|
رجال قرية الوداع يشربون القهوة ويدخنون التبغ الرخيص .!!
سلام كوبع العتيبي
الحوار المتمدن-العدد: 891 - 2004 / 7 / 11 - 08:30
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
جفت الساقية المحاذية لقرية الوداع نتيجة لقيام الدولة ببناء سدا رئيسيا لبوابة الساقية التي يسكن على ضفافها أكثر من ألف شخص من المزارعين الذين أطلقوا أسم الوداع على قريتهم بعد مقتل عشرة من أبنائها أثر معركة نشبت مع قرية أخرى بسبب دخول البقرات إلى إحدى مزارع شيخ تلك القرية ؛ الأمر الذي دعا الشيخ أن يجمع أتباعه ليقوم في هجوم على قرية الشيخ عطية ليقتل عشرة من أبنائها ضحية للزرع الذي أكلته بقرات الشيخ عطية ومن هنا سميت بقرية الوداع خاصة بعد أن ودعها الكثير من أهلها نتيجة للغزوات التي استمرت لسنوات طويلة بسبب الثار الذي يتداول كل مرة لقرية بعد مقتل أحد أبنائها .. كانت ساقية أخرى تبعد عن القرية أكثر من ميلين ؛ يذهبن نساء وفتيات قرية الوداع لنقل الماء منها بعد أن جفت الساقية المحاذية لقريتهم وكان غالبا ما يذهب شخصا معين مع تلك النسوة اللواتي يخرجن لجلب الماء لغرض حمايتهن من بعض الحيوانات المفترسة التي تنتشر حول القرية وعادت ما يكون خروج النسوة قبل بزوغ الشمس لغرض التجهيز المعيشي ليوم جديد على رؤوس نساء القرية التي ترتكز كافة أعمالها على جهد النساء اللواتي لم تتجاوز أعمارهن العشرين أو دون ذلك بقليل ؛ سواء في جمع الحطب أو حلب الأبقار أو أعداد الطعام إلى نقل الماء من مسافات بعيدة لعدة مرات في اليوم الواحد دون مساعدة أحد من رجالها الذين لا عمل لهم سوى تعليق البنادق على أكتافهم والجلوس لساعات طويلة في دار ضيافة شيخ القرية لشرب الشاي و( القهوة العربية !! ) وتدخين التبغ الرخيص وسماع السرد القصصي الكاذب عن بطولات وكرم الشيخ وعن شيوخ آخرين في القرى المجاورة أو شيوخ القبائل في المدن الأخرى وما أكثر الكذب الذي كان يسرده الشيخ عطية في حديثة عن السنوات الماضية وعن والده الشيخ محمد الذي قتل في إحدى الغزوات التي تعرضت له قبيلته من قبيلة أخرى ؛ لكن الغريب في الأمر أن شيخ عطية كان يتعامل مع أبناء قبيلته معاملة سيئة جدا في كل المناسبات والأوقات وما أن ينتهي من إهانة أحدهم حتى ذكرهم بقول الله ( أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم ) وهنا يقصد نفسه بهذا القول !! سعاد بنت شيخ القرية كانت الوحيدة التي لم تخرج لنقل الماء أو لعمل داخل المنزل طالما هنالك الكثير من نساء القبيلة يقومن في خدمتها وليس هنالك ما يشغلها سوى النوم وسماع أغاني الريف من خلال مذياع يشبه الصندوق نوعا ما قدم هدية للشيخ عطية من أحد رجال الإنجليز الذين كانوا يتوافدون على دار الشيخ بين فترة وأخرى في الوقت الذي لم يتعلم الشيخ عطية لغة الوافدين لداره بخلاف ضيوفه الإنجليز الذين ينطقون العربية بشكل جيد وإن كانت تطغوا عليها اللكنة الغربية .. كانت سعاد تحفظ غالبية الأغاني التي تسمعها من خلال المذياع وكانت تمتلك صوتا رخيما ساحرا يميل بآهاته إلى مساحة الحزن الجنوبي الذي يخرج من صدور المهمومين .. ما هو السر الذي يجعل سعاد تعبر عما في داخلها بكل هذا الحزن المتوارث في الوقت الذي لا تعاني مثلما تعانية غالبية فتيات القرية من هموم العمل وتسلط الرجال الذين لاهم لهم سوى الدخان وتناول الطعام مثل بقرات الشيخ عطية التي سببت بمقتل العشرات من أبناء القرية بسبب علفها وغباء شيخ القرية الأخرى .؟! كثير ما تتساءل الفتيات مع بعضهن البعض هذا السؤال دون وجود جواب لحالة سعاد ذات الصوت الذي يخفي خلفه كل أحزان بنات حواء وكثيرا ما تردد سعاد أغنية ( من بعد عينك إلي ... أنت زماني وهلي ) من هذا الذي سيطر على قلب وعقل سعاد الذي ترى فيه زمانها وأهلها ؟ كان يوم سمير للخرج مع فتيات القرية عند ذهابهن لنقل الماء من الساقية البعيدة لغرض حمايتهن من الحيوانات وعيون أبناء القرى الأخرى المتناثرة حول الساقية وكان سمير يردد نفس الأغنية التي ترددها سعاد ( من بعد عينك إلي ... أنت زماني وهلي ؟) ولكن لم يكن صوت سمير بجمال صوت سعاد الذي كثيرا ما بكت عيون فتيات القرية لسماع صوتها نتيجة لما تحملها هذه القلوب من أحزان وهموم وما تحمله قلوبهن من ذكريات للذين قتلوا نتيجة الثار الذي خلفته بقرات الشيخ عطية الأغبر. توالدت الأيام أحزانها وتوالدت الأشهر كل آلام أحزان الأيام دون معرفة السبب الذي تعاني منه سعاد والسر المدفون في صدرها خاصة وهي لم يكن لها صديقة معينة بعد أن منعت من لقاء فتيات القرية بسبب المستوى المتدني لفتيات القرية مثلما يدعي شيخ عطية عندما قال لسعاد لابد لك من صديقة يكون والدها شيخ أو صاحب أراضي يمستوى ما أنا فيه.. لمن تشتكي سعاد وهي التي ودعت أمها قبل ثلاث سنوات من موتها وزواج والدها الشيخ من فتاة تصغر سعاد بعشرة سنوات من إحدى القرى المجاورة بعد أن قدمت هدية للشيخ عطية بعد وفاة زوجته أم سعاد التي كانت صندوق أسرار وأحزان ابنتها . كان يوم الجمعة اليوم الذي هربت به سعاد واختفاء سمير يوما كارثيا بالنسبة للقرية التي يسجد رجالها لشيخهم عطية ؛ ولكن هل يعقل أن تكون سعاد هربت مع سمير وكيف تم الاتفاق على الهروب خاصة وإن سعاد لم تخرج من الدار ولم يستطع أحد الوصول إلى بيت شيخ عطية الذي تدور حوله الكثير من العيون التي تنقل للشيخ كلما يقع في داره أو في القرية بشكل عام ؛ كيف تم ذلك ؟؟ ولكن لا أحد يستطيع أن يسأل الشيخ هذا السؤال الذي يدركون عقابه . أرسل الشيخ الكثير من رجاله للبحث عن سعاد وسمير في القرى المجاورة والمدينة القريبة التي تبعد عن قرية الشيخ ساعتين من المسير على الخيل لكن دون دليل على وجود سمير أو سعاد التي أخذت معها كل مجوهرات أمها الذي تركته لأبنتها قبل وفاته لتبيعه في أحد أسواق المدينة وتسافر مع من كانت تغني له ( من بعد عينك إلي .. أنت زماني وهلي ) ولم تنتهي مذلة الحياة التي كانت تعيشها سعاد إلا بعد أن انتصرت لنفسها من خروج عالم الذكورية الذي يفرضه التخلف وسلطة الشيوخ الذين ما زالت تعاني منه بنات حواء إلى يومنا هذا دون المساعدة في إخراجهن من قبضة الحياة من قبل هؤلاء الذين لا هم لهم سوى الطعام والنكاح كما تفعل بقرات الشيخ عطية .
#سلام_كوبع_العتيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكومة علاوي تمارس المقايضة السياسية على حساب الأمن الدائم ..
...
-
حكومة أياد علاوي توعد البعثيين في العودة من جديد ..!!
-
شرف الفتاة العربية يغسله سكين المطبخ ..!!
-
قال يا بني لا تقص رؤياك على أخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان
...
-
سورية وإيران محور الشر الثنائي على العراق ..!!
-
كيف كانت تستحرم نكاح الطيور على الشجرة .؟!!
-
من ينصف شهداء المقابر الجماعية وشهداء حلبجة من لجنة الدفاع ع
...
-
مابين الشيخ سعيد وسعدون الشرطي ضاع أبو عراق ..!!!
-
بيوت التراب نساء يملكها الشيخ .. أنا والمعلم أخوة ...!!
-
أرد للناصرية ردود مخنوق بألف عبره ...!!
-
أليس الجولان المحتل أقرب إلى السوريين ... أم إنه العهر ..؟!!
-
هل الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على تدمير شبكة القاعدة .
...
-
فرج الله الحلو ....سفينة الشهداء إلى السماء تحمل ملائكة ..!!
-
سرقات وفضائح تسجل على جثث العراقيين من قبل اللصوص ..!!
-
أمريكا نقلت حربها مع الإرهاب إلى العراق ...!!
-
فضائح المسلمين تجاوزت الحد المعقول ..!!
-
سقوط أخر أوراق التوت لدى لحكومات العربية ..!!
-
الاستهتار في عقلية المشاهد العربي ... قناة الجزيرة الفضائية
...
-
هلع الدول الإقليمية من العراق ... بات واضحا ..!!
-
هل المذاهب الإسلامية أحزاب سياسية كبيرة ..؟!!!
المزيد.....
-
-أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
-
لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو
...
-
كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع
...
-
-دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية
...
-
قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون
...
-
حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
-
بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
-
ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا
...
-
مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
-
أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|