|
على الفضائيات أن تعيد أرشيف التلفزيون العراقي المسروق
حمزة الجواهري
الحوار المتمدن-العدد: 889 - 2004 / 7 / 9 - 09:17
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
كان البعض يقول، وأنا حقا لا أملك دليلا على ذلك بيدي، من أن فضائية الجزيرة قد سجلت مقابلة مع وجوه معروفة ومسؤولين في الإعلام العراقي للنظام المقبور وهم في أروقة التلفزيون أيام النهب الأولى بعد سقوط التمثال، وقد أدعوا وقتها من أنهم جاءوا لينقذوا الأرشيف النادر للشعب العراقي. التسجيل لهذه اللقطة موجود ولكن الأرشيف قد إختفى تماما ولم يعد موجودا حتى في ساحة سوق مريدي أو أرصفة ساحة التحرير وحديقة الأمة في وسط العاصمة بغداد، ولم يعد موجودا في أي مكان غير رفوف الفضائيات العراقية الجديدة المملوكة من قبل القطاع الخاص. سواء كان التسجيل موجود أم غير موجود، أو إنه من صنع الخيال أم الواقع، فلا فرق لدينا على الإطلاق، ذلك إن الأرشيف قد ظهر وبشكل مفاجئ على شاشات الفضائيات العراقية الجديدة وهي اليوم تمتع الجمهور العراقي بالمسلسلات العراقية والتمثيليات القديمة التي أحبها جيلنا الذي لم يعد يعلوا رأسه شعرة سوداء واحدة، إلا ما لونته له منتجات ويللا الشهيرة والبارعة بتلوين الشعر!! هذا الأرشيف أصبح اليوم بيد تلك الفضائيات العراقية الحديدة التي تدعي الإستقلال في حين هي أبعد ما تكون عنه، فهي تروج لثقافة البعث من خلال مسلسلات أنتجها التلفزيون العراقي أيام الدكتاتورية البهيمية الهمجية، نظام صدام الدموي، فلا أجد نفسي بحاجة لشرح ما تروج له تلك المسلسلات، يكفي أن نعرف من أنتجها، والمفارقة أن تجد الفضائيات الجديدة بهذه المسلسلات مادة مستقلة ولا علاقة لها بالسياسة وبريئة جدا براءة الذئب من دم يعقوب!!!! بالرغم من أن المواد التي تروج لها الفضائيات غاية بالخطورة في هذه المرحلة، وهي تعد جزءا من برنامج سياسي يهدف إلى عودة البعث من جديد للسلطة بعد تلميعه، فهي تروج لحالة من الأمن، تزعمها تلك المسلسلات، تجعل العراقي يبكي بدل الدموع دما على أيام صدام والرفاه الإجتماعي والبحبوحة من العيش التي كان يعيش بظلها آن ذاك، وذلك على حد زعم هذه الفضائيات طبعا!!!! وهذا ما تريد أن تقوله من خلال عرضها لتلك المواد الإعلامية الصدامية، ولكن بالرغم من هذا وذاك، فإننا سنترك هذا الأمر الخطير جدا ونناقش في هذه المقام مسألة محتلفة من حيث الموضوع وهي الجانب القانوني لملكية الأرشيف العراقي للإذاعة والتلفزيون فقط، ولا شيء غير الأرشيف. الأرشيف ملك الشعب العراقي، وهذا ما لا شك فيه، ذلك أن التلفزيون العراقي كان ملكية عامة وليس ملكية خاصة لفرد أو جهة خاصة، وبعد سقوط النظام لابد أن تعود مالكيته للشعب العراقي ممثلة بالحكومة العراقية الإنتقالية التي تم نقل السلطة والسيادة لها بالفعل، وقد تشكلت لجنة لتصفية كامل ملكية وزارة الإعلام العراقي القديمة. هذه السلطة هي المخولة ببيعه لأي جهة كانت وبالأسعار التي تجدها مناسبة. لذا يجب أن يعود كل الأرشيف للعراقيين اليوم ولا يجب أن يتأخر ذلك، ومن ثم يجب أن تتم عملية شراءه بشكل قانوني وشفاف. الأرشيف العراقي الذي تبثه الفضائيات العراقية الجديدة هذه الأيام هو ذات الأرشيف الذي نتحدث عنه وليس غيره، وأي مادة تعرض منه اليوم لابد أن يكون لها ثمن، ومادمنا لم نتفق على ثمن لحد الآن، فالأمر يعد من باب السرقة ما لم تتم تصفية الأمر بشكل قانوني، فإن أية مادة من هذا الأرشيف يتم بثها على هذه الفضائية، أو أية فضائية أخرى، أو أي وسيلة إعلامية سواء كانت مرئية أو مسموعة، عليها أن تعيده أولا وبالكامل، وثانيا أن تدفع جميع التعويضات عن ساعات البث التي نراها حاليا، وذلك يوم يستحق الدفع، وهذا ما سنصل إليه في هذه المقال. ربما من لا يجد بي، كشخص، تلك الجهة المخولة بالحديث عن هذا الأرشيف، ولكن ببساطة شديدة، أنا عراقي، والأرشيف هو ملك لنا نحن العراقيين جميعا وحتى ذلك الذي لم يسمع يوما ما بالأرشيف أو يعرف معناه. فحقوق الملكية الفكرية كمفهوم وكقانون تعتبر اليوم من الأمور التي يعرفها الجميع، ولكني أجد من نافل القول التذكير بها وبعض تفاصيلها كما أفهمها أنا كإنسان عادي ولست محامي أو متخصص بالقانون، ولكن كما قلت سلفا من أني صاحب حق بملكية هذا الإنتاج الفكري الذي سمى الأرشيف العراقي للإذاعة والتلفزيون، لذا يجب أن يعتبرني القارئ ""صاحب حق قد سلب منه هذا الحق"" ولست مدافعا عن حق لشخص آخر، فهذا الأخيرسيكون شأن المحامين وجهابذة القانون وربما منظمات المجتمع المدني التي أخذت على عاتقها مهمة الدفاع عن حقوق الشعب العراقي، أو تلك اللجنة التي شكلتها الحكومة التي تتولى تصفية ملكية وزارة الإعلام القديمة. قانون الملكية يبيح للفرد أو الجهة الإعلامية حق البث والإستغلال للمادة الفكرية وليس بيعها أو التصرف بها، ولا يوجد من يمتلك هذا الحق سوى المنتج للعمل الإبداعي والفكري، وعليه سنضع بضعة أسئلة أمام الجميع الذين لهم حق بها الأرشيف مثلي: إذا كان الأرشيف قد تم بيعه للفضائيات العراقية الجديدة، فمن الذي باع الأرشيف؟ إذا كان النظام المقبور من باع الأرشيف، وهذا مستحيل لسبب بسيط هو أن هذه الفضائيات قد تأسست حديثا، أي بعد مرور حوالي عام على سقوط النظام. أما إذا كانت قد إشترتها من التلفزيون العراقي أو من وريثه، فمن هو هذا الوريث؟ خصوصا ونحن نعرف أن التلفزيون العراقي القديم لم يعد موجودا، والجديد لا يملك حتى تلك الرفوف الفارغة للأرشيف العراقي للتلفزيون القديم؟ ونحن كعراقيين لا نعرف وريث شرعي له، على حد علمي، سوى الشعب العراقي، وهذه اللجنة التي لم تباشر عملها بعد. أما إذا كانت قد إشترتها من جهة كانت بدورها قد إشترت حقوق التصرف بهذا الأرشيف، فمن هذي هذه الجهة؟ وأين هي المستندات التي تثبت حقوقها والتي إشترت بموجبها حق التصرف والبيع والإستغلال للأرشيف العراقي؟ هذا من جانب، ومن جانب آخر، أين هي مستندات هذه الفضائيات التي تبيح لها حق إستعمال الأرشيف العراقي، وحق عرض هذه المادة الأرشيفية على شاشاتها؟ ومن هي الجهة القانونية التي تم لديها تسجيل هذا الحق بالشراء سواء كان كاتب عدل عراقي أو أجنبي؟ وذلك لكي يتسنى لنا متابعة حقوقنا كعراقيين وليس تركه بيد لا نعرف لحد الآن مدى أمانتها ومصداقيتها؟ حيث أن مفهوم الشفافية في النظام الديمقراطي تفرض على أصحاب القرار في البلد أن يتحملوا مسؤليتهم وأن لا يفرطوا بحقوقنا أكثر مما فرط النظام المقبور بها. أما إذا كان قد إشترته من أي جهة عراقية في العراق الجديد بعد سقوط الطاغوت، وبأي صفة كانت، فهي غير مخولة ببيع الأرشيف لأن لم يتم لحد الآن تحديد ملكية الأرشيف على المستوى الرسمي لكي يمنح تخويلا بالبيع، فوزارة الإعلام ملغية والتلفزيون العراقي القديم لم يعد موجودا وألتلفزيون الجديد لا يملك حتى حق إستخدام الرفوف الفارغة من الأرشيف العراقي واللجنة التي شكلها رئيس الوزراء لم تباشر عملها لحد الآن. أما إذا كانت هذه الفضائيات قد إشترته من السوق الحرة كمحلات بيع الأشرطة للفديو أو الأوديو من أي سوق كانت، وحتى لو كانت سوق مريدي أو ساحة التحرير، فلا يحق لها بث مواد الأرشيف بـأي شكل من الأشكال، وحتى لا يحق لها عرضها على المستوى الشخصي في بيوت أصحابهان فما بلك وهي تبث الآن على الهواء، هكذا بلا تحفظ، فهذا الحق لا يمكن أن يشتريه المرء أو المؤسسة إلا من المنتج الرئيسي للمادة الفكرية، أو من تخوله هذه الجهة التي لم تعد موجودة اليوم، وليس من البائع في الشارع أو سوق مريدي. لذا يترتب على الفضائيات الجديدة، أن تعيد النسخ الأصلية لمالكها الحقيقي كونها مسروقة من مكتبة الإذاعة التلفزيون العراقي، والكل شاهد على ذلك، حتى ذلك الذي يسكن في أدغال الأمزون، ومن لم يفعل ذلك من أصحاب هذه الفضائيات، فهو متورط بجريمة السرقة. ويجب أن نذكر أنه حتى لو تمت إعادة الأرشيف إلى العراق غير منقوص، تبقى ساعات البث لمواد الأرشيف التي قدمتها الفضائيات غير شرعية ويجب على هذه الفضائيات دفع ثمن مناسب لساعات البث هذه كما يراه صاحب الأرشيف الشرعي، وكذا كل ساعات البث التي سنراها قبل أن يتم البت بشكل نهائي لهذه القضية، ما لم يعفيها القضاء من هذا التعويض. يجب أن لا ننسى إن العراق الجديد يعترف بقانون حماية الملكية الفكرية ويعتبره جزءا مكملا للقوانين العراقية في العراق الجديد، العراق الذي لا يجب أن يعبث به أحد بحقوق الآخرين، ما عدا الإرهابيين حسب عرف الفضائيات العربية والإعلام العربي المريض، والذي سنحاسبه يوما ما قريب، بل قريب جدا، وهذا أمر لا أشك به. تبقى هناك مسألة أخرى وهي المواد الأخرى التي لم يتسنى للفضائيات بثها لحد الآن، فإننا ننصحها بإعادتها لأن بثها سيكون ثمنه غالي جدا. وإذا لم يصدق ذلك أصحاب هذه الفضائيات عليهم مراجعة مستشاريهم القانونيين، وسيعطوهم النصيحة القانونية الصحيحة. ولنا حديث آخر في هذا الشأن مستقبلا.
#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاموا صدام، الخصاونة والخرابشة والعرموطي!
-
إنه حقا ليوم عظيم
-
الجزيرة والعربية تصنعان الأكاذيب،والبي بي سي تؤكد
-
سمير عطا الله والأيام العصيبة في العراق
-
ملاحظات حول الخطة الأمنية للحكومة
-
بأي مسوغ يستثني هذا العدد الهائل من الإنتخابات؟
-
بلاد العجائب وعصا موسى!!!
-
الوزارة الجديدة والهواجس المشروعة
-
ليتنا نكمل المسيرة
-
مليشيا الصدر من الداخل الصدر لم يعد يمتلك ناصية القرار
-
مسيرة الأكفان هي السبيل إلى جهنم
-
المؤامرة الإيرانية في العراق تؤتي أكلها
-
ورقة إيران ما قبل الأخيرة في العراق
-
ماذا نريد لنكون شعبا هادئ الطباع ومنسجم
-
أبو غريب، دروس في الديمقراطية – 1 & 2
-
العرب يدافعون عن حقوق الإنسان في العراق؟! من يصدق ذلك؟!؟
-
كالمستجير من الرمضاء بالنار
-
مصمم العلم له أيضا مقال
-
الإبراهيمي، فلم أقوى من سنكام
-
هل حقا هزمت أمريكا أمام عمائم الشيطان!؟
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|