|
حول شعارات مؤدلجي الدين الإسلامي وأشياء أخرى…. من أجل ك.د.ش بدون محتوى تقدمي
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 890 - 2004 / 7 / 10 - 04:40
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
تقـــديم : يعتبر فاتح ماي المناسبة التي تعبر فيها الشغيلة عن رغبتها في تحسين أوضاعها المادية والمعنوية ، وسعيا إلى القضاء على أسباب الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، والسياسي ، رافعة من أجل ذلك شعارات تعكس آمالها وتطلعاتها وألمها وتعبر عن عمق معاناتها ، وتفضح بشاعة الاستغلال الممارس عليها. إلا أن التوجه الذي أصبح يطبع مسيرة فاتح ماي هو تحريفها عن أهدافها ، وجعلها مناسبة للابتعاد عن طرح الشعارات العمالية بأبعادها الوطنية والقومية والإنسانية إلى جانب البعد الطبقي . وفي مقابل ذلك ترفع شعارات أخرى ترجعنا إلى العمق المظلم من تاريخ التخلف من أجل المزيد من الانغراس فيه والغياب عن الواقع الذي يقتضي الرؤيا الواضحة للأمور حتى تتبين الشغيلة : ما العمل من أجل الانعتاق من الاستغلال ، والتبعية، والعمل على تحرير الأرض والإنسان، والتخلص من الجسم الصهيوني الغريب الذي يخترق الجسد العربي من المحيط إلى الخليج . فالمتنبؤون الجدد يبدعون حقا عندما يتوجهون إلى "غزو" معاقل الشغيلة . وخاصة النقابات وبالأخص ك.د.ش لفرض ممارستهم المتخلفة وتعويض الشعارات الطبقية بالشعارات الظلامية التي لا علاقة لها بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي للشغيلة والتي تهدف إلى تسييس الدين . وترويض الواقع من أجل الاستبداد به في أفق إلغاء التحولات الإيجابية التي تحصل فيه وإرجاعه إلى الماضي بقوة الحديد والنار، ودوس القيم الوطنية، والقومية والطبقية وحتى الدينية بمعناها الصحيح . فما العمل من أجل تقويم ما انحرف ؟ إنه السؤال الذي تقتضي الإجابة عليه العمل على المحافظة على هوية المنظمات الجماهيرية والاستقلالية والحسم مع الممارسة الرجعية في الإطارات التقدمية مهما بدت بسيطة وإعادة الاعتبار للوعي الطبقي، وربطه بالأبعاد الوطنية، والقومية، والإنسانية والحقوقية، واستنطاق تحولات الواقع بين الأمس واليوم، وبين السياسة والنقابة، وبين أدلجة الدين و تدجين النقابة، وبين الانجذاب إلى الرجعية ، والرغبة في التحول ، واستهداف الرجعية للك .د.ش على مستوى تشويه المبادئ واختيار العضوية والشعارات المرفوعة والبرامج الكونفدرالية. والتنسيق مع المركزيات الأخرى والغاية من الاستهداف الرجعي من أجل إفراغ ك.د.ش من محتواها النضالي، وتحويلها إلى مجال للصراع الأيديولوجي. ومجال للاستقطاب الحزبي وشل قدرتها على استقطاب الشغيلة، وجرها إلى تقديم التنازلات . إن شعارات مؤدلجي الدين الإسلامي عندما ترفع في مسيرة عمالية بدعوى التضامن مع الشعب الفلسطيني ( خلال مسيرات فاتح ماي 2002 ) لا يمكن أن تكون إلا وسيلة لإقبار النقابة والقضاء عليها كفضاء للممارسة التقدمية التي تكون مقدمة للشعور بضرورة امتلاك الوعي الطبقي. و المستفيد الأول هو الرجعية التي ينتمي إليها مؤدلجو الدين الإسلامي، ومعهم أسيادهم المشكلون للطبقة الحاكمة من البورجوازيين وشبه البورجوازيين والإقطاعيين وشبه الإقطاعيين وشرائح البورجوازية الصغرى والمتوسطة المفرزة للنخبة المؤدلجة للدين الإسلامي . وسنعمل في هذه المعالجة على تشريح ممارسة مؤدلجي الدين الإسلامي الذين يزحفون للتموقع في إطار الك .د.ش، وكيف يتخذ خطابهم لممارسة المزيداة عليهم من قبل بعض الجهات التي لم تحسم بعد مع التخلف الأيديولوجي فتجد نفسها منساقة وراء مؤدلجي الدين الإسلامي، تراودهم ، وتتملق لهم ، وتتبنى نفس خطابهم، وهو ما يشكل خطرا على ك.د.ش التي لم تعد تلعب الدور التقدمي في أوساط الشغيلة وفي مقدمتها الطبقة العاملة التي لم تعد الشعارات التي تناسبها ترفع من مسيرة فاتح ماي، وخاصة تلك التي لها علاقة بالاشتراكية العلمية التي هي أيديولوجية الطبقة العاملة، وبالصراع الطبقي وبكل القيم النضالية الصحيحة .
الشعار/ المظهر / الواقع : ومما يلفت انتباه المتتبع في تظاهرة فاتح ماي التي ينخرط فيها مؤدلجو الدين الإسلامي شيئان: 1) طبيعة الشعار الذي يرفعونه والذي لا علاقة له جملة وتفصيلا بمناسبة العيد الاممي للطبقة العاملة . ولا بانخراط الطبقة العاملة في النضال الوطني القومي والإنساني ولا حتى بالبعد التاريخي لهذا النضال ، والبعد المستقبلي . فالشعارات التي يرفعونها هي شعارات تضرب في عمق التخلف والظلام . وتوهم ملتقطها بانبعاث القرن الأول الهجري . وعودة الذي يأتي ولا يأتي ، وبأن تلك العودة ستعيد عصر المعجزات وستحول الدنيا إلى ساحة المعركة بين قوى الكفر القائمة في الواقع ، وقوى الإيمان المنبعثة من عمق التاريخ والتي ليست إلا مؤدلجي الدين الإسلامي بمظاهرهم المثيرة التي تشمئز منها النفوس، والتي توحي بعودة أشباح الماضي لإغراق الدنيا ب "الإيمان "والعدل " ولكن بتصفية كل المخالفين . 2) زرع الوهم في نفوس متلقي شعاراتهم بأن الصراع القائم في الكون هو الصراع بين الإيمان والإلحاد، بين الإيمان والعلمانية ، بين الإسلام والماركسية بين ديار الإسلام وديار الكفر، بين المسلمين وبين أمريكا من اجل الإيغال في التضليل الذي يمحق الوعي الحقيقي ليبقى الوعي المقلوب منتصبا سائدا لا يغادر عموم الكادحين وهو ما يخلق إمكانية انغراس و تجذر خطاب الظلام الواهم في صفوفهم في أفق الاستبداد بهم لتحقيق أهداف مؤدلجي الدين الإسلامي . وبالإضافة إلى ذلك فمظهر المتنبئين الجدد يوهم بقرب عودة الماضي في طريقة اللباس، وإطلاق اللحى وطريقة التعامل، وممارسة الرهبنة، وتحريض الأتباع على المتنورين باعتبارهم كفارا . فطريقة اللباس تستدعي مخالفة تقليد الغرب على هذا المستوى حتى يتوهم الناس أن هؤلاء يمثلون فعلا عصر دولة الخلفاء، والانسياق وراءهم ، والخضوع لإرادتهم والاعتقاد بأن الله بعثهم لاحياء مجد الإسلام الذي لم يعد سائدا في العديد من بلاد المسلمين لأن اعتقاد هؤلاء يقف وراءه وهم استعادة الماضي الذي لا يعني في نظرهم إلا "تطبيق الشريعة الإسلامية" التي يعتبرون من جملة تمظهراتها الاهتمام بشكل اللباس الإسلامي الذي يسمونه "إسلاميا" مع أنه لا وجود لشيء اسمه اللباس الإسلامي. و الذي يوجد فلا هو " القيم الإسلامية " التي تقتضي لباسا يجسد تلك القيم التي لا ترتبط بشكل معين من اللباس بقدرما ترتبط بكل الأشكال التي تتجنب الإثارة والتحريض على ميوعة العلاقات الاجتماعية سواء كان اللباس تقليديا أو عصريا، وسواء كان شرقيا أو غربيا ، شماليا أو جنوبيا لأن القيم الإسلامية ترتبط بالروح وتنغرس فيها و تتمظهر في السلوك وتتفاعل في الواقع وليس في اللباس . إنه الاهتمام بالمظهر ليتناسب مع ما يتصوره هؤلاء على أنه هو المجتمع الإسلامي والمظهر الإسلامي يدل دلالة واضحة على الفراغ الفكري الذي يعاني منه هؤلاء . مما يجعلهم يلوذون بالتاريخ من أجل النفاذ في الواقع، والسيطرة على قطاع عريض من الأميين ذوي الحمولة الغيبية التي لا يمكن الوصول إليها .إلا بالاعتماد على الأيديولوجية الغيبية التي لا يتناسب معها إلا المظهر الغيبي المستوحى من التاريخ المتصور لأن التاريخ الواقعي لا يعيد نفسه، ولا يمكن لأي كان أن يستنسخه . والاهتمام بالمظهر الإسلامي يعتبر من الوسائل المؤثرة والفاعلة في صفوف شغيلة لا تمتلك وعيها، ولا تستطيع أن تكون كذلك لتداخل مجموعة من الموانع التي من جملتها غياب حزب قوي للطبقة العاملة وحلفائها وغياب سيادة الإيديولوجية العلمية وسط الشغيلة وغياب صراع طبقي حقيقي يتم تعويضه بأشكال أخرى من الصراع التي لا علاقة لها بالصراع الطبقي كالصراع بين الإيمان والإلحاد ، والصراع العرقي والصراع اللغوي ….. وهكذا . و إذا كان المظهر يستوحي التاريخ المتصور فإن الواقع يزخر بالكثير من المحطات التي تستدعي عدم تناسب الواقع مع المظهر المستوحى من التاريخ المتصور. فهو واقع حديث في مقابل مظهر عتيق، وواقع يزخر بالأيديولوجيات الناجمة عن الانفراز الطبقي في مقابل الدعوة إلى إلغاء الإيديولوجيات، وواقع تعاني فيه الشغيلة من الاستغلال الطبقي في مقابل توجه غيبي يدعو إلى اعتبار ذلك الاستغلال قدرا من عند الله . واقع تعتمد فيه التقنيات الحديثة التي تكاد تعم كل مناحي الحياة البشرية في مقابل الهجوم على كل منتجات الغرب الفكرية والأيديولوجية والسياسية . واقع يقتضي النضال من أجل الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية في مقابل اعتبار ذلك النضال كفرا وإلحادا لاستناده إلى العلمانية ، وإعراضه عن عدم الاستناد إلى النص الديني الذي هو مصدر الإيمان ومصدر الدعوة إلى "تطبيق الشريعة الإسلامية". والواقع في تحوله يقتضي تفاعل الأفكار الموروثة مع الأفكار الوافدة ، والأفكار التقليدية مع الأفكار الحديثة، لانتاج أفكار جديدة لا يمكن وصفها إلا بالأفكار المتطورة. والتطور فكرة لا تقطع مع القديم ولكنها في نفس الوقت لا تغلق الباب أمام الجديد المحلي أو الوافد من أجل تحقيق غاية التحول إلى الأحسن . وغاية المظهر المستوحى من التاريخ المتصور هو الحيلولة دون حدوث ذلك التطور لتناقضه مع غاية عودة الماضي وهو في شكله المظهري الذي يوحي بعودة " الإسلام ". ولذلك فالواقع يدفع في اتجاه التحليل الملموس من أجل معرفة القوانين التي تنتج عقلية العودة إلى الماضي المنتجة لفكر استعادة الماضي المعادي للحداثة التي تقتضيها الشروط الذاتية والموضوعية لذلك الواقع . غير أن مؤدلجي الدين الإسلامي لا يرون الواقع، ولا يتصورونه باعتباره ملغيا من أيديولوجيتهم،إذا لم يكن مروضا. فرفع شعار "تطبيق الشريعة الإسلامية " يوهم بالتعامل مع حركة الواقع ، ولكن في أفق جعل تلك الحركة بمقاس الأيديولوجية التي تحكمت في مسارهم . وهو ما يقود إلى : 1) دوس القيم الوطنية التي تتراجع أمام ما ينتجه المتنبئون الجدد من قيم أيديولوجية زاحفة تجتاح أنسجة المجتمع الذي يفتقد الحصانة الإيديولوجية والفكرية والسياسية لغياب أحزاب تعمل على ترسيخ تلك الحصانة. ولذلك يقوم مؤلجو الدين الإسلامي باعتبار استحضار القيم الوطنية ضربا من الشرك بالله وشكلا من أشكال الإلحاد . وبناء على هذا التوجه، فحب الوطن في بعده المحلي ليس من الإيمان . ليخالفوا بذلك ما ورد في الأثر" حب الوطن من الإيمان " وما يمكن أن يترتب عن ذلك الحب من استجابة في الدفاع عن الوطن والاستعداد المستمر للبناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، والمدني ، والسياسي لجعل مكانته محترمة بين الأوطان . ولجعله ملاذا لأبنائه الذين يسعون إلى تحقيق رفعته بتخليصه من كل أشكال التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي . و مؤلجو الدين الإسلامي عندما يدسون القيم الوطنية فإن هدفهم من وراء ذلك هو إعطاء البعد الإسلامي لمفهوم الوطن برفعهم لشعار القومية الإسلامية في مقابل مناهضة القيم الوطنية. 2) ونفس الشيء يقوم به مؤلجو الدين الإسلامي تجاه الشعور القومي سواء كان عربيا أو غير عربي . مما يترتب عنه اعتبار القومية مخالفة للدين الإسلامي، وشكلا من أشكال الإلحاد . لأنها في نظرهم تحل محل القومية الإسلامية المعبرة عن البعد الديني /الإيماني ، حتى و إن أثبت التاريخ والواقع دور القوميات في انتشار الأديان بصفة عامة، وفي انتشار الدين الإسلامي بصفة خاصة أو أثبتت أن العلاقة بين الإسلام والقومية هي علاقة جدلية، فبامتداد القومية ينتشر الدين، وبانتشار الدين تمتد القومية كما هو الشأن بالنسبة للعرب الذين عملوا على نشر الإسلام الذي يقف بدوره وراء الامتداد العربي خارج الجزيرة العربية عن طريق الاستعراب الذي يحصل بسبب لغة القرآن العربية . 3) وعندما يتعلق الأمر بالقيم الطبقية ، فإن مؤدلجي الدين الإسلامي لا يقولون بالفرز الطبقي ، ولا يؤمنون بتعدد الإيديولوجيات تبعا للتعدد الإيديولوجي ولا يقولون بضرورة التفاعل بين الطبقات المختلفة وبأن الانقسام الطبقي ناتج عن الاستغلال الممنهج الذي تمارسه الطبقات المالكة لوسائل الإنتاج للطبقة العاملة ، وسائر الفئات المقهورة . وما يقولون به هو القول بأن الغنى أو الفقر قدر من عند الله . ومن يقول غير ذلك فهو ملحد . ولذلك فالشعور الطبقي في نظرهم هو شيء مخالف للشريعة . والدفاع عن المصالح الطبقية خروج عن الإسلام، وعن الشريعة الإسلامية فكأن الدفاع عن المصالح الطبقية للمقهورين نكران للقدر . وبذلك تكون القيم الطبقية قيما الحادية وعندما يشار كون في فاتح ماي، فهم لا يرفعون شعارات الطبقة العاملة المناهضة للاستغلال الرأسمالي والرأسمالي التبعي ، والإقطاعي ، وشبه الإقطاعي بل يعوضونها بشعارات تضليلية توهم بأن قيام الدولة الإسلامية هو الحل لجميع المشاكل التي يعاني منها المسلمون لينتج عن ذلك قيام صراع غير حقيقي . 4) وكنتيجة لأدلجة الدين الإسلامي فإن مؤدلجيه يدوسون القيم الدينية عن طريق العمل على اختلاق قيم تتناسب مع أدلجة العقيدة والشريعة . فتغيب القيم الإنسانية ، وتحل محلها قيم أخرى . لأن الدين لم يعد دينا ولأن الشريعة لم تعد شريعة لاختلاطهما بالإيديولوجية كما تدل على ذلك الخلافات والاختلافات الفقهية ، وكما يدل عليه تعدد المذاهب ، وتوالدها ، ولجوء كل منها إلى تأويله الخاص للنص الديني بما يخدم مصلحته. الأمر الذي يجعل القيم الدينية ضائعة بين التأويلات المختلفة ، وناتجة عنها ، وخاصة في مجتمع تسود فيه الأمية ويخضع فيه الناس بقوة الاستبداد لإرادة الحاكمين ولأجل ذلك نجد أن شعارات مؤدلجي الدين الإسلامي في تظاهرة فاتح ماي تخدم ذوبان القيم في الأيديولوجية وتمثل الإيديولوجية في القيم لتضيع بذلك القيم الدينية التي تحفظ كرامة الإنسان العامل وترفع قيمته في المجتمع . وضياعها لا يعني إلا ضياع كرامة الإنسان ودناءة قيمته. تقويم الانحراف حفظ لكرامة الإنسان : وإن ما يمارسه المتنبؤن الجدد في فاتح ماي يتناقض جملة وتفصيلا مع مناسبة فاتح ماي لأنه عيد أممي ارتبط الاحتفال به بوجود الطبقة العاملة ، ويهدف إلى توحيدها ، واشعارها بكيانها، ودورها في عملية الإنتاج من بدايته إلى نهايته وسعيها إلى التقليص مما ينهب منها من خلال استعراضها للاستغلال الممنهج . ولإزالة التناقض الذي يكرس الانحراف نرى أنه من الضروري : 1) المحافظة على هوية المنظمات الجماهيرية المتجسدة في تقدميتها وديموقراطيتها وجماهيريتها واستقلاليتها. ومن المنظمات المعنية بذلك : ك.د.ش. فالتقدمية نقضية الرجعية التي ينتمي إليها مؤدلجو الدين الإسلامي، ولأن هؤلاء المؤدلجين لا يؤمنون بشيء اسمه الديموقراطية نظرا لسعيهم إلى فرض الاستبداد بالمجتمع، ولأن فرض الأدلجة في المنظمات الجماهيرية تقلص من جماهيرتها وتجعلها تابعة لهم . وهو ما يتناقض مع استقلاليتها، ولذلك يبقى أن يعمل المنتمون إلى النقابة على حمايتها من تسرب مؤدلجي الدين الإسلامي إلى أنسجتها التنظيمية حتى لا تتحول إلى إطارات رجعية متخلفة . 2) الحسم مع الممارسات الرجعية في الإطارات النقابية . لأن انفتاح هذه الإطارات على المنتمين إلى تنظيمات مؤدلجي الدين الإسلامي يتيح الفرصة أمام إمكانية تحويل النقابة إلى إطار لتصريف أدلجة الدين الإسلامي. كما أصبح يلمس ذلك من خلال تواجد أصحاب اللحى بدنانيرهم وبممارستهم لأدلجة الدين الإسلامي داخل النقابة. ولذلك يجب وضع حد لتواجد هؤلاء عن طريق تفعيل مبدأ التقدمية الذي لم يعد واردا في ممارسة العاملين في النقابة إلا من باب رفع الشعار فقط. فتفعيل مبدأ التقدمية من خلال الأشخاص والأفكار والشعارات والممارسات يعتبر مسألة أساسية لحماية النقابة من التسرب الرجعي إلى أجهزتها التنفيذية والتقريرية حتى تحافظ على هوتها التقدمية . 3) إعادة الاعتبار للوعي الطبقي الذي يكاد يفتقد من النقابة لولا وجود الشق الاقتصادي في الملف المطلبي . ولذلك فالنقابة عندما لا تسعى إلى جعل الطبقة العاملة مالكة لوعيها الطبقي تكون مقصرة ، وبالتالي فإنها ستصبح مجرد إطار لتواجد الحزبيين مهما كان توجههم السياسي لاستغلال النقابة في الاستقطاب الحزبي ليس إلا . وهو ما يسعى إلى جعل النقابة مطابقة للحزب الذي يهيمن فيها. كما هو حاصل في معظم الإطارات النقابية بما فيها الك.د.ش. وللقطع مع الممارسة الحزبية المحرفة للعمل النقابي يجدر بنا أن نسعى إلى جعل الإطارات النقابية مجالا لتصريف الوعي الطبقي الحقيقي انطلاقا من الوعي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي خدمة لمصالح الشغيلة التي تقتضي امتلاكها لوعيها الحقيقي حتى تتوحد كطبقة ، وتسعى إلي فرض مطالبها على المستغلين في مستوياتهم المختلفة . 4) ربط الوعي الطبقي ب: أ- البعد الوطني عن طريق إشاعة ذلك الوعي في صفوف الشغيلة على المستوى الوطني حتى لا يبقى منزويا في مكان معين دون سائر الأماكن وإلى جانب ذلك يجب ربط الوعي الطبقي بتوطيد العلاقة بالوطن باعتباره كيانا ننتمي إليه ونستقر فيه ، وباعتبار أرضه مصدر الخيرات التي ينهبها المستغلون . وتحرم منها الشغيلة المنتجة للخيرات المادية والمعنوية ليتحول بذلك الوعي الطبقي إلى حب للوطن وللإنسان الذي يعيش على أرضه . ب- البعد القومي الذي يقتضي تعميم الوعي الطبقي على المستوى القومي مع ربطه بتكريس الانتماء إلى قومية معينة ، وتحويل ذلك الانتماء إلى قوة مادية ترهب الأعداد الذين يتجسدون مرحليا في أمريكا وربيبتها إسرائيل . فالبعد القومي يعتبر ضرورة أساسية في وجود وعي طبقي حقيقي إلى جانب البعد الوطني لذلك الوعي . ج- البعد الإنساني الذي يجعل الوعي الطبقي حاجة إنسانية لجعل الشغيلة ترتبط ببعضها على المستوى العالمي، وتتضامن مع بعضها البعض وخاصة عندما يتعلق الأمر بمقاومة همجية اقتصاد السوق فالبعد الإنساني يمكن أن يستلهم قوة الإنسان في الشغيل بصفة عامة، وفي العامل بصفة خاصة . د- والوعي الطبقي الحقيقي لابد أن يمتلك البعد الحقوقي الذي يجعل العامل بصفة خاصة، والشغيل بصفة عامة على بينة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية كما هي في المواثيق الدولية ، وكما هي في القوانين المحلية المتلائمة معها وإذا لم يكن الوعي الطبقي كذلك . يكون وعيا زائفا . وبذلك يكون الوعي حاضرا في فكر ووجدان الشغيل بأبعاده الوطنية والقومية والإنسانية والحقوقية ، وموجها لسلوكه لانتاج المواقف المناسبة للمرحلة المناسبة من أجل ربط الإنسان بمصلحته الطبقية حتى يناضل من أجل تحقيقها وهو الأمر الذي يعتبر ضروريا لتحقيق كرامة الشغيل . و ما يسعى إلى تحقيقه مؤدلجو الدين الإسلامي من خلال تواجدهم في النقابة ، وبالخصوص في فاتح ماي هو مصادرة الوعي الحقيقي لصالح تضليل الشغيلة بالوعي الزائف. العمل النقابي بين مجد الماضي وتردي الحاضر : عندما نعود إلى استنطاق الواقع فإننا نجد: 1) أن العمل النقابي في الزمن الماضي من تاريخ ك.د.ش كان وسيلة ل: أ- تعبئة الشغيلة في اتجاه الدفاع عن مصلحتها الطبقية وتحسين أوضاعها المادية والمعنوية . ب- تحقيق وحدتها التنظيمية الجماهيرية / النقابية ج- تحقيق التضامن بين شرائحها المختلفة . د- الدفع في اتجاه امتلاك وعيها الطبقي ه- الانتقال إلى التفكير في سبل القضاء على أنماط الإنتاج الاستغلالي . 2) أنه كان ينقل الشغيلة إلى امتلاك الوعي السياسي الذي يؤهلها للارتباط بحزبها الطبقي الذي يقودها لممارسة الصراع الطبقي في مستواه السياسي وما كان يحصل في ماضي ك.د.ش كان يساهم بشكل كبير في حركيه المجتمع على المستوى الجماهيري . وعلى مستوى الأحزاب السياسية التقدمية التي كانت قبلة للشباب بالخصوص وهو ما جعل آمال التغيير حاضرة بشكل كبير ، وأفكار اليسار تنتشر بشكل يجعلها مهيمنة في صفوف الشباب المثقفين بالخصوص . وإذا كان رواج الفكر اليساري يعتبر مسألة ايجابية فإن ما يترتب عنه هو الذي يجعل الشعوب المقهورة وشغيلتها بالخصوص ، تسعى إلى تقرير مصيرها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي في أفق مجتمع بدون طبقات وبدون استغلال . إلا أن الرجعية وطبقتها الحاكمة ، ودولتها القاهرة سعت بكل الوسائل إلى محاصرة أفكار اليسار واستئصالها من المجتمع عن طريق تعقب مثقفي ، و مفكري اليسار واعتقالهم ومحاكمتهم بل وإعدامهم في معظم الأحيان . الأمر الذي ينتج عنه زرع الإرهاب في نفوس الشباب، وسائر أفراد الشعب المغربي .وإلى جانب ذلك نجد دعما لامحدود لكل التيارات التي يشكلها مؤد لجو الدين الإسلامي الذين يتفنون بشكل خاص في محاربة الفكر اليساري .حتى يفقد القدرة على الصمود ويجنح إلى التراجع ثم الاضمحلال ، وهو ما قاد إلى قيام مؤدلجي الدين الإسلامي بالانتقال إلى التخطيط من أجل السيطرة على ك.د.ش لتحويلها من نقابة تقدمية ديموقراطية جماهيرية مستقلة ،إلى نقابة رجعية متخلفة يسيطر على قياداتها المحلية والوطنية مؤلجو الدين الإسلامي . وعلى مستوى الربط العمل النقابي بالعمل السياسي نجد أن هذا الربط كان صحيحا . وأن السياسة كانت تعني الرؤيا السياسية للمطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مواجهة الرؤيا السياسية للطبقة الحاكمة . وهو ما أعطى دفعة كبيرة للنضالات المطلبية التي اجتاحت كل المناطق وكل شرائح قطاعات الشغيلة . ولكن بعد أن كانت ك.د.ش تعاني من القمع لمدة تمتد من 20 يونيه 1981 إلى نهاية 1985 أصبح مفهوم العمل السياسي يتخذ طابعا حزبيا صرفا مما يعتبر مناسبة لربط النقابة بالحزب . وقد أدى ذلك إلى : 1) جعل النقابة وسيلة لاستقطاب الحزبي الفج وهو ما أنتج جيشا من الحزبيين عن طريق النقابة . 2) ربط الممارسة النقابية بتحقيق الأهداف الحزبية الصرفة . وفي هذا الإطار يتم اعتبار ممثلي النقابة في المؤسسة البرلمانية جزءا لا يتجزأ من المعارضة البرلمانية . 3 ) التنسيق بين ك.د.ش والاتحاد العام في الساحة النقابية لتحقيق أهداف مشتركة للحزبيين المتحكمين المتحكمين في النقابتين . 4) اعتبار ما تحققه النقابة فتحا حزبيا في صفوف الشغيلة يمكن الاستفادة منه وتوظيفه لتقوية التواجد في البرلمان . ونظرا لشرخ الذي عرفه الحزب الذي كان متحكما في النقابة فإن الصراع الحزبي الحزبي . انتقل إلى صفوف النقابة وأصبح هناك توجهان : • توجه يصر على تبعية النقابة للحزب كما تكرس ذلك على أرض الواقع . • وتوجه يسعى إلى جعل النقابة موجهة لأنشطة الحزب . وهذان التوجهان أفسحا المجال أمام مؤلجي الدين الإسلامي للانخراط في النقابة وتحمل المسؤوليات في صفوفها ليصبحوا أداة ضغط لجعل النقابة في يد طرف آخر باسم التعددية السياسية داخل النقابة بقطع النظر عن كونها رجعية ،أو تقدمية أو ديموقراطية أو غير ديموقراطية . وبالتالي فربط السياسة بالعمل الحزبي قاد النقابة ( ك.د.ش ) إلى تمكن طرف دون بقية الأطراف من رقبة النقابة التي تحولت إلى وسيلة لتفريخ حزب معين تهيمن عليه النقابة . ليصبح مفهوم ربط العمل النقابي بالعمل السياسي متخذا طابع هيمنة النقابي على الحزبي . وفي جميع الحالات فالعمل النقابي يفتقد المبدئية ويتحول إلى ممارسة حزبية تستهدف السيطرة على النقابة . وتوظفها لتحقيق أهداف حزبية صرفة لا علاقة النقابة، وتحويل مقراتها إلى مساجد ومنابر لخطاباتهم المؤدلجة للدين الإسلامي ، والساعية إلى جعل النقابة في خدمة الأهداف الأيديولوجية التي يرسمونها وهو ما ينعكس سلبا على النقابة والنقابيين ، وتتحول المهام إلى العمل على تخليص النقابة من تلك الادلجة بدل النضال من أجل تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للشغيلة . فتدجين النقابة إذن يعتبر ممارسة يومية لمؤلجي الدين الإسلامي لإعطاء صورة مشبوهة عن الطبقة العاملة التي تصبح خانعة مستسلمة بدل أن تكون ثورية . وتابعة لمؤلجي الدين الإسلامي بدل أن تكون متحررة ، وغارقة في الأفكار الغيبية بدل أن تكون مرتبطة بالواقع . إنه التدجين الذي يستهدف الإطار ، والعامل المنخرط فيه لخدمة أهداف رجعية منحطة . وممارسة كهذه تقود إلى الانجذاب إلى الرجعية التي تسعى إلى جعل النقابة غير قادرة على مواجهة الطبقة الحاكمة التي تستطيع استمالة الرجعيين إليها بمن فيهم أولئك المتحكمون في النقابة بدل الرغبة في التحول إلى الأحسن الذي يمكن اعتباره مدخلا للعمل النقابي الصحيح الذي لا يتحقق إلا ب: 1 ) وضع حد لتبعية النقابة لحزب معين . 2) وضع حد لهاجس بناء حزب تابع للنقابة . 3 ) إعادة الاعتبار لمبدئية النقابة 4) قطع الطريق أمام التوجهات الرجعية . 5 ) إعادة الاعتبار للنضالات المطلبية القطاعية والمركزية 6 ) الحرص على جعل التفاوض في خدمة مصلحة الطبقة العاملة . وبذلك نعيد الاعتبار للعمل النقابي الصحيح . الك .د. ش والاستهداف الرجعي : وإن الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل ، ومنذ تأسيسها في سنة 1978 وهي مستهدفة من قبل الرجعية ، نظرا للدور الذي أوكل إليها أثناء التأسيس ، وبعده ونظرا للإشعاع الواسع الذي اكتسبته على المستوى الوطني والدولي ، ونظرا للدور المستقبلي للعمل النقابي الذي تتحقق فيه العلاقة الجدلية بين العمل النقابي والعمل السياسي . وهو ما لا تريده الطبقة العاملة وحليفتها الرجعية ولذلك نجد : 1) قيام أجهزة الطبقة الحاكمة القمعية بمحاربة الكونفيدرالية والكونفيدراليين منذ البداية . كما يدل على ذلك قيام تلك الأجهزة بالاعتقالات والمحاكمات والطرد والتوقيف في حق المناضلين الكونفيدراليين . بعد تنفيذ إضراب 10 أبريل 1979 . وما وقع بعد إضراب 20 يونيه 1981 وما حصل في 1984 مما يدل دلالة واضحة على أن العمل النقابي الصحيح يرعب الطبقة الحاكمة ، لأنه يكون معبرا لوجوده وعي سياسي متطور في أوساط الشغيلة . 2 ) قيام الأحزاب الرجعية المتخلفة بما فيها حزب الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب بمحاربة العمل الكونفيدرالي ، و باستعداد الأجهزة القمعية والتعاون معها ضد الك .د.ش . 3 ) دعم مؤدلجي حركات الدين الإسلامي لتقوم بدورها في محاربة فكر الطبقة العاملة وتكفير حاملي ذلك الفكرعلى المستوى الوطني ، والتهديد باغتيال قادة الطبقة العاملة كما حصل سنة 1975 مع الشهيد عمر بنجلون شهيد الطبقة العاملة . 4 ) دعم الطبقة الحاكمة الأحزاب الرجعية وخلق أحزاب إدارية وتشجيع وإنشاء نقابات تابعة لها من أجل شرذمة الطبقة العاملة ، والتطبيق على الشغيلة المغربية المناضلة ، ونقابتها العتيدة الك .د.ش . وحتى يتم إضعاف الك.د.ش . وكنتيجة لكل ما سبق ، ونظرا للتحول الذي حصل في الحركة التقدمية بما فيها الك.د.ش. فإن الاتجاه أخد مجرى نهج ممارسات أخرى لإضعاف الك.د.ش . ومن هذه الممارسات : 1 ) تشويه مبادئ الك.د.ش . مما يجعل ممارسة تلك المبادئ تتناقض مع ما يجب أن تكون عليه . فالتقدمية تفقد دلالتها عندما لا تدفع ك.د.ش . في اتجاه جعل الطبقة العاملة ترتبط بفكرها المستمد من الفكر الاشتراكي العلمي . وعندما لا تدفع في اتجاه النضال من أجل التغيير الجدري للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية عن طريق القضاء على أشكال الاستغلال . والديموقراطية الداخلية تصبح موجهة حتى لا ينفلت التنظيم الكونفيدرالي من قبضة المتحكمين فيه وتوجيهها يجعلها لا تتجاوز مجرد الشعار الذي يفقد محتواه الممارسي وهو ما يجعلها في حكم العدم . والجماهيرية ليست إلا شعارا مرفوعا بسبب الانحسار المستمر لمحيط الك.د.ش ذلك الانحسار الذي يعرفه المنتمون إلى الك.د.ش . والاستقلالية أصبحت مجرد شعار نرفعه في محطات معينة يطغى فيها الصراع على الأجهزة وعلى القرارات المراد اتخاذها . وبذلك تصبح الك .د. ش فاقدة لمبادئ التقدمية والديموقراطية والاستقلالية التي وجدت على أساسها، مما يجعلها عاجزة عن تحقيق وحدة الشغيلة في إطارها . وهو ما هيأ جميع الأطراف العاملة فيها إلى ممارسة الإقصاء على بعضها البعض ، وأدى إلى ما تعرفه من انشقاقات في قطاعاتها المختلفة ، ومهد الطريق أمام زحف مؤدلجي الدين الإسلامي على أجهزتها التقريرية والتنفيذية . فعودة القوة إلى الك.د.ش رهين بمدى عودة احترام المبادئ التي يجب أن تترجم إلى ممارسة يومية لحماية الإطار من الانهيار الذي أصبح مرشحا له . وعندما يتعلق الأمر بالعضوية في ك.د.ش فإن كل شغيل يصبح من حقه الانتماء إليها . دون مقاييس تذكر فالذي يهم الإطارات النقابية في مختلف القطاعات هو عدد المنخرطين ن أما نوعيتهم فأمر غير مهم ولذلك يصبح في إمكان شرائح الرجعيين الالتحاق بك. د. ش والسيطرة على أجهزتها . وكان المفروض أن توضع مقاييس محددة للانخراط في النقابة ، وجعلها هي المحددة للعضوية .وان يكون الانخراط على أساس التداول في الأسماء الجديدة التي تتم تزكيتها من قبل عضوين في النقابة . وأن لا تستغل النقابة مشاكل الشغيلة لتوسيع قاعدتها . لأن ذلك يؤدي إلى إرغام الشغيلة على الانخراط دون رغبة منها . والنقابة بذلك تضرب مبدأ الاختيار الحر النزيه الانتماء إليها ز فتصبح مجرد تجمع لأناس لا رغبة لهم في الانخراط فيها في الوقت الذي يعلمون أن الانتماء إلى ك.د.ش. قد يؤدي إلى فصلهم عن العمل كما يحصل في العديد من القطاعات الاقتصادية والصناعية والتجارية والخدماتية . والذي يحصل في العديد من الفروع أن المنتمين إلى النقابة لا يتجاوزون مجموعات من المعانين من مشاكل العمل الذين تضطرهم تلك المشاكل إلى الانخراط في النقابة . ليبقى المسؤولون عن تلك الفروع وحدهم مت مسكين بالأجهزة لا يغادرونها لعدة عقود . فكأن مبدأ الجماهيرية لا يتحقق إلا عن طريق توسيع الانخراط . والواقع أن جماهيرية النقابة تتحقق من خلال ما تحققه من مكاسب لصالح الشغيلة التي لا تحدد في المنخرطين فقط . وعندما يتعلق الأمر بالشعارات المرفوعة فإننا نجد أنها لا تعبر لا من قريب ولا من بعيد عن مصلحة الشرائح البورجوازية الصغرى المتلونة والمتذبذبة ، والتي تعمل باستمرار على توظيف النقابة لأغراض انتخابية حتى تتمكن من ولوج المؤسسات المزورة لتحقيق تطلعاتها الآنية والمستقبلية لتلتحق بذلك بمصاف البوجوزاية الكبرى حتى تطمئن على مستقبلها ، وعندما تم تلغيم الك .د. ش. بشرائح أتباع المتنبئين الجدد . فإن الشعارات تحولت إلى شيء آخر ، وبالتالي فإن الطابع الرجعي المتخلف هو الذي أصبح يتحكم فيها ، وهو ما يشكل خطرا على مستقبل ك.د. ش . وعلى إشعاعها في أوساط الشغيلة . وفيما يخص البرامج الكونفيدرالية فإنها تسعى إلى خلخلة الواقع . غلا أن تلغيم ك.د.ش من قبل مؤدلجي الدين الإسلامي قد يؤثر على البرامج الكونفيدرالية . لأنهم سيسعون إلى تغيير هل لتتناسب مع شعاراتهم المؤدلجة للدين الإسلامي ، وهو ما يؤثر على قدرة الك.د.ش على مواجهة مخططات الطبقة الحاكمة ومعها الباطرونا . وعلى مستوى التنسيق مع المركزيات الأخرى ، فإننا نجد أن الك.د.ش ستضطر إلى تقديم التنازلات من أجل إنجاح عملية التنسيق بسبب مبدئية ك.د.ش . وتبعية الاتحاد العام للشغالين بالمغرب و بيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل . اللهم إلا إذا اعتبرنا أن ك.د.ش تحولت إلى نقابة تابعة لحزب سياسي معين خلال أواخر الثمانينات والتسعينيات من القرن العشرين . أما إذا زالت التبعية كما هو محتمل من خلال ما يرفع الآن من شعارات . فإن المبدئية ستحضر من جديد . وسيزول عبر التنازلات ، وسيوضع حد للتنسيق بشكل موضوعي كما حصل في إضراب 5 يونيه 2002 . ويعتبر التنسيق مع المركزيات النقابية مناسبة لفسخ المجال أمام انخراط مؤدلجي الدين الإسلامي في ك.د.ش. والوصول إلى أجهزتها التقريرية والتنفيذية والشروع في تحريف مسارها نحو الممارسة الرجعية المتخلفة لقطع الطريق أمام إمكانية تجذر الوعي الطبقي . ولذلك ، فدعم مبدئية ك.د.ش ودعم استقلاليتها بالخصوص ، سيجعل النقابة محمية من تسرب المد الرجعي ، وسيؤهلها ذلك إلى الوقوف وراء انتشار الوعي الطبقي الحقيقي بدل الوعي الزائف الذي يعمل على نشره مؤلجو الدين الإسلامي بواسطة الإطارات النقابية . الغاية من الاستهداف الرجعي : إن مؤلجي الدين الإسلامي الذين استهدفوا بفكرهم وممارستهم كل التنظيمات التقدمية على مدى فرن من الزمن ، وبكل أشكال الاستهداف المادي والمعنوي لا يمكن أن يعتبروا ك.د.ش استثناء ، ولا يمكن أن يبقوا مكتوفي الأيدي تجاه النقابة التقدمية والنقابيين التقدميين . بل إن استهد افهم لها ولهم سيبقى واردا . وممارسا على أرض الواقع من أجل إضعافها ، والنيل من قدرتها على المواجهة ورص صفوف الشغيلة المغربية في قطاعات الإنتاجية والخدماتية . ويبقى السؤال : ماهي الغاية من الاستهداف الرجعي للك.د.ش ؟ إن استهداف الك.د.ش بالمد الرجعي المتمثل في تواجد مؤدلجي الدين الإسلامي في صفوفها . يسعى إلى : 1) إفراغ ك.د.ش من محتواها النضالي التقدمي حتى لا تلعب دورها في جعل الشغيلة تملك وعيها الطبقي الذي يستلذ بعض كونفيدراليي آخر زمان تهجينية لتفاعلهم مع موضة الحداثة التي أوحت بها عولمة اقتصاد السوق . والوعي الطبقي لا يكون كذلك غلا إذا كان حقيقيا لكونه يوطد صفوف الشغيلة . ويجعلها قادرة على الحفاظ على نقابتها ، وساعية إلى وضع حد لأشكال الاستغلال المادي والمعنوي ، لأن عملية الإفراغ من المحتوى ستجعل الك.د.ش بدون محتوى نضالي ليحل محله المحتوى " الجهادي " الذي يجعل النقابيين ينشغلون بأمور أخرى تحول الصراع بين الطبقات من مستواه الاقتصادي إلى الصراع بين السماء والأرض بين الإيمان والإلحاد بين المومنين والكافرين ليختفي بذلك الشعور بالانتماء إلى الطبقات المقهورة ، ويحل محله الشعور بالانتماء إلى جماعة من الجماعات المؤدلجة للدين الإسلامي التي ينضون في إطارها المنتمون إلى جميع الطبقات بمن فيها أولئك الذين يمارسونها مشاعة الاستغلال على الشغيلة .ذلك الاستغلال الذي يجب اعتباره قدرا من عند الله ، وبالتالي فمقاومته تعتبرا كفرا وإلحادا . وهي ممارسة تقتضي القتل الذي يقتضيه حكم الردة عن الدين كما يقول بذلك مؤلجو الدين الإسلامي . 2 ) تحويل النقابة إلى مجال للصراع الإيديولوجي لأن المنتمين إليها يقتنعون بايديولوجيات مختلفة ومتناقضة أحيانا ن وبالتالي : فبدل التفرغ لقيادة الشغيلة من أجل تحسين أوضاعها المادية والمعنوية : ينشغل المنتمون إلى النقابة بالمطارحات التي تقتضي حرص كل إيديولوجية على نقض نقيضتها بكل الوسائل بما فيها الحرص على السيطرة على الأجهزة . لأن الإيديولوجية القائمة على استغلال الدين لا تؤمن بالديموقراطية والإيديولوجيات البورجوازية الصغرى تتمظهر بالديموقراطية وتمارس العكس على أرض الواقع، والأيديولوجي الاشتراكية العلمية تحاول إثبات وجودها في صفوف الشغيلة . وبذلك الصراع اللاديموقراطي بين الأيديولوجيات المتقاربة والمتناقضة قد تقود إلى تهجير الشغيلة من النقابة بسبب غياب الاستقلالية بسبب سيطرة جهة ما على النقابة ، والنقابيين من خلال السيطرة على الأجهزة التقريرية والتنفيذية من قبل جهة معينة تقتنع بأيديولوجية معينة لا علاقة لها بمصلحة الطبقة العاملة وباقي شرائح الشغيلة . 3 ) تحويل النقابة إلى مجال الاستقطاب الحزبي ، وهو ما يجعلها إطار لعرض بضاعة الحزب ، أو الأحزاب ، وإغراء المنخرطين بقبول تلك البضاعة ، والانخراط في الحزب أو الأحزاب التي اختارت أن يقوم مناضلوها بالتسوق من ك.د.ش . واقتناء " مناضلين حزبينين "انطلاقا من الشعارات المرفوعة ضد بعض فرقاء الحكومة ،أو ضد الحكومة ككل . وهذه الممارسة لا تقدم النقابة ولاتطورها ، ولا تقدم العمل النقابي ولا تطوره بقدر ما تربط العمل النقابي بالممارسة الحزبية في أفق التواجد في المؤسسات المزورة ، وهو أكبر عملية تحريفية أصابت النقابة ، والعمل النقابي في العقد الأخير – على الأقل – من القرن العشرين ، مما الفرصة أمام مؤدلجي الدين الإسلامي الالتحاق بك .د.ش من أجل التسوق لصالح التوجهات الحزبية التي ينتمون إليها والتي يسمونها " إسلاما " 4) شل قدرتها على استقطاب الشغيلة . وجعلها مجرد إطار للشعارات الملغومة بالتوجهات الحزبية المختلفة والمتناقضة وإذا كان لا بد من اعتراف بالنضال ، فإن ذلك النضال يربط بمحطات انتخابية معينة ، أو في أفقها كما حصل في 1969 وفي 1997 وكما يحصل في سنة 2002 مع اختلاف في الغاية . ولذلك فا ستحضار مطالب الشغيلة يعتبر مسألة غير واردة إلا في غطار خدمة الأهداف الحزبية الانتخابية ، أي أن تلك المطالب تتحول إلى برنامج حزبي ينفذ على أرض الواقع ، وتوجه كهذا في الممارسة النقابية . لابد أن ينكشف ، ولابد أن يتحول إلى حاجز يحول دون تحول النقابة إلى منظمة جماهيرية بسبب عجز النقابة عن انتاج ممارسة تستقطب الشغيلة وتنظمها وتقود نضالاتها ، وتوجه عملها ، هذا العجز الذي سيصبح معبرا عن شيخوخة النقابة والنقابيين على السواء ، ما لم تتم إعادة النظر في مجمل الممارسة النقابية . 5) ومن الطبيعي جدا أن يقود عجز النقابة إلى تقديم التنازلات على مستوى الملف المطلبي ، وعلى مستوى النضالات المطلبية تحت تأثير الواقع التحريفي الذي تعاني منه النقابة . وهذه التنازلات لا تبدو واضحة للعيان بقدرما تتبطن في الشعار وفي الممارسة . وتجر إلى التخلي عن مجموعة من القيم النضالية المكتسبة عبر العقود الماضية ذلك التخلي الذي يحول الرؤيا ، ويحورها في اتجاه التخلي عن ملامسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي للشغيلة المغربية ، والانشغال بواقع آخر موهوم ، مصدره الخطابات المحرضة ، والمغازلة في نفس الوقت للطبقة الحاكمة وتحويل الصراع القانوني الذي يتم حله بطرق ديموقراطية إلى صراع تناحري ، يؤدي إلى انشطار القطاعات النقابية والتوجه نحو تكوين مركزية لتكريس المزيد من التشرذم النقابي الذي ينعكس سلبا على الشغيلة المغربية . وهكذا يتوضح أن الغاية من الاستهداف الرجعي هو إضعاف قوة الك .د.ش وجعلها غير قادرة على لعب دور ايجابي مستقبلا . لصالح الشغيلة المغربية حتى لا تمتلك الشغيلة وعيها الطبقي الذي يقودها إلى مقاومة كل أشكال الاستغلال المادي والمعنوي والعمل على استئصاله ، لتستفيد الطبقة الحاكمة ومعها شرائح الرجعية من ذلك الإضعاف بسبب بقاء الشغيلة بدون نقابة قوية تؤطرها وتقودها إلى تحقيق مستقبلها . خلاصة عامة : والواقع أن العمل النقابي رهين برجحان ميزان القوى لصالح الشغيلة ، غير أن مقصد مؤدلجي الدين الإسلامي هو جعل ميزان القوى لصالح الرجعية المتخلفة بما فيها الطبقة الحاكمة . وفي هذا الإطار رأينا أن تسيس الدين الإسلامي يهدف إلى ترويض الواقع عن طريق رفع الشعارات اللاغية للواقع ، ودوس القيم الوطنية والقومية والطبقية والدينية مجيبين على السؤال : ما العمل من أجل تقويم ما انحرف ؟ ومن أجل المحافظة على النقابة والحسم مع الممارسة الرجعية في ممارسة الإطارات التقدمية ، وإعادة الاعتبار للوعي الطبقي ، وربطه ببعده الوطني والقومي والإنساني ، والحقوقي ، ملتمسين الفرق القائم في الواقع بين الأمس واليوم بين السياسة والنقابة ، بين أدلجة الدين الإسلامي ، وتدجين النقابة ، بين الانجذاب إلى الرجعية ، الرغبة في التحول ووقفنا على الاستهداف الرجعي لك.د.ش على مستوى المبادئ ، وعلى مستوى اختيار العضوية ، وعلى مستوى الشعارات المرفوعة . والبرامج الكونفيدرالية ، والتنسيق مع المركزيات الأخرى . واقفين على الغاية من الاستهداف الرجعي للك.د.ش من أجل إفراغها من محتواها النضالي ، وتحويلها إلى مجال للصراع الايديولوجي ، وتحويلها إلى مجال للصراع الايديولوجي ، وتحويلها إلى مجال للاستقطاب الحزبي ، وشل قدرتها على استقطاب الشغيلة وجرها إلى تقديم التنازلات . وبذلك نكون قد وصلنا إلى حماية النقابة مهمة نضالية مرحلية تقع على عاتق المناضلين العضويين الذين يجب أن يعملوا على حماية النقابة والنقابيين من الاستهداف الرجعي المتخلف . وفي افق ذلك لابد من إعادة النظر في الممارسة النقابية العامة والقطاعية من أجل نقابة تقدمية قولا وعملا . وهو ما يجب أن تسعى إليه الشغيلة حتى تضمن حماية ك.د.ش . من أجل ك.د.ش بمحتوى نضالي هادف .
ابن جرير في : 2002/7/22
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يمكن اعتبار الجماعات المحلية أدوات تنموية ؟
-
الدين / السياسة أو العلاقة التي تتحول إلى متفجرات
-
الاقتصاد الإسلامي بين الواقع والادعاء
-
منطق الشهادة و الاستشهاد أو منطق التميز عن الإرهاب و الاستره
...
-
الأوراش الكونفيدرالية و ضرورة تقديم النقد الذاتي إلى الشغيلة
...
-
بين إسلام أمريكا و إسلام الطالبان…
-
هـل انتهى حق الشعوب في تقرير مصيرها بمجرد خروج الاستعمار ؟
-
النضال النقابي بين رهانات الظرفية السياسية وطموحات الشعب الك
...
-
دولة المسلمين لا إسلامية الدولة
-
الإسلام/ الإرهاب…..أية علاقة؟
المزيد.....
-
Resolution of the 4th World Working Youth Congress in solida
...
-
Resolution of the Working Youth Committee Commemorating the
...
-
قرار المؤتمر العالمي الرابع للشباب العامل للتضامن مع شعب فلس
...
-
قرار لجنة الشباب العامل للاحتفال بالذكرى الثمانين لتأسيس اتح
...
-
المذكرة الجوابية الأولية للاتحاد المغربي للشغل على رسالة وزي
...
-
موعد صرف رواتب المتقاعدين لشهر ديسمبر 2024 بالعراق وحقيقة تط
...
-
في ندوة لقسم الحماية الاجتماعية :
-
جلسة مثمرة في مؤسسة “سبيبا”
-
شيكات: ماذا عن الأحكام الانتقالية الخاصة باصحابها محل التتبع
...
-
الفينيق يُطلق حملته السنوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ال
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|