أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - السوق الشرق أوسطي هل هو البديل للسوق العربية المشتركة والوحدة الاقتصادية العربية؟















المزيد.....


السوق الشرق أوسطي هل هو البديل للسوق العربية المشتركة والوحدة الاقتصادية العربية؟


مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق


الحوار المتمدن-العدد: 889 - 2004 / 7 / 9 - 09:12
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


السوق الشرق أوسطي
هل هو البديل للسوق العربية المشتركة والوحدة الاقتصادية العربية؟
الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
ما هو البديل للسوق العربية المشتركة والوحدة الاقتصادية العربية؟ أو تفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك؟ طرح في الآونة الأخيرة ترتيبات إقليمية تتجاوز المنطقة العربية و ظهرت المفاضلة بين ثلاثة بدائل وهي: العمل الاقتصادي العربي المشترك . الشراكة المتوسطية (بين أوروبا و العرب). مشروع السوق الشرق أوسطي .
أولا - مشروع السوق الشرق أوسطي:
فكرة السوق الشرق أوسطي مخطط لها منذ زمن بعيد في الفكر الإسرائيلي والأدبيات الاقتصادية الإسرائيلية، لكن التحرك العملي في طرح تلك السوق بدأ في أعقاب مؤتمر مدريد للسلام الذي انعقد في عام 1991، ويبدو أن السوق الشرق أوسطي يمثل أحد عناصر فاتورة السلام الرئيسة لإسرائيل ، ومن المفترض أن تشمل السوق الشرق أوسطي دول المنطقة العربية وإسرائيل بالإضافة لإيران وتركيا وأثيوبيا . وهذا يثير عدداً من الأسئلة:
هل السوق الشرق أوسطي نابعة عن رغبة داخلية للمنطقة، أم هي مفروضة من الخارج أو الداخل ؟ وهل هي بديل للسوق العربية المشتركة؟
هل نستطيع نحن العرب أن نرفض السوق الشرق أوسطي ؟ وما هي مبررات الرفض وبخاصة إذا كان هناك رفض عربي ؟
ما هو مفهوم السوق الشرق أوسطي وما هي آثاره السلبية والإيجابية ؟
كيف يمكن للبلدان العربية في حال عدم رفضها للسوق مجابهة السلبيات الناتجة عنها ؟
تدعو السوق الشرق أوسطي إلى قيام تكتل اقتصادي بين مجموعة من الدول تتسع دائرة الدول الداخلة في السوق وفقاً لعدد من الافتراضات :
• الدول العربية أو بعضها وإسرائيل.
• الدول العربية أو بعضها وتركيا وإسرائيل.
• الدول العربية أو بعضها وتركيا وإيران وإسرائيل.
• الدول العربية أو بعضها وتركيا وإيران والباكستان وإسرائيل.
• الدول العربية أو بعضها وتركيا وإيران وأثيوبيا والباكستان وإسرائيل.
كما أن هناك وجهات نظر أخرى حول حدود السوق الشرق أوسطي لا مجال لذكرها الآن.
وفي تقديري إن الجدل النظري أو السياسي حول حدود السوق الشرق أوسطي هو من قبيل مضيعة الوقت، وقد تحدث عن ذلك أكاديميون واستراتيجيون، منذ أوائل هذا القرن ولم يتفقوا على تعريف محدد، وذلك لسبب بسيط وهو أنه لا يمكن تعريف مخلوق اصطناعي بالمطلق إذا لم نلجأ إلى المعايير ذاتها، وطالما اختلفت المعايير باختلاف المواقع والأهداف وصار لكل طرف شرق أوسط خاص به، لا بل أحياناً يصبح لكل طرف أكثر من شرق أوسط بحسب القضية المطروحة، وعلى سبيل المثال، الشرق الأوسط الأمني بالنسبة لإسرائيل يضم قطعاً إيران والعراق، وقد يضم الباكستان إذا أثير موضوع السلاح النووي، في حين الشرق الأوسط الاقتصادي والشرق الأوسط السياحي مختلفان كلياً عن هذا التوصيف الجغرافي النسبي .
( فالشرق أوسطية هي مجموعة من الترتيبات والمنظومات والأنساق الإقليمية ذات المساحات الجغرافية المختلفة من حيث عدد المنضويين في كل إطار، وهي أيضاً، كونها المحرك الرئيسي والمحفز المهم في عملية السلام، بحسب المنظور الإسرائيلي أساساً، والدولي بدرجات متفاوتة بين أطرافه، تمثل عملية بناء نظام انطلقت من مؤتمر مدريد مروراً بالدار البيضاء وعمان والقاهرة. وبحسب هذا التصور تصبح عملية السلام بمثابة جسر العبور من وضع إقليمي يتسم بالفوضى والصراعات إلى نظام إقليمي تعاوني ومنتظم .
وتقوم السوق الشرق أوسطي على مجموعة من الأسس هي:
• حرية انتقال رؤوس الأموال والمشاريع المشتركة .
• حرية انتقال الأشخاص والقوى العاملة .
• حرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية والأجنبية.
• حرية الإقامة والعمل وممارسة النشاط الاقتصادي .
يستهدف السوق الشرق أوسطي إلغاء أي نظام اقتصادي عربي بصورة عملية و إن لم يعلن عن ذلك بالنص ، و يقوم هذا المشروع على ربط إقليمي في المواصلات و الكهرباء و المياه و على جعل عملية التنمية الشاملة عملية إقليمية فلا سياحة و لا تطوير و لا نقل و لا إنماء مرافق و لا حياة و لا إقامة إلا على أساس الربط الإقليمي بحيث تتحول المنطقة إلى سوق اقتصادية واحدة، و يمر مشروع السوق الشرق أوسطي بمراحل ثلاث تكون إسرائيل فيها جميعاً المحور والمركز و تكون الدولة المهيمنة في المنطقة في المرحلة الأولى :يقام تجمع اقتصادي ثلاثي يجمع بين الأردن و فلسطين و إسرائيل التي تسيطر فيه على سوق العمل و الثروة المائية تقام في المرحلة الثانية : منطقة للتبادل التجاري تضم مصر و سورية و الأردن و منطقة الحكم الذاتي الفلسطيني و لبنان و إسرائيل و تنتهي الترتيبات لهذه المرحلة في عام 2010 في المرحلة الثالثة و الأخيرة : تتم عملية إقامة منطقة للتعاون الاقتصادي العربي تشمل بالإضافة إلى الدول المذكورة في المرحلة الثانية بلدان مجلس التعاون الخليجي التي سوف تشكل الممول الرئيسي لهذه السوق .
و تتمتع إسرائيل خلال المراحل الثلاث بالدور المهيمن و القيادي اعتماداً على تفوقها التقاني والعلمي وقوتها العسكرية والاقتصادية ، وقبل كل شيء بسبب علاقتها الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي والشركات متعدية الجنسية .
إن مشروع السوق الشرق أوسطي المطروح حالياً والمبني على أساس السيطرة الإسرائيلية كقوة إقليمية مركزية وشريك للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ومنافس للبلدان الأوروبية، سيؤدي إلى إجهاض مستقبل التعاون والتكامل الاقتصادي العربي أو تفعيل العمل الاقتصادي المشترك ، وبخاصة إذا استمر تهميش الدور العربي ، وتنامي الخلافات والتفكك بين الأقطار العربية وغياب استراتيجية عربية واضحة للعمل الاقتصادي العربي المشترك.
ويعرض شيمون بيريز رؤيته حول السوق الشرق أوسطي كما يلي :
• (على المنطقة أن تصبح خلال عشر سنوات أو خمس عشرة سنة سوقاً مشتركة مثل أوروبا، أو منطقة تجارة حرة مثل شمال أمريكا.
• كما بدأت أوروبا بالصلب والحديد ، علينا نحن أن نبدأ بالسياحة والزراعة.
• الفقر والجهل هما مصدر الأصولية ، ومن الضروري التغلب عليهما.
• التنمية الاقتصادية والاجتماعية معيار لدمقرطة الشرق الأوسط.
• اعتماد السياسة المرحلية للوصول إلى التعاون الإقليمي.
• إن الهدف الأسمى هو خلق جماعة إقليمية عندها سوق مشتركة وهياكل مركزية منتجة مشابهة للجماعة الأوروبية.
• إن إقامة السلام والأمن تتطلب ثورة مفاهيمي.
• المطلوب إنشاء إطار جديد للمنطقة ولا مفر مستقبلاً من منظمة إقليمية ).
لقد كان واضحاً لنا العرب أن الهدف من مشروع بيريز ( الشرق الأوسط الجديد ) هو تحقيق الهيمنة والسيطرة اقتصاديا لإسرائيل على المنطقة تحت غطاء تطوير العملية السلمية .
ولم تكن في يوم من الأيام الشروط الابتدائية للتعاون الاقتصادي بين العرب وإسرائيل وبخاصة جيرانها واعدة أساساً لأسباب عديد منها :
• صعوبة عملية التطبيع للعلاقات وتجاوز الرواسب النفسية .
• انعدام التوازن بين الاقتصادات العربية والاقتصاد الإسرائيلي .
• لن تكون السوق العربية في المستقبل المنظور، هدفاً أساسياً للصادرات الإسرائيلية التي تبحث عن أسواق الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا .
• أن الصادرات العربية لن تكون مستقبلاً مخصصة للاستهلاك داخل إسرائيل، وهي تتناسب أكثر مع منطقة الحكم الذاتي الفلسطيني .
فالجميع يعلم عدم توفر الشروط الابتدائية للتعاون الاقتصادي العربي الإسرائيلي ، ومع ذلك عقدت المؤتمرات الاقتصادية في الدار البيضاء وفي عُمان ( وقد لوحظ بشكل مطلق الجهد الذي بذل لتضخيم وصف القدرة الكامنة للتعاون الاقتصادي بين دول المنطقة، من منطلق الرغبة في تعظيم قوة وأهمية العملية السلمية. وبكلمات أخرى : انظروا أية فوائد سيجنيها العرب إذا ما أبرموا سلاماً مع إسرائيل وعقدوا حلفاً تطبيعياً معها، وقد بدا الأمر للعديد من القادة العرب بأنه أخطبوط إسرائيلي بدأ يطلق أذرعته ).
إن التفاؤل بقيام أي تعاون اقتصادي بين الدول العربية وإسرائيل مرتبط باستمرار عملية السلام وتطورها، واستمرار العملية السلمية، وتحقيق السلام العادل والشامل وهو الأمل الوحيد في قيام أي تعاون اقتصادي ، ويرى البعض فشل حزب العمل الإسرائيلي في الانتخابات يشكل فشلاً لفكرة التعاون الاقتصادي والدليل على ذلك المؤشرات التالية التي ظهرت بعد وصول تجمع الليكود بزعامة نتنياهو إلى السلطة في إسرائيل ومن بينها :
• إقامة مستوطنات جديدة في الأراضي العربية المحتلة .
• انعدام التقدم في مفاوضات السلام بين فلسطين وإسرائيل .
• وصول مفاوضات السلام بين سورية وإسرائيل إلى طريق مسدود .
هذه المؤشرات وغيرها كانت هي السبب الرئيسي في عدم حدوث أي تقدم على صعيد التعاون الاقتصادي، بل ومن المتوقع حدوث تراجع في هذا المجال إذا استمرت الحال على ما هي عليه الآن .
كما رأت جهات تجارية دولية في العملية السلمية في منطقة الشرق الأوسط عموماً، والقمم والمؤتمرات الاقتصادية خصوصاً فرصة تجارية غير عادية، فالنور الذي رأوه في نهاية النفق، أعماهم عن إدراك العقبات والصعوبات التي قد تواجههم أثناء عبور النفق وبخاصة إذا علمنا تهافت الشركات متعددة الجنسية على دفاتر الشروط للمشاريع الإقليمية، إذ آمن هؤلاء أن معنى الشرق الأوسط الجديد، هو مشاريع تنموية إقليمية سوف تستثمر فيها مليارات الدولارات فعملوا جهدهم للحصول على قطعة من قرص الجبن، أو حصة من هذا الكنز.
1- قمة الدار البيضاء الاقتصادية:
انعقدت قمة الدار البيضاء في نوفمبر 1994 لتكرس فكرة التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط وترسيخ مفهوم السوق الشرق أوسطي. وبذلك شهدت عملية السلام في المنطقة نقلة جديدة من خلال ترجمة بعض أفكار مجموعات العمل في المفاوضات متعددة الأطراف وتحويلها إلى واقع عملي . ووصف بعض الاقتصاديين قمة الدار البيضاء على أنها ( مدريد الاقتصادية ) حيث حضر ممثلو 61 دولة و 1114 رجل أعمال ليشهدوا أن قطار السوق الشرق أوسطي قد انطلق على رغم ما حصل من تباين حول سرعة سير القطار أو توزيع الركاب على الحافلات والمقاعد أو حول من يحق له الجلوس في غرفة القيادة (فالقمة أكدت شراكة جديدة بين الحكومات ورجال الأعمال ، قوتها في ترابط المصالح ووحدة الأهداف بين الطرفين، ومن أجل هيكلة الشراكة الجديدة تقرر إقامة مؤسسات إقليمية لهذه الغاية ، منها مصرف التنمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، وإقامة مكتب إقليمي لتشجيع السياحة وتشجيع إقامة غرفة تجارية إقليمية ومجلس للأعمال، كما تقرر أيضاً إنشاء لجنة تنفيذية للمتابعة والتنسيق مع الهياكل المتعددة الأطراف وإنشاء أمانة تنفيذية لهذا الغرض ) وتم خلال المؤتمر طرح حوالي 200 مشروع اقتصادي منها 150 مشروع إسرائيلي و40 مشروع مصري وعشر مشاريع أردنية و 3 مشروعات للمغرب . وتشمل هذه المشروعات مجالات المياه والزراعة والتصحر والسياحة والنقل والطاقة والاتصالات والبيئة والصناعة. وتقرر عقد المؤتمر التالي في عمان / الأردن في العام التالي . وبذلك يشكل انعقاد مؤتمر الدار البيضاء تحدٍ جديد أمام العمل الاقتصادي العربي المشترك والمؤسسات العربية القومية وبخاصة جامعة الدول العربية والمؤسسات التابعة لها .
2- قمة عمان الاقتصادية :
جاءت قمة عمان الاقتصادية في نوفمبر 1995 استكمالاً لمسيرة قمة الدار البيضاء وتعد الحلقة الثانية في مسلسل المؤتمرات التي تهدف إلى دعم وتكثيف التفاعلات وخلق البيئة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المؤيدة للتعاون الإقليمي في الشرق الأوسط . وقد شارك في المؤتمر رؤساء دول وحكومات ورجال الأعمال والبنوك والقطاع الخاص في الدول المعنية ، إضافة إلى العديد من الجهات والمؤسسات الدولية المانحة والتي ترغب بالقيام بدور فعال في دعم التعاون الاقتصادي الإقليمي بغية المشاركة في النتائج المستقبلية ورسم خريطة التعاون والتنمية في المنطقة . ووصل عدد الدول المشاركة في المؤتمر 63 دولة منها 13 دولة عربية وحوالي 1000 رجل أعمال . وقد لوحظ غياب التنسيق العربي في هذا المؤتمر ـ كما حصل في سابقه ـ فقد شاركت الدول العربية تحت سيطرة الرؤية الذاتية والآنية والتي من شأنها أن تزيد من احتمالات الخسارة الكلية في المستقبل.
وطرح في القمة العديد من المشروعات ، فطرحت مصر 85 مشروع بتكلفة قدرها 25 مليار دولار بينما طرحت الأردن 27 مشروعاً بقيمة 3.5 مليار دولار ، وطرحت سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية عددا من المشروعات قيمتها 6.3 مليار دولار، وقدمت الحكومة الإسرائيلية 162 مشروعاً بتكلفة قدرها 25.3 مليار دولار.
ووصل الطرح الإسرائيلي إلى منتهاه من خلال المشاريع والأوراق التي قدمها الوفد الإسرائيلي ومن خلال الفلسفة والاستراتيجية التي قدمها، وكأن كل ما تطرحه إسرائيل هو القول الفصل والأمر الواقع الذي لا مهرب منه وتوضح ذلك من خلال الطروحات الإسرائيلية التالية:
• إن إسرائيل يجب أن تكون الدولة المركزية أو المحور في العلاقات والمبادلات والمعاملات، فعندها تلتقي الطرق والمواصلات والاتصالات وعلى أرضها تقام المطارات وعلى شواطئها تبنى الموانئ وكأنها أضحت قلب الإقليم.
• إسرائيل هي واحة الحضارة والتكنولوجيا والتقدم، لذا يجب أن تتخصص في الصناعات عالية التقانة والمتقدمة وذات القيمة المضافة العالية والأرباح الكبيرة.
• يتخصص الآخرون (باقي الدول العربية) وبحكم تخلفهم في الصناعات كثيفة العمالة قليلة العائد منخفضة القيمة المضافة والأرباح.
• تتحول إسرائيل إلى القاطرة التي تنقل العرب إلى العالم الخارجي وتسوق إنتاجهم على امتداد الكرة الأرضية لأنها تملك المواصلات والاتصالات وتملك الامتيازات وتملك القنوات المفتوحة في علاقاتها مع كل العالم. (والجميع يعلم أن من يملك التسويق يملك في النهاية قرار الاستثمار وقرار الإنتاج ويملك في النهاية قرار المنح والمنع ويصبح السيد المطاع).
• وجاء أغرب ما في الطروحات الإسرائيلية عندما تحدثت عن رجال الأعمال العرب وكأنهم رصيد إسرائيل ومخزونها الاستراتيجي الذي يمكن أن يقبل التحرك بعقلية الطابور الخامس وكان هذا هو الخطأ الكبير الذي وقعت به مخططات إسرائيل.
أما بيرس فقد اعتبر القمة بداية الأمل حيث قال أنها حلمي الكبير وسنتوسع اقتصادياً في المجالات التي فشلنا في التوسع بها سياسياً. وإذا كانت هذه الكلمة تلخص في الواقع الهدف الحقيقي للسوق فإن الوسائل التنفيذية لذلك كانت من خلال الزيادة في عدد المشاريع التي فرضتها إسرائيل على القمة والتي وصل عددها إلى حوالي 218 مشروع وبقيمة إجمالية تقدر بـ 25 مليار دولار، استندت في إقناع المؤتمرين بأهميتها وجدواها على إبراز قوتها الاقتصادية مقارنة بالاقتصاديات العربية الضعيفة، والمشتتة وبالمشاريع العربية التي تفتقر إلى التنسيق ، وتعاني من الضعف.
3- مؤتمر القاهرة الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا :
انعقد في تشرين الثاني 1996 مؤتمر القاهرة الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحضور وفود رسمية من 72 دولة و52 منظمة دولية إقليمية وعربية، إضافة إلى 850 شركة وحوالي 2000 رجل أعمال. وقد شارك في هذا المؤتمر من الدول العربية كل من المغرب، تونس، الجزائر، الأردن، السعودية، الكويت، الإمارات، البحرين، قطر، عمان، فلسطين، اليمن وموريتانيا. وهو المؤتمر الثالث في سلسلة مؤتمرات التعاون الاقتصادي الإقليمي في المنطقة منذ أن انطلقت عملية السلام .ويرى المنسق العام للمؤتمر السفير أحمد أبو الخير أن المؤتمر نجح على جميع الأصعدة اقتصادياً وعربياً وحتى افريقياً .. ودفع الإسرائيليون خلاله ثمن رفضهم لمتابعة عملية السلام فلم يعقدوا صفقة ولم يجلسوا مع الوفود العربية باستثناء قطر التي أبلغتهم قرار تجميد التطبيع. ولم تعد إسرائيل محور التعاون الإقليمي في المنطقة كما كان سائداً في مؤتمر الدار البيضاء ومؤتمر عمان.
واستطاع المؤتمر التأكيد على ربط التعاون الإقليمي الاقتصادي وغير الاقتصادي بتحقيق السلام الشامل، كما أكد المؤتمر لأول مرة أن التعاون الإقليمي لا يعني بالضرورة أن تكون إسرائيل طرفاً فيه إذ يمكن أن يكون عربياً - عربياً وهذا هو المحور والمرتكز ويجب أن تكون له الأولوية.
لقد انعقد المؤتمر في القاهرة في ظل تجميد تام لعملية السلام من جانب حكومة الليكود في إسرائيل. وبالتالي وجه المؤتمر رسالة واضحة لإسرائيل بأنها لن تكون عضواً مقبولاً في أي تعاون إقليمي إلا إذا سددت التزاماتها تجاه عملية السلام الشامل دون مماطلة أو تسويف.
لذلك يرى بعض المحللين أن مؤتمر القاهرة الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم ينجح في تحقيق الأهداف المطلوبة، والسبب في رأي هؤلاء المحللين هو التركيز على الجوانب الاقتصادية على حساب الاعتبارات السياسية ذلك لأن العوائد الاقتصادية للسلام من الصعب تحقيقها في ظل عدم التقدم في المجال السياسي.
وهكذا فإن هذا المشروع يواجه بتحديات حقيقية . وهذه التحديات يمكن أن تكون منطلقاً إضافيا في كشف أهدافه الحقيقية، والمصالح التي يمثلها، ومواجهتها بموقف عربي موحد. وبتفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك.
(ومن جهة أخرى، تطرح الشرق أوسطية ليس بهدف إحداث تحول في التفاعلات السياسية العربية - الإسرائيلية من وضع صراعي كلي إلى وضع تعاوني شامل فحسب، بل تتعدى ذلك إلى العمل على إلغاء العروبة السياسية التي تجعل العلاقات العربية - العربية مميزة من غيرها، بحيث يتساوى الجميع كدول وطنية لا توجد بين بعضها علاقات خاصة في نظام قيد التأسيس ، وأرى أن الوضع الحالي أيضاً يشجع العمل على تحقيق هذا الهدف. وقد دعا شمعون بيريس بالفعل إلى شطب مؤسسات مثل جامعة الدول العربية وإبدالها بمؤسسات جديدة، مثل بنك التنمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعكس، بحسب بيريس، الحقيقية السياسية الاقتصادية الجديدة).
ويستند النظام الاقتصادي في السوق الشرق أوسطي إلى اقتصاديات السوق وإطلاق يد الشركات الخاصة. وقد جرى التمهيد لذلك في إطار سياسات إعادة الهيكلة والتكيف والخصخصة التي تدعمها المؤسسات المالية والدولية (صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي).
والهدف من ذلك تقويض القطاع العام والحد من دور الدولة وتدخلها في النشاط الاقتصادي. ومثل هذا الوضع تدعو إليه الولايات المتحدة الأمريكية لأنه يساعد على دمج اقتصاديات المنطقة بالنظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي. فضلاً عن أن هذا النظام يسهم في إضعاف جهاز الدولة القطرية لمصلحة التوجهات الإقليمية، ويكرس تبعية المنطقة وإخضاعها لاملاءات التقسيم الدولي الرأسمالي الجديد للعمل. والواضح أن هذا المشروع(هو في الأساس صياغة إسرائيلية بدعم أميركي، يهدف إلى بناء ما أسماه شيمون بيريز (الشرق الأوسط الجديد) الذي تلعب فيه إسرائيل دوراً رئيسياً و قيادياً ، و تكون بمثابة ( الوسيط ) و (الوكيل المعتمد ) بين المراكز الرأسمالية المتقدمة في الغرب و آسيا من ناحية و بين بلدان المشرق و الخليج العربي بالأساس من ناحية أخرى ) ، و قد أشار الدكتور محمود عبد الفضيل أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة إلى تحفظاتنا على المشروع الشرق أوسطي ، و المكاسب و الخسائر الاقتصادية و الاستراتيجية المحتملة في ظل هذا المشروع الذي يجري تسويقه بأساليب دعائية براقة.
الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
جامعة دمشق - كلية الاقتصاد
[email protected]



#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة السكانية وارتباطها بعملية التنمية في الجمهورية العرب ...
- تنمية الموارد البشرية وقوة العمل
- الهجرة العائدة من الدول العربية الغنية بالنفط إلى الدول المر ...
- إستراتيجية التنمية الصناعية في الجمهورية العربية السورية
- الاقتصاد السياسي والعولمة
- برنامج الإصلاح الاقتصادي وسياسات تشجيع الاستثمار في سورية
- أسعار النفط كسلعة إستراتيجية قابلة للنضوب
- السياسة السكانية والتنمية الشاملة
- الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية
- الصندوق العربي للأنماء الأقتصادي والأجتماعي
- صندوق أبو ظبي للإنماء الاقتصادي العربي
- مؤسسات العـون الإنمائي في الوطن العربي
- قياس أثر السياسات السكانية ومدى فاعليتها
- التنمية الزراعية في الوطن العربي الخصائص، المقومات، المتطلبا ...
- التنمية الشاملة والتنمية البشرية
- مناخ ومحفزات الاستثمارفي الجمهورية العربية السورية
- تطور السياسات النقدية والمالية في الجمهورية العربية السورية
- الترجمة والانتقال الفكري والمعرفي بين العرب وأوروبا
- أضواء على صندوق النقد العربي
- الانتقالات الفكرية بين العرب والأوروبيين


المزيد.....




- السفير الروسي يقود شاحنة -أورال- الجبّارة في ليبيا معلنا دخو ...
- توقعات بتباطؤ وتيرة خفض الفائدة في آسيا بعد فوز ترامب
- أكبر 10 دول تنتج الجزر بالعالم.. الجزائر والمغرب يتصدران الع ...
- اقتصادي: العراق يمتلك قاعدة بيانات موثوقة والتعداد لا يصنع ا ...
- هل تمنع مصر الاستيراد؟
- كيف سيؤثر عدم إقرار الموازنة في فرنسا وحجب الثقة عن الحكومة ...
- وزير الاستثمار السعودي: الجنوب العالمي يستقطب نصف التدفقات ا ...
- انخفاض أسعار الذهب بعد سلسلة مكاسب
- أهمية مؤشرات الأداء الرئيسية لتحقيق النجاح في الأعمال
- -فينيسيوس استحقها-.. بيريز يطالب بتغيير آلية التصويت بالكرة ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - السوق الشرق أوسطي هل هو البديل للسوق العربية المشتركة والوحدة الاقتصادية العربية؟