|
جريمة الفضائيات العربية
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 892 - 2004 / 7 / 12 - 05:58
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من الجرائم التى تعاطف معها الشارع العربى ، تلك الجريمة التى ترتكبها الفضائيات العربية الشهيرة بإذاعة ما يسمى بالشرائط المسجلة لإرهابيين يزعمون إنتمائهم إلى الإسلام ويقومون بتصوير جرائم الخطف والقتل التى يمارسونها أمام المشاهدين فى أفلام الرعب التى ينتجونها خصيصاً لتلك الفضائيات التى تنتهك كرامة وشرف القيم المهنية وتقوم بترويج قيم الجريمة الإرهابية المبتكرة حديثاً بعرضها تلك الأفلام البربرية وتمريرها إلى المشاهدين بأعتبارها قيم نضالية يوافق عليها ويشرعها المجتمع وأديانه ووسائل إعلامه . مهما كانت القضية التى يدافع عنها هؤلاء البشر مهما كانت أسمائهم وصفاتهم ، سواء دفاعاً عن دين أو عن دولة أو عن أرض مغتصبة، لا يوجد شريعة أو قانون بشرى يبيح ما تستبيحه وتذيعه تلك الفضائيات من مشاهد مدفوعة الثمن لتنظيم القاعدة وأنصار الإسلام والمجاهدين والمدافعين والقائمة طويلة ، لا يوجد مبرر إلهى أو بشرى لإرتكاب تلك الجرائم . إن معاناة الضمير العربى الذى يشكل خلفية القائمين على تلك الفضائيات ناتج من غياب الأخلاق الفاضلة وذلك بالترويج المحموم لأفكار المؤامرة والغزو الثقافى والتنصير وتدمير العقيدة وأحتلال الأوطان مستغلين المناخ العالمى الجديد للحرية التى لا يعرفون معناها والتى لم يحلموا بها إطلاقاً لأنهم ما زالوا يعيشون فى عصر الأمية والجاهلية الثقافية . حتى هذه اللحظة لم نرىأو نسمع عن صدور بيانات للمثقفين العرب تحتج أو تدين بشدة ظهور تلك الأشرطة النرجسية على القنوات الفضائية ، ولم أسمع بمسئولين حكوميين أو إعلاميين يصدرون أوامرهم بإيقاف هذه المسرحيات الهزلية التى تستخف بقيمة الحياة الإنسانية والتى بدأها بن لادن بأفغانستان ومستمرة فى العراق وأخرها الرهينة الفلبينى ، هل أنتهى زمن العقلاء فى عالمنا العربى حتى لا نجد من يجرم سلوكيات القنوات الفضائية فى إذاعة بيانات تلك الجماعات والتنظيمات الجهادية ؟ المسئولية فى جريمة الفضائيات هذه واضحة لا تحتاج إلى تعليقات أو تأويلات كثيرة ، فالعنف والإرهاب والتطرف بدأ يتزايد ويتزامن مع تطور رسالة الفضائية القطرية الرائدة فى نشر أفلام الرعب النازى للإرهابيين والتيقن من دخولها إلى كل بيت عربى لما تحتويه على فكر الجهاد تدعمه كما يقولون الشريعة الإسلامية ويدعمه الفقهاء المختارون فى أرجاء عالمنا العربى بفتاويهم وأحاديثهم التى تحلل أساليب الإرهاب الحديثة ضد الكفار أينما كانوا . إلى هذه الدرجة يتم الأستغلال القذر لحياة البشر أمام عدسات تلفزيونية بعد أختطافهم وهم يرتعدون ويموتون فى داخلهم آلاف المرات أمام هذه الخبرة التى لم يحلم بها أحدهم وأمام هذه الوحشية التى تزول معها المشاعر الإنسانية الطاهرة ، ينشرح صدر أصحاب المصالح التجارية الفضائية ويهللون مع عشاق إراقة الدماء وينتظرون الشريط القادم حتى يحققوا السبق الخطير فى إذاعته ويحصلوا على الغنائم من أرقام تعد بالملايين من المشاهدين السذج الذين يعلو صوتهم بعد أنتهاء الشريط التلفزيونى بقولهم " الله أكبر " ! دائماً العرب فى قمة السباق ببراءة أختراع تقنية أفلام ترويع البشر ألتزاماً بمشاعر شياطين جهنم الذين يتلذذون بمشاهد الموت والدم ، تلك المشاهد التى تدل على التهاون الفاضح وإضمحلال التربية التى تربى عليها هذا الجيل الذى زاغ وفسد وتناسى مكارم الأخلاق الحميدة وتمسك بالتبريرات القولية والتأويلات الحرفية لنصوص عقائدية يقيم بها من نفسه قاضياً يدين ويصدر أحكامه على من لا يعجبه من بنى البشر ويصبح جلاداً ينفذ ما أصدره من أحكام تعذيب وقتل ، ويتجاهلون ويرفضون الخضوع والطاعة للحقيقة الإلهية أن الله رحمن ورحيم ! القضية ليست قضية أحتلال أرض أو غزو وطن أو تشريد شعب ، القضية أكبر من ذلك ومن المستحيل أن يتم شرعنة مثل هذه الجرائم وفضائيات تنقلها بكل سذاجة أو بتآمر مسبق ، ولا يوجد من يصرخ فى وجه القائمين على هذه القنوات ليوقفوا هذا العبث الدموى ويحرموا إذاعة تلك المشاهد النرجسية لجرائم الثأر والأنتقام . هل هم فى ظلام لا يدرون ما يرتكبونه من جرائم فى حق الإنسانية يعطلون فيها ضمائرهم وعقولهم ويضللون بها عقول مشاهديهم ويزينون لهم بساطة إرتكاب الجرائم ، فالقتل ما أروعه ولا يحتاج إلا إلى التشبه بما يأتى به هؤلاء الأبطال فوارس العروبة البواسل من تهديد ووعيد بملابسهم المميزة ووجوههم الملثمة والضحية أمامهم وعندما يحين الموعد يرتفع السيف وتطير وتنفصل رأس ذلك الإنسان الكافر وأنتهى الأمر والله أكبر . لا أعتقد أن هذه هى القيم والأخلاق التى يستقبل بها العرب عصر التقدم وعصر المعلومات ويريدون تصديرها إلى شعوب العالم التى تعيش فى ظلام الديمقراطية والتقنيات العلمية والتكنولوجية . هل يوجد من يحاكم تلك الفضائيات التى تبيع شرفها المهنى علانية ، ولا تعمل حساباً ليوم الحساب إن كانت تؤمن به ؟ لماذا لا تمتنع القنوات التلفزيونية فضائية أو أرضية بجميع أشكالها عن إذاعة تلك الاشرطة والبيانات الإرهابية التى تشجع على الإرهاب وتجعل له وجود حقيقى؟ متى يزيل العرب من عقولهم العداء الفطرى المستحكم لكل ما هو غير عربى وغير إسلامى ؟ متى يستيقظ ضمير العرب ويستعيد كرامته وكرامة القيم والأخلاق التى زرعها الله فى داخله ؟
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحمد نظيف رئيس وزراء لكل المصريين ؟
-
إن الله مع الظالمين
-
كبش الفداء ومسيحيو العالم العربى
-
الله أكبر ... لماذا ؟
-
إلغاء وزارة الإعلام المصرية
-
جمال الله والقبح الدينى
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|