أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمار ديوب - علمانية منقوصة وأصولية زاحفة














المزيد.....

علمانية منقوصة وأصولية زاحفة


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 21 - 16:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تصنّف سوريا بأنّها بلدٌ علماني، فهل بمنعها المؤتمر الثاني ([) للعلمانية في المشرق، يبقى للعلمانية أرض في سوريا؟ بالتأكيد الأمر سيثير الكثير من الشكوك، وأولها لماذا سمحت الدولة السورية بعقد مؤتمر العلمانية الأول عام 2007 ومنعته اليوم، لا سيما أن عناوين المحاضرات تأتي في السياق ذاته، وليس بها إشكاليات تثير في سوريا حساسيات سياسية أو دينية، بل إنها تناقش النموذج والتجربة التركية، كنموذج علماني، وهذا في الوقت الذي تشهد سوريا وتركيا أفضل العلاقات، رغم أننا نعتقد بضرورة التمهل في الحكم الايجابي على التجربة التركية وعلى العلاقات؟
إذاً هناك ما يثير الانزعاج من المنع، فالمنع يطال تظاهرة ثقافية وحوارية يشارك بها مثقفون سوريون وعرب، بدءاً من مفكر العلمانية في سوريا صادق جلال العظم، ومن تونس رجاء ابن سلامة ومن ليبيا محمد عبد المطلب الهوني، المفكك لظاهرة الأصولية، وهناك باحثون من فرنسا والعراق وهولندا، وكان سيحضر عشرات الاختصاصيين والمهتمين بالشأن العلماني، فهل سيكون ذلك المؤتمر مهدّداً لسوريا بطريقة ما؟
أعتقد أن أسباب المنع والسماح في سوريا، تعمل بدون استراتيجية، وتحكمها الفوضى، لأنّه لا حجة يمكن أن تبرّر منعا كهذا، في الوقت الذي يُسمح فيه بعقد ندوات وأمسيات ومؤتمرات دينية وتمارس الحكايا الدينية بطريقة غاية في التدخل بما هو شخصي، فمثلاً يسمع كل السوريين الفقراء من يأخذ «التاكسي» كوسيلة للوصول إلى عمله، الشيخ راتب النابلسي من إذاعة القدس، التابعة لأحمد جبريل المهتدي يومياً، وبدون أي استئذان. فالوجبة الإسلامية الصباحية يجب أن يسمعها غير المؤمن وغير المسلم والمسلم من غير أتباع النابلسي، والصغير والكبير والعربي والكردي، وو ...، وهذا لعمري أسوأ ما أبدأ به يومي، وهناك من هم أسوأ ويُستخدمون في مناطق بعيدة ونائية عن قلب المحافظات، وهذا تدخل لا يمارى بسوئه وإيغاله في حياتنا.
كنّا سنحترم النابلسي، لو منع هذا البث، وأبقى حديثه في المسجد الذي يؤم الصلاة به، أمّا أن يلاحقنا من «سرفيس» إلى «باص» إلى «سرفيس»، فهذا بالتأكيد أسوأ ضرراً من عقد مؤتمر للعلمانية، هذا إن كان هناك من ضررٍ منه، ولو كان به ضررٌ، فهو لن يتجاوز أرجاء قاعة معزولة يعمّها النشاط في داخلها، ويسود الصمت بقية أماكن جامعة دمشق.
بعد هذه الواقعة، وطرح قانونٍ للأحوال الشخصية غير مدني وديني وتمييزي ضد المرأة، رفض العلمانيون الصيغة الأولى منه فتم سحبه، فطرحت الحكومة صيغة جديدة منه، ولم يُعمل على سحبها مجدداً رغم رفضنا الجديد لها، فهل من الممكن القول إن سوريا بلد علماني؟ في هذا يختلف الكثيرون، ولكنها بالتأكيد ليست بلداً دينياً، إذاً كيف سنفسر أوضاع العلمانية في سوريا وتراجعاتها المستمرة؟ ولماذا لا تتزامن العلمانية مع الديموقراطية والحريات العامة؟ وتتعقد المشكلة في أننا كنّا سابقاً نفتقد الديموقراطية، فصرنا الآن نفتقد العلمانية والحرية كذلك، وربما الأسوأ أن السوريين يبتعدون كلية عن السياسة المدنية ويسعون حثيثاً نحو الوعي الديني والأسطوري، والتطرف، عدا التفكير الأقلوي والتعصبي الذي يطال كل السوريين، بدءاً من السلطة مروراً بالشعب ووصولاً إلى المعارضة على اختلاف تلاوينها، التي تكاد تقتصر نشاطاتها على بيانات حقوقية، وعلى أهمية الأخيرة، فإنها ليست من اختصاصها في الدولة الحديثة، بل من اختصاص منظمات حقوق الإنسان والقضاء تحديداً.
قد يكون هناك بعض الحساسيات من بعض المفكرين المشاركين في المؤتمر، ولكن ما هي وظيفة المثقف، فهل هو عضو في حزب سياسي ما؟ هل هو وزير في دولة؟ أو... إن مهمة المثقف أولاً إنتاج تصورات فكرية نقدية وتجاوزية للواقع، وليست مهمته تبرير الواقع والتذلل للسلطة وللطوائف أو الدعوة لسيادة نمط مفوّت من الوعي؛ الذي يثبّت النزعة القطيعية والدونية والتمــييزية والذكورية أو التدين بمعناه الأصولي أو السياسي. أبداً، المثقف إما أن يكون عضوياً لقضايا التطوّر وإما أن يكون مفككاً لها، ومندمجاً في أيديولوجـيا السلــطة أو الطوائف، أو المنافع الشخصية، فيكون عمله اختصاصياً، بلا طعم ولا فائدة في الشأن الثقافي والسياسي العام. وهنا أميّز بين الاختصاص في الشأن العام والاختصاص في العمل أو العلم، فهذا شرطه الأول الاختصاص، والأول صفته الأساسية الموضوعية والتجاوز والتغيير.
إذا كنت أناقش هنا، بعض أبعاد منع عقد المؤتمر، فكلامي يأتي من زاوية تراجع العلمانية في سوريا، البلد الذي عُرف تاريخياً بكونه وريث حضارات سابقة، وفيه تجلت أهم الحركات القومية في الخمسينيات، والتي لعبت دوراً هاماً على مستوى العالم العربي بأكمله، فهل يعقل أن يمنع مؤتمر لبعض العلمانيين، والمرأة في سوريا ساوت الرجل في الانتخابات منذ الاستقلال.
منذ بعض الوقت منع نصر حامد أبــو زيد من دخــول الكـويت، وكان السبب في ذلك تشدّد برلمانيين أصوليين فيــه، فهل في سوريا ما يشــبه ذلك، هل تدخل بعض المشايخ بطريقة ما لمنع تحـقّق ذلك؟ لا أعــلم ذلك! وإذا ما وجد شيء من ذلك، فهو تدهور خطير في سوريا، ولا يفسر إلا بزيادة تدخل الدين السياسي في سوريا، وأن سوريا ذاهبة نحـو مزيد من الأصولية، وبالتالي ليس من مستقبل علماني فيها، وبذلك نضحي بكل تراث سوريا العلماني حاضراً وماضياً.
أخطأت الحكومة السورية بمنع المؤتمر، وعليها وضع استراتيجية للثقافة والصحافة والتعليم والسياسة والدين الشعبي، تفصل فيها بين هذه القضايا وبين الدين السياسي، والابتعاد عن التعامل الفوضوي بهذه القضايا، فسوريا ليست بمنأى عن خطورة التطرف الديني، فهل نعتبر من الجزائر والعراق ولبنان؟

كان سيعقد في 12 و13 قبل بضعة أيام.



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية: إعادة إنتاج أم عبور ليبرالي
- مسير فاشل يتحوّل إلى اكتشاف أكبر مغارة بركانية، والمصداقية ا ...
- الفن الرحباني ومتطلبات الشباب
- الواقع المأزوم ووهم النموذج*
- الرقابة في سوريا تطال الآداب
- عن ما بعد حملة بردى ودور المنظمات غير الحكومية
- حملة بردى تتطلب إستراتيجية بيئية
- العلمانيّون في مواجهة التكفيريّين
- في نقد نقاد مهدي عامل
- انتصار جزئي للعلمانية في سوريا
- في ذكرى استشهاد مهدي عامل
- الماضي والحاضر حاضران... فأين المستقبل؟
- عن اليسار ودوره في الأزمة الاقتصادية العالمية نقاش في مقالة: ...
- مشروع قانون سوري للأحوال الشخصية من العصور الوسطى
- العلمانية السورية على محك مشروع الأحوال الشخصية
- العلمانية اللبنانية على المحك
- -الديموقراطية- في الكويت
- ثمرة الطرح الفلسفي أم ثمرة الحداثة
- الدولة الوطنية الجديدة
- جرائم شرف أم شرائع مصاصي الدماء؟


المزيد.....




- الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا ...
- شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
- هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال ...
- الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
- الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا ...
- الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم ...
- الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس ...
- الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن ...
- حماس تشيد بالدور المحوري للمقاومة الإسلامية في لبنان


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمار ديوب - علمانية منقوصة وأصولية زاحفة