|
دقيقة واحدة تحدث بها صدام امام القاضي
حمزة الجواهري
الحوار المتمدن-العدد: 891 - 2004 / 7 / 11 - 08:30
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
دقيقة واحدة تحدث بها صدام امام القاضي، لنرى ما الذي قاله؟ لم يكن صدام بحاجة للحديث في جلسة إلقاء التهم والتي ينبغي ان يبدأ التحقيق بعدها، فقد ادان نفسه وإعترف بآلاف الجرائم، كل واحدة منها تؤدي به إلى حبل المشنقة. فقد دافع صدام، المستعجل دائما، دافع عن نفسه، كما يظن، في هذه الجلسة التي ما كان ينبغي له أن يتحدث بها على الإطلاق، فهو يقول ما معناه إن أحد أمراء الكويت قد تجاوز الحدود في حديثه عن العراقيات، لذا فهو غزا الكويت!!!!!!! وبقي فيها مدة تزيد على ستة أشهر، ونهب كل ما فيها وقتل ابنائها وإعتدى على شرف بناتها وخرب ما خرب فيها، وأخذ الأسرى الذين لم يعودوا أبدا، كل هذا، وهو يرى التحشيد الأمريكي المستمر على مقربة من العراق والكويت، ولم يعره أي إهتمام، ويرى الأساطيل الأمريكية المتطورة تتحشد وتحيط بالعراق وتغطي كل مياه المنطقة، ولم يعرها اي إهتمام، ويسمع النداءات تلو النداءات، بل والتوسل من أجل ان يخرج من الكويت قبل أن تشتعل الحرب، ولم يأبه لأحد، ويسمع كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تقضي بخروج قوات صدام من الكويت، وكأن لا حياة لمن تنادي. كل هذا من أجل كلمة غضب قالها أمير كويتي، لا غير!!!!! فكم جريمة إعترف بها من خلال حديث لدقيقة واحدة؟ أرجوكم أن تعدوا معي. نشبت الحرب مع أمريكا، وتحطمت كل البنية التحتية للعراق التي كلفته عشرات السنين ومئات المليارات لبنائها، وقتل الجنود الذين مازالوا بداخل الكويت، وقتل الجنود العراقيين المحيطين بالكويت من الجانب العراقي الذين تركهم بلا ماء ولا طعام تحت الأرض مدة ستة أشهر، فقتل من قتل وإسر بشكل مهين من أسر، وتحطم ثلاثة أرباع الآلة العسكرية العراقية التي كلفت مئات المليارات من الدولارات، التفاصيل معروفة للجميع. كل هذا من أجل كلمة غضب من أمير كويتي!!!!!!!! كم جريمة لحد الآن؟؟؟ إستمروا بالعد معي رجاءا. وقع وثيقة العار والإستسلام والتنازل عن أراض عراقية غنية بالنفط، ونهض الشعب العراقي ليحطم القيود التي كبله بها النظام عبر عشرين عاما متتالية وأن يتخلص ممن ألقى به بهذه المحرقة مستغلا فرصة هزيمة النظام وجيشه، فكان نتيجة ذلك ان ملئ صدام أرض العراق مقابر جماعية تعد بمائتين وستة وتسعون مقبرة جماعية مكتشفة لحد الآن، واحدة منها فقط تحتوي على رفاة أحد عشر ألف وستماءة عراقي، تلك هي مقبر المحاويل، وتم لصدام تدمير كل ما تبقى من مدن الجنوب العراقي وبناها التحتية. كل هذا يعتبر بعض من عقوبة ذلك الأمير الكويتي على الكلمة القبيحة التي قالها في حالة غضب!!!!!!!! هل مازلتم تعدون الجرائم؟ ام أعياكم الحساب؟ فإن علم الرياضيات لم يتوصل بعد لطريقة صحيحة من أجل حساب كل هذه الجرائم وما نتج عنها من مآسي، والتي مازال العراقي يعاني منها وسيبقى يعاني منها قرون أخرى، فهل من وسيلة لحساب عدد هذه الجرائم؟؟؟؟؟؟!!!!!!!! كل هذا إعترف به صدام في الدقيقة الأولى من الحديث أمام القاضي، في حين لم يطلب منه أحد أن يتحدث!!!! وكل هذا إعترف به والتحقيق لم يبدأ بعد، ولم نقرأ وثيقة واحدة من أصل الوثائق التي يصل وزنها إلى سبعة وثلاثين طن، ولم تستدعي المحكمة شاهدا واحدا لحد الآن، وفي الواقع إن الشعب العراقي والكويتي، بل والعالم أجمع، كلهم شهود على هذه الجرائم، فما الذي يستطيع أن يقوله المحامي الجهبذ الملقب بالخصاونة دفاعا عن صدام؟! هل سيقولون إنه كان يدافع عن شرف العراقيات؟ وما الذي حدث لشرف العراقيات يا ترى؟ طالما إنها مجرد كلمة في حالة غضب؟؟ يمكن أن نصنف أنواع االجرائم التي إعترف بها صدام خلال هذه الدقيقة كالآتي: غزو بلد عابرا الحدود وإساءة إستعمال السلطة والتهور والقتل والسرقة وتعريض البلد لأكبر كارثة بتاريخ العراق والتفريط بأموال الشعب وأرضه، أيما تفريط، في الوقت الذي يبني به قصورا له ولعائلته وللتابعين ويهرب ما تبقى من أموال العراق ويرشي بأموال العراق كل من له لسان أو يمسك بقلم في العالم اجمع، والتسبب بتعريض الشعب العراقي لحصار دام ثلاثة عشر عاما كان سببا بموت مئات الآلاف من العراقيين وخصوصا الأطفال وتسبب بكل الظواهر الغريبة عن المجتمع وتغيير البنية القيمية للشعب العراقي. كل هذه الأنواع من الجرائم بسبب كلمة في حالة غضب!!!!!!! أنواع من الجرائم، كل واحدة منها تحتوى بداخلها آلاف االجرائم!!!!! حقيقة انا أتعجب من االعراقيين حين يستشيطون غظبا وهم يروا القطعان العربية المدافعة عن صدام من محامين وحتى إناس عاديين!!! لم نغضب؟ في حين هم يسدون لنا معروفا لم نكن نحلم به يوما ما؟؟ فنحن من يكتشف اليوم الزيف العربي بكل تجلياته وصوره، وذلك بحجة الدفاع عن الشعب العراقي في حين هم يدافعون عن صدام ونظامه، ولم نسمع بهم يدافعون عنا عبر خمسة وثلاثين عاما من القهر والموت وكل تك الجرائم ترتكب بحقنا، واليوم وبعد أن تكشفت كل الجرائم نجدهم ينكروها ويغالون بالدفاع المستميت عن صدام على حساب الشعب العراقي الضحية. لذا لم اجد سببا واحدا أن تهدد منظمة عراقية المحامون العرب بذبحهم في حين هم يسدون لنا كل هذا المعروف!! ولم أجد سببا لغضب الكتاب حين يسمعون إن أحدا يريد أن يدافع عن صدام!! فلو أردنا أن نفضح الزيف العروبي من خلال برامج إعلامية وتعليمية ووثائقية من أجل أن نزيل من ذهن العراقي أثر ذلك الخطاب العروبي الذي مازال متأثرا به، لأحتجنا لسنين طويلة وأموال طائلة ولما إستطعنا أن نحقق نجاحا كما حققته لنا الفضائيات والإذاعات العربية من نجاح، فالعراقي اليوم لا يمكن أن يطيق أن يسمع حتى كلمة عروبة ولا أية مفردة ملحقة بها من ذلك الخطاب الشوفيني البائس الذي تسبب بكل إحباطاتنا عبر السنين. كنت في بغداد، خلال شهر آب الماضي بعد سقوط التمثال، وكنت مع آخرين في مقهى عراقي به تلفزيون ودش بعد أن شاع إستعماله في بغداد. كانت فضائية الجزيرة تقدم أحد برامجها التي نعرفها، وكان المتحدث من خلال التلفون أحد العرب وهو يشيد بالرئيس القائد، وإذا بي أرى ""نعال تاية"" ينطلق كقذيفة من الخلف نحو التلفزيون، ولو لم يخطئ النعال طريقة لتحطم التلفزيون. كان هذا الرد العراقي آن ذاك، فما بالك الآن بعد أن تحدث كل عربي عبر هذه الفضائيات من خلال عشرات الآلاف من ساعات البث الخبيث؟؟؟؟!!!! دعوهم يتحدثون ويعترفون بكل آثامهم ويتضح لنا من هو الإنسان منهم؟ دعونا نفرز ونجد هؤلاء على حقيقتهم، فليس بإستطاعتنا أن نعرف كل ما عرفناه لحد الآن لو لم يعلنوا عن حقيقتهم. فإن من يقول للعراقي في المستقبل ""الوحدة العربية""، فأنا أتصور إن الجواب سيكون أجمل من تلك القذيفة البغدادية خلال شهر آب الماضي، ومن يستطيع منهم أن يقول لنا اليوم ""التضامن العربي""؟؟؟؟ ومن يستطيع أن يذكر عبارة ""العروبة والإسلام"" بعد اليوم؟ ومن يستطيع أن يقول لنا إن هناك قضية مركزية غير القضية العراقية وإعادة البناء في العراق؟؟ ومن يستطيع أن يذكر لنا شيئا من هذا الهراء الذي بان على حقيقته بلا رتوش؟؟؟ فهل بعد هذه النتيجة التي وصلنا لها نستشيط غضبا من العرب؟؟؟ فلو قلت للعراقي اليوم إنت ""بعثي"" فهذه هي الإهانة التي ما بعدها إهانة. وفي الواقع إن هذا ما نريد أن نصل إليه. حتى لو وظفنا لهذا الهدف كل ما نستطيع من إمكانيات، لما إستطعنا أن نحقق نجاحا كهذا. الأمر ينطبق على المحامين العرب الذين يريدون الدفاع عن صدام، فلندع هؤلاء المحامين يقومون بواجبهم ويدافعون عنه، وإذا كان لابد لنقابة المحامين أن تصرح لمحامين منهم للوقوف بجانب صدام في المحكمة، فإني أنصحها أن تختار الأنسب لهذه المهمة، وأن يصرحوا فقط لذلك المحامي العربي الذي يدعى الوحش وإبنة القذافي والعرمطي والخرابشة والخصاونة والحمارنة، وهذا الأخير يعود الفضل بإكتشافه للدكتور عبد الخالق حسين، وهو من نبهني له. هذه الأسماء الرائعة فقط هي يمتلك شرف الدفاع عن صدام كي ياخذ محاكمة عادلة جدا، وما لهذا من أثر على نفسية العراقيين وهم يتبادلون الآراء فيما بينهم عن هيئة الدفاع الموقرة، فالمحاكمة ستكون ممتعة جدا ومادة خصبة لكتاب المسرح الكوميدي العراقي وحتى التراجيدي. بهذا الإختيار أيضا سنضمن إن من سيدافع عن صدام هم أذكياء، وبهذا سيخرج براءة، وهذا ما نريد. لكننا سنواجه مشكلة حقيقية في هذه الإختيار، فإن صدام بلا شك عراقي، وإنه من أهالي العوجة، وهذه المدينة عراقية، ومن المؤكد سيفهم صدام بسرعة مضمون الرسالة، لذا أتمنى أن لا يرفض هذه الأسماء الجميلة ويفوت علينا متعة الدفاع عنه والإستمتاع بمرافعاتهم الذكية، خصوصا بعد أن عرفنا الذي قاله بدقية واحدة فقط. فدعونا نرى كيف يستطيع الحمارنة أن ينقذ رقبته من حبل المشنقة؟ لم كل هذا الجدل إذا على محاكمة صدام؟ عجيب أمركم أيها العراقيين!!!! لا تشيخوف ولا بريخت ولا كل عباقرة المسرع العالمي كان بإستطاعتهم تصور حجم الميلودراما التي يمكن أن تنتج عن هذه التوليفة المعتبرة لما تحتويه من رمزية عالية وغنية بالشكل والمضمون، فكيف نضييع هذه الفرصة الرائعة من أجل الإرتقاء بادبنا، تحديدا ثقافة المسرح، وترقية فن الكاريكتور من أجل أن نشيع روح المرح والدعابة من جديد بعد ان إفتقدناها لعقود طويلة في العراق؟
#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على الفضائيات أن تعيد أرشيف التلفزيون العراقي المسروق
-
محاموا صدام، الخصاونة والخرابشة والعرموطي!
-
إنه حقا ليوم عظيم
-
الجزيرة والعربية تصنعان الأكاذيب،والبي بي سي تؤكد
-
سمير عطا الله والأيام العصيبة في العراق
-
ملاحظات حول الخطة الأمنية للحكومة
-
بأي مسوغ يستثني هذا العدد الهائل من الإنتخابات؟
-
بلاد العجائب وعصا موسى!!!
-
الوزارة الجديدة والهواجس المشروعة
-
ليتنا نكمل المسيرة
-
مليشيا الصدر من الداخل الصدر لم يعد يمتلك ناصية القرار
-
مسيرة الأكفان هي السبيل إلى جهنم
-
المؤامرة الإيرانية في العراق تؤتي أكلها
-
ورقة إيران ما قبل الأخيرة في العراق
-
ماذا نريد لنكون شعبا هادئ الطباع ومنسجم
-
أبو غريب، دروس في الديمقراطية – 1 & 2
-
العرب يدافعون عن حقوق الإنسان في العراق؟! من يصدق ذلك؟!؟
-
كالمستجير من الرمضاء بالنار
-
مصمم العلم له أيضا مقال
-
الإبراهيمي، فلم أقوى من سنكام
المزيد.....
-
الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر
...
-
لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح
...
-
مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع
...
-
-حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم
...
-
هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
-
فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون
...
-
ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن
...
-
محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|