|
صديقي خليل
نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب
(Nezar Hammoud)
الحوار المتمدن-العدد: 2935 - 2010 / 3 / 5 - 09:04
المحور:
حقوق الانسان
- صديقي خليل عربي اللكنة والمُحيـَّـا. أسود الشعر، قصير القامـــة وأسمر البشرة. كل مافيه يشي بأصوله العربية وربما السورية بالذات. - صديقي خليل متميز للغاية، منذ طفولته الباكرة، على صعيد التحصيل العلمي. درس في مدرســـة الحي العامـــة. أخذ البكالوريا بدرجــة امتياز وتابع دراسته في واحدة ٍ من أفضل الجامعات الســـورية وتخرج منها، كما توقع له الجميع، بامتياز ٍ أيضا ً. - أوفـــدته هذه الجامعـــة إلى إحدى دول العالم الأول المتقدم علميا ً وبشريا ً كي يعد أطروحة الدوكتوراه في علوم الصيدلــة والصناعات الدوائيـــة. عاد خليل بالدكتوراه وبامتياز كالمعتاد. لابل... لقد دَرَّس َ خليل في آخر فترة إيفاده للجامعة الغربية المرموقة هذه بعضا ً من أعقد مقرراتها وأصعبها. - عاد صديقي خليل للعمل العلمي وخدمــة الوطن الذي رباه وعلمه وأوفده للخارج للدراســـة. لكنه لم يلبث طويلا ً قبل أن يتأكد من استحالة البحث العلمي الحقيقي والمنتج في ظل الأوضاع الاقتصاديـــة والاجتماعية والسياسية السائدة في سوريا اليوم. قرر خليل بيك الهرب والعودة إلى البلد الذي أتم به دراساته العليا. - من هناك في " الغربـــة " حاول عبثا ً تسوية وضعه مع المعهد الأم في سوريا وتسديد ديونه المالية اتجاهه ولكن من دون جدوى. لقد تفـتـقـت عبقرية المسؤولين عن ملفه الجامعي بمطالبته بعشرات الآلاف من الدولارات مما أدى إلى حرمانه من تجديد جواز سفره ومن حق العودة لزيارة الأهل وملاعب الصبا. هذا مع العلم بأن المبالغ المطلوبة تفوق بكثير ما قد صُــرف على خليل أثناء فترة دراسته. - أمضى صديقي فترة سنوات ٍ طويلة ٍ دون جواز سفر حتى حط به الترحال في مونتريال باحثا ً علميا ً عالي المرتبة في شركة صناعات دوائية مهمة سمحت له بالعمل دون جواز سفر بناء ً على توصية ٍمن أساتذتـــه. - لقد تعرفت على صديقي خليل هذا في مرحلة استقراره المادي والمعنوي في مونتريال. وجدتـــه ناقما ً على العرب والعروبة. لايثق بكل ماهو حامل لهذه الهويـــات. يفضل التعامل مع كل جنسيات العالم عدا العرب والسوريين تحديدا ً. يقول عن السوريين إنهم شعب فاســـد ومنخور حتى العظم. لايصلحون لشيء! - يقول خليل إن الكرة الأرضية قد دارت كثيرا ً وستدور كثيرا ً أيضا ً به وبدونـــه. لايرى خليل أي داع ٍ لأن يقول أو أن يفعل في المجال العام. فالعمل كما الامتناع عن العمل .... سيان. وليس لدى العرب عموما ً أي معنى لمفهوم المصلحة العامــــة. - لقد وصل قرف خليل من العمل العام إلى أن رفض بعناد وممانعة كبيرة الانخراط في العمل السياسي في كندا أيضا ً. ليس لدى خليل العالم والباحث المشهور في العلوم الصيدلانية، أي خبرة أو رغبة أو إيمان أو معرفة بأسس العمل العام وشروطه. لايعرف خليل كيف يتعامل مع الآخر المختلف عنه ولو قليلا ً. - لايجرؤ خليل على الحديث حتى مع أقرب الأصدقاء إليه عن الأحوال الاقتصاديـــة والسياسية في سوريا. عندما يطال الحديث هذا الأمر... يتحول خليل إلى أرنب مذعور صغير يحاول بشتى الوسائل تغيير الموضوع. وإذا أصريت على الحديث في هذه الأمور العقيمة، بالنسبة له، وضعك خليل فورا ً على قائمته الصفراء. - يسكن صديقي خليل اليوم في حي راق ٍ في ضواحي مونتريال ويقول إنه سعيد للغاية لعدم وجود أي عربي على بعد مئات الأمتار من منزله. - من الأعمال الفنية المسرحية المحببة للغاية لدى صديقي خليل مسرحية عادل إمام "شاهد ماشافش حاجة". - لقد أتعبني خليل هذا وأنا أحاول دون جدوى أن أغير سوداويته ونظرته المتشائمة للغايـــة. وصل تعبي منه إلى أن نصحته بمراجعة طبيب نفسي مختص، عله يحصل على وصفة سحرية ٍ أوحبة خمرية ٍ عجيبة ٍ تخرجه مما هو فيه. ثم وعلى مبدأ جحا والحمار... بدأت أنا نفسي أتغير... بدأت أشك بنفسي وبدفاعي عن العرب والعروبة والسوريين واللبنانيين وسواهم. بدأت أعتقد بأن مايقوله خليل صحيح وأننا بالفعل في مزبلة التاريخ وأننا لانصلح سوى للتناحر على أتفه الأسباب وأكثرها ضررا ً ومدعاة للسخرية. بدأت أقتنع بمببراته وعلله وأمثلته. ترى... من المسؤول عن إيصال خليل للحالة التي وصل إليها؟ من الذي جعله في لحظة من اللحظات يتنكر ويـُنكر ويستنكر؟ أليس في داخل كل منا خليل صغير؟ أرنبٌ صغير يحاول فلسفة أسباب الفشل وتبرءة النفس منه؟ ترى كيف نستطيع قتل خليل فينا والخروج من حالة الإحباط العجائبية هذه؟ لن أقول إن كل الأجوبة عندي . . . لابل وليس بعض الأجوبة . . . بل أحول السؤال برمتـــه لكل من يقرأ هذه السطور... راجيا ً منه إفادتنا برأيه الســـديد... ودمــــــتم !
#نزار_حمود (هاشتاغ)
Nezar_Hammoud#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما لقيصر لقيصر ... ومالسليم لسليم
-
الأستاذ سليم زبال
-
رسالة إلى المواطن اللبناني العنيد
-
والله زمن يا سلاحي !
-
النار هذه المرة
-
علهم في آخر الأمر يعرفون
-
أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون
-
مصر يامّه يا بهية
-
العرب أذكياء بالمفرق وأغبياء بالجملة
-
الأنا الأعلى
-
حدود الفيزياء
-
غزة حتما
-
الأحزاب والحزب
-
إنهم عنصريون ... أليس كذلك ؟
-
الذاكرة
-
أنا مش كافر
-
التدين البديل
-
إذا لم تستح فاصنع ماشئت
-
دبي... نهاية مدن الملح؟
-
مدن الملح
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|