامة... هذا استاذ يتحاشى الحديث مع ابنته بلغتها الأم ويعتبرها من النواجس، وهذا طبيب يجري عمليات جراحية كل صباح ليستأصل الأصل اللغوي من عائلته ويتباهى حين يرى ابنه قد هجر لغة أجداده ويتكلم بأسلوب محفّر لغة أخرى... وذاك محام في يده مسطرة يقيس بها سُمْك الكلمات كي لا يخترق المسطرة ويتخشع في مرافعته بلغة وموكله في لغته الام سجين... وهؤلاء يزوروننا كل صيف حاملين على لسانهم شتى لغات العالم، هذه فرنسا وتلك هولندة ثم ايطاليا... وفي أفئدتهم حفروا قبورا للسانهم... ومن مليلية يتقاطر علينا إخواننا هناك وهم يلوكون الاسبانية في تباه ويعجنون بها الأساليب وبأقدامهم "عجنوا" على لغتهم... كل هؤلاء، بدل أن يجهدوا في غرس لغتهم وهويتهم عبر العالم، تراهم يخلعون معطفهم في أول ميناء أو مطار كما تفعل الحية، ضانين أنهم بذلك يدخلون العالم المتقدم وهم بذلك غالطون...
أرأيتم كم نحن تافهين !!
نسترخص لغتنا... نحتقر أصلنا... ومع ذلك ، وبلا حياء، نبكي تهميشنا...
كم نحن انتهازيين... !! ننتحر ونطلب من الغير أن يحيينا...
ما مناسبة كلامي هذا وقد استهلكه كثيرون... دون أن يكون فيهم نفس؟؟؟
ان كنا نحن قوم يحترف الاستهلاك والنسيان لنذوب في الوجود، فان الأمم المتطورة تحترف الانتاج والذكرى لتستمر في الوجود...
وها نحن نقتل لغتنا الأم... فيما العالم خصص لها يوما سنويا للاحتفال...
نعم...لم تمض سوى أيام قليلة على الذكرى السنوية للّغة الأم، وفي عز احتفال البعض ذكّرت منظمة اليونسكو البعض الآخر ومنهم نحن الأمازيغ بأن لغتنا ستنقرض بعد خمسين سنة... فكرت في لغة أمي... وفكرت في أولادي وأحفادي...وذرية بنو مازيغ اجمعين... تخيلت يوم سيتحولون لأيتام لغويين... وتساءلت مع نفسي هل اليونسكو ضدنا؟؟ هل جاءت لتكمل ما فعلته سياسة التعريب وما فعلناه نحن في أنفسنا فتكمل علينا وتكمل الباهية؟؟؟ لذلك منحت لنا مهلة خمسين سنة كي تجمع مع أمنا اللغة... مع أن باقي لغات العالم تحتفل وتؤرخ لوجودها !!
والمصيبة أنه إذا كان دعاة التعريب ينزعون عن الأمازيغية صفة اللغة ويعتبرونها مجرد أداة شفوية فان النخب السالف ذكرها يسترخصونها ويجردونها حتى من صفتها الشفوية حين يُهَجِّرونها من حناجرهم وحناجر أبنائهم...
لغتنا لا أم لها... لغتنا بلا عيد... أبناءها عاقين... وهي يتيمة...
وكي يكتمل العرس، جاء ميثاق التربية والتكوين ليكمل الزين، فبعد أن خِلنا أننا قطعنا اشواطا في ترسيخ لغة أمنا، وزدنا ايمانا بالمستقبل مع سياسة الجهوية الموسعة التي تلوح في الأفق، وانطلاق القناة الأمازيغية... ها هم ضعاف النفوس ينبعثون من رمادهم رافعين بايديهم نفس الميثاق كي يديروا به العجلة للوراء ويتنكروا للمزغوبة لغتنا الأم ويحبسونها في هندام رقاصة تتمايل في غنج وتتموج في شبق كي يُستأنس بها في تعلم لغة غيرها...
لكن...
ما دامت لنا أمهات...
وما دام فينا من لا زال فيه قلب... ينبض طبعا.
وما دمنا غير عاقرين...
فاننا حتما سنحتفل بلغتنا الأم... نسكنها وتسكننا... ولن نبحث لنا في لغة أخرى لجوءا...



#محمد_بوزكَو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام والمجتمع سوء الفهم الكبير
- رسالة بدون طابع
- الصراع الطبقي
- أن نكون نينيين أو لا نكون
- الشتاء قادمة بِدْجْوارو والشَّفْشافْ1...
- أمازيغ 00 سكر
- الحصلة الأمازيغية بين متزحلق ومنزلق
- العرب و...
- اِحْضوا أنفسكم (اِحترسوا) إنهم يضربونها...
- رمضان وإعادة جدولة الشهوة
- ممحاة لمحو الجهل بمحو الأمية
- إيْ اِتْشْ وانْ إن وانْ... و الدَمْعُون
- طير يا حْمامْ
- اللغة والبكاء...والإنصاف
- انتخابات.. ولا أصوات
- الكذب على الذات
- الرقص على لغتين
- تعريب السحور ..
- أَيور وشهر أيار... وباسل.
- أكوام عظم في الأرض.. واِثْري* في السماء


المزيد.....




- إطلالة مدهشة لـ -ملكة الهالوين- وتفاعل مع رسالة حنان ترك لجي ...
- 10 أسباب قد ترجح كفة ترامب أو هاريس للفوز بالرئاسة
- برشلونة تعاني من أمطار تعيق حركة المواطنين.. وفالنسيا لم تصح ...
- DW تتحقق - إيلون ماسك يستغل منصة إكس لنشر أخبار كاذبة حول ال ...
- روسيا تحتفل بعيد الوحدة الوطنية
- مصر تدين تطورا إسرائيليا -خطيرا- يستهدف تصفية القضية الفلسطي ...
- -ABC News-: مسؤولو الانتخابات الأمريكية يتعرضون للتهديدات
- ما مصير نتنياهو بعد تسريب -وثائق غزة-؟
- إعلام عبري: الغارة على دمشق استهدفت قياديا بارزا في -حزب الل ...
- الأردن.. لا تفاؤل بالرئاسيات


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد بوزكَو - اللجوء اللغوي