أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - قراءة في كتاب أمتع روحي-سيكولوجيّة الروحانيّة-من نفسٍ منقسمة إلى نفسٍ متكاملة.طبيعة الروح والشعور والوعي















المزيد.....

قراءة في كتاب أمتع روحي-سيكولوجيّة الروحانيّة-من نفسٍ منقسمة إلى نفسٍ متكاملة.طبيعة الروح والشعور والوعي


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 2929 - 2010 / 2 / 27 - 17:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن إدراك حقيقة الروح وطبيعتها أمر بعيد المنال وفوق طاقتنا، ولفهم الروح فإن الطريقة المثلى أمامنا تكمن في التحقق من خصائصها وصفاتها. فعلى مرّ التاريخ كانت هناك رؤيتان لطبيعة الروح والوعي: رؤية مادية تعتبر المادة أساس كل شيء ومبدؤه، وأن الوعي هو نتاج أنماط مادية معقدة تظهر في مراحل محددة من التطور البيولوجي (الحيوي). ورؤية روحانية تعتبر الوعي هو الحقيقة الأولية، هو رحيق الحياة في إطاره العام وماهية الصفات الإنسانية في إطاره الخاص. فالوعي (الروح) هو الذي يبعث الحياة في المادة بمستوى جسم الإنسان ويجعل الحياة الإنسانية ممكنة الوجود. على أنه في الأعوام القريبة الماضية أخذ العديد من التطورات العلمية والأفكار السائدة دوره في منحنا فهماً أفضل لهذا التداخل الحاصل بين المادة والوعي.
في كتابه بعنوان "الله وعلم الطبيعة الحديث" "God and the New Physics" كتب بول ديفس يقول: ’إن أي مفهوم يميل إلى النظرية أكثر منه إلى الواقعية لا يجعله بشكل ما غير حقيقي أو خيالياً.‘(1) ثم يتطرق بعد ذلك إلى مسألة الجسم والروح بشكل خاص ليلاحظ أن ’الخطأ الجوهري للإزدواجية إنما يكمن في اعتبار الجسم والروح وجهين لعملة واحدة، بينما هما في الواقع شيئان مختلفان تماماً... فالعقل (الروح) والجسم ليسا شيئين يكوّنان الإزدواجية، بل هما حقيقتان مختلفتان تماماً تنزّلتا من مستوييْن مختلفين من الطبقة السلطوية العليا.‘(2) وبعبارة أخرى، فإن جسم الإنسان ينتمي إلى طبقة معينة من الحقيقة والروح إلى طبقة أخرى، ويتفاعلان معاً في موقع العقل. أما طبيعة هذا التفاعل فغير معروفة حتى الآن وربما لا يمكن إدراكها تماماً. على أن الإكتشافات الحديثة في ميدان علم "الفيزياء الكمية" "Quantum Physics" تشير بوضوح إلى علاقة يمكن ملاحظتها بشكل يثير الإهتمام بين الوعي والمادة، وعلى الأخص في مستوى الجزيئات تحت الذرية. ’لقد أظهرت نظرية (الكمّ) أن الجزيئات تحت الذرية "Subatomic Particles" ليست ذرات منعزلة عن المادة بل أشكالاً محتملة الحدوث "Probability Patterns" في تشعُّباتٍ متَّصلةٍ بالشبكة الكونية التي تشمل أيضاً الإنسان ووعيه.‘(3) فمشاهدات كهذه ومثيلاتها أخذت في زعزعة الإهتمام بمفاهيم الإزدواجية نحو ديناميكية تكامل الجسم والروح وتناسقهما.
وما ثمار هذا التكامل سوى ظهور "النفس". فالنفس البشرية إنما هي الجسم والروح معاً في وقت واحد، فلا وجود إذاً للإزدواجية، وما إحساسنا بهذه الإزدواجية إلا من حقيقة أن جسمنا وروحنا تتطوران في شكلين مختلفيْن. وعليه، نرى أن تطور الجسم قد حظي بدراسة مكثّفة أدّت إلى تفهّمه بشكل أوفى:
’طبقاً لما وجدَتْه أبحاث علم الإنسان المعترف بها فإن تشريح تطور الطبيعة البشرية لم يتمّ فعلياً إلا قبل خمسين ألف سنة تقريباً، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن بقي جسم الإنسان ومخّه بنفس الحجم والهيكل. ومن ناحية أخرى فإن ظروف الحياة قد تغيّرت بالكلية في هذه الفترة ولا يزال التغيير حاصلاً وبخطوات سريعة. وفي سبيل التكيّف مع هذه المتغيّرات أصبح لزاماً على الجنس البشري أن يستغلّ قدراته في الوعي والفكر التصوّري واللغة الرمزية حتى ينتقل من حالة التطور الجنيني "Genetic Evolution" إلى التطور الإجتماعي الذي أخذ طريقه إلى التسارع ليأخذ أشكالاً مختلفة.‘(4)
فهاتان المرحلتان من تطوّر الجنس البشري – المرحلة البيولوجية (الحيوية)، والمرحلة السيكولوجية (النفسية) إنما تتبعهما مرحلة ثالثة في مسيرة الإنسان التطورية، وتلك هي التطور الروحاني. وتتجسّد هذه المراحل الثلاث في هيكلية المخ. فالمخ الجزعي، الذي يقع في أسفل أجزاء المخ ويشكل أقدمها في المسيرة التطورية، هو الذي يولّد الدوافع البيولوجية (الحيوية) والغريزية والسلوكيات الإندفاعية، أما النصف الجوفي من المخ "Limbic System"، فقد شهِد تطوراً كبيراً عند المخلوقات الثديية وهو محيط بالجزء الجزعي ومسؤول عن التجارب العاطفية والتعبير عن المشاعر. والجزء الثالث من المخ هو القشرة الحديثة "Neocortex"، وهو الذي يتمتع بأكبر قسط من التطور والنمو والتميُّز في النوع الإنساني ويختص بالأعمال السامية من قبيل الفكر واللغة. وقد استقرّ نموّ القشرة في المخ منذ حوالي خمسين ألف سنة.
إننا الآن نتقدم نحو مستوى جديد من التطور الجماعي، وفيه يحدث التكامل والتوازن بين غرائزنا وانفعالاتنا وأفكارنا في عملية واحدة موحّدة. ويكون هذا في حيّز الإمكان متى أتقنّا توسيع مداركنا وعقولنا حتى يصبح بمقدورها الإتصال بالفكر العالمي، وتلك هي عملية روحانية بحتة إذ تستثمر حريتنا في الإختيار وتتحدّانا من أجل التغيير في مواقفنا والإستغناء عن قِيَمٍ عظّمناها بل وألّهناها. فكثير من الناس يعتقدون أن تلك القِيَم إنما هي ثابتة أبدياً ولا يجوز المساس بها وتغييرها. ومع أن هذا ليس موضوعنا، فمن الواجب أن نعلم أن كل شيء في الوجود متطور وقابل للتغيير بما فيه قِيَمُنا، ذلك لأن التطور والتغيير هو سِمَة الكائنات. فيخبرنا العِلْم مثلاً أن حركة تطور عالمنا الكوني المادي من الجائز أنها بدأت بانفجار ضخم مطلِقاً حُزَماً من الطاقة هائلة، ومنذ ذلك الوقت والعالَم المادي ماضٍ في رحلة تطوُّره. إنه تطور مادي ينسحب على جسم الإنسان أيضاً في صورته المصغرة وخاصة على المخّ، وهو ما ينطبق أيضاً على تطور خوارق الطبيعة "Metaphysical" والحقائق الروحانية من قبيل: الوعي، المحبة، والخلاّقية. وللمساعدة في الإحاطة بهذه الأمور لابد من مراجعة الأفكار والنظريات التي ظهرت حول تطور الوعي والروحانية بشيء من الإختصار.
لقد حدّد كِنْ وِيلْبر "Ken Wilber" أربع مستويات من الوعي: الأنا "Ego"، الحيوية الإجتماعية "Biosocial"، الوجودية، والعلاقات الشخصية.(5) والعلاقات الشخصية هذه مساوية لمفهوم الروحانية الذي مرّ ذكره.
أما غروف "Grof" فقد حدّد ثلاثة ميادين رئيسة للوعي: التجارب السيكوديناميكية (التحرّك النفسي) – السابق منها والحاضر، التجارب قبل خروج الجنين (عملية الولادة نفسها)، ثم تجارب العلاقات الشخصية (ما يتجاوز حدود الشخص نفسه).(6) فوجهات النظر هذه تشبه بجوهرها ما قدّمه ينغ "Jung" وماسلو "Maslo" وغيرهما. فيحاول هؤلاء المفكّرون تقديم مفاهيم روحانية إلى صِيَغِنا حول طبيعة الحقيقة الإنسانية وأن يحدّدوا الظروف التي نستطيع فيها نحن البشر أن نعمل في أعلى مستوى من النضج والبصيرة والتكامل والخلاقية على أتمّ وجه، وهناك أفكار مماثلة في الكتابات الدينية. وحول العلاقة بين الجسم والروح وعملية الإتّصاف بالروحانية نورد هنا بياناً مختصراً وشاملاً لحضرة عبدالبهاء:
’في العالم الإنساني مقامات ثلاثة: مقام الجسم، النفس، الروح. فمقام الجسم هو المقام الحيواني للإنسان، وبهذا يشترك الإنسان مع جميع الحيوانات في القوى الجسمانية وشؤونها. فجسم الحيوان مركب من عناصر وكذلك جسم الإنسان وجميعها يحكمها قانون التجاذب.
والإنسان يملك الحواسّ كما يملكها الحيوان، فهو يشعر بالحرارة والبرودة ويجوع ويعطش... إلخ، إلا أنه يمتاز عن الحيوان بامتلاكه القوة العاقلة (النفس الناطقة)...
عندما يسمح الإنسان للروح( ) عن طريق العقل أن تنير إدراكه، حينذٍ يحيط بكل المخلوقات. والإنسان جامع لكمالات المراتب التي تقع دونه ويسمو عنها جميعها. وكونه استنار إدراكه بنور الروح، فقد أصبح تاجاً على رؤوس الموجودات، أما إذا أغلق عقله وقلبه وحرم نفسه من بركات الروح موجّهاً نفسه نحو المادّية والجزء الجسدي من طبيعته، فإنه سيسقط من مقامه ويصبح شبيهاً بسكان المملكة الحيوانية الواطئة وينحطّ بذلك إلى أسفل الدركات. فالروح الإنساني إذا لم تتعمّد بفضائل عالم الملكوت ضَمُرتْ وضَعُفَتْ قُدُراتها وتعاظمت القوى المادية وأصبحت هائلة بحيث يجد الإنسان نفسه فيها بائساً تائهاً وأشدّ فتكاً وافتراساً وظلماً من الحيوان بل وأحطّ منه، وبذلك تكون جميع قواه الجسمانية ورغباته قد سيطر عليها الجانب الأدنى من طبيعته، عندها يَجْنَحُ إلى القسوة والوحشية أكثر وأكثر إلى أن يصبح في درجة مساوية للحيوانات. وأناس من هذا النوع هم سبب أذية البشر وعلّة نكبة العالم الإنساني، مجرّدون من العواطف الملكوتية لأن كمالات الروح السماوية حالت دونها نقائص عالم الناسوت. وبالعكس، لو تغلّب الجانب الروحاني على النفس البشرية لأصبحت قدسية وملكوتية وربانية وأشرقت فيها جميع فضائل الملأ الأعلى، وكانت رحمة من الله وسبباً في الترقّي الروحاني لعالم الناسوت، ولأصبحت مشاعل الهُدى في درب الإنسانية جمعاء.‘(7)
بهذا النقاش يتّضح لنا شيء واحد في العلاقة بين الوعي الإنساني وجسم الإنسان، إذ لدينا الآن تجربتان مميّزتان لوجودنا:
وجود جسماني ووجود روحاني. فتجاربنا الجسمانية تحصل بقوى مادية خمس (الحواسّ): اللمس، الذوق، الشمّ، السمع، البصر. أما تجاربنا الروحانية فمصدرها خصائص العقل التي تشمل قوة: الخيال، الفكر، الإدراك، القوة الحافظة. وفوق كل ذلك لدينا القدرة على الجمع بين القوى الجسمانية والقوى العقلية بحيث تكون تجاربنا على أتم وجه.(8)
وبناءً على ذلك، فمن ناحية نفكّر في أنفسنا بلغة الجسم والعقل على أنهما كيانان إثنان، من ناحية أخرى نرى أنفسنا نفساً واحدة متكاملة غير منقسمة. وإلى جانب هذه النفس المتكاملة نحن منجذبون ولا شك أننا توّاقون للوصول إلى هذا التكامل التام.

مفهوم النفس
إن الإحساس بالنفس شعور ينفرد به الإنسان وحده. فعندما نتحدث عن "النفس" فإنما نتكلم عن وعي منا بأننا موجودون الآن، وكنا كذلك في الماضي ومستمرون مستقبلاً. وهو أحساس كان في الماضي والحاضر وسيبقى ثابتاً وبصورته الكاملة. إنه تعريف يتضمّن مكوّنات أنفسنا من قبيل: أجزائها الواعية وغير الواعية من تركيبتها "Psyche"، وأبعادها الجسمانية والعقلية والعاطفية لشخصيتنا، بالإضافة إلى الجانب الأناني والعام من أنماط سلوكنا.
عندما نستعمل لفظ "النفس" فإننا نتحدّث عن كياننا الذي نحسّ به وكما يراه ويعيه الآخرون. هذا المفهوم عن النفس يحل معضلة الجسم والروح، ويسمح لنا أن ندرس النفس البشرية على أنها وحدة متكاملة متناسقة. فالأنا "Ego" هو الإحساس الواعي المعبِّر عن "النفس"، ويتحكم في تطورها عوامل مُوَرِّثة جينية وبيولوجية وأخرى سيكولوجية وروحانية.
دعونا الآن نلقي نظرة على "النفس" من زاوية أخرى أكثر تحديداً. إننا كبشر نملك جميعاً غرائز معينة نشترك فيها مع الحيوان، وهي غرائز ضرورية لبقائنا والحفاظ على استمرار بقاء الجنس البشري. نشعر بالجوع فنبحث عن الطعام، نتألم فندرك أن خللاً حصل فنبادر إلى علاجه. بإمكاننا أن نستشفّ الخطر فإما أن نواجهه أو نتهرّب منه طلباً للأمان، كما أن لدينا الدوافع الجنسية التي بها نميل إلى الجنس الآخر في الظروف الطبيعية وغالباً ما تكون النتيجة حصول الحَمل وبه يستمر بقاء الجنس البشري. إلى جانب هذا وذاك فإن لدينا غرائز تشدّنا إلى الغير في رباط محكم، فتربطنا بقوة مع طفلنا حديث الولادة وتدفعنا إلى العناية بصغارنا وحمايتهم ورعايتهم.
في هذا المستوى من غرائزنا نتساوى مع أرقى أنواع الحيوان، غير أن هناك فارقاً أساسياً يميّز الإنسان هنا؛ فالحيوان لا يتجاوز قوانينه الغرائزية بينما الإنسان له الخيار. فتجاوُبُنا لغرائزنا الأساسية؛ أكان ذلك في الجوع أو الألم أو التّصدّي أو الهروب أو في الجنس فنجده مختلفاً تماماً عن الحيوان. قد نقرر الصيام أو إتّباع نظام خاص في الطعام (الرِّجيم)، وقد يصوم أحدنا حتى الموت تعبيراً عن موقف معيّن وغالباً لتحقيق العدالة، وقد يأكل البعض منا حتى لو لم يكونوا جائعين، وآخرون لا يأكلون حتى لو جاعوا مع أن الطعام متوفّر أمامهم (كما في حالة القَهَم العُصابي) "Anorexia-nervosa". وهناك من لا يشاركون الطعام مع الجياع حتى لو كان فائضاً عن حاجتهم. كل هذا أنماط من السلوك خاصة بالإنسان دون غيره من المخلوقات.
نرى الشيء نفسه عند الألم أيضاً. ويجب أن نبيّن هنا أن الألم ليس دليلاً على المرض في كل الأحيان. فالنموّ مثلاً قد يكون مصحوباً بالألم، أو يكون إحساسنا بالألم نتيجة مجهود رياضي عنيف، وكذلك الأمر مع المازوجيين "Masochistic" الذين يتعمّدون إيلام أنفسهم، والساديين "Sadistic" الذين يُؤْلمون الآخرين. من هذه الأمثلة يتّضح لنا أن تصرّف الإنسان تجاه الألم لا تتحكّم فيه القوانين الغرائزية البسيطة.
وظاهرة التصدّي أوالهروب "fight or flight" هي أيضاً تختلف أشكالها عند الإنسان. فهناك حالات كثيرة نُؤْثِرُ فيها مواجهة موقف خطير حتى لو علمنا بعجزنا عن حماية أنفسنا، وتلك كانت طريقة غاندي وأتباعه في مواجهة تهديدات القوات البريطانية في الهند. وفي جنوب أفريقيا يقوم الأطفال والشباب والكبار الفقراء منهم والعُزَّل بمواجهة قوات الأمن القوية المدجّجة بالسلاح وهم على علم تام بأن أجسامهم في خطر.
وعلى العكس من ذلك، من الناس مَنْ يهابون الأشياء ويخافونها مع أنها غير مؤذية لهم. فمنهم مِن يرهب المرتفعات أو يخاف من الكلاب أو النّحل أو الذباب، ومنهم من يرهب التجمّعات وآخرون يخافون أن يُتْرَكوا وحدَهم. إذاً هناك العديد من أنواع الرُّهاب (الفوبيا)، وهناك العديد من المصابين به في العالم.
أما عن الجنس فإن البشر أيضاً لا يستجيبون لقوانين غرائزهم الجنسية تماماً؛ فمنهم مَن يختار أن يبقى أعزباً، أو يفضّل العلاقة الجنسية دون إنجاب أطفال، وثمّة من يسلكون طريق "الاشتهاء المماثل" "Homosexuality"، وهناك من يجمع بين الجنس والعنف والموت. وبناءً عليه فإن السلوك الجنسي عند الإنسان معقّد جداً، وهناك صناعة ضخمة خاصة بالمواد الجنسية. وحتى لا أخرج عن الموضوع أكتفي بهذا القدْر.
وقد نتساءل لماذا كل هذا الإختلاف في تجاوب الإنسان لغرائزه الإساسية؟ فالإجابة طبعاً نجدها في الحقيقة بأن الإنسان يمتلك الوعي والإرادة. فنحن نمتلك أهليّة الإختيار، وخَياراتنا تلك لا تتأثر فقط بغرائزنا بل بوَعْيِنا ومشاعرنا ومعرفتنا أيضاً. ففي مرحلة طفولتنا ثم في بلوغنا اكتسبنا من الخبرات ما يساعدنا على تكوين نظرة شاملة وأحاسيس خاصة عن أنفسنا وعن عالمنا وعلاقتنا بهذا العالم. فوجهات نظر الناس عن هذا العالم مختلفة تماماً؛ فمنهم من يراه مكاناً يعُجُّ بالأخطار وآخرون يرونه آمناً. بعضهم يتجنّب الإختلاط بالناس وآخرون مندمجون معهم تماماً. هناك من يشعر أن العالم لا يفيده وآخرون يعتبرون العالم ميداناً للتحدّي والفُرص.
هذه الرّؤَى العامة وغيرها إنما تؤثّر تأثيراً كبيراً في أسلوب حياتنا وكيف نتفهّم أنفسنا ونحدّد علاقاتنا، وبها أيضاً نكتسب مشاعر خاصة تجاه "النفس" وتجاه العالم. فبينما نحن ننمو ونكبُر فإننا بذلك نرفع من قدراتنا بشكل هائل بحيث تتجاوز مستوى غرائزنا المكوِّنة لوجودنا ونبتعد عن جانبنا الحيواني إلى الجانب الإنساني ويشرع العقل في اكتساب المزيد من القوة وموهبة المبادرة، وهنا يتطوّر نوع من الصراع بين العقل والجسم وهو ما يقع في قلب مساعي الإنسان في حياته ويعدّ السبب في كثير من معاناته. من إفرازات هذا الصراع كان ظهور المدارس المادية وتطوّرها ومدارس علم النفس الفكري وأساليب الحياة المتضاربة في عالمنا المعاصر. وفي سبيل إدراك الأسباب الجذرية لهذه الحالات، وفي محاولة منا لإيجاد مدخل عام ومتكامل لفهم النفس البشرية، علينا أن نتفهم طبيعة أحاسيسنا وكيف تعمل. إنه أمر لا بدّ منه لأن عواطفنا تلعب دوراً هاماً في جميع أعمالنا ونشاطاتنا.
من كتاب-( سيكولوجية الروحانيّة-من نفس منقسمة إلى نفس متكاملة- د. حسين ب. دانش.تعريب-د.نبيل مصطفى ، أ. مصطفى صبري-مكتبة مدبولي -القاهرة)

1. Paul Davies, God and the New Physics, 82.
2. Davies, God and the Ney Physics, 82.
3. Capra, The Turning Point, 91-92.
4. Capra, The Turning Point, 298.
5. For further description see Ken Wilber, “Psychologia Perennis: The Spectrum of Consciousness,” in Journal of Transpersonal Psychology 2 (1975).
6. For a full description of these concepts, see Stanislav Grof, Beyond the Brain: Birth, Death and Transcendence in Psychotherapy.
7. ‘Abdu’l-Bahá, Paris Talks, Addresses Given by ‘Abdu’l-Bahá in Paris in 1911-12, 96-98.
8. See ‘Abdu’l-Bahá, Some Answered Questions, ed. and trans. Laura Clifford Barney, 245-46.



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب أمتع روحي-سيكولوجيّة الروحانيّة-من نفسٍ منقسمة ...
- قراءة في كتاب أمتع روحي -المادية كنهج للحياة
- معنى الإسلام
- الحياة الروحانيّة-4/4- -الحياة الروحانيّة والمجتمع البهائي
- الحياة الروحانيّة-3/4- -التجارب والصعاب
- الحياة الروحانية-2/4-الممارسات الروحانيّة والتطوّر الروحاني
- الحياة الروحانية-1/4
- الكفاح من أجل العدالة: تغيير آليات التفاعل البشري
- القمة الألفية للسلام العالمي: منظور بهائي
- القيادة الأخلاقية
- تغيير الثقافة وزيادة الإدراك والوعى العام للقضاء على العنف ض ...
- حرية الاعتقاد
- إن التفرقة العنصرية مرض لا يصيب البشرة بل يصيب العقل البشري
- مبادرات للحوار العالمي الهادف إلى تعزيز ثقافة التسامح والسلا ...
- الدين البهائي وأديان آخرى- عبارات تُجزم بالانتهاء -(4/4)
- نناشد الإنسان في كل مكان من أجل إنسانية هؤلاء
- أين العدل والرحمة
- الدين البهائي وأديان آخرى (3)-الدين الحقيقي
- الدين البهائي وأديان آخرى-(2)
- الدين البهائي وأديان آخرى(مقال في مقالات).كيف يمكن أن يكون ا ...


المزيد.....




- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - قراءة في كتاب أمتع روحي-سيكولوجيّة الروحانيّة-من نفسٍ منقسمة إلى نفسٍ متكاملة.طبيعة الروح والشعور والوعي