أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عصام عبدالله - الشعب صنيعة حكومته














المزيد.....


الشعب صنيعة حكومته


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2926 - 2010 / 2 / 24 - 14:28
المحور: المجتمع المدني
    


كتاب‮ ‬اسبينوزا‮ ‬لأستاذنا الدكتور فؤاد زكريا،‮ ‬واحد من أهم الكتب العربية في الإبداع الفلسفي،‮ ‬في الثلث الأخير من القرن العشرين خاصة تحليلاته المعمقة وتأويلاته السياسية المعاصرة،‮ ‬منها‮: ‬أن للمرء الحق في مخالفة الحاكم في تفكيره كما يشاء،‮ ‬ففي مجال التفكير،‮ ‬وفي مجال العقل‮ - ‬طالما كان صادرا عن العقل لا الانفعال‮ - ‬ينبغي أن تسود الحرية التامة،‮ ‬علي ألا تتنافي مع القانون‮.‬

أما كبت حرية الفكر فلن تؤدي إلا إلي الرياء والنفاق،‮ ‬وهو صاحب أشهر وأعمق مقولة في الحرية والتسامح‮: ‬ما لا يمكن منعه يجب السماح به‮‬،‮ ‬يقول اسبينوزا‮: ‬هب أن الحرية قد سحقت،‮ ‬وأن الناس قد أذلوا حتي لم يعودوا يجرأون علي الهمس إلا بأمر حكامهم رغم ذلك كله فمن المحال المضي في هذا إلي حد جعل تفكيرهم مطابقا لتفكير السلطة السائدة فتكون النتيجة الضرورية لذلك هي أن يفكر الناس كل يوم في شيء ويقولوا شيئا آخر،‮ ‬فتفسد بذلك ضمائرهم،‮ ‬ويكون في ذلك تشجيع لهم علي النفاق والغش‮ ‬فؤاد زكريا‮: ‬اسبينوزا،‮ ‬دار التنوير للطباعة والنشر،‮ ‬ط2،‮ ‬بيروت،‮ ‬1983،‮ ‬ص225‮.‬

أما إذا كانت الوسيلة إلي كبت‮ ‬الحريات هي ملء السجون بالأحرار،‮ ‬فإن اسبينوزا يعلق علي ذلك بقوله‮: ‬أيستطيع المرء تصور نكبة تحل بالدولة أعظم من أن ينفي الأشراف وكأنهم مجرمون،‮ ‬لا لشيء إلا لأنهم يؤمنون بآراء مخالفة لا يستطيعون انكارها‮ ‬ص225‭.‬

وبمثل هذا الدفاع المجيد عن حرية الفكر يختتم اسبينوزا كتابه‮ ‬البحث اللاهوتي السياسي‮ ‬الذي بدأه بدفاع مماثل،‮ ‬من خلال حملته علي التعصب الديني،‮ ‬هذه الحملة التي انتقد فيها بشدة تشكيل أذهان الناس في قوالب دينية ثابتة بحيث لا يعود في وسعهم مناقشة أية قضية دينية،‮ ‬يمكن أن تنطبق بكل دقة علي المحاولات العديدة لتشكيل أذهان الناس في قوالب فكرية ثابتة بالدعاية المنظمة الموجهة‮.‬

ويكفي لإدراك ذلك،‮ ‬كما يقول فؤاد زكريا،‮ ‬أن نحاول تصور نص كالآتي من خلال الحياة المعاصرة‮: ‬من الواضح أن الحرية العامة لا تقبل مطلقا أن تملأ عقول الناس بالتعصب والتحامل،‮ ‬أو توجه أحكامهم وجهة محددة،‮ ‬أو يستخدم أيا من أسلحة الفتنة المبنية علي ذرائع دينية،‮ ‬والواقع أن هذه الفتن لا تستيقظ إلا عندما يزج القانون بنفسه في ميدان التفكير النظري،‮ ‬وتحاكم الآراء وتدان كأنها جرائم،‮ ‬علي حين أن من يدافعون عنها ويتبعونها يضحي بهم،‮ ‬لا في سبيل أمن المجتمع،‮ ‬بل في سبيل حقد خصومهم وقسوتهم‮.‬

وقد تسربت هذه الأفكار وغيرها إلي القرن الثامن عشر‮ ‬عصر التنوير‮ ‬الذي أثبت أنه من أخصب العصور،‮ ‬من ناحية تقدم الفكر السياسي ولم يسبق علي الإطلاق‮ - ‬حسب أرنست كاسيرر في كتابه‮ ‬الدولة والأسطورة‮ ‬أن قامت فلسفة السياسة بمثل هذا الدور الحاسم المهم‮: ‬فهي لم تعد تبدو مجرد فرع من فروع الفكر،‮ ‬بل أصبحت المركز الذي تدور حوله كل أفعال الفكر،‮ ‬وأصبحت كل الاهتمامات النظرية الأخري تتجه إلي هذه الغاية،‮ ‬وتتركز حولها‮.‬

وذكر‮ ‬روسو‮ ‬في اعترافاته‮: ‬من بين الأعمال المختلفة التي أقوم بإعدادها،‮ ‬عمل فكرت فيه طويلا،‮ ‬وشعرت بشغف كبير عند الاشتغال به،‮ ‬وكنت أرغب أن أكرس حياتي كلها من أجله فهو في رأيي الذي سيرفع من شأني،‮ ‬هذا العمل هو كتابي‮ ‬النظم السياسية‮ ‬لقد أصبحت أدرك أن كل شيء مرتبط ارتباطا جذريا بالسياسة،‮ ‬وحيثما اتجهنا سندرك أن كل شعب لن يستطيع أن يمثل‮ ‬غير طبيعة الحكومة التي صنعته‮.‬



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن العالمي‮.. ‬لا يتجزأ
- السبيل إلي إنصاف المحرومين
- هل يمكن حماية الدين دون الحد من حرية التعبير؟
- تغير المناخ والسلام العالمي
- تفكيك أفلاطون
- المسكوت عنه في تغير المناخ
- كيف نمنع أحداث نجع حمادي في المستقبل ؟
- الحوار المتمدن والحكمة الذهبية
- الكرامة
- كراهية الغرب
- التسامح في الأديان ، وبينها
- خان الخليلي
- وجها لوجه وليس كتفا بكتف
- أطياف دريدا بالبحرين
- حتي لا نخسر - ذاتنا - السياسية
- يا أصدقائي ، لم يعد هناك صديق !
- النووي ، إلي أين يتجه بالمنطقة ؟
- جريمة إبراهيم عيسي !
- تحديات الليبرالية في العالم العربي
- هل بدأت الألفية الثالثة عام 1968 ؟


المزيد.....




- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...
- جدل في لبنان حول منشورات تنتقد قناة محلية وتساؤلات عن حرية ا ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عصام عبدالله - الشعب صنيعة حكومته