جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2926 - 2010 / 2 / 24 - 10:53
المحور:
سيرة ذاتية
لمن البقاء اليوم؟
إنه للأنسب وللذي يستطيع أن يتكيف مع الظروف مثلي , وليس للذي يرهب الناس والمثقفين بقدراته على قطع أرزاق الناس , إن البقاء فقط للذي يستطيع أن يتكيف مع الظروف , كل هذه الأفكار راودتني بعد أحداث ال 11-9-2001م الحادي عشر من أيلول , ففي ذلك اليوم ولدتُ من جديد وبدأت أفكر بطريقة أخرى تختلف عن طريقة الاستسلام لقوى الشر والارهاب الدموي .
فحين تكون في المجتمع العربي الإسلامي سوف تدرك أنك ما زلت تعيش في قانونٍ واحدٍ لا يرحم وهو قانون الغاب , وقسوة القانون كانت قديماً انعكاساً عن قسوة الحياة ,والمجتمعات المتخلفة فقط هي التي تحكم بقوانين قاسية جداً لا ترحم , والمجتمعات المتطورة هي التي تحكم بالعلم وبالمعرفة بدل الحديد والنار وأينما كان هنالك قانون قاسي ندركُ وبسرعة البديهة أن هنالك نظام حكم قاسي وظروف قاسية وعسيرة تتطلب الحزم والشدة , ونحنُ ما زلنا نعيشُ في ظروف ٍ قاسية يتطلبان منّا جميعاً أن نكون قساة بحق المخالفين للأنظمة والقوانين .
على كل حال وبدون مقدمات خرجتُ من العيادة النفسية ووقفت على الجهة الأخرى من الشارع ولم أكن أدري إن كان الطقسُ يومها حاراً جداً أو بارداً ...لا أدري , كانت البرودة والرطوبة لا أشعرُ فيهما إلاّ في الأطراف السفلى من القدمين حتى صدري وكانت حرارة الشمس مرتفعة حتى كاد الإسفلت أن ينصهر من تحت أقدامي , وبدأت أراجع بيني وبين نفسي ما تعلمته من (تشارليز داروين) عن قانون التطور وعن فن البقاء , وأخذت تكسي خاص وتوجهتُ إلى وسط البلد واشتريت بما تبقى معي من نقود بعض الحاجيات وأحسستُ بارتياحٍ شديد بعد أخذي للكسو تانيل , وتوجهتُ إلى (مجمع الأغوار) وهو المجمع الذي تقفُ فيه الباصات التي تنقلني إلى منزلي وجلستُ في الباص واسندتُ رأسي للوراء وأنا مرتاح البال وبنفس الوقت أفكرُ في كيفية المحافظة على بقائي في مجتمع لا يملك قوانين تحفظ للإنسان حقوقه الشخصية وفي دولة لا يعيشُ فيها إلا المفسدين والمنتهكين لقانون الحريات العامة وحقوق الإنسان ,وبعد وصولي إلى المنزل خلعتُ ملابسي كالعادة وأخذت حماماً صيفياً بارداً جداًُ وبعد خروجي رميتُ نفسي على السرير ونمتُ يومها نوماً لم أنمه من قبل , وأعتقد في ذلك الوقت أنني نمتُ يومين متواصلين كنتُ خلالهما أصحو لأشرب الماء أو الدخان أو حبوب المنوّم ,دون الطعام فقط لا غير وبعد يومين صحوتُ من نومي على شهية ً للطعام لم أعرف مثلها من قبل فأكلتُ على ما أذكر ما يقرب ُ من 2 كيلو من لحوم العجل وما زلتُ في وقتها أشعرُ بالجوع وعدتُ للنوم مجدداً وصحوت في صباح اليوم التالي وبذلك يكون قد مضى على نومي ما يقرب من ثلاثة أيام متواصلات , مما أزعج الأهل والأقارب وخصوصاً أمي, فالأهل في مثل تلك الحالات لا يقدرون المرحلة التي أنا فيها فقاموا بالضغط الشديد عليّ لكي أنهض وأندمج مع الناس وأبحث عن عمل , فكنتُ أقول : إنا متعب جداً ارحموني بس لفترة وجيزة , فكانت كل الناس تقول : جهاد كذاب مش مريض هذا بمثل عليكوا تمثيل , وكنتُ أقول : والله إني متعب جداً ومرهق ومش قادر أركز على شيء , فطالبوني بضرورة الذهاب للمسجد للصلاة لأن هنالك راحة ليس بعدها راحة وهنالك ربٌ يُعبدُ يقومُ كل يوم هو وملائكته بتوزيع الأرزاق على العباد بعد صلاة كل فجر ,وهنا تأكدتُ من أن القانون لا يرحم المغفلين والضعفاء وغير القادرين على البقاء وما زال قانون فن البقاء يراودني , وهنا توصلت إلى حقيقة ٍ مرة وهي أنني إن لم أقدر على البقاء فإنني حتماً سأواجه مصير أي حيوان بطيء ضمن حيوانات سريعة , وأدركتُ أنني لا أملكُ رقبة طويلة مثل الزرافة لكي أنال أوراق الأشجار العالية, وهذا يعني أنني لا أملكُ أباً يحميني , كانت فكرة الأب الذي يحمي الولد تراودني جداً على مبدأ فرويد فيما يتعلق بالطفولة بحيث أن الطفل دائماً يبحث عن أب ليحميه , وكنتُ فعلاً من خلال الضعف الجسدي الذي دبًّ بي كنتُ فعلاً أشعرُ وكأنني طفلٌ بحاجة لمن يحميه ويدافع عنه , وهنا وفي مثل تلك الحالة كان عليّ إما أن أحاول القفز للأعلى وإما أن أصنع جناحين وأطيرُ فيهما وإما أن أرحل من مكاني هذا وكل الخيارات كانت مستحيلة إلا خياراً واحداً وهو التكيّف مع البيئة والمحيط الاجتماعي الذي أعيشُ فيه , أو أن تكون نهايتي قد شارفت على البداية.
ومن شدة الضغوطات امتثلت لأقوال الأهل وخرجت للصلاة في موكبٍ مهيب من أهل حارتنا وجيراننا لدرجة أن بعض الناس خرجت من منازلها لرؤيتي وأنا أدخل المسجد وهنالك أناس مثلي لم يكونوا من المصلين في المساجد ذهبوا يومها للمسجد لكي يشاهدونني كيف سأقوم بالركوع وبالسجود , وتناقلت الناس خبرين مهمين جداً الأول : دخول جهاد العيادة النفسية واستسلامه للمرض, وثانياً: قبول جهاد للصلاة في المسجد , واستمريت على هذه الحالة ما يقربُ من عام كامل لم أقطع فرضاً من الصلاة نهائياً , وكنت أشعرُ وكأنني أضعتُ كل شيء وكنتُ أشعر أنني لن أحقق أي شيء مما أحلم به , ومما زاد الأمرُ سوءً هو أن وضعي الاقتصادي لم يتغير على الإطلاق بل على العكس كان في كل يوم يزداد سوءً, أما بالنسبة للعلاجات النفسية فإنني ما زلتُ أتعاطاها ولكن في أوقات الضرورة فقط لا غير, وعادت صحتي تتحسن شيئاً فشيئاً عدى أنني لم أكن أقدر على مزاولة أي نوع من أنواع العمل , فكنتُ أشعرُ بالتعب وبالارهاق من أي شيء أقوم به وهذا ما كان يحزنني جداً, وهذه المرحلة الأولى من حياتي لم أتعرض لمثلها طوال عمري , كانت نصف السنة الأولى من زواجي قد مضت بسرعة وأنا أشعرُ بالحرج من نفسي كيف أن قدرتي على العمل قد تراجعت نهائياً بعد أن كنت أقوم بأعمال أكثر من ثلاثة أضعاف قدرات أي مهني آخر!!!؟.
وفن البقاء في المجتمعات الإنسانية مهنة نتعلمها من أعداءنا حين يصرون على ملاحقتنا أو متابعتنا ولكن في الغابة نتعلمها من عالم الأدغال المهجور أو من عالم أفريقيا المجهول , وأنا من خلال قراءتي عن فن البقاء حاولت أن أحتفظ بوجودي على الحياة أو على سطح الأرض , وكان عليّ أن أحافظ على وجودي وأن أهرب من حيوانات سريعةٍ جداً وبما أنني لم أكن سريعاً فقد كان عليّ أن أختبأ منها وبما أنني لم أكن أملكُ مكاناً للاختباء فيه فقد كان عليّ أن أخترع وسيلة دفاعية لبقائي حياً.
وكان عليّ أيضاً أن أحافظ على وجودي بين حيوانات عربية أقوى مني وبما أنني لم أكن الأقوى فقد لجأت إلى وسيلة تجعلني قادراً على مقاومة الأشرار الأقوياء المخربين .
ولا حظتُ أنّ الأقوياء يأكلون بعضهم بعضاً وأدركتُ أنني أعيش بين مجموعة عرب ٍ قوانينهم قاسية لا يرحمون أحداً ولا يريدون أن يرحمهم أحد, وكل قوي يوجد مقابله من هو أضعف منه فيأكله وأيضاً من هو أقوى منه ليصبح الصياد بعد ذلك طريدة سهلة ويصبح المفترس هو الفريسة, هذا القانون قاسي جداً جعلني أعتقدُ أن البقاء في مثل تلك الحالة هو للأنسب فقط لا غير , وحتى أكون الأنسب يجب أن أتكيّف مع الطبيعة ومع المحيط الذي أعيشُ فيه .
تعلمتُ من الحياة أن البقاء ليس للأقوى , ولا هو للأسرع , ولا هو للأطول , ولا هو للأثخن , وإنما للذي يستطيع أن يتكيف مع البيئة ومع المحيط الذي يعيش فيه .
وتلقيتُ خبراً سعيداً من أن زوجتي حامل وكان ذلك في نهاية شهر 5سنة 2001م, عندها أدركت أنني الآن قد حافظتُ على النوع وإن إسمي لن يمحى , وقبل أن نعرف نوع المولود أصبح الأهل والأقارب ينادون زوجتي (أم علي) وأنا (أبو علي) وسررتُ لهذا اللقب وابتهجت واسطهجتُ وقلت : أبو علي !! ماشي إسم كلاسيكي يذكر أهل الدار بإسم جدي , لأن أبي كان هو أكبر أولاد جدي وكانت الناس تناديه (أبو علي).
وذهبتُ مرة لشراء بعض الخضروات من سوق الخضرة المركزي ولاحظتُ هنالك شيئاً كان قد غير مجرى حياتي للأبد.
لقد لاحظت أن هنالك فئة من العمال ينقلون الخضروات على متن عربايات خفيفة يسحبونها باليد مكونة من ثلاثة عجلات وسألت عن مستوى الدخل اليومي فكانت النتيجة غير واضحة , ولكن لفت انتباهي شيئاً مهماً وهو أن العمال يعودون لمنازلهم وهم يحملون من الخضروات والفواكه بما يعادل ثلاثة أضعاف ما يحصلون عليه من نقود , وكنتُ في ذلك الوقت بأمس الحاجة لشراء كيلو موز أو برتقال أو جزر , فقلتُ بيني وبين نفسي (ضاعت ولقيتها) من هنا سأحصل على سعرات حرارية لي ولزوجتي ولولدي الذي تحمله في جنينها مجاناً فقررتُ أن أعمل معهم , فكنت في كل يوم أنهض من الساعة ال 5 صباحاً للتوجه إلى سوق الخضرة وكنتُ أقوم باستئجار (عرباية) من نفس السوق بسعر 50 قرشاً يومياً, فكنتُ أعمل تقريباً بدينارين أو دينار واحد وأحياناً ثلاثة دنانير في كل يوم ولكن كنت أعود للمنزل مثلاً: بكافة أشكال وأنواع الخضار والفواكه بما يعادل تقريباً أكثر من 10 دنانير أردني وهذا رقم كبير جداً قياساً على ما أحصلُ عليه من أجور, ولم يكن أحدٌ من الأهل أو المعارف يعرفون بمهنتي الجديدة كنتُ أخرجُ من البيت بشكلٍ عادي وحين أصل العمل كنتُ أضعُ على رأسي طاقية (برنيطة) مصنوعة من الصوف وألف على وجهي قطعة قماشٍ أخرى يقال لها (اللفحة) لكي لا يعرفني أحد من معارفي وكنتُ أعودُ إلى البيت وما زالت الساعة الثامنة صباحاً أو السابعة صباحاً , ولم يكن أحد يعلم بهذا إلا زوجتي وأمي , وأصبحت إحدى شقيقاتي تسأل : طالما انك ما بتشتغلش وقاعد طيب من وينلك كل هذه الخضروات والفواكه؟ : ما شاء الله البندورة ب 60 قرش الكيلو وعندك منها ما يقرب من 10 كيلو عدى عن الجزر والبرتقال والموز , فكنتُ أقولُ لها (كلي ولا تسألي ) هذا سر المهنة الجديدة ومرة على مره أصبحت تعرف , ومرةً على مره أصبح الجيران أيضاً يعرفون ومرة على مره لم أعد أستحي من عملي فخلعت الطاقية واللثام الذي كان يغطي وجهي وصار عملي جهراً وليس سراً , وشعرتُ هنا أنني بدأت صاحب دعوى سياسية أو صاحب دعوى فكرية لها مبادىء وأهداف أهمها تحدي الارهاب والظروف القاسية , وتأكدتُ فعلاً أنني صاحب مدرسة ليست فكرية وحسب وإنما مدرسة عملية تعلم منها الآخرون مثلي فن الحياة أو فن البقاء وهنا أودُ أن أشير إلى أن أهل حارتنا وخصوصاً المعوزين منهم قد تعلموا فعلاًعني هذا الفن, فكانوا يسألونني عن موعد خروجي للعمل فكنتُ آخذهم معي للعمل وفي سوق الخضرة أقوم بتوزيعهم وتدريبهم على التقاط ما يقع على الأرض من الناس والعمال أثناء عمليات التحميل والتنزيل , فكنتُ أقول لهم : إذا رأيتم حبة بندورة على الأرض قد وقعت فوراً التقطوها قبل أن تدوسها عربايات التحميل والتنزيل , إما إذا كانت حبة جزر فمش مهم التسابق عليها لأنها ستبقى بصحةٍ جيدة حتى وإن داستها الأرجل وفي البيت تقوم أمهاتكم وزوجاتكم بتنظيفهن من الشوائب والطين , لقد كانت تعاليمي لهم تعلمهم على الركض والهرولة بسرعة وعلى اتقان فن الحصول على سعرات حرارية وكأنهم يعيشون في مجتمعاتٍ بدائية قائمة على (جمع القوت والغذاء) وليس انتاجه وهذه المرحلة هي التي جعلت الذكر حيواناً متدرباً على فنون الصيد وملاحقة الطرائد قبل أن يتعلم فن إقامة المشتركات القروية الزراعية البدائية , إن جميع من قمتُ بتدريبه أصبح أفضل مني بفضل استمراريته وانسحابي أنا , ومنهم من ترك العمل في هذه المهنة , ومنهم ما زال إلى اليوم يعملُ في الحسبة (سوق الخضرة المركزي), وكان يصادفني أثناء العمل كثيرون من الحُساد الذين استغربوا حتى بقائي على قيد الحياة ومنهم من كان يقول : والله يا رجا اعتقدنا إنك متت من زمان , معقول بعدك عايش ,وصادفني في الحسبة كثيرٌ من الأصدقاء والمعارف والمثقفين وكلهم استعجبوا من شجاعتي واعتبر آخرون ذلك قدرة بارعة مني على التكيف مع البيئة والمحيط الذي أنا فيه واعتبر البعض أن ذلك عقاباً من الله على تركي للصلاة وصادفني رجل مسئول كان موظفاً في الجامعة قال لي : مش لو صرت اتصلي أحسن ليك كان هسع أنت موظف وبتاخذ 500 دينار شهري كل زملائك أقل واحد فيهم الآن بياخذ 500دينار أردني , فقلت له : كلشي بالدنيا نصيب , واعتبرني بعض الناس أنني أقوم باستحداث طرق جديدة من أجل الحفاظ على بقائي , واعتبرني الآخرون من أنني أقوم بعملية نضال فكري جديد , واعتبرني الآخرون من أنني لا مبالي , وقال بعض الذين شاهدوني : لو أنا مثلك صدقني غير أنجلط وأموت, وأحسستُ من كلام هذا الشخص أنه يريدُ مني أن أنجلط وأن أموت وقلت عمداً به والله ما بموت غير أعيش رغم أنفه (سأعيشُ رغم الداء والأعداء.....كالنسر فوق القمة الشماء ) , وقال آخرون مش معقول جهاد في الحسبه وبشتغل على عرباية نقل خضرة , الله يلعن أبو الفلسفه الزائده اللي أوصلتك لهذه الدرجه ؟!!, كل تلك الأقوال كانت تعطيني دليلاً أنهم يعرفون أسباب الضيق التي أمرُ فيها , وكان بعض الذين يشاهدونني يقولن : والله إنك إحمار , مش لو حطيت راسك بين الروس أفضل لك (أحسنلك-احسللك).
لقد كان ذلك النوع من العمل هو الذي أعطاني قدرة جديدة على تخطي حالة التعب والإرهاق التي كنت أمر فيها وبفضل العمل في سوق الخضرة عادت صحتي كما كانت وازداد وزني بسبب حصولي على فيتامين سي ودي وبي كومبلكس من الحمضيات والفواكه التي آكلها كل يوم بالمجان , وأنا أستغرب حتى اليوم من نفسي كيف استطعت تخطي كل هذه الحواجز والمتاعب , وعلى فكرة لم يدم العمل لي كثيراً في سوق الخضرة فقد بدأت العمل في نهاية سنة 2001م بعد أحداث الحادي عشر من أيلول , وبصراحة تلك الأحداث هي التي جعلتني أصحو من جديد على ما يفعله الإسلام في نفسه وفي الناس وقلت : أنا نفسي ضحية الارهابيين الذين طردوني من عملي وما زالوا يلا حقونني بشتى وسائل الملاحقات وانتهيت من العمل في نهاية الربع الأول من سنة 2002م في شهر 3 بعد أن وضعت زوجتي ما في بطنها وتقريباً حين كان ولدي علي قد بلغ من العمر شهراً واحداً , عدتُ بعدها للعمل في مهنتي (معلم بناء) وصحتي أصبحت أكثر قوة ومرونة مع زيادة في الوزن فقد ارتفع وزني من 70 كيلو غرام إلى 90 كيلو غرام في غضون عامٍ ونصف العام , عدى عن ذلك فرحتي بولدي كانت قد جعلتني أرمي خلفي كل شيء وأهم شيء الخوف والإرهاب , وأخذتُ درساً قاسياً من الحياة , تعلمتُ فيها على طرق جديدة أحافظُ فيها على بقائي كلما شعرت بنهايتي , وتعديت أكبر الأزمات المالية دون أن تمتد يد المساعدة لي من أحد , وأثبتُّ للجميع بأن جهاد العلاونه لا يشكو من شيء بل هو مناضل شأنه شأن غاندي , لقد صنعتُ من أشياء رخيصة أشياء ثمينة كانت قد حافظت على بقائي على قيد الحياة , ومن أشياء هابطة أشياء عالية ومن الفكر الدارويني طريقة للحياة تماماً كما يصنع الآخرون من كتاب (مكيافيلي) طريقة لحياتهم ,والذين رأوني أجر عرباية الخضرة في السوق اغتاضوا وغضبوا من قدرتي على اتقان فن البقاء.
وحتى ولو أضطررتُ في يومٍ من الأيام للعيش على (القمامة) إلا أنني كنتُ أعتبر ذلك فناً من فنون البقاء , فكثيرة هي الحيوانات التي تعيشُ مثلي على القمامة مثل (التنين ) و(الخنزير) وبالمناسبة أعتبر الخنزير حيواناً مناضلاً يستحق الاحترام والتقدير والتعظيم والتبجيل , لأنه يحافظ على بقاءه ضمن زمرة لا تحترم الحيوانات الضعيفة , وتحديت مبدأ إبادة الضعفاء من أجل حياة أفضل للأقوياء , وشعرتُ بأنني رجل مناسب لكل الظروف وإن البقاء ليس لرب يوزع الأرزاق على مزاجه ولكن البقاء هنا فقط للأنسب, على أنني بعد بداية ارتفاع وزني وتركي للعمل في سوق الخضرة بدأت أفكر في مرحلة جديدة من حياتي وهي محاولة التعرف على المواقع التي سقطتُ فيها ومن الذي أسقط البطل , لأبدأ مرحلة تأليف كتابي عن (أثر الثقافة الشرقية على المرأة والرجل ).
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟