أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - كاظم حبيب - متى يتعامل الحكام والقوميون العرب بحس حر وديمقراطي إنساني إزاء القوميات الأخرى؟ حالة غرب السودان نموذجاً!















المزيد.....

متى يتعامل الحكام والقوميون العرب بحس حر وديمقراطي إنساني إزاء القوميات الأخرى؟ حالة غرب السودان نموذجاً!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 893 - 2004 / 7 / 13 - 07:34
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


عندما كشف النقاب عن جرائم النظام الصدّامي وعن القبور الجماعية والمسالخ البشرية في معتقلاته المنتشرة في أنحاء العراق, إما ادعت أغلب نظم الحكم العربية والجامعة العربية والمؤتمر القومي العربي والكثير من القوى القومية العربية بأنها لم تعرف بكل ذلك ولم تسمع عنه وإما سكتت عنه كلية ولم تنبس بكلمة. وعندما كشف النقاب عن مجزرة حلب?ة الكيماوية في كردستان العراق لم تتحرك ضمائر الحكومات العربية والجامعة العربية ولا ضمائر القوميين العرب والمؤتمر القومي العربي ليعلن عن احتجاجه كحد أدنى وأضعف الإيمان عما جرى لهذا الشعب من كوارث ومحن تسببت بها عنصرية النظام. وعندما عرف العالم العربي بمجازر حملة الأنفال في كردستان العراق, كان صمت العرب كصمت أبي الهول, والساكت عن الحق شيطان أخرس. وهندما عرف العالم بعمليات التهجير الواسعة الناطق للعرب والكرد الفيلية وقتل عشرات الآلاف منهم من قبل نظام البعث الصدّامي سكت هؤلاء جميعاً, وربما اعتبروا ذلك تخلصاً مناسباً من الشيعة الشعوبيين! قلة قليلة من الأصوات العربية الشريفة ظهرت بطبيعة الحال تحتج على ما حصل, وكانت التعبير الإنساني عن وجود أناس عرب يرفضون مثل تلك الممارسات الشوفينية والعنصرية والاستبدادية والقتل الجماعي باعتبارها إهانة مباشرة للقومية العربية بالذات وعدم احترام لحقوق الإنسان وحقوق القوميات.
وعندما بدأت الحركة الشعبية لتحرير السودان من جنوب السودان في عام 1983ًوقفت النظم العربية كلها والجامعة العربية والأحزاب والمنظمات القومية ضد هذه الحركة واعتبرتها انفصالية, في حين أنها كانت تناضل في سبيل حقوق الشعب المضطهد والمحروم والبائس في جنوب السودان. مجموعات غير قليلة من القوى الديمقراطية والتقدمية في السودان والعالم العربي وحركة التحرر الوطني في العالم اعتبرت تلك الحركة جزء من النضال في سبيل الحقوق القومية المشروعة والعادلة ودعمتها. وكانت لي فرصة اللقاء بالدكتور جون غرنغ في كوبا حيث كان يعيش وعائلته في منتصف العقد التاسع من القرن الماضي حيث كنت ضيفاً عليه ليوم واحد في داره هناك وأجريت معه ومع رفاق له لقاءً سياسياً حول أوضاع السودان ومشكلات جنوب السودان وميزت فيه الموقف الوطني المسئول إزاء الحركة الديمقراطية والتقدمية لعموم السودان, والتقطنا في حينها صوراً تذكارية جميلة مع أفراد عائلته المحترمة. واستمر نضال شعب جنوب السودان حتى منتصف عام 2004 بقيادة الدكتور جون غرنغ حتى تمكنت الحركة من فرض الحل الديمقراطي المناسب لجنوب السودان ولشعب السودان كله. وبدأت الكثير من النظم العربية والقوى القومية محاولة جادة سلبية لمنع الوصول إلى اتفاق بحجة احتمال الانفصال, رغم وجود فترة انتقالية يفترض أن يلعب الحكم المركزي دوراً إيجابياً في تعزيز الفيدرالية الجنوبية ضمن الحكم المركزي لكل السودان. ولكنهم لم يفلحوا في ذلك بسبب الضغوط الدولية لصالح الحل الديمقراطي السلمي.
ومنذ عشرات السنين كانت هناك مشكلة شعب غرب السودان (شعب دار فور). وهو إقليم فقير ومهمل جداً جداً وأكثر من جنوب السودان من جانب الحكم المركزي تعيش فيه قبائل عربية وافريقية مثل الجانجويت (قبائل عربية بدوية), وفور (ومن اسم هذه القبيلة الأفريقية جاءت تسمية الإقليم بدار فور) والزغاوة (وهي قبائل افريقية موزعة بين السودان والتشاد). وكانت الحكومات السودانية تدعم باستمرار الجانجويت وتسلحها وقد أطلق على الجماعات المسلحة من هذه القبيلة ب "الخيالة". تماماً كما فعل النظام العراقي في تسليح مجموعات كردية تحت اسم "الفرسان", واستبدله الشعب الكردي في حينها وأطلق عليهم اسم (الجاش) أي الجحوش. وهم لا يختلفون عن الفرسان التي شكلها السلطان العثماني عبد الحميد في الربع الأخير من القرن التاسع عشر. ويبدو أن تسليح قبائل الجانجويت قد بدأ في عهد الصادق المهدي بهدف المحافظة على "الهدوء والاستقرار" من تحركات قبائل الزغاوة المطالبة بحقوقها المشروعة وضمان أمن الحدود بين السودان والتشاد. وقد كانت سياسة الدولة تشكيل المليشيات المسلحة لإثارة النزاع في ما بين القبائل ويضرب بعضها البعض الآخر, وبهذا تستطيع الهيمنة وإدارة الحكم هناك بعد النجاح في إضعاف جميع القبائل في الأقاليم المختلفة.
تعرض شعب غرب السودان الأفريقي إلى حملات عسكرية دموية من جانب الجانجويت ومطاردة إلى ما وراء الحدود. مات منهم الكثير والكثير منهم ينتظر الموت أيضاً إذا ما سقطت الأمطار في الخريف والشتاء القادمين, إضافة إلى نشاط القوى المسلحة من قبائل الجانجويت.
ويبدو أن الحكومة السودانية قد شجعت قبائل البدوية العربية على "تأديب" الجماعات الأفريقية المطالبة بحقوقها في غرب السودان خشية تطور المطالبة وتحولها إلى حركة مشابهة لحركة جنوب السودان, ولكنها لم تتوقع ثلاث مسائل مهمة, وهي:
1. أن القوى المسلحة من قبائل الجانجويت المدعمة من الحكم المركزي يمكن أن تقود عمليات عدوانية بهذه القسوة والسعة والدموية ضد أفارقة سودانيين, سواء أكانوا من النساء أم الأطفال أم الرجال. وبالتالي تحولت إلى كارثة بشرية كبيرة جداً, إذ أن الموت ما يزال يهدد مئات الألوف منهم.
2. إن هذه المجموعات البشرية التي تعرضت على مدى عقود طويلة لمثل هذا التمييز الشوفيني وهذا الحرمان والفقر سوف لن تسكت هذه المرة وسيرتفع صوتها عالياً وستقاوم العدوان والعدوانيين العرب والدولة المساندة لهم.
3. وأن العالم سوف يتحرك بسرعة في مواجهة احتمال تطور هذه الكارثة البشرية, ويحصل شعب غرب السودان الأفريقي على تأييد واسع من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والرأي العام العالمي.
وفي مقابل هذا الواقع لم تتحرك القوى العربية لتثير ضجة وحركة فعلية ضد أفعال تلك القوى العدوانية في غرب السودان وضد القتل الجماعي وضد التأييد والدعم الحكومي لتلك الجماعات.
كما لم تتحرك الجامعة العربية كما يفترض فيها لتدافع عن قبائل تقتل بالجملة في ما عدا صدور بيان هوزيل لا يغني ولا يسمن. ولكنها بدأت تتحرك خشية انفصال غرب السودان عن السودان, كما تحركت قبل ذاك خشية انفصال جنوب السودان عن السودان, فالأرض هي التي تهمها وليس البشر الذي يعيش على تلك الأرض. هذا هو مفهوم حقوق الإنسان لدى بعض المسئولين والحكام العرب وبعض القوى القومية العربية.
إن مشكلتنا أننا نعيش في إطار نظم استبدادية وغير ديمقراطية وظالمة تعتمد مزيجاً من الفكر القومي الشوفيني والفكر الديني الأصولي والسلفي والاتجاهات الرجعية في الفكر والسياسة. ومن الملاحظ أن الجامعة العربية لا تخرج في إجراءاتها ونشاطها عن سياسات النظم العربية, إذ أنها ممثلة لهم وليس للشعوب في الدول العربية. وهي الصيغة التي يفترض تغييرها في العالم العربي.ً
الجميع يعرف اليوم ما جرى ويجري في غرب السودان وليس من حق أحد أن يدعي بأنه لم يعرف بذلك, ولذلك يتحمل الجميع مسئولية التحرك لوقف الكارثة ودعم نضال شغب دار فور من أجل استعادة حقوقه وتأمين تطوره وحمايته من الشوفينية والأصولية المتطرفة والقبائلية المتعصبة. كما ينبغي العمل السريع لتحقيق ما يلي:
1. نزع أسلحة الجماعات المسلحة أولاً وقبل كل شيء رغم صعوبة هذا الإجراء.
2. تقديم المسئولين عن المجازر إلى المحاكم, سواء أكانوا من أبناء قبائل الجانجويت أم من موظفي الحكومة من المدنيين والعسكريين لنيل جزائهم العادل.
3. إعادة جميع المهجرين من الزغاوة إلى مناطق سكناهم وتعويضهم عن خسائرهم البشرية والمادية وضمان حصولهم على أسبقية في تنمية المنطقة المتخلفة جداً.
4. دعوة العالم والأمم المتحدة لتقديم الدعم لوقف الكارثة الإنسانية لشعب دار فور ودعم الجهود المبذولة لتوفير ما هو ضروري قبل حلول فصلي الخريف والشتاء.
5. احترام المبادئ الواردة في شرعة ولائحة حقوق الإنسان ومنحهم حقوقهم العادلة أسوة بشعب جنوب السودان, وهو الإجراء الحقيقي الوحيد الذي سيعزز وحدة السودان ولا يمزقها, فسياسة الحكم المركزي منذ خمسين عاماً على الأقل تميزت بالتسلط والإرهاب ومصادرة الحقوق والتي تكمن وراء احتمال تمزق وحدة السودان أرضاً وشعباً.
6. إن على العالم أن يستقبل اللاجئين السودانيين من غرب السودان ويحتضنهم إلى حين معالجة مشكلتهم وليس رفضهم كما تحاول ألمانيا فعل ذلك حالياً, وهي من هذا المنطلق تبذل جهداً لتقديم المساعدة هناك وحل المشكلة لتقليص الهجرة المتسعة.
إن على العرب الشرفاء, وهم الغالبية العظمى من السكان العرب, أن ينظموا حملة واسعة لدعم حقوق شعب غرب السودان والسودان كله لضمان حصوله على الديمقراطية والتخلص من استبداد الحكم الراهن وتأمين تطوره المستقل وحماية وحدة السودان من خلال الاستجابة الفعلية لحقوق القوميات المختلفة وليس بحرمانها من حقوقها واضطهادها. إنه الدرس الذي ينبغي علينا نحن العرب أن نتعلمه, إنه الدرس القاسي الذي مررنا به: لا يمكن لشعب ما أن يكون حراً وديمقراطياً ومتمتعاً بحقوقه المشروعة إن اغتصب حرية وحقوق الآخرين وحرمهم من ممارسة الديمقراطية. أملي أن يكون كل من الشعب الكردي وشعب جنوب السودان قد قدما الدرس المناسب للعرب في كل مكان, رغم أن النظم العربية والقوى القومية اليمينية المتطرفة ما تزال تسعى إلى وضع العصي في عجلة الحل الديمقراطي السلمي لهاتين المشكلتين على أساس الفيدرالية في إطار البلد الموحد.
برلين في 12/07/2004 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار في مطعم حول الأوضاع في العراق
- ما العمل من أجل إنجاز المهمة الأمنية وإعادة الطمأنينة للمجتم ...
- نحو محاكمة عادلة لصدام وأعوانه في العراق
- هل مسموح به ارتكاب أخطأ جديدة في تقدير إمكانيات عدوانية العد ...
- ذكريات مُرّة في ضيافة التحقيات الجنائية في العهد الملكي·! -ف ...
- الحلقة الخامسة- المهمات الخاصة بمرحلة الانتقال 5-5 مهمات بنا ...
- المهمات الخاصة بمرحلة الانتقال - الحلقة الرابعة
- المهمات الخاصة بمرحلة الانتقال - الحلقة الثانية
- المهمات الخاصة بمرحلة الانتقال - الحلقة الثالثة 3-5
- حوار عن الهوية مع صديق عبر الهاتف
- مفهوم الصدّامية في القاموس السياسي الحديث
- هل من سبيل لمواجهة الإرهاب المتفاقم في العراق؟
- هل مَن تَعرضَ يوماً للتعذيبِ, يرضى بتعذيب حتى جلاديه؟
- العراق وفضيحة التعذيب في السجون العراقية (1-4 حلقات) الحلقة ...
- هل من نهاية قريبة للإرهاب والاحتلال ومآسي القسوة والتعذيب في ...
- الخواء والاغتراب هي من أبرز نتائج المؤتمر القومي العربي الخا ...
- الخواء والاغتراب هي من أبرز نتائج المؤتمر القومي العربي الخا ...
- الأفكار الأساسية لمحاضرة حول -مستقبل الديمقراطية وحقوق الإنس ...
- التعذيب النفسي والجسدي للمعتقلين في العراق انتهاك شرس لحقوق ...
- ألا يريد مقتدى الصدر أن يتعلم من دروس الماضي القريب؟


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - كاظم حبيب - متى يتعامل الحكام والقوميون العرب بحس حر وديمقراطي إنساني إزاء القوميات الأخرى؟ حالة غرب السودان نموذجاً!