|
لماذا التلكؤ في حل القضية الكوردية باسم تعقيدات المسالة في تركيا ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2928 - 2010 / 2 / 26 - 15:58
المحور:
القضية الكردية
يبدو ان القضية الكوردية في تركيا و ما يطرح منذ فترة تمر بفترة سبات مقصودة من قبل الحكومة و لم يُلاحظ احد لحد اليوم اية خطوات جدية و التي من المفروض اتخاذها من قبل الحكومة و الحزب الحاكم لبيان النوايا الصادقة و ازالة الشكوك ، علاوة على الاخذ بنظر الاعتبار عامل الوقت و تاثيراته و سرعة الاجراءات المطلوبة من كافة الجوانب المرتبطة مع بعضها في هذا الاتجاه . مها كانت تعقيدات القضية و ما تراكمت من الترسبات و الشوائب طيل العقود الماضية التي جرت فيها ماجرى من القتال و الخراب و الويلات، الا ان هذا لا يدعنا ان نعتقد بان الاطالة باسم الهدوء و التروي الزائد عن حده قد يفيد القضية، و هذا ما يمكن ان يجبر المهتمين بان يزرعوا الشكوك في انفسهم من النوايا الحقيقية للسلطة و الحزب الحاكم في تركيا بشكل عام . الاصرار و العمل الجدي على التقارب و التفاوض و طرح المواضيع على المعنيين من كافة الجهات يكون من العوامل الحاسمة في تصفية الاجواء و الاقتراب من الحل النهائي للقضية بشكل يرضي الجميع. الوضع القائم في كوردستان تركيا بعد الظروف الماساوية التي مرت بها طيل عقود خلطت الامور مع بعضها و خاصة بعد الاجراءات التعسفية بحق هذا الشعب المسالم من التشدد و القمع و سلب ابسط الحقوق من ابنائها خلال مراحل الانقلابات المتكررة في تركيا و سيطرة العسكر على زمام الامور. تعقيدات الحياة العامة للمجتمع و السلطات اخذت ابعادا مختلفة و الضغوط اثرت على المجتمع الكوردستاني بشكل خاص و غيرت من معالم عديدة في تركيبته على الرغم من المقاومة البارعة التي منعت سير العملية التدميرية بشكل منتظم، لكون العامل و النوايا الشوفينية المتعجرفة وما طالت اياديهم اليه شملت كافة الجوانب الحياتية من السياسة و الاقتصاد و الوضع الاجتماعي و التربية الى الثقافة و الفنون. من الناحية السياسية ، كانت السلطة واقفة بالمرصاد دائما و استغلت وضعها الاستراتيجي من الصراعات العالمية و اصرت على مواقفها في التنكر للحقوق العامة لهذا الشعب ، بل رفضت اي حديث عنه مما ادى الى ما الت الاوضاع اليه و الخسارة الكبيرة التي عادت على الاطراف كافة بضررها، التملص من الواقع الموجود و متطلباته الطبيعية ومحاولة فرض الاراء و المواقف الاحادية الانفرادية من جانب واحد دون طرحه على الراي العامو انكار وجود شعب مليوني ،او اعلام الناس و المعنيين بما يعملون، هذا ما فرض حالات الطواريء و العنف المستمرة و اجبرت الكورد على المبادرة في اعلان الثورات المتعددة للدفاع عن انفسهم و الحيلولة دون انقراضهم جراء تلك السياسات المفروضة على منطقتهم ، و اخرها ثورة الدفاع عن حقوقهم و انبثاق الحركة التحررية الجديدة . اي البعد السياسي الذي اخذ منحى اخر، و استمرت في عدم السماع للصوت النابع من واقع الشعب العريق الموجود على ارضه منذ الاف السنين و الغدر به و رفض الاعتراف بهويته الخاصة دون ان يرف لهذه السلطات المتتالية الجفن مما دعا الى التوجه نحو الشدة في العنف و التعامل مع الاخر بكل السبل و بنفس الطرق التي استخدمتها هي من اجل افاقتها من الوضع الذي فيه ، الى ان نجحت الثورة في هذا الهدف و تعلمت السلطة التركية الدرس ولو متاخرا ، و لكن التلكؤ الذي يلاحظ في هذا الجانب قد يضر بالجانبين و يتمنى الجميع ان لا يعود الوضع الى ما كان عليه من سفك الدماء. من الناحية الاقتصادية، على الرغم من تبجح السلطة التركية من هذا الجانب و اعلانها بشكل دائم بانها اتجهت الى الاستثمار و محاولتها تحسين الاوضاع، الا انها لم تظهر ما تثبت قولها فعلا و ان ما تعمله الحكومة فهو لاغراض متعددة و منها انتخابية بدلا من ان يكون وفق خطة واسعة مترامية الاطراف لانعاش المنطقة التي طالتها الحيف و القهر من الجانب الاقتصادي، و من يزورها يحس بمدى التخلف فيها و الفرق الشاسع بينها و بين المناطق الغربية في هذه الجمهورية التي تدعي بالعلمانية و هي عسكرية قومية بشيء من الديموقراطية ،اي جمهورية ذات نظام خاص بها. ان التباطؤ و عدم الاصرار في العمل على هذه الاجندة و ايجاد الحلول لها ،فان الضرر يتضاعف في هذا الجانب و سيبعد ترسيخ ارضية التقارب العملي بين الجهات و المطلوب ان يكون بشكل اسرع على ارض الواقع. اما الجانب الثقافي، فان الشعب الكوردي شغوف بالثقافة وبما لديه من هذا الجانب لاظهاره و تطويره، و بما يخص هذا الجانب يتميزبطبعه و امكانياته الثقافة العالية ،و رغم الكبت و القهر و انكار ما يتيميز به و ما يتسم من الثقافة و العلم و المعرفة و التغطية على سماته من قبل السلطة و محالوة عدم ابرازه لاسباب سياسية عامة، الا انه مقاوم ومعارض بارز و قوي ضد طمس هويته الثقافية العامة و الخاصة به، و المقاومة الحقيقية ساندت الشعب في كثير من الاحوال في الحفاظ على سماته و له الوجه المشرق في الادب و الفن و ما تعبر عنه اللغة الكوردية الاصيلة الغنية بمقومات اللغة في الجانب الثقافي ، و لم يحس ما كان من المنتظر ان يتم من هذا الجانب كما وعدت السلطة، و كل ما نرى هو حرية التكلم و التعبير بلغة الام ليس الا دون اية خطوة ولو قصيرة لاعادة الحقوق الثقافية العامة التي سلبت منه الشيء الكثير طيل عقود من جمهورية اتاتورك العلمانية ، و الجميع على علم بان العلمانية منها براء. اما التربية و التعليم لازال كما كان و لم تخطو السلطة و الحكومة اية خطوة في هذا الجانب و لم نر ولو روضة للاطفال او مدرسة ابتدائية تتعلم فيها ابناء هذه القومية بلغة الام على الرغم من الوعود و العهود المقطوعة نظريا و لاسباب معلومة، و رغم ضغوطات الاتحاد الاوربي و ليس من استرضاء الذات و بارادة السلطة نفسها كما نعلم، و لكن دون ان يُنفذ شيء في هذه المنطقة المنكوبة. هذا اضافة الى عدم ملاحظة اي تقدم يُذكر في الجوانب الحياتية الاخرى على الرغم من استجابة المقاومة و الحركة التحررية الكوردستانية لما تتطلبه الظروف الدولية العامة، و من اجل التقارب لايجاد الحل الجذري للقضية الكوردية الشائكة، و قدمت عمليا ما يثبت النية الحقيقية الصافية للحل و احقاق الحق مهما كلف الامر. و هذا ما يدع اي مراقب ان يشكك في نوايا السلطة التركية و لو انها تعيش في الصراعات الداخلية مع الجهات المانعة، و لكنها لم تفعل هي ايضا ما يطمئن به الشعب الكوردي ليكون لها سندا حقيقيا على ارض الواقع و في صراعاتها المتعددة، لا بل جل ما تهتم به هو كيفية ازدياد و سعة شعبيتها في هذه المناطق على حساب الاخرين ، من اجل فوزها في الانتخابات باسم حل القضية الكوردية، و الاعذار غير مقنعة مهما كانت تعقيدات المسالة و الاطالة و التملص و التلكؤ لم ينفعها في اي شيء. العصر الجديد و ما يفرضه العالم و تمليه العولمة و المتطلبات الجديدة للعصرنة و الحداثة و التمدن ل تدع ان تموت قضية حقيقية صادقة باي اسم كان ، و لم يبق امر اسمه شان داخلي، فالعالم يدقق في كافة الشؤون التي تهم الانسان، و الخطوات الجريئة المطلوبة في هذا الوقت و من هذا الجانب هي التي تقصر المسافة بين تركيا و الاتحاد الاوربي ، و ان كانت النوايا صادقة و نابعة من القناعة و ايمان المعنيين بحل هذه القضية السياسية الانسانية المتعددة الجوانب، فان الحلول تكون بينة و يمكن التوصل اليها مهما بلغ الامر من التعقيد، هذه العملية التي تحوي في طياتها العديد من الامور ستعود عند نجاحها بالخير لكلا الجانبين ، و لا يفيد التلكؤ اي طرف و خاصة السلطة التركية بالذات.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لمن تكون تبعية البرلماني العراقي في المرحلة المقبلة ؟
-
نقطة تحول لدور الاطراف المختلفة في العراق
-
من يدير دفة الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في العراق؟
-
هل ستكون الحكومة المقبلة كفوءة ام ستولد من رحم المحاصصة ايضا
...
-
كيف تكون الاوضاع الامنية بعد الانتخابات النيابية المقبلة في
...
-
يشمل التغيير كافة جوانب الحياة اينما كان
-
الانتخابات تحدد توجه العراق نحو المركزية او الفدرالية
-
ارتباك واضح في تحضيرات العملية الانتخابية في العراق
-
لم تترسخ المهنية في عقليتنا و عملنا بعد
-
الوضع النفسي العام للفرد العراقي و تداعياته في المرحلة الراه
...
-
نجاح العملية الديموقراطية مسؤولية الجميع في العراق
-
موقف المثقف من الاحداث و مدى تفاعله مع الواقع و ما فيه
-
دور الاخلاق في تجسيد السلوك السياسي
-
لا لعودة البعث مهما فرضت المصالح و السياسة العالمية
-
سبل الحد من التاثير السلبي على العملية السياسية باسم الاختلا
...
-
ديموقراطية العراق الجديد يضمنها تهميش اللاديموقراطيين
-
يتجسد الواقع الاجتماعي الجديد ما بين تغييرات الثقافة و السيا
...
-
الجوانب الايجابية و السلبية لقرارات هيئة المسائلة و العدالة
-
لماذا التوسل من ما سموها بقوى ( الاحتلال ) حتى الامس القريب
...
-
ازدواجية تعامل الجامعة العربية مع القضايا العامة
المزيد.....
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
-
الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ
...
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟
...
-
أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه
...
-
كولومبيا عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وج
...
-
تتحجج بها إسرائيل للتهرب من أمر اعتقال نتنياهو.. من هي بيتي
...
-
وزير الدفاع الإيطالي يكشف موقف بلاده من أمر اعتقال نتنياهو
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|