ماجد لفته العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 891 - 2004 / 7 / 11 - 08:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ان الخطاب السياسي الاسلامي لايختلف في تعامله مع القوى السياسية الاخرى, ولكن طيف واسع منه يستخدم الاضطهاد والعنف والقوة لفرض ارائه السياسية يعتقد انه يمتلك الحق في ذلك , فيذهب البعض الى التفريق بين الرجل والمراة كماحدث للكاتب حامد ابو زيد في مصر, والتهديد المتواصل للاستاذه نوال السعداوي وكذلك
التشهير بسمعة المخالف وقذفه بابشع التهم والكلمات والطعن في العرض عبر
وجهات نظر سياسية يظهر ظاهرها انها ليس طرف في الصراع وباطنها انها احد ادواته وسيلة من وسائله الغير شريفة ,في محاربة كل ماهو متنور وتقدمي
وقد ارتكبت بعض الجهات المتطرفة جرائم اغتيال بحق مئات المثقفين , لالذنب ارتكبوه بل لخلافات فكرية واديولوجية, ونذكر بعض الامثلة منها جريمة اغتيال المفكر اللبناني حسين مروة, والمفكر مهدي العامل والكاتب سهيل الطويل , والكاتب والمفكر المصري فرج فودة ,ورفعت المحجوب , ورسائل التهديد التي
اضطرت فنانين وكتاب ومثقفين لحمل الاسلحة للدفاع عن انفسهم وماجرى في
الجزائر من قتل وذبح بالسكاكين للمثقفين والصحفين الجزائرين في مختلف مدن
الجزائر وخصوص العاصمة لايحتاج الى دليل , ومايجري اليوم في مدن العراق من اغتيالات وقتل للابرياء من قبل جماعات تدعي ( الاسلام) وحرق للموسسات
الثقافية وحرق للدور عرض الافلام ومحلات بيع الاقراص الليزيرية وجلد الناس
في الطرقات والجوامع والاعلان عن شروع بعض المنظمات المحسوبة على الاسلام السياسي بتطبيق (الشريعة الاسلامية ) هل يخدم الاسلام السياسي العراقي!
ونعرض هنا جزء من حادثة تبين الفهم المجتزء للاسلام الحنيف والمشوه للمفاهيمه , في قاعة محاكمة العناصر المتهمة باغتيال ( فرج فودة) انبرى المفكر
الاسلامي للدفاع عن المتهمين وربمايشد على ايدهم فاوردالاية ( فلا وربك لايومنون حتى يحكومك فيما شجر بينهم , ثم لاتجدوا في انفسكم حرجا مما قضيت
ويسلموا تسليما ) , ومن هنا يحاول السيد محمد الغزالي(مصر) تبرير الجريمة للمجموعة من الجماعات الاسلامية المتهمة باغتيال المفكر فرج فوده, بالرجوع
الى قضاء الله ( سبحانه وتعالى) فاسحاالمجال للافراد في القصاص دون الرجوع للعدالة الاجتماعية والقانون وتشريع شريعة الغاب الذى وقف ضدها الاسلام منذ العصر الجاهلي ...! فكيف ونحن في القرن الواحد والعشرون ..!__
العلاقة الخطابين السياسي القومي والسياسي الاسلامي.
ظهر الخطاب القومي كبديل عن الخطاب السياسي الديني الذي كان قباض على زمام
السلطة في زمن الخلافة العثمانية والتي تركت سياسيتها القمعية للشعوب الاسلامية الاثر البليغ في تنامي الشعور الوطني والقومي في العالم العربي وكان
اثر الثورة الصناعية وتعاضم دور الراسمالية بعد الحرب العالمية الاولى وبحثها
عن الاسواق التجارية ساهم في نشر الوعي والتعرف بالثقافة الانسانية العالمية
فظهرت الاحزاب والحركات الوطنية والسياسية والنقابات والمنظمات الانسانية
والاجتماعية وكانت القوى القومية والديمقراطية هي جزء من التطور الحاصل
للوعي الاجتماعي في ظل التاثيرات الخارجية للثقافة العالمية الانسانية .
وكان ابرز تيارين للخطاب القومي العروبي هما (تيارالبعث) ( والقومين العرب)
وكلا التيارين كان يؤمن في الانقلابية للاستلام السلطة و استخدام الانتقائية الايدلوجية والبراغماتية في صياغة الخطاب السياسي وبناء موضوعات و
برامج هذه الاحزاب, و تبرز الانتقائية الفكرية وهي خليط من المفاهيم الاسلامية
والبرجوازية اللبرالية والماركسية , وقدحكمت احزاب هذا التيار اغلبية دول المشرق العربي ماعدى دول الخليج العربي وقد ادى ذلك الحكم الى بناء الدولة الشمولية ذات الحزب الواحد المصادر للحقوق الشعوب تحت يافطة الشعارات ( القومانية) البعيدة كل البعد عن مصالح الامة العربية الحقيقة ومصالح شعوبها الرامية لللانعتاق والتحرر وتحقيق العدالة الاجتماعيةوالوحدة, ويتبين من خلال الاستعراض ان هذه القوى ظهرة كبديل سياسي( للاسلام السياسي) المنهار(الدولة
العثمانية )فكان خطابهامنذ البدء كبديل ومنافس للخطاب الاسلامي الذي تكون في
اواسط الاربعينات واواسط الخمسينات وظهرت بين هذه التيارات تصادمات عددة
منذ اواخر الخمسينات من خلال اعدام (سيد قطب) واعدام (رفعت الحاج سري)
في العراق 1959 واستشهاد محمد باقر الصدر في العراق في عام1979 وماحدث
للاخوان في سوريا في الثمانينات والتجاذبات السياسية بين الغنوشي والنظام التونسي وماحدث في الجزائر بين جبهة التحرير الجزائرية والجبهة الاسلامية
الانقاذ معروف للجميع.
لقد وجد الخطاب الاسلامي السياسي بالخطاب السياسي القومي منافسه في الشارع
السياسي, اولا: للاستخدامه الكثير من الادوات المشابهة وثانيا: للاستيلائه على السلطةالسياسية واستخدام الاسلام والعروبة كمنطلق لسياساته.
وثالثا: العنف المفرط الذي مورس ضد التيار السياسي الاسلامي في ظل
غياب الحريات العامة , كل ذلك دفع الصراعات الى ذروتها لتفرز وتظهر كل تلك الارهاصات السياسية التي انعسكت على مسيرة تقدم الشعوب ورفاهيتها وبددت
ثرواتها الماديةفي الحروب والنزاعات والانفاقات العسكرية والامنية المكلفة
بحجة حماية امن الدولة الداخلي وحددودها الخارجية وتحرير فلسطين.
وعبر تجربة ربع قرن من حكم الخطاب السياسي القومي العروبي وفشله في تحقيق اهدافه على الصعيد العملي والانتكاسات السياسية والتخلف الاقتصادي
الاجتماعي السياسي الذي خلفه للمجتمعات العربية والاسلامية .
حاول المجتمعون في لجنةالحوار العربي الاسلامي تلمس خلافاتهم للوصول
لصغية حوار , فيقول الكاتب (محمد الحسن) في جريدة الموقف الاسلامية العراقية
( ليس علمانية القومية العربية هي السبب في الاقتتال بين الاتجاهين , فقد كان
التقارب القومي الماركسي ومالحق بالفكرالعربي من رشحات المادية ومن الفلسفة
المادية الماركسية وتصوراتها عن التاريخ والدين , الاثر الكبير في تعميق الهوى
بين الاتجاه الاسلامي والاتجاه العروبي, هذا فضلا عن العامل السياسي الذي تمثل
في انفراد القومين في السلطة ومحاولة الاستبداد القسري للاتجاه الاسلامي عن
مراكز القوة والتاثير في المجتمع ) .
العلاقة بين الخطاب اليساري الديمقراطي والخطاب السياسي الاسلام .
لم تكن الاحزاب اليسارية معادية للدين اوتتناقض معه فقد استمدت من الدين فكرت
العدالة الاجتماعية وجرى تطويرها فيما بعد ونظرت الى العبادة والتعبد الديني باعتباره قضية شخصية وفردية تتعلق في العلاقة بين الخالق والمخلوق ورغم
نزعاتها المادية للتحليل الفلسفي الى انها تناولت الظاهرة الدينية , باحترام وتقديس مما حدى في العديد من ابناء العوائل الدينية للدخول في الاحزاب اليسارية
والشيوعية , امثال الشيخ الجليل حسين مروة خريج حوزة النجف العلميةمن لبنان
والمفكر المصري محمود امين العالم من مصر واما في العراق كل من محمد حسين الشبيبي والسيد بهاء الدين نوري والسيد احمد باني خيلاني حنا الياس ( ابوحكمت) ينحدر من عائلة دينية مسيحية , وستار خضير من عائلة دينية صابئية
والعلامة الشيخ مهدي كركوس والسيد رجل الدين وطالب العلم عمار سميسيم الحكيم.
ورغم التطور النوعي للعلاقة بين قوى اليسار والاسلام السياسي منذ بداية التسعينات في عمل المقاومة في الجنوب اللبناني والمقاومة الفلسطنية وفي
التحالف ضد الدكتاتورية في العراق واللقاءات والعلاقات في بلدان مختلفة
للنضال من اجل الديمقراطية والنضال المطلبي الا انه لازال العديد من قوى
الاسلام السياسي تنظر الى هذه القوى اليسار والشيوعية من منظور الحرب الباردة وشعارات الحرب الباردة التي سوقة للفكر العربي مفاهيم معاداة الشيوعية
للدين عبر شعارات( الشيوعية كفر والحاد) , وتنكر الشيوعين للاعراف والتقاليد
الاجتماعية كما يدعي مروجي تلك الدعايات(ماكو مهر بس هل الشهر ) وغيرها
من الخزعبلات للاناس لم يفهموا الدين والديانات من الاساس.
ان عناصر تلاقي قوى اليسار والديمقراطية مع الاسلام السياسي , كثيرةجدا في حالة الرجوع للعقل والتعامل الحضاري مع الراي الاخرى واقلها الدفاع عن مصالح الجماهير اليومية وتحقيق التعددية الحزبية وحرية الراى والتجمع وغيرها من
القضايا المشتركة التي تهم مصالح الشعوب واهدافها ,قال الله في كتابه المجيد سورة الاعراف(87) (وان كان طائفة منكم امنوا بالذي ارسلت به, وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين), ويقول الامام علي (رض)
( استعمل العدل , واحذر العسف والحيف , فان العسف يعود بالجلاء والحيف يدعوا الى السيف ).
ولازالت قوى عديدة تربط بين التايد لاحزابها السياسية والتكفير ويذهب البعض
الى التدخل في تنظيم العبادات الشخصية وفرض تقاليد وعادات مفتعلة ودخيلة على
الدين الاسلامي مثلما حدث في افغانستان على يد طالبان ومتروج له القاعدة من
افكار تسئ للاسلام والمجتمعات الاسلامية .
ومن هنا ينبع اعتراض القوى اليسارية على الخطاب السياسي الاسلامي المتشدد
في استخدام الدين كورقة ضغط سياسية للخصوم السياسين, والخلط بين ماهو ديني تعبدي وما عو سياسي حزبي ديني , فخسارة السياسي الاسلامي في صناديق
الاقتراح لاتحسب على الاسلام الدين , بل تحسب على الشخص ذاته اوحزبه السياسي , وترى هذه القوى ان محاولة بعض القوى السياسية المتقمصة للاسلام
كعقيدة سياسية والتي تحاول باسم الاسلام قمع اليمقراطية والتداول والتعددية
تتعارض مع روح الدين الاسلامي السمحاء التي تعترف في التعديدية والاجتهاد
والتداول والاقرار بالاخر وحقوقه , وترى القوى اليسارية في الديمقراطية
الحقيقة مفتاح التقدم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والوحدة الاجتماعية بعيدا
العنف والاحتراب والتوافق على ماهومشترك وترك الخلافي لتقريبه بالعمل المشترك لخدمة الشعوب صاحبة المصلحة الحقيقية في التغير الحقيقي في ظل
العولمة الامبريالية المتوحشة .
كريم كرمياني نيسان 2004
#ماجد_لفته_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟